تميزت حكومة "المرحلة الجديدة" في اليمن التي تشكلت يوم 30 ايار مايو الماضي برئاسة المهندس حيدر ابو بكر العطاس وعضوية 28 وزيراً بالأمور الرئيسية الآتية: 1 - للمرة الأولى تتألف حكومة في اليمن بالاتفاق بين الاحزاب الرئيسية الثلاثة التي فازت بأغلبية المقاعد في مجلس النواب الجديد الذي يضم 301 مقعد ومقعد، وهي: حزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة الرئيس علي عبدالله صالح والحزب الاشتراكي بزعامة نائب الرئيس علي سالم البيض وحزب التجمع اليمني للاصلاح بزعامة الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر. ولحزب المؤتمر 123 نائباً في مجلس النواب يضاف اليهم 22 نائباً مستقلاً اعلنوا انضمامهم الى صفوفه، اما الحزب الاشتراكي فلديه 56 نائباً يضاف اليهم 16 نائباً مستقلاً يريدون الانضمام الى صفوفه، في الوقت الذي فاز حزب التجمع بپ62 مقعداً نيابياً. اضافة الى ذلك قررت هذه الاحزاب الثلاثة تشكيل كتلة نيابية واحدة في المجلس. 2 - تقاسمت الاحزاب الثلاثة الحقائب الوزارية بما يتناسب مع وزن كل منها ومع نتائج الانتخابات النيابية. وعلى هذا الأساس حصل حزب المؤتمر على 15 حقيبة وزارية، وحصل الحزب الاشتراكي على 9 حقائب وزارية، وحصل حزب التجمع على 4 حقائب وزارية، فيما تم تعيين السيد مجاهد ابو شوارب، وهو من الشخصيات الوطنية، نائباً لرئيس مجلس الوزراء. ولم يتمثل المستقلون او ممثلو الاحزاب الاخرى في هذه الحكومة. 3 - توزعت الحقائب الوزارية الرئيسية بين الحزبين الحاكمين سابقاً وهما: المؤتمر الشعبي العام الذي حصل على المناصب الرئيسية بما في ذلك منصب النائب الأول لرئيس الوزراء ووزارتا الخارجية والداخلية والاشتراكي الذي احتفظ بمنصب رئيس الحكومة ومنصب وزير الدفاع. اما حزب التجمع اليمني للاصلاح فلم يحصل الا على اربع حقائب وزارية تقنية احداها وزارة الاوقاف. وقد تشكلت الحكومة اليمنية الجديدة على الشكل الآتي: حيدر ابو بكر العطاس رئيساً لمجلس الوزراء الاشتراكي، حسن محمد مكي نائباً اول لرئيس مجلس الوزراء المؤتمر، مجاهد يحيى ابو شوارب نائباً لرئيس مجلس الوزراء، محمد حيدره مسدوس نائباً لرئيس مجلس الوزراء الاشتراكي، محمد علي هيثم وزيراً للتأمينات والشؤون الاجتماعية والعمل المؤتمر، عبدالله حسين الكرشمي وزيراً للانشاءات والتعمير المؤتمر، عبدالكريم علي الارياني وزيراً للتخطيط والتنمية المؤتمر، يحيى محمد المتوكل وزيراً للداخلية المؤتمر، صالح عبيد احمد وزيراً للنقل الاشتراكي، محمد سعيد العطار وزيراً للصناعة المؤتمر، صالح ابو بكر حسينون وزيراً للنفط والثروات المعدنية الاشتراكي، فضل محسن عبدالله وزيراً للثروة السمكية الاشتراكي، محمد سعيد عبدالله وزيراً للاسكان والتخطيط الحضري الاشتراكي، محمد سالم باسندوه وزيراً للخارجية المؤتمر، يحيى حسين العرشي وزيراً للخدمة المدنية والاصلاح الاداري المؤتمر، عبدالله احمد غانم وزيراً للعدل المؤتمر، احمد محمد الانسي وزيراً للمواصلات المؤتمر، حسن احمد اللوزي وزيراً للاعلام المؤتمر، محمد احمد الكباب وزيراً للشباب والرياضة المؤتمر، علوي صالح السلامي وزيراً للمال المؤتمر، صادق امين ابو راس وزيراً للزراعة المؤتمر، هيثم قاسم طاهر وزيراً للدفاع الاشتراكي، محمد حسن دماج وزيراً للادارة المحلية الاصلاح، جارالله عمر الكهالي وزيراً للثقافة الاشتراكي، ابو بكر القربي وزيراً للتربية والتعليم المؤتمر، احمد علي السلامي وزيراً للكهرباء والمياه الاشتراكي، عبدالرحمن عبدالقادر بافضل وزيراً للتموين والتجارة الاصلاح، نجيب غانم وزيراً للصحة الاصلاح، غالب عبدالكافي القرشي وزيراً للأوقاف والارشاد الاصلاح. وضمت الحكومة 11 وزيراً جديداً هم: 1 - محمد علي هيثم، عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي، وزير التأمينات والشؤون الاجتماعية والعمل. وقد انضم الى المؤتمر بعد الوحدة، وهو شخصية سياسية معروفة في قيادة جبهة التحرير في الجنوب قبل الاستقلال وترأس احدى الحكومات بعد الاستقلال. 