أحمد عصمان: لا نتعاون مع الاسلاميين محمد بوستة: وعود الحسن الثاني دفعتنا الى المشاركة محند العنصر: ليس في المغرب شعب بربري وآخر عربي حاورت "الوسط" قادة ثلاثة احزاب مغربية تشارك في الانتخابات التشريعية المقبلة، وهم احمد عصمان زعيم التجمع الوطني للاحرار، ومحمد بوستة الامين العام لحزب الاستقلال المتحالف مع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ومحند العنصر زعيم الحركة الشعبية البربرية. أحمد عصمان ما تأثير الانشقاق الاخير داخل حزبكم التجمع الوطني للاحرار على مشاريعكم في الانتخابات؟ - طرأ على الحزب ما اسماه البعض محاولة انشقاق، بينما نعتبر ما حدث سحابة صيف، على رغم وقوعها في فترة استحقاقات حاسمة. ومهما يكن، فان الامر سيحسم في نطاق هياكل التجمع، وبالاستشارة مع القاعدة الشعبية، "التجمع" يمتاز، في نظرنا، بالشفافية، واعتماد لغة الحوار الواضح بين جميع اعضائه، كما يقر احترام الرأي الآخر، لكن في نطاق الاقلية والاغلبية. يخوض التجمع الانتخابات الحالية منفرداً، لكن الحديث يروج عن تنسيق خفي بينكم وبين الاسلاميين من جهة، والحركة الوطنية الشعبية بزعامة المحجوبي احرضان من جهة اخرى، ما مدى صحة ذلك؟ - خلافاً لما تناقلته بعض الصحف في الايام الاخيرة، ليس لنا برنامج واتصال منتظم مع الاسلاميين، فنحن كديموقراطيين مجتمعين، نقتبس من ديننا الحنيف، ونستلهم منه كل أسس برامجنا، من النواحي السياسية والاخلاقية والايديولوجية. اننا نحترم الرأي الآخر، ونحترم رأي الاسلاميين، لكن ليس لنا اتصال مباشر معهم، واذا كان هناك وجود لبعض الافكار المشتركة، فاننا لا نتخوف منها، المهم هو خدمة الوطن. والتنسيق مع الحركة الوطنية الشعبية؟ - أودّ التأكيد ان علاقتنا هي علاقة مثالية مع جميع الاحزاب السياسية، خصوصاً مع الحركة الوطنية الشعبية. لكن ليس لنا برنامج موحد او خطة مشتركة، في ما يتعلق بالانتخابات، هناك احترام متبادل وتبادل للآراء يمكن ان ينعكسا على بعض الحالات او ان يساعدنا على حل بعض المشاكل، لكن ليس هناك تنسيق بيننا وبين اي من الهيئات السياسية. تقدمتم ببرنامج لا يختلف في اهدافه عن برامج المعارضة، فهل انتم مقتنعون بإمكان تطبيقه في حال توليتم مسؤولية الحكومة او المشاركة فيها؟ - برنامجنا الذي تصفونه بالتشابه مع برامج المعارضة المطروحة حالياً، كان مطروحاً منذ 1983، وقد تمت دراسته منذ سنتين بصورة مركزة ومكثفة ولا اجد ما يدعو للاستغراب، اذا كانت هناك نقاط تشابه بيننا وبين الاحزاب الاخرى، بل من الواجب ان يكون هناك توافق وطني حول ضرورة حل المشاكل التي تواجهها البلاد. اما هل نحن قادرون على تطبيق برنامجنا الانتخابي، فأقول نعم، اننا قادرون على ذلك. وكيف تجدون هذه الامكانية، مع انكم توليتم رئاسة الحكومة في ظروف اقتصادية مشابهة؟ - تجربتنا في الحكومة تجربة شخصية، فقد كنت رئيساً للحكومة قبل تأسيس "التجمع الوطني للاحرار" وفي تجربتنا قمنا مع ثلة من الاطر الى جانب الملك الحسن الثاني، بعدد من الاجراءات، منها على سبيل المثال لا الحصر، استرجاع الاراضي المستعمرة في الصحراء الغربية، وكل ما يتعلق باصلاح الادارة، كما قمنا باجراءات جريئة آنذاك، كإشراك العمال في ادارة المؤسسات، وكانت للتجمع فرصة للمشاركة في الحكومة لكن مع مجموعات اخرى، فكنت عام 1977 على رأس حكومة من ائتلاف وطني تضم حزب الاستقلال والحركة الشعبية، وطبقنا برنامجاً واضح المعالم وشاركنا في حكومة اخرى، لكن بقسط متواضع لا يمكن ان نحاسب عليه. محمد بوستة كان حزبكم الاستقلال على وشك مقاطعة الانتخابات، لكنه عدل عنها في اللحظات الأخيرة. فلماذا المقاطعة؟ ولماذا المشاركة؟ - من أساسيات عمل حزب "الاستقلال" المشاركة في الانتخابات لتطبيق برامجه وتأكيد وجوده في المؤسسات، ان قرار المقاطعة كان وارداً جداً، لولا الوعود الصارمة التي جاءت في خطاب الملك الحسن الثاني، بعد الاستفتاء على الدستور بتحريم تدخل الحكومة في الانتخابات. فآثرنا مسايرة خط المشاركة، على أمل ان لا يتكرر ما حدث في السابق. هل أنتم مقتنعون بالضمانات التي أعطتها الحكومة لاجراء انتخابات نزيهة؟ - قبل كل شيء هناك توجيهات الملك الحسن الثاني بهذا الشأن، مع ادراكنا بأن هذه التوجيهات صادرة منذ وقت طويل، إلا أن بعض ممارسات الجهاز الاداري كانت مخالفة لها. وقد لاحظنا من النصوص التي وضعت بالتراضي، وجود بعض الضمانات ايضاً، لكن القضية ليس قضية نصوص وانما كيفية تطبيق النصوص. نحن نأمل ان يكون التطبيق سليماً هذه المرة. فلا يتدخل الجهاز الاداري لتشويه مسيرة الانتخابات. هل تتفقون مع من يصنف حزبكم كحزب يميني؟ - إذا تكلمنا كمسلمين، نحن من أصحاب اليمين ولسنا من أصحاب اليسار، وإذا أردنا ان نتكلم وفق المصطلحات الأوروبية، فهذا التصنيف لا معنى له في بلادنا، وفي العالم الثالث كله. اما اذا كان اليمين بمعنى اننا متشبثون بالدين الاسلامي، فإننا يمينيون، ولا أدري ما الفرق بين يساري ويميني في حزب مغربي ذي أصالة، كحزب "الاستقلال". جرت محاولة لاستقطاب التيار الاسلامي، الى أين وصلت هذه المحاولة؟ - ليس لدينا اتصال أو عمل، أكان عفوياً أو منظماً مع التيار الاسلامي، ولا نسعى الى استقطابه أو احتوائه، نحن دائماً على استعداد للدفاع عن حريات الناس، في كلامهم أو آرائهم، لكننا لسنا على استعداد للدفاع عن أفكار غير مقتنعين بها. الاسلام هو الاسلام الحضاري، وحزبنا يبني برامجه، أولاً وقبل كل شيء، على الاسلام، ومن دون ذلك كان سيتحول الى حزب آخر. محند العنصر يشارك في الانتخابات حزبان باسم "الحركة الشعبية"، بماذا تفسرون هذا التشتت أو الانقسام؟ - هناك بالفعل، ثلاثة أحزاب لها اسم "الحركة الشعبية"، وكلها منشقة أصلاً عن الهيئة نفسها، تماماً مثلما هناك أحزاب متنافسة حالياً، كان أصلها واحداً. لكن "الحركة الشعبية" الأم ما زالت قائمة، وهي التي تخوض بها معركة الانتخابات. فالتيار الذي انشق عام 1965 باسم "الحركة الديموقراطية الشعبية" تقلص كثيراً، كما ان "الحركة الوطنية الشعبية"، حتى وان ضمت مناضلين وعناصر قيادية من "الحركة الشعبية" فهي الآن حزب جديد، لكننا نعترف بوجود منافسة بيننا، خصوصاً في القرى والجبال. تكاد تتفق الحركات الثلاث على برنامج واحد هو الدفاع عن مصالح الامازيغ البربر وثقافتهم، فما هي أسباب الخلاف ما دام البرنامج واحداً؟ - لن أتكلم عن "الحركة الديموقراطية الشعبية" التي أسسها الدكتور عبدالكريم الخطيب، فهي منذ سنوات عدة، خارج الساحة. اما الحركة الأخرى "... الوطنية" فهي ما زالت تطرح برنامجها بالصيغة نفسها، على رغم تغيير القيادة في 1986. ونقطة الخلاف بيننا هي كيفية تطبيق البرنامج، هناك خطأ استراتيجي، ربما كان يتحمل مسؤولية كبيرة عن تأخير تطبيق البرنامج، لاننا نرى ان قضية الثقافة الامازيغية تهم المغاربة جميعاً، من دون استثناء، ونحن في "الحركة الشعبية" لا نريد ان نكون لوحدنا، في الدفاع عنها، فلا بد أن يشارك فيها كل مغربي، باعتبار ان الثقافة الامازيغية إحدى مكونات الشخصية المغربية، التي اغنيت بالحضارة العربية والاسلامية. نحن لا نضع قضية الثقافة الامازيغية في قالب سياسي، ففي المغرب لا يوجد شعب أمازيغي بربري وآخر عربي، ولا مناطق، أو حتى منطقة أمازيغية أو عربية. وهل تعتبرون حركتكم ممثلة لجميع المغاربة؟ - الحركة الشعبية، منذ نشأتها في 1957، ومؤتمرها الاول في 1959، وفي ميثاقها واهدافها، كانت حزباً وطنياً مفتوحاً لجميع المغاربة، ولكن للاسف، وقع ما اسميته بالخطأ الاستراتيجي، حتى صار الخصوم السياسيون ينعتونها بالحزب البربري او حزب البادية. وبدل ان تدافع القيادة السابقة عن وطنية الحزب وتفتحه، كانت بممارساتها، لا اقول تزكي، ولكن تعطي الانطباع بأنها تزكي هذا الاتجاه. لقد حاولنا ان نغير المنظور، ونعتقد ان سعينا منذ 1986 بدأ يعطي ثماره فأصبحت الحركة الآن ممثلة في جميع انحاء المغرب. وأحسن دليل، هو ترشيحاتنا التي مثلت اكبر نسبة بين الاحزاب الاربعة الاولى في الانتخابات المحلية البلدية والقروية، اذ ان الناخبين لم ينظروا الى الحزب على انه حزب جهوي او قبائلي. هل يعني هذا ان البادية كقلعة من قلاع الحركة الحصينة لم تعد تحظى بالاهتمام؟ - ابداً، البادية بالنسبة الينا عنصر اساس، وهي محور من محاور "الاصالة" التي ندافع عنها، لكننا حاولنا ان نعود الى مبادىء الحركة واهتمامها بالتنمية المتوازية للقرية والمدينة، لكن البادية تظل، في سياسة الحركة، تحظى بالاهتمام الكبير لأسباب عدة، في مقدمتها ان 50 في المئة من سكان المغرب ينتمون اليها. كما ان الاهتمام بالبادية هو في الواقع حماية للمدينة ولنموها، لأنه يساعد على عدم الاخلال بالتوازنات. انتم كحزب من احزاب الاغلبية السابقة، الى اي مدى تختلفون مع سياسة الحكومة؟ وما هي خططكم اذا ما اسفرت الانتخابات البرلمانية عن فوزكم بمواقع جديدة؟ - أعتقد من الضروري الفصل بين مرحلتين، مرحلة ما قبل الانتخابات، والمرحلة المقبلة. في المرحلة الاولى، شاركنا في الحكومة مشاركة لم تكن في مستوى ما ننتظره نظراً الى وضعية "الحركة الشعبية" آنذاك، وهي التي تسببت في عقد المؤتمر الاستثنائي في 1986، اما في البرلمان فكانت لفريق الحركة مواقف موضوعية وايجابية لم تكن متفقة بالكامل مع السياسة الحكومية. لكنه ما دام داخل الحكومة، فانه كان ملتزماً بالدفاع عن سياستها، على رغم ملاحظاته عليها. لا سيما حول تنمية البادية. اما بالنسبة الى المرحلة المقبلة، فاعتقد، اذا كانت نتائج الحركة في مستوى ما نتمناه، وكانت الظروف ملائمة، سندخل الحكومة مع احزاب أخرى، لأننا نستبعد ان يفوز حزب معين بالاغلبية المطلقة، لهذا من الضروري ان تكون هناك حكومة تحالف وطني. واذا لم يحدث تغيير عميق على الخارطة السياسية، فان مكان الحركة سيكون على اسس جديدة، لأن التغييرات التي طرأت على الدستور ستسهل العمل السياسي مستقبلاً. فرئيس الحكومة عليه التقدم بضمانات الى البرلمان للتصويت على برنامجه، وهذا ما يتطلب ارضية تتفق عليها الاحزاب السياسية. وهذا التحول مهم، الماضي لم يعرفه. وكيف تنظرون الى حكومة ائتلافية، تمثل المعارضة اغلبيتها؟ - سبق ان كنا مع المعارضة في حكومة واحدة، سواء مع حزب الاستقلال، او مع بعض الوزراء من "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية". ولا اعتقد بوجود مشكلة مع المعارضة، لأنه لم يعد هناك اتجاه اشتراكي محض، او ليبرالي محض، والمعارضة تدرك ذلك جيداً، كما لا اعتقد ان المعارضة لديها التفكير لتبقى متشبثة بأفكار ما قبل 10 سنوات، بينما العالم يتغير من حولنا. ما هي آفاق التنسيق بينكم وبين حزبي "الاتحاد الدستوري" و"الوطني الديموقراطي"؟ - اتفقت احزابنا الثلاثة على خوض المعركة الانتخابية في اطار "وفاق وطني" له اسبابه ومبرراته، فهناك على الاقل احد عشر هدفاً مشتركاً، في مواجهة مختلف التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في بلادنا، وستستمر محاولاتنا، لتوحيد الرؤية والتوفيق بين الاولويات.