تشهد روسيا الاتحادية في 12 كانون الأول ديسمبر انتخابات تشريعية يريد لها بوريس يلتسين ان تنتج برلمانا مطواعاً يمحو من الذاكرة مناكفات مجلس السوفيات الاعلى السابق ونهايته المأسوية عن طريق القصف المدفعي. كان يمكن لهذه الانتخابات ان تكون حرة غير ان يلتسين، وهو، حالياً، حارس السلطتين التنفيذية والتشريعية، اكثر من التدخل. فهو الذي حدد الموعد، وهو الذي اشرف على تقسيم الدوائر، وهو الذي عيّن رئيس اللجنة الانتخابية وأعضاءها، وهو الذي سمى القضاة في المحكمة المشرفة على حياد الاعلام في الحملة، وهو الذي منع مسؤولي "التمرد" الاخير من الترشيح سامحاً لانقلابيي آب اغسطس 1991 بفعل ذلك. وقد زاد يلتسين على هذه التدخلات بأن جعل يوم الانتخابات يوم الاستفتاء على دستور اعد بعيداً عن اي نقاش وأعلن عنه قبل ايام لينبري الرئيس الروسي مهدداً كل من ينتقده بالمنع من الظهور على التلفزيون والترويج لبرنامجه الانتخابي. يرسم يلتسين حدود الديموقراطية الروسية من غير ان يلومه احد في الغرب، على العكس فانه يلقى دعماً من المستشار الالماني هلموت كول ومن المجموعة الأوروبية التي تنوي تقديم هدية ثمينة له قبل ايام من يوم الانتخابات. لا يتردد كثيرون من المراقبين في ترجيح فوز اصدقاء يلتسين في الانتخابات وذلك بالرغم من الخلافات الناشبة بينهم وتوزعهم بين لائحة "خيار روسيا" ولائحة "الحزب الروسي للوحدة والوفاق". فوز هذين الحزبين وارد غير ان السؤال الفعلي هو حول حجم المعارضة في البرلمان المقبل. هذه المعارضة على انواع. ثمة معارضة ديموقراطية غير متحمسة للدستور الجديد. وثمة معارضة وسطية تدعو الى التمهل في الاصلاحات الاقتصادية وعدم التعجيل بها لأن كلفة الاسراع عالية اجتماعياً. وقد كانت هذه المعارضة قوية في البرلمان السابق وليس معروفاً اذا كانت ستستعيد مواقعها. وثمة معارضة قومية - شيوعية تمثلها احزاب منها "الحزب الفلاحي" المعارض لتوزيع الأراضي والذي نجح في الحلول اولاً في عدد الاصوات التي حصل على تواقيع اصحابها لخوض المعركة الانتخابية نصف مليون. 13 لائحة، 1337 مرشحاً، 225 مقعداً فردياً و225 مقعداً حسب نسبة الاصوات، 106 ملايين ناخب يفترض فيهم، ايضاً، اختيار 178 شخصاً لپ"المجلس الفيديرالي" والتصويت بنعم او لا على الدستور. انها جرعة كبيرة من الديموقراطية في بلد لم يعتد ذلك. لعل هذا ما يدفع يلتسين الى التدخل والرقابة...