2 - يحيى محمد المتوكل، عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي وزير الداخلية. وكان متفرغاً للعمل السياسي في قيادة المؤتمر. شغل هذا المنصب في عام 1974 وتنقل في مناصب وزارية عدة وعين سفيراً في اكثر من عاصمة عربية واجنبية ومنها: القاهرة ولندن وواشنطن. 3 - محمد سالم باسندوة، عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي وزير الخارجية. كان عضواً في مجلس النواب بعد الوحدة وهو سياسي وديبلوماسي لامع شغل مناصب عدة في صنعاء قبل الوحدة منها منصبا وزير الاعلام ووزير الخارجة كما عين سفيراً لليمن لدى الأممالمتحدة. 4 - عبدالله احمد غانم، عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام، وزير العدل. كان عضواً في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي ووزيراً للوحدة في الجنوب. وانتقل الى صنعاء مع جناح الرئيس السابق علي ناصر محمد عقب احداث كانون الثاني يناير 1986 وانضم للمؤتمر الشعبي بعد الوحدة. وكان منذ اوائل العام الحالي رئيساً لتحرير صحيفة "الميثاق" الناطقة باسم المؤتمر. 5 - محمد حسن دماج، عضو الهيئة العليا للاصلاح، وزير الادارة المحلية. عين بعد الوحدة محافظاً لمحافظة صنعاء ثم محافظاً لمحافظة حضرموت. وهو من الشخصيات التي يجمع عليها المؤتمر والاصلاح. 6 - جار الله عمر الكهالي، عضو المكتب السياسي للاشتراكي، وزير الثقافة. وهو من ابرز قيادات الاشتراكي، ويتميز بثقافته السياسية، وظل متفرغاً للتنظيم السياسي في الحزب، وكان أحد اعضاء اللجنة العليا للانتخابات. 7 - ابو بكر القربي، عضو اللجنة الدائمة للمؤتمر، وزير التربية والتعليم، كان لما يقرب من عشر سنوات مضت يعمل في جامعة صنعاء استاذاً في كلية العلوم والطب، ونائباً لمدير الجامعة، وهو طبيب. 8 - احمد علي السلامي، عضو اللجنة المركزية للاشتراكي، وزير الكهرباء والمياه. وهو من ابرز القادة العسكريين في الحزب الاشتراكي قبل الوحدة. 9 - عبدالرحمن عبدالقادر بافضل، عضو اللجنة المركزية للاشتراكي، وزير التموين والتجارة. 10 - نجيب غانم، عضو التجمع اليمني للاصلاح، وزير الصحة. 11 - غالب عبدالكافي القرشي عضو التجمع اليمني للاصلاح، وزير الاوقاف. أبرز ما في التشكيلة الحكومية الجديدة حركة تنقلات منها، انتقال عبدالكريم الارياني من وزارة الخارجية الى وزارة التخطيط والتنمية. وكان الارياني، نقلاً عن مصادر وثيقة الاطلاع في صنعاء، ابدى رغبة واضحة للرئيس علي عبدالله صالح كي يتسلم حقيبة وزارية "تمنحه بعض الراحة". الوجوه التي غادرت الحكومة، أبرزها محمد احمد جرهوم الاشتراكي ومحمد سلمان الاشتراكي، عكست رغبة اكيدة لدى رئيس الوزراء العطاس بتحاشي الطابع الصدامي لحكومته. فوزير الاعلام السابق محمد احمد جرهوم عضو اللجنة المركزية في الاشتراكي على خلاف مع حزبه، وتردد انه انتقل الى حزب المؤتمر قبل الانتخابات، وهو تفرغ للتدريس الجامعي. ووزير الاسكان السابق محمد سلمان عضو اللجنة المركزية في الاشتراكي، اتهمه حزب التجمع اليمني للاصلاح ببيع احد مدافن عدن لرجل اعمال لبناء فندق، ما ادى الى نشوء علاقة صدامية بينه وبين الاصلاح. في صنعاء اجمعت مصادر ديبلوماسية على ان حكومة العطاس تشكل مؤشراً واضحاً على الرغبة في تثبيت الوفاق الوطني للانطلاق نحو مرحلة جديدة. فالمهام التي تصدت لها حكومة العطاس، خلال الفترة الانتقالية، لم تستكمل ولا يمكن ولوج مرحلة الشرعية الدستورية من دون انجاز هذه المهام، وهي توحيد القوات المسلحة والقضاء والتعليم. ويرى العطاس ان مشاركة حزب التجمع اليمني للاصلاح، "هو عنصر استقرار وثبات داخلي وخارجي، بما يمكّن اليمن من انجاز مشروعه الذي هدفت اليه الوحدة اليمنية". وقالت صحيفة "الثورة" اليمنية ان معالجة القضايا الامنية تجيىء في طليعة اولويات الحكومة الائتلافية الجديدة في البلاد، انه لا يمكن معالجة النواحي الاقتصادية واجتذاب رؤوس اموال اجنبية اذا لم يكن هناك امن واستقرار في كل انحاء اليمن. لكن بعد تشكيل الحكومة بدأت ترتفع اصوات تبدي اعتراضات عليها. الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر، زعيم حزب التجمع اليمني للاصلاح ورئيس المجلس النيابي، قال لپ"الوسط" هاتفياً: "الاصلاح يطالب بخمس حقائب وزارية على الاقل بما يتناسب وعدد نوابه الپ65 في المجلس النيابي. فالاشتراكي اعطي 8 وزارات وكتلته البرلمانية هي عبارة عن 68 نائباً". جارالله عمر وزير الثقافة الاشتراكي رفض ايضاً تولي حقيبة وزارة الثقافة. وحين اعلنت التشكيلة الوزارية كان جار الله عمر يتنقل في الولاياتالمتحدة الاميركية بين واشنطن واتلانتا تلبية لدعوة رسمية. ومن اتلانتا صرح جارالله عمر هاتفياً لپ"الوسط": "هذا ليس تكبراً على المنصب الرسمي فأنا ارغب في التفرغ للعمل الحزبي والفكري ولا احب المسؤوليات الحكومية". محمد علي هيثم رفض ايضاً الانضمام الى الحكومة الجديدة بعد تعيينه وزيراً للتأمينات والشؤون الاجتماعية، وهو يردد ان تعيينه تم من دون استشارته. وشغل هيثم رئاسة الحكومة في الشطر الجنوبي اليمني في منتصف السبعينات. وزير الخارجية اليمني الجديد محمد سالم باسندوه دشن منصبه الوزاري بالحديث عن "التضامن العربي وفتح صفحة جديدة مع الدول الشقيقة". وباسندوه يتميز بميله الى الاستقلالية عن حروفية الالتزام الحزبي، علماً انه عضو اللجنة الدائمة لجنة مركزية في المؤتمر الشعبي، وتكليفه بحقيبة الخارجية جاء نظراً الى تجربته السابقة في تمثيل بلاده لدى الأممالمتحدة في السبعينات. وتولى باسندوه منصب نائب رئيس حزب الشعب الاشتراكي ثم اصبح عضواً في جبهة التحرير في جنوب اليمن. وبعد استقلال الجنوب عام 1967 نزح الى الشطر الشمالي حيث تولى مناصب حكومية عدة. وفي 1985 - 1988 تولى رئاسة البعثة اليمنية لدى الأممالمتحدة. وعاد عام 1988 ليصبح عضواً في المجلس الاستشاري وعضواً في مجلس الشورى البرلمان في الشطر الشمالي. وبعد اعلان الوحدة كان باسندوه عضواً في المجلس الاستشاري في صنعاء وعضواً في مجلس النواب. ثمة اسئلة كثيرة في صنعاء لا تجد اجوبة دقيقة لها، منها: ما هو مصير اقطاب السياسة اليمنية مثل سالم صالح محمد نائب رئيس مجلس الرئاسة والامين العام المساعد في الحزب الاشتراكي اليمني؟ كذلك عبدالعزيز عبدالغني الامين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي ورئيس الوزراء السابق في شمال اليمن قبل الوحدة لأكثر من مرة؟ كذلك القاضي عبدالكريم العرشي احد اقطاب مرحلة الاستقلال في اليمن ورئيس اللجنة العليا للانتخابات؟ التصريحات الصحافية للرئيس علي عبدالله صالح، بعد اعلان الحكومة اليمنية الجديدة، تحمل على الاعتقاد ان هذه الحكومة لن تعمر طويلاً بعد انجاز مهمتها الرئيسية: تعديل الدستور بحيث تقتصر مؤسسة الرئاسة على الرئيس ونائبه فحسب. ويتردد في صنعاء ان سالم صالح محمد سيتفرغ للعمل الحزبي الى جانب مسؤوليات محددة في المجلس الاجتماعي الاقتصادي الذي سيشكل قريباً في صنعاء، بحيث يسند لهذا المجلس مهام التخطيط لتنمية البلاد. ويتكون من كوادر مهنية وتكنوقراط، ويتوقع ان يرأس هذا المجلس عبدالعزيز عبدالغني. اما القاضي عبدالكريم العرشي فهو في طليعة المرشحين لتولي رئاسة مجلس الشورى الذي سيشكل بعد فترة قصيرة من تقديم الحكومة اليمنية الجديدة برنامجها في مجلس النواب اليمني. اما الدكتور ياسين سعيد نعمان، رئيس المجلس النيابي السابق، فيبقى التدريس الجامعي من ابرز خياراته.