عازر وايزمان هو أول رئيس اسرائيلي التقى مسؤولاً بارزاً في منظمة التحرير الفلسطينية، وتحدث هاتفياً الى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وكان راغباً في الاجتماع به. المسؤول البارز في منظمة التحرير الذي التقى وايزمان هو نبيل رملاوي سفير فلسطين لدى سويسرا والمنظمات الدولية في جنيف. وقد كشف نبيل رملاوي، في مقابلة خاصة مع "الوسط"، تفاصيل هذا اللقاء مع وايزمان. كما كشف السيد عبدالوهاب الدراوشة النائب العربي في البرلمان الاسرائيلي ل "الوسط" عن جوانب غير معروفة من شخصية وايزمان واتصالاته بعرفات. وقد انتخب وايزمان 86 سنة يوم 24 آذار مارس الماضي رئيساً لاسرائيل كمرشح عن حزب العمل ونال 66 صوتاً في مقابل 53 صوتاً لدوف شيلانسكي مرشح تكتل الليكود. وهو سابع رئيس لاسرائيل، وابن شقيق أول رئيس للدولة اليهودية حاييم وايزمان. وقد شارك وايزمان كطيار في حرب 1948 وأصبح بعد 10 سنوات قائداً لسلاح الجو الاسرائيلي ثم في العام 1966 مساعداً لرئيس الأركان اسحق رابين ولعب دوراً رئيسياً في تدمير سلاح الجو المصري خلال حرب 1967. وفي عام 1969 ترك الجيش والتحق بمناحيم بيغن وساهم بفوزه في انتخابات 1977 لكنه تخلى عنه عام 1980 لأنه اكتشف ان بيغن ليس راغباً في تطبيق الشق الفلسطيني من اتفاقات كامب دايفيد. وفي العام 1988 انتخب على لائحة حزب العمل وعين وزيراً للتكنولوجيا وعضواً في الحكومة المصغرة للدفاع وفي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة شامير. ثم أقيل من منصبه بعد اجتماعه بنبيل رملاوي. وكان وايزمان الوزير الوحيد الذي عارض اغتيال أبو جهاد خليل الوزير على أيدي المخابرات الاسرائيلية في عملية قام بها عملاء الموساد في 16 نيسان ابريل 1988 في تونس. وبقي وايزمان نائباً حتى شباط فبراير 1992. وفي ما يأتي الحوار مع نبيل رملاوي. متى وكيف تم اللقاء بينك وبين الرئيس الاسرائيلي الجديد عازر وايزمان؟ - تم اللقاء بيني وبين عازر وايزمان في فندق هيلتون في جنيف يوم 5 حزيران يونيو 1989. وكان وايزمان يشغل آنذاك منصب وزير التكنولوجيا في "حكومة الوحدة الوطنية" الاسرائيلية التي ضمت تكتل الليكود وحزب العمل برئاسة اسحق شامير. واستمر اللقاء ساعة ونصف ساعة. وكنت أول مسؤول من منظمة التحرير الفلسطينية يقابل وايزمان. كان وايزمان يقوم آنذاك بزيارة خاصة لجنيف وبرفقته زوجته. وعندما صافحتها، قال لها وايزمان: هل تعرفين من تصافحين؟ قالت: لا. فأجاب: "أنت تتحدثين الآن مع سفير فلسطين في جنيف". فنظرت الي قائلة بالعربية بعد ان ابتسمت "أنا سعيدة بذلك، ونرجو أن يعم السلام علينا جميعاً". ما هي الانطباعات التي خرجت بها عن وايزمان إثر هذا اللقاء؟ - وايزمان جريء وذو شخصية قوية. ونحن من المنطقة نفسها، فهو من مواليد تل أبيب، وأنا من مواليد يافا. وعندما سألني عن مكان ولادتي قلت: يافا، فقال: "إننا من بلدة واحدة تقريبا". وماذا كان تعليقه؟ - لم يضف أكثر من ذلك، بل قلت له انني لم أر يافا منذ العام 1948، بعد أن أجبرنا على الخروج. اللقاء مع عرفات ماذا كانت وجهة نظره بالنسبة الى مستقبل الأراضي المحتلة وحق تقرير المصير للفلسطينيين؟ - انه يؤمن بأن عملية السلام يجب أن تقوم على أساس الانسحاب الكامل من قطاع غزة، والانسحاب من الضفة الغربية مع اجراء بعض التعديلات الطفيفة على الحدود في بعض اجزائها. واعترف وايزمان بأن الفلسطينيين، عبر ممثلهم منظمة التحرير، شريك أساسي في أية عملية سلام. ماذا عن اتصاله بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات هاتفياً؟ - لم يتم هذا الاتصال أثناء لقائي به. ما حدث هو أنه عبّر لي عن رغبته في لقاء أبو عمار. قال لي وايزمان: "أتمنى أن التقي ياسر عرفات في أي وقت تتاح لي الفرصة، وأنا احترمه ومستعد لزيارته". وكشف لي انه أطلع شيمون بيريز زعيم حزب العمل آنذاك مراراً على رغبته هذه، لكن بيريز كان يرد عليه كل مرة: "لا يزال الوقت غير ملائم لعقد مثل هذا النوع من اللقاءات". لقد انتقد وايزمان أمامي بشكل عنيف حكومة اسحق شامير وسياستها تجاه العرب والفلسطينيين. واستطيع القول الآن أن وايزمان يعارض الممارسات التي تقوم بها حكومة اسحق رابين حالياً. ماذا قال لك عن ماضيه العسكري وحروبه مع العرب؟ - قال لي انه قاتل العرب في 3 حروب لكنه أصبح اليوم رجلاً آخر مختلفاً عما كان عليه في السابق. وما مدى استعداده للسير في طريق السلام؟ - تحدث عن إيمانه بالانسحاب الكامل من قطاع غزة، وكذلك من الضفة الغربية مع إجراء تعديل بسيط في حدودها. ماذا كان موقفه من انشاء دولة فلسطينية؟ - قال لي: "أنا أؤيد انشاء كيان فلسطيني تطلقون عليه التسمية التي تشاؤون. هل تطرقتم في حديثكم الى رأيه في مسألة هضبة الجولان والانسحاب منها؟ - لا، لأن أغلب حديثه تركز على الاستراتيجية السلمية التي وضعها المجلس الوطني الفلسطيني في تلك الفترة. وهل اعتبر وايزمان أن المنظمة قدمت كل ما هو مطلوب منها على صعيد الجهود السلمية، أم انه لا يزال ينتظر أشياء أخرى من المنظمة؟ - قال لي انه يعتبر المنظمة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ويجب أن يتم التعاطي معها على هذا الأساس. وفي نهاية اللقاء سألني عن أبو عمار، وقوته وزعامته السياسية وحجم التأييد الذي يحظى به فلسطينياً وعربياً ودولياً، وقد وضعته في الصورة وقلت له ان أبو عمار هو "الوحيد القادر على صنع السلام مع اسرائيل". وكان رد وايزمان: "لو لم أعتقد ذلك لما سمحت لنفسي أن ألتقي بك". ما هو الدور الذي لعبه الدكتور أحمد الطيبي في ترتيب لقائك مع وايزمان في جنيف؟ - لا علاقة له بلقاء جنيف ولم أسمع به إلا بعد ستة أشهر، لقد كنت مضطراً للسكوت عن تفاصيل لقائي مع وايزمان حرصاً مني على عدم الحاق ضرر سياسي به في اسرائيل في ذلك الوقت. ليس للطيبي أية علاقة بلقائنا هذا على الاطلاق، وعندما سأكتب في المستقبل عن هذا اللقاء سأوضح المزيد. لا أخفي انني لم أعرف الطيبي أو أسمع به إلا بعد أن بدأ يعطي نفسه دوراً في هذه القضية. بعد بضعة أشهر من هذا اللقاء، الذي أحيط آنذاك بسرية تامة، علم اسحق شامير به فأقال وايزمان من منصبه. هل صحيح ان أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية سجلت وقائع هذا اللقاء أم ان شامير علم بما جرى بوسائل أخرى؟ - ما حدث انني كتبت بخط يدي محضر هذا اللقاء مع وايزمان ولم أرسله الى ياسر عرفات بالبريد أو عن طريق "الفاكس" بل توجهت الى تونس وسلمته إياه يداً بيد. وعلمنا لاحقاً ان نص محضر اللقاء تم تسريبه الى اسحق شامير بواسطة عناصر من جهاز المخابرات الاسرائيلية. ونحن نعلم كيف حدث ذلك ولا أريد الآن الخوض في تفاصيل هذه القضية. هل ستوجه برقية تهنئة الى وايزمان بعد انتخابه رئيساً لاسرائيل! - نعم سأقوم بإرسال برقية تهنئة بفوزه. تهنئة عرفات لوايزمان من جهة أخرى كشف السيد عبدالوهاب الدراوشة عضو الكنيست الاسرائيلي ورئيس الحزب العربي الديموقراطي ل "الوسط" مضمون رسالة تهنئة نقلها من ياسر عرفات الى الرئيس الاسرائيلي وايزمان بعد انتخابه. وقال الدراوشة ل "الوسط" ان أصوات سبعة أعضاء عرب في الكنيست الاسرائيلي لعبت دوراً بارزاً في ترجيح كفة وايزمان، الأمر الذي دفعه الى تقديم الشكر الى الأعضاء العرب في الكنيست على دعمهم. وقد أجرت "الوسط" الحوار الهاتفي الآتي مع الدراوشة: ما هي ابعاد انتخاب وايزمان رئيساً لاسرائيل؟ - من معرفتي بخلفية وشخصية الرئيس الاسرائيلي وايزمان يمكن القول ان لانتخابه مدلوله الايجابي من الناحية الرمزية على الاقل، لان صلاحيات رئيس الدولة في اسرائيل صلاحيات محدودة. وبشكل عام ليست له صلاحيات سياسية او تنفيذية، بل ان سلطته معنوية. لذلك فإن انتخاب وايزمان يرمز الى توجه افضل مثلما رمزت بالنسبة الينا قضية الغاء قانون حظر اللقاءات او الاجتماعات مع منظمة التحرير الفلسطينية، وكان لها مدلولها الايجابي. ان نجاح وايزمان في الوصول الى منصب رئيس الدولة خطوة ايجابية يمكن ان تساعد على تحسين الاجواء. وبعد انتخابه نقلت الى وايزمان "تحيات وتهاني" الرئيس عرفات الذي طلب مني ان ابلغ وايزمان انه يأمل في "ان تتحقق اماني الشعب الفلسطيني في عهد الرئيس الاسرائيلي الجديد". ماذا كان رد وايزمان على تهنئة عرفات؟ - ردّ شاكراً، وقال: "آمل ان يتحقق السلام". وهل كانت هناك رسائل متبادلة غير ما ذكرت؟ - لا، لكن معرفتي بوايزمان قديمة، وهو من الداعين الى التفاوض مباشرة مع منظمة التحرير الفلسطينية والاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وهو يؤيد تنازلات اقليمية جادة كما يؤيد مسيرة السلام، ولم يتردد في توجيه الانتقادات الى الحكومة الحالية واسحق رابين لانهما لم يتقدما خطوات كافية لدفع مسيرة السلام في المنطقة. هل يمكن المقارنة بين رابين ووايزمان، واين يختلف الاثنان؟ - يلتقي رابين مع وايزمان في الخلفية الامنية. فالاثنان من كبار القادة العسكريين، وقد عملا معاً منذ الاربعينات في الجيش الاسرائيلي، اي منذ بداية تأسيسه. كانت رتبة رابين العسكرية اعلى من رتبة وايزمان. ففي الوقت الذي كان فيه رابين رئيس أركان، كان وايزمان قائد سلاح الطيران، قائد شعبة العمليات. وبرز وايزمان خلال حرب 1967، بعد تمكنه من تدمير سلاح الجو المصري، ثم تولى منصب وزير الدفاع في حكومة مناحيم بيغن وكان من مهندسي اتفاقية السلام مع مصر الى جانب موشي دايان. انضم وايزمان الى الليكود وساعد على فوز التكتل في انتخابات 1977 بقيادة مناحيم بيغن. وفي 1981 غضب وايزمان من بيغن بعد ان اكتشف انه غير جاد في تحقيق السلام مع الفلسطينيين فانسحب من الليكود.