سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الوسط" تنشر على حلقات كتاب نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اللبناني السابق - ايلي سالم يتذكر : يوم التقى الجميل الأسد في دمشق بعد فشل محاولة انقلابية ضد الرئيس السوري 8
يكشف الدكتور ايلي سالم نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اللبناني السابق، في هذه الحلقة الثامنة من مذكراته التي تنشرها "الوسط"، تفاصيل الغاء الاتفاق اللبناني - الاسرائيلي وقصة زيارة الرئيس امين الجميل لدمشق بعد فشل المحاولة الانقلابية ضد الرئيس حافظ الاسد. وقد شغل ايلي سالم منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية اللبناني في عهد الرئيس الجميل، وكان مستشاره للشؤون السياسية والاتصالات العربية والدولية. شارك سالم طوال عهد الجميل من ايلول - سبتمبر 1982 الى ايلول - سبتمبر - 1988 في صنع القرارات السياسية التي اتخذت خلال هذه الفترة. وفي الاتصالات المختلفة اللبنانية - العربية واللبنانية - الدولية، واطلع على مجموعة كبيرة من الاسرار المتعلقة بإسرائيل ومخططاتها في لبنان، وسورية، وبالولاياتالمتحدة والدول الكبرى الاخرى، وبالفلسطينيين، والايرانيين، وبدول عربية اخرى لعبت ادواراً مختلفة في الساحة اللبنانية. من هنا اهمية مذكراته هذه التي تكشف اسراراً ومعلومات جديدة ليس فقط عن لبنان وصراعات القوى المختلفة فيه، بل ايضاً عن منطقة الشرق الاوسط. وقد حصلت "الوسط" من الدكتور ايلي سالم على حقوق نشر مذكراته هذه، على حلقات في المجلة. في ما يأتي الحلقة الثامنة من مذكرات ايلي سالم: توجهت مع رئيس الحكومة اللبنانية شفيق الوزان الى الدار البيضاء لتمثيل لبنان في مؤتمر القمة الاسلامي الذي دعا اليه المغرب في كانون الثاني يناير 1984. وصلنا، الوزان وانا والوفد المرافق لنا، الى الدار البيضاء يوم 15 كانون الثاني يناير 1984. وقد سعى الملك الحسن الثاني، الذي ترأس القمة باعتباره المضيف لها، الى اشراك مصر في المؤتمر، لكن مبادرته اصطدمت بمعارضة شديدة من سورية وليبيا. وحضر هذه القمة الامين العام للجامعة العربية الشاذلي القليبي والامين العام للامم المتحدة بيريز ديكويلار، حيث القيا خطابين واجريا مباحثات ثنائية على هامش المؤتمر. وانحصر كلامهما عن لبنان بترداد عبارات لطيفة والتعبير عن تعاطفهما معه. لكن ما ان كانت تلك العبارات تتردد حتى كانت تنسى. والتقيت الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي وعبدالحليم خدام وزير الخارجية السوري مرتين في جلستين غير حاسمتين، اذ لم يكن خدام مستعداً للبحث في الاتفاق اللبناني - الاسرائيلي الذي كان، على اية حال، مجمداً. كان لدي ولدى الوزان في الدار البيضاء متسع من الوقت لكي نتباحث في مصير الاتفاق اللبناني - الاسرائيلي. كان هو يتحرك بسرعة نحو فكرة الغاء الاتفاق ولم اكن أنا بعيداً عنه. وقد اتضح لنا أن الأمر سينتهي الى الغاء الاتفاق او الحرب، فاخترنا الالغاء. ولدى عودتي الى بيروت ابلغت رئيس الجمهورية امين الجميل اقتناعي بوجوب الغاء الاتفاق، وانه كلما عجّلنا بذلك كلما كانت النتيجة أفضل. وقد اراد رئيس الجمهورية الغاء الاتفاق الا انه كان يريد ضمانات. أما السفير الاميركي بارثولوميو فقد كان يسعى الى كسب الوقت، وقال ان الرئيس ريغان ليس من الساسة الذين يغيرون رأيهم بما يتلاءم مع الرأي العام. وطلب الجميل ثلاثة اشهر كما طلب اعطاء بارثولوميو فرصة. لم اكن واثقاً بأن الجميل سيتمكن من البقاء في الحكم مدة شهرين او ثلاثة اشهر في مواجهته المعارضة المتزايدة له، اذا ما تعذّر ايجاد حل سياسي. كانت المعارضة اللبنانية تتلقى أموالاً واسلحة من الخارج. وكانت بيروت على وشك السقوط في ايدي المعارضة. وكانت العاصمة تمتعت على مدى سنة بهدوء واستقرار نسبيين. واصبح من المحتمل ان تخسر السلطة الشرعية ذلك على رغم تأكيد قيادة الجيش بأن مركز الحكومة في العاصمة سليم وقد أبلغني السفير الفرنسي في 2 شباط فبراير 1984 ان الحزب الشيوعي قسم بيروت الى اقسام ووزع مسؤوليات الاقسام على عدد من اعضائه. في 3 شباط فبراير استقال الوزراء المسلمون في الحكومة بضغط من الجو الاسلامي المعارض، وقد اتصل كل واحد منهم برئيس الجمهورية هاتفياً واعتذر عن تلك الخطوة وبيّن انه ضُغط عليه أو هدد، ولذا فلم يكن امامه اي خيار يختاره. ولم يعد بوسع رئيس الوزراء شفيق الوزان، وهو رجل شجاع، أن يتحمل المزيد من الضغط. وقد أبلغني بذلك ثم اتصل برئيس الجمهورية أمين الجميل وقرأ عليه كتاب الاستقالة ثم سلّمه نسخة مكتوبة منه يوم الاربعاء 4 شباط فبراير. واشتد القتال بين الجيش وحركة أمل في ضواحي بيروت، وفي 5 شباط فبراير 1984، دعا نبيه بري الى استقالة الرئيس الجميل. وفي 6 شباط فبراير أفلت زمام الأمور من يد الحكومة في بيروت وسقط الشطر الغربي من المدينة في يد حركة أمل وجبهة الانقاذ الوطني، وكان افراد اللواء السادس في الجيش ومعظمه من الموالين لأمل، تركوا بيروت تسقط، ثم انسلخوا عن الشرعية وانضموا الى المعارضة. وسعى رئيس الجمهورية جاهداً لتشكيل حكومة، الا ان احداً من المسلمين السنة لم يقبل بترؤس حكومة في تلك الظروف، كما لم يقبل أي مسلم ان يشترك في حكومة تعترض عليها سورية التي استمرت في الاصرار على الغاء الاتفاق اللبناني - الاسرائيلي قبل تشكيل حكومة جديدة. وبالنظر الى سقوط الشطر الغربي من بيروت في يد المعارضة، اصبحت القوة المتعددة الجنسيات اكثر عرضة للخطر، وازداد احتمال تعرضها لضغط كي تنسحب. في شباط فبراير كنت أقود سيارتي بالقرب من جونية فرأيت الكتيبة البريطانية في القوة المتعددة الجنسيات تتجه شمالاً ايضاً، فتوقفت وطلبت الكولونيل قائد الكتيبة وسألته ماذا تفعل كتيبته، فقال: "لسنا راحلين يا سيدي، الا اننا تلقينا أوامر بالانسحاب الى سفينتنا Reliant. بعدئذٍ اتصلت بالسفير البريطاني الذي اتصل بحكومته ثم علمنا بصدور أمر عسكري لهم بالانسحاب لتجنب الفوضى في بيروت. دعا عبدالحليم خدام الزعماء السنة الثلاثة تقي الدين الصلح ورشيد الصلح وسليم الحص للاجتماع به في دمشق. وبعيد عودتهم قابلت الحص فأبلغني بأن سورية تريد الغاء الاتفاق فوراً واجراء تغيير جذري في الاسلوب الذي يتبعه الجميل في الحكم. وكنت تحدثت مع رئيس الجمهورية في هذا الخصوص قبل مدة، الا ان ضغط الاحداث يطغى دائماً على فرص تقييم الوضع برويّة واتخاذ الاجراءات الجسورة بشأنه. بدا التوتر على الرئيس امين الجميل ورئيس الوزراء، وازداد التنازع بينهما. ومع ان شفيق الوزان رجل في منتهى التهذيب والتواضع الا انه ايضاً شخص حازم يتمسك بشدة بوجهات نظره. وهو يدرس كل اجراء سياسي كي يضمن انه اتخذ على النحو المناسب، ويراعي صلاحيات رئيس الجمهورية وينزل عند رغبته شريطة ان يراعي رئيس الجمهورية صلاحياته ايضاً، وهي الصلاحيات العملية التي اكتسبها رئيس الحكومة خارج اطار النص الحرفي للدستور. واكثر ما يغضب الوزان هو ان يتجاوزه احد الموظفين ويراجع رئيس الجمهورية بدلاً من ان يراجعه هو باعتباره رئيس الوزراء. وقد حدث ذلك مرة مع رئيس مجلس الخدمة المدنية الذي يعد من الناحية الرسمية تابعاً لمكتب رئيس الوزراء. ففي اجتماع عقده مجلس الوزراء في كانون الثاني يناير 1984 تحدث الوزان عن هذه المسألة بانفعال لم نعهده فيه. ومما ادهشنا في المجلس ان رئيس الجمهورية رد عليه بانفعال لا يقل عن انفعاله، ودافع عن رئيس مجلس الخدمة المدنية. وكان رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء على طرفي نقيض. وقد انخرطا في جدل وانفعال غير لائقين، وبدا انهما لا يستطيعان الخروج من ذلك الموقف. وفي سَورة الغضب تلك، قدم الوزان استقالته، وبالمثل، غضب رئيس الجمهورية وقبل الاستقالة شفوياً في الصورة التي قدمت بها. وقدّم احد زملائنا محاضرة طويلة اشاد فيها بالرجلين وناشدهما ان يتعانقا وينسيا ذلك الخلاف الذي زاد من التوتر الذي كان سائداً أصلاً. وادراكاً مني لخطورة الموقف وعقم تلك المحاضرة، وقفت وقلت انني ارى ان ترفع تلك الجلسة. فانتصب الجميع واقفين وشرعوا في الخروج من القاعة. وفي غمرة هذا التحرك السريع أمسكت بيد رئيس الجمهورية من ناحية ويد رئيس الوزراء من ناحية اخرى واخذتهما الى ركن من اركان القاعة. وخلال لحظات ضحكا واعتذرا لبعضهما البعض. ومن الواضح ان الضغط السياسي تحكم بهما. كان الوزان رجلاً شجاعاً ووطنياً يعمل ما يمليه عليه ضميره، الا انه كان حذراً. تهديدات اسرائيل اقترح غسان تويني على رئيس الجمهورية ان يشكل حكومة لمدة قصيرة برئاسة السفير السابق نديم دمشقية للتمهيد لمؤتمر حوار وطني يتحدد فيه الخط السياسي للبلاد في المستقبل. ووافق نديم دمشقية على الاقتراح من حيث المبدأ، شريطة ان يكون اعضاء حكومته مقبولين لدى قادة المعارضة. ثم غادر دمشقيةلندن وانتظر في قبرص اتخاذ قرار بشأن الحكومة، ولكن لم يتخذ مثل هذا القرار. وحيث ان الوزان استقال للمرة الثانية وحيث ان الوزراء المسلمين اخذوا يستقيلون او يشعرون بالخوف فقد تعطلت حركة الحكومة. وفي هذه الاجواء تمكنت قوات حركة أمل بزعامة نبيه بري والقوات التابعة لوليد جنبلاط من السيطرة على مناطق واسعة من بيروت. وفي تلك اللحظة الحرجة، بعثت اسرائيل رسالة عن طريق سامي مارون تقول فيها، انه اذا لم يجتمع الرئيس اللبناني علناً مع موشي أرينز ويطلب المساعدة فستتقلص سلطته حتى لا تتعدى مكتبه في القصر الجمهوري. ولكن الرئيس رفض الرسالة كلياً. في 10 شباط فبراير قررت الحكومة الاميركية سحب قواتها من مطار بيروت الدولي خلال ثلاثين يوماً، وهو ما يتعارض مع الوعود التي كان قطعها رمسفيلد وبارثولوميو. وفي تلك الفترة قال لي السفير الاميركي بارثولوميو ان الغاء الاتفاق اللبناني - الاسرائيلي قرار لبناني وان على لبنان ان يتحمل مسؤولية قراره. كان ذلك جواباً مزعجاً ومقلقاً، وربما يعني ان اسرائيل ستعاقب لبنان مرة اخرى وتنشر قواتها في عمق لبنان. فقلت له: "اذا كان عدم الالغاء يعرض لبنان للخطر كما ترون، وحيث ان سياستكم تقضي بمساندة لبنان، فإن عليكم ان تؤيدوا قرار الالغاء". واستشار بارثولوميو الادارة الاميركية مرات ومرات، واخيراً جاء بالرد التالي: "اننا ندرك سبب اتخاذكم القرار المتعلق بالغاء الاتفاق. وسنواصل دعمنا لكم". واقتنعنا بهذا الرد الديبلوماسي. استمر القتل من دون هوادة. وتعرضت جبهات سوق الغرب وبكفيا وكفرشيما للاختراق. واصبحت هذه الاماكن جزءاً من عملية المفاوضات. وأبلغتنا مخابراتنا ان الجيش قد ينهار تماماً في اي لحظة. فقد كان الضباط المسلمون يتركون الجبهات واحداً تلو الآخر. كان علينا ان نسارع بالتوصل الى حل سياسي ينقذ الجيش. قال البعض ان أمامنا بضعة ايام، بينما اكد البعض الآخر انه لم يكن أمامنا سوى بضع ساعات. وقالوا إن العسكريين في الظروف العادية يدعمون المؤسسات السياسية، اما الآن فإن على المؤسسات السياسية ان تدعم العسكريين. ومن الواضح انه كان من اللازم اتخاذ قرارات صعبة، وكان من المحتمل ان يصدر الاعتراض على تلك القرارات من اسرة الرئيس الجميل وحزبه واصدقائه وطائفته المارونية. وكان مسؤولونا الامنيون منهمكين في الحفاظ على ما تبقى من الجيش. وفي العشرين من شباط فبراير 1984 تلقينا اقتراحين عربيين يدعو الاول الى وقف اطلاق النار فوراً واستئناف مؤتمر الحوار الوطني، والتزام من الرئيس اللبناني بأنه سيلغي الاتفاق مع اسرائيل في اثناء انعقاد المؤتمر. وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتبني اصلاحات سياسية. اما الاقتراح الثاني فيدعو الى تشكيل حكومة وحدة وطنية وان يكون الغاء الاتفاق مع اسرائيل البند الاول في جدول أعمال الحكومة الجديدة. قبلنا الاقتراحين وابلغنا دمشق بذلك فتلقينا بعد يومين الاقتراح السوري الآتي: "يسلّم الجميل بياناً خطياً غير موقع باتخاذ الخطوات الدستورية اللازمة لالغاء الاتفاق اللبناني - الاسرائيلي بعد عودته من زيارة رسمية لدمشق. ويوجه الرئيس الاسد دعوة الى الجميل لزيارة سورية. وبعد الاعلان عن الغاء الاتفاق، سيساعد الاسد الجميل في تشكيل حكومة وحدة وطنية ويسرع بعقد مؤتمر الحوار الوطني". وقدّم الاسد هذا الاقتراح في صورة تعهد. في 23 شباط فبراير 1984 استدعى الرئيس الجميل كميل شمعون والشيخ بيار الجميل وطلب منهما تأييد الغاء الاتفاق مع اسرائيل. وكنت أعدّ في مكتب جانبي نص بيان يرسله الجميل الى حافظ الاسد. وعندما استكملت اعداد النص، استدعيت بارثولوميو الى القصر وأخبرته بحضور الرئيس، اننا اتخذنا قرار الغاء الاتفاق واننا سنرسل نصاً مكتوباً لبيان غير موقع الى الأسد يحمل هذا المعنى، وان لدينا مقابل ذلك تعهداً من الاسد بمساعدتنا على استئناف مؤتمر الحوار الوطني كي نكمل العمل الذي بدأناه في مؤتمر جنيف. ويتضمن جدول الاعمال بين ما يتضمنه، بنوداً عن الاصلاح وعن انسحاب القوات الاسرائيلية وانسحاب سائر القوات المسلحة غير اللبنانية من لبنان. وقلت له اننا اتخذنا هذا القرار بعد ان راجعنا جميع البدائل الاخرى، واننا فعلنا ذلك على ضوء المصلحة اللبنانية العليا واننا نطلب مساندة اميركا لقرارنا هذا. فقال بارثولوميو: "ان القرار قراركم، وانتم تتحملون مسؤوليته، ونحن سنواصل مساندة حكومة لبنان". وأصر الجميل على ان يسمع بارثولوميو وهو يقول: "اننا نتفهم سبب رغبتكم في الغاء الاتفاق". لكن بارثولوميو قال انه لا يستطيع ان يفعل ذلك من دون استشارة الحكومة الاميركية، فطلبنا منه ان يستشير حكومته، ويرجع الينا. ورجع بالفعل بعد بضع ساعات بالموقف التالي: "ان الحكومة الاميركية تدرك الاسباب التي تجعلكم تلغون الاتفاق"، فشعر الرئيس بشيء من الارتياح اذ لم يكن على استعداد لعداوة اميركا اذا تمكن من ذلك. كان هذا أصعب قرار اتخذه الجميل على الاطلاق: اذ انه يتخلى عن اتفاق ليخطو خطوة في المجهول. واذا ما فشل فقد تبقى القوات الاسرائيلية في الجنوب، وقد لا تسحب سورية قواتها، كما يحتمل ان تقسم البلاد. لقد توقع الجميل كل هذه الاحتمالات وشعر بقلق بالغ، واغرورقت عيناه وبدا يائساًَ. كان قبول الاتفاق أو الغاؤه بالنسبة الى الآخرين مسألة رأي، اما بالنسبة اليه فكانت مسألة حياة أو موت للبلاد وربما له وللمقربين منه. واعتبر نفسي واحداً من اناس قلائل يستطيعون ادراك ما هو فيه من ارتباك وحيرة وفهم ما يدور بذهنه. فمثلاً أين الدولة الكبرى التي قدمت له المشورة والمساندة؟ أين جميع قادة الدول التي اسهمت في القوة المتعددة الجنسيات وجازفت بالكثير في سبيل ذلك؟ أين الساسة اللبنانيون الذين أيدوا الاتفاق اللبناني - الاسرائيلي باعتباره الامل في تحرير البلاد؟ لقد وقفوا جميعاً معه عندما بدا قوياً، ثم تحولوا عنه عندما بدا ضعيفاً! ويبدو ان القاسم المشترك في جميع الاعمال السياسية هو القوة، وهو ما كان يفتقر اليه. لقد حمل نص الرسالة الى الاسد في يده كما لو لم يكن متأكداً ان كان يريد ارساله او لا. فقلت له: "فخامة الرئيس، لقد اتخذت القرار الصحيح، وأشهد لك بذلك. وكرئيس للجمهورية فإن حريتك تكمن في قبول الحقائق. اذ ان امامك خيارات صعبة عدة. وبالنظر الى الواقع، فإن الخيار الذي اخترته هو اقل الخيارات ضرراً بلبنان، واسمح لي أن آخذ النص". مددت يدي واخذت النص من يده واعطيته لمبعوث خاص وقلت له: "اذهب وقابل الاسد، واتمنى لك التوفيق". لم يصدر أي رد فعل من الرئيس لانه لم يكن منصتاً، بل كان يفكر في الافق الجديد ويتساءل عما اذا كانت تلوح فيه أية بارقة أمل. اندفع المبعوث المتمرس في فن عقد الصفقات، خارجاً من المكتب، لانه كان يتمنى لو يستطيع الوصول الى دمشق خلال دقائق، وتوجه الى العاصمة السورية مع جان عبيد. عاد جان عبيد صباح اليوم التالي ونقل الينا شعور الحكومة السورية بالرضى عن نص البيان. ومع ذلك، اراد المسؤولون السوريون ان يعرفوا ما عناه الرئيس الجميل في النص "ان لبنان يتوقع أن يتلقى من سورية الدعم اللازم لتعزيز قرار الغاء الاتفاق... الخ". فكتبنا خطاباً قلنا فيه اننا نعني بتلك العبارة اننا بحاجة الى تأييد سياسي من سورية في مواجهة المعارضة التي ستنجم عن اعلان الغاء الاتفاق. وكان ينتظر ان يصدر الاعتراض عن اسرائيل وعن القوى المتأثرة بها داخلياً وخارجياً. كنا نتلقى تقارير استخبارية تفيد بأن اسرائيل قد تغتال رئيس الجمهورية الجميل ورئيس الوزراء الوزان ووزير الخارجية اذا الغينا الاتفاق. ربما تكون بعض العناصر السياسية اللبنانية المعارضة للاتجاه الجديد هي التي لفقت تلك التقارير، لكنه كان علينا ان نحترس. فطلبت من بارثولوميو أن يتصل بالمسؤولين الاسرائيليين للتحقق من تلك الانباء. وطلبت منه ايضاً ان يصارح المتطرفين في لبنان بالوضع القائم وبحقيقة الموقف الاميركي. وأطلعت رئيس مجلس النواب وكبار النواب الآخرين الذين أيدوا الاتفاق بقوة على الاسباب التي استدعت الغاءه وكانوا مؤيدين كلهم لفكرة الالغاء بعد تعثر التنفيذ. زيارة دمشق بعد فشل الانقلاب تم الاتفاق مع المسؤولين السوريين على عقد اجتماع القمة بين الجميل والاسد يوم الاربعاء 29 شباط فبراير 1984، على ان تلغي حكومة الوزان الاتفاق بعد عودة الجميل من دمشق. ومن ثم ينعقد مؤتمر الحوار الوطني، ويتبعه تشكيل حكومة وحدة وطنية. وعملنا جاهدين في التحضير لاجتماع القمة. كان الرئيس اللبناني ذاهباً للاجتماع باعتباره الطرف الضعيف، ومع ذلك كان يأمل في انتزاع نصر من بين براثن الضعف. انطلقنا الرئيس وأنا ومبعوثه الخاص جان عبيد والعماد عثمان عثمان قائد قوات الامن الداخلي الى مطار حالات، في موكب من السيارات اخترق عمق المنطقة الشرقية لكي نظهر أننا لم نرضخ لتهديد المتطرفين الذين ارادوا لنا ان نتوجه الى القدس لا الى دمشق. كان الرئيس يستقل سيارة كاديلاك رفع عليها العلم، وكنت أنا ايضاً استقل سيارة كاديلاك مع علم، ليس لاهميتي بل بالعكس للتمويه ولحماية الرئيس. واستقلينا طائرة خاصة في حالات الى مطار المزة في دمشق حيث التقانا الرئيس الاسد واعضاء الحكومة السورية والسلك الديبلوماسي العربي بكامله. وقد أثار انتباهنا غياب رفعت الاسد شقيق الرئيس الأسد. وعلمنا فيما بعد ان محاولة انقلابية وقعت في اليوم السابق كان لرفعت الأسد علاقة بها. وقد بدا الرئيس الأسد شاحباً حيث كان يقضي فترة نقاهة بعد مرض طويل. لقد كان استقبالاً رسمياً بكل مظاهر الأبهة والاحتفال. وانتقلنا في موكب الى قصر الضيافة بحراسة شديدة جداً وفي القصر كان الجو بين الوفدين مرحاً ومريحاً. في المساء عقد الرئيسان اجتماعاً خاصاً، بينما اجتمعت انا الى خدام. ثم أقام الأسد مأدبة عشاء تكريماً لضيفه حضرها حوالي ثلاثمئة شخص بمن فيهم اعضاء السلك الديبلوماسي بكامله. وباستثناء نجاح العطّار التي كانت عضواً في الحكومة وهي أخت عصام العطار زعيم الاخوان المسلمين الذي كان معارضاً شديداً لحافظ الاسد، فلم تكن هناك اي نساء بين الضيوف. وبالاضافة الى غياب النساء والمشروبات الكحولية، انتظر الضيوف ساعتين الى أن وصل الأسد وضيفه. يوم الخميس في الاول من آذار مارس عقد الرئيسان الأسد والجميل اجتماعاً آخر، وكان الاجتماع هذه المرة بحضوري وحضور خدام وعبيد. وكان موقفنا خلال تلك الاجتماعات يتلخص في الامور الآتية: نريد أن نلغي الاتفاق مع اسرائيل ونتعاون مع سورية في الحدّ من المخاطر الناجمة عن الالغاء. نريد مساعدة من سورية من اجل عقد مؤتمر الحوار الوطني وتشكيل حكومة وحدة وطنية. يجب ان يكون هناك وقف اطلاق نار فعّال. يجب ان نتفق بعد الالغاء على صيغة تؤدي الى اجراء مفاوضات مع اسرائيل عن طريق الولاياتالمتحدة بهدف وضع ترتيبات امنية تكفل سحب القوات الاسرائيلية بصورة تامة. نريد إعادة انتشار القوات السورية بحيث تتمركز في مناطق محددة كخطوة أولى نحو الانسحاب الكامل. نريد من الحكومة السورية أن تدعو الزعماء المسيحيين، ولا سيما المعترضين على الغاء الاتفاق للحضور الى دمشق والشروع في حوار معهم. سنبقى على صداقتنا مع الولاياتالمتحدة كما ستبقون على صداقتكم مع الاتحاد السوفياتي، حيث اننا نجد في الولاياتالمتحدة دولة كبرى مستعدة للاخذ بيدنا في سعينا الى تحرير البلاد، كما تجدون انتم في السوفيات حليفاً لكم في الصراع العربي - الاسرائيلي القائم. قدّر حافظ الأسد لنا قرار الغاء الاتفاق مع اسرائيل. وقال ان الاتفاق كان ميتاً على كل حال، وان لا اسرائيل ولا الولاياتالمتحدة متعلقة به وان الالغاء يجب أن يسبق الحوار وتشكيل حكومة جديدة. وان المعارضة اللبنانية لن تنضم الى اية حكومة جديدة ما لم يتم التوصل الى اتفاق مسبق على مبادئ معينة للاصلاح، وانه، اي الرئيس الأسد، سيطلب من قادة المعارضة الالتزام بوقف اطلاق النار والاشتراك في حكومة جديدة. وقال لنا الأسد انه يفهم من عبارة الترتيبات الامنية ان تتخذ الحكومة اللبنانية ترتيبات في الاراضي اللبنانية توافق عليها اسرائيل، وانه لا ينبغي لهذه الترتيبات أن تنتقص من السيادة اللبنانية وأن سورية ستساعد لبنان في اعادة بناء مؤسساته بعد التوصل الى اتفاق على صيغة سياسية عادلة. وستبقى الرئاسات الثلاث على حالها. اي ان رئيس الجمهورية سيبقى مارونياً ورئيس مجلس النواب مسلماً شيعياً ورئيس مجلس الوزراء مسلماً سنياً. أما مسألة اعادة انتشار القوات السورية في لبنان فسيبحث فيها مع حكومة الوحدة الوطنية، على ان تتم تلك العملية في اطار استراتيجيتنا في نضالنا ضد الولاياتالمتحدة واسرائيل. واتفق الرئيسان الجميل والأسد على الخطوات الثلاث الآتية: 1 - تعويم حكومة الوزان التي ستلغي الاتفاق، وبعد ذلك يحال قرار الالغاء الى مجلس النواب. 2 - انعقاد مؤتمر الحوار الوطني في اواسط الاسبوع التالي، وتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد المؤتمر. 3 - يبعث لبنان يوم الجمعة 2 آذار مارس برسالة الى الولاياتالمتحدة يطلب فيها عقد اجتماع للجنة الثلاثية اللبنانية - الاميركية - الاسرائيلية للتباحث بشأن الالغاء والبدء بمباحثات جديدة لوضع ترتيبات أمنية. اختتمنا اجتماعاتنا في دمشق مساء يوم الخميس الاول من آذار مارس. ووُدِّعنا بمثل ما استقبلنا به من الحفاوة وكانت الاجراءات الامنية في الطرق التي اخترقها الموكب اجراءات غير عادية بالنظر الى المحاولة الانقلابية. فقد احاطت بالسيارة التي أقلت الرئيسين عشرات من الدراجات النارية، كما أحاط بها حوالي مئة من افراد الحرس وهم يحملون الرشاشات. ولم تكن في الطريق اية سيارة على الاطلاق سوى سيارات الموكب. لقد شاهدت كل أنواع الاجراءات الامنية في الماضي، الا انني لم أر اجراءات شبيهة بهذه. وعندما غادرنا دمشق، كان الظلام خيّم على مطار حالات وأصبح من المتعذر علينا الهبوط فيه فقررنا الاتجاه الى رودس حيث قضينا الليل هناك. وحيث ان هذا التوقف في رودس لم يكن في جدولنا، وحيث أننا لم نصل الى بيروت في الوقت المنتظر، فقد خرجت الصحف في العالم بإشاعات غريبة، فقال بعضها إن اسرائيل ارغمت الطائرة على الهبوط في مكان ما، وقال البعض الآخر ان الليبيين اعترضوا سبيل طائرة الرئيس واسقطوها، أو أن الرئيس في طريقه الى عدن. والواقع اننا كنا بحاجة الى فترة استراحة، وعلى كل لم نكن مخيرين اذ ان طائرتنا لا يمكنها الهبوط في مدرج حالات في الليل. الغاء الاتفاق عدنا الى بيروت يوم الجمعة 2 آذار مارس ولدى وصولنا، اتصلت ببارثولوميو وسلّمته رسالة طلبت فيها عقد اجتماع للجنة الثلاثية يوم 3 أو 4 آذار مارس 1984، "وفقاً للرسالة التي وجهتها الى السفير فيليب حبيب المبعوث الخاص للرئيس ريغان في 17 أيار مايو 1983 للتباحث بشأن إلغاء الاتفاق والبدء في مباحثات جديدة تؤدي الى وضع ترتيبات امنية". فابتسم بارثولوميو، ابتسامة العارف باللعبة، وتناول الرسالة مني وأبلغني انه سينقلها الى واشنطن. وطلبت من العقيد سيمون قسيس ايضاً ان يتصل بالمسؤولين الاسرائيليين عن طريق اللجنة المختصة ويبلغهم بقرار الحكومة اللبنانية. في اليوم التالي أخبرني بارثولوميو أن الولاياتالمتحدة لن تحضر اجتماع اللجنة الثلاثية. وأبلغني العقيد قسيس أيضاً ان اسرائيل لن تحضر ما لم يتم الاتفاق مسبقاً على جدول أعمال للاجتماع. كان الرد الاميركي والاسرائيلي متوقعاً الا انه كان لا بد لنا من اتخاذ هذه الاجراءات الديبلوماسية. ورغبة مني في تفادي اي سوء تفاهم في تلك المرحلة الحرجة، رأيت أن استشير خدّام بشأن نص بيان إلغاء الاتفاق اللبناني - الاسرائيلي. وكنت اعددت النص بمساعدة من النائب المعروف نصري المعلوف وهو من رجال القانون البارعين وواحد من اوسع ساستنا خبرة. واستعرضت النصّ مع جان عبيد مرّات عدة، وعندما اتفقنا عليه اتصلت بخدام وأبديت استعدادي للاجتماع به يوم الأحد 4 آذار مارس. وفي الصباح الباكر سافرت أنا وعبيد بطائرة هليكوبتر من بعبدا. وبينما كانت الطائرة محلقة فوق الجبال فوجئنا بالغيوم تلفّنا من كل جانب. ولم يكن الطيّار ممن يستطيعون الطيران ليلاً أو وسط الغيوم. فطلبت منه أن يعود بنا فوراً الى بعبدا. وكان هو الآخر متوتراً. ومع ذلك، لم يستطع تغيير مساره نظراً الى اننا لم نكن الا على ارتفاع بضعة أمتار عن الأرض. ووسط هذه الغيوم، لا يعرف المرء ان كان محلقاً فوق واد أو فيه، أو إن كان فوق ارض صخرية او متجهاً نحوها. ساد الصمت والتوتر برهة من الزمن ثم وبلطف من الله وجدنا فجوة في الغيوم فاتجه الطيار بالطائرة الى اسفل الوادي بأسرع ما يمكن كي يتجنب الغيوم، وسار بخط متعرج بين الصخور وفوق الاشجار متتبعاً اي فجوة نور يراها، الى ان وصلنا باعجوبة الى فوق البحر. وهبط الطيار بالطائرة الى ان اصبحت على ارتفاع اربعة او خمسة أمتار عن سطح البحر وانساب بها تحت الغيوم وعاد بنا الى حيث انطلقنا أصلاً. استقلينا سيارة وسلكنا الطريق الجبلي نحو دمشق. وتوجهنا رأساً الى مكتب خدام وناقشنا معه النصّ الذي اقترحناه. وبعد نقاش مستفيض قال خدام انه يحتاج الى استشارة القيادة. وبينما كان خدام يجري مشاوراته، عدت انا وعبيد الى الفندق للاستراحة وعقدنا اجتماعاً ودياً مع قادة المعارضة - وليد جنبلاط وعاصم قانصو ونبيه بري - الذين كانت قواتهم تقصف قواتنا منذ بضعة أشهر. وقد تبادلنا من القبلات والعناق اكثر مما هو مألوف بين اصدقاء فرقهم القدر. ثم عدنا الى مكتب خدام حيث أعددنا أنا وعبيد معه النص الآتي: "قررّ مجلس الوزراء، بعد الاطلاع على المادتين 56 و57 من الدستور اللبناني، اللتين تلزمان رئيس الجمهورية بإبرام أي قانون يسنّه مجلس النواب خلال مدة محددة أو إعادته اليه، وحيث أن رئيس الجمهورية لم يبرم القانون الذي فوضه مجلس النواب ابرامه في 14 حزيران يونيو 1983، وحيث ان مجلس النواب قبل في ذلك القانون الاتفاق الذي وقّع عليه مندوبون عن الحكومتين اللبنانية والاسرائيلية وعن الحكومة الاميركية بصفتها شاهداً على الاتفاق، وحيث أن رئيس الجمهورىة لم يرجع القانون الى مجلس النواب خلال الفترة المحددة، قرر المجلس في اجتماعه بتاريخ… برئاسة رئيس الجمهورية ما يأتي: 1 - الغاء قرار مجلس الوزراء بتاريخ 14 أيار مايو بالتصديق على الاتفاق المشار إليه آنفاً والذي وقّع عليه في 17 أيار مايو 1983 ممثلون عن الحكومتين اللبنانية والاسرائيلية وعن الحكومة الاميركية بصفتها شاهداً، والغاء الاتفاق الذي لم يصدق عليه واعتباره لاغياً وباطلاً وكأنه لم يكن، والغاء جميع الالتزامات المنبثقة عنه. 2 - إبلاغ هذا القرار الى اطراف الاتفاق. 3 - تتخذ الحكومة اللبنانية الخطوات اللازمة للتوصل الى ترتيبات امنية تضمن سيادة لبنان واستقرار جنوبلبنان وأمنه وتمنع التسلل عبر حدوده الجنوبية وتؤدي الى انسحاب القوات الاسرائيلية من جميع الاراضي اللبنانية". كان البند الثالث حصيلة مباحثات مكثفة أسهم عبيد فيها بقسط كبير. عدنا الى بيروت مساء ذلك اليوم وأطلعنا رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء على النص فأعربا عن قبولهما له. واتفقنا على عقد جلسة لمجلس الوزراء في اليوم التالي لاعتماد النص المقترح. فدعوت الوزراء فرداً فرداً لحضور الاجتماع، إلا انهم قالوا انهم يريدون تفسيراً لذلك لان من المفترض ان يكون مجلس الوزراء استقال، وان هذا يعني انه بُعث للحظة كي يتخذ قراراً بشأن الغاء الاتفاق. كان كلود شيسون وزير الخارجية الفرنسي يقوم بزيارة قصيرة لبيروت. وفي تلك الامسية جاء الى بيتنا لكي يعرب عن تأييده للخطوة التي سنخطوها. في الوقت ذاته، اراد أن يخبرني بأن الكتيبة الفرنسية في القوة المتعددة الجنسيات ستسحب بحلول أواخر الشهر. وكان اجتمع لتوّه مع اسحق شامير الذي أبدى تفهماً للخطوة التي كانت الحكومة اللبنانية ستخطوها وتعهّد لشيسون بأنه لن ينتقم من لبنان وقال شيسون ان فرنسا مستعدة لمساعدة لبنان اذا واجه اي تهديد من اسرائيل بسبب الغاء الاتفاق. يوم الاثنين 5 آذار مارس 1984 وصل الوزان والوزراء الى القصر الجمهوري في الساعة التاسعة والنصف صباحاً. عكف الجميل والوزان والدكتور جوزيف جريصاتي المدير العام لرئاسة الجمهورية على اعداد الصيغة القانونية لمسألة "تعويم" الحكومة ثم اجتمعوا كمجلس للوزراء. وكان اجتماعاً محفوفاً بالمشكلات وكان كل تصريح يُساء تفسيره أو يساء فهمه، لان الوزراء كانوا في وضع نفساني سيىء. وكان رئيس الجمهورية يتعرض لضغوط كبيرة كي لا يلغي الاتفاق. وكان الوزان مغتاظاً من الوزراء لانهم وجهوا اليه اسئلة وكأنهم ليسوا اعضاء في الحكومة، الا ان قرار الغاء الاتفاق اتخذ وقت الظهيرة وأُعلن في الساعة الرابعة من بعد الظهر. وبعد الاعلان عنه، اتصل الأسد بالجميّل وهنأه على شجاعته وتعهد بدعمه. الاسبوع المقبل: الحلقة التاسعة