اصدرت المحكمة الدستورية الروسية امس الاثنين قراراً يلزم بوريس يلتسن توقيع قانون كان رفض المصادقة عليه رغم كسر البرلمان للفيتو الرئاسي. وصدر القرار عشية انعقاد "طاولة مستديرة" اليوم الثلثاء لانهاء الازمة الوزارية التي دخلت اسبوعها الثالث. وظل قانون "الثروات الثقافية المرحّلة الى الاتحاد السوفياتي" بعد الحرب العالمية الثانية موضع صراع طويل بين السلطتين التنفيذية والاشتراعية. فقد أقر مجلس الدوما النواب هذا القانون الذي يمنع اعادة الثروات الثقافية الى المانيا والدول الاخرى التي نقلت منها لوحات واعمال فنية واعتبرت جزءاً من "التعويضات" عن الحرب. وعلى رغم مصادقة مجلس الفيدرالية الهيئة العليا للبرلمان على القانون فان يلتسن استخدم حق النقض الفيتو وأعاد القانون الى المجلس النيابي وقدم وعداً الى المستشار الالماني هلموت كول بأن يعاد الى المانيا ما رحل منها زمن الحرب. وتمكنت الهيئة الاشتراعية من كسر الفيتو بنسبة تفوق الثلثين ولكن يلتسن رفض توقيع القانون وأعاده الى البرلمان بحجة ان عدداً كبيراً من النواب كان غائباً عن القاعة وان التصويت جرى "بالوكالة" عنهم وباستخدام بطاقاتهم الالكترونية. وينص قرار المحكمة على ان الرئيس لا يحق له التدخل في "القضايا الاجرائية الداخلية" لعمل البرلمان ولذا فانه ملزم بتوقيع القانون. ولكن اعلى هيئة قضائية اكدت ان ليلتسن الحق في تقديم استفسار أو طعن في شأن "الجوهر الدستوري" للقانون. وأشار ممثل الرئيس في المحكمة سيرغي شاخراي الى ان اي قرار تصدره "يجب ان ينفذ حتى وان كان هناك شك في عدالته ونقائه القانوني". وأضاف ان يلتسن سوف يستخدم حقه في الطعن بالقانون المذكور باعتباره مخالفاً للوائح دولية وقعتها روسيا. ويكتسب قرار المحكمة التي يعين رئيس الدولة اعضاءها اهمية خاصة لانه صدر قبل يومين من بدء النظر في استفسار قدمه اعضاء البرلمان في شأن حق يلتسن في ترشيح نفسه لرئاسة ثالثة. ويذكر ان الدستور الحالي الذي أقر عام 1993 يحدد ولايتين فقط للشخص الواحد ولكن عدداً من ابرز مساعدي يلتسن وبينهم سكرتيره الصحافي سيرغي ياسترجيمبسكي اشاروا الى ان يلتسن كان انتخب رئيساً للمرة الأولى قبل سنتين من اقرار الدستور الحالي ولذا فان له الحق في ان يرشح نفسه لانتخابات سنة 2000. وعلى رغم ان يلتسن أعلن غير مرة انه لن يشارك في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فان المراقبين يرون انه قد يغير موقفه في ضوء صدور قرار من المحكمة الدستورية يسمح له بالترشيح للرئاسة. الى ذلك، يتزامن قرار المحكمة مع دخول الأزمة الوزارية اسبوعها الثالث، اذ كان يلتسن اقال حكومة فيكتور تشيرنوميردين في 23 آذار مارس ورشح لخلافته سيرغي كيرينيكو وهدد البرلمان بحