في 14 ايار مايو الماضي جاء فليكس هفويت بوانيي الى باريس للعلاج ولم يعد الى قريته ياماسوكرو الا في الاسبوع الأول من تشرين الثاني نوفمبر الماضي وهو طريح الفراش بين الحياة والموت. وخلال غياب الرئيس في باريس كانت حكومة ساحل العاج تعقد اجتماعاتها الاسبوعية في فرنسا آتية من ابيدجان في طائرة خاصة. والرئيس بوانيي الذي تجاوز الثمانين يحكم البلاد منذ استقلالها في 1960 من دون منافس ولا حسيب، أو رقيب، بدليل أنه لم يتورع عن كشف أمواله الخاصة في البنوك الأوروبية وقيمتها 65 مليار فرنك فرنسي، هذا علاوة على ممتلكاته الخاصة من فنادق ومبان فخمة في باريس، وعلى شواطئ فرنسا الجنوبية. وتشهد ساحل العاج منذ أيام تظاهرات للباحثين والمعلمين والأطباء والممرضات ونقابة عمال الكهرباء والغاز لمطالبة الحكومة لا لزيادة الاجور، وانما لحضها على دفع الرواتب والاجور المتأخرة. في ظل هذا المناخ الاجتماعي المتوتر برزت مسألة الفراغ السياسي وفرضت نفسها بصورة ملحة في البلاد، مؤججة طموحات قادة أحزاب المعارضة ورفاق درب "حكيم افريقيا" الذي لم يعد قادراً على متابعة تطورات الأحداث، وفقد القدرة على الامساك بزمامها. والمنافسة على كرسي الرئاسة محتدمة بين رئيس الحكومة السان درامان كواتار، ورئيس البرلمان هنري كونان بيدييه، وزعيم "الجبهة الشعبية العاجية" لورون غابو. وأعربت الحكومة الفرنسية عن قلقها عما يمكن ان ينجم من حرب خلافة رئيس الدولة. وبادرت حكومة ادوارد بالادور الى إرسال وفد الى ابيدجان . وقالت مصادر ديبلوماسية فرنسية ل "الوسط" ان باريس تحبذ حصول اتفاق بين رئيس الوزراء ورئيس البرلمان لتقاسم السلطة بعد رحيل الرئيس بوانيي، وهي لا ترجح، على الأقل حالياً، كفة هذا على حساب ذاك، ولكنها وفي كل الأحوال لن تؤيد مرشح أحزاب المعارضة في ضوء المعطيات العاجية الراهنة. وتفضل بعض الشخصيات الفرنسية المسؤولة عدم انتظار موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة أي منتصف عام 1995، وتدعو الى اجراء انتخابات رئاسية على وجه السرعة لقطع الطريق على مؤشرات الأزمة التي تهدد ساحل العاج. وبين باريس وابيدجان اتفاقات ومعاهدات تعود الى ما قبل استقلال ساحل العاج، وتتولى فرنسا بموجبها ليس فقط حماية ساحل العاج من أي غزو أجنبي، بل الزود عن السلطة القائمة بقيادة حزب رئيس الدولة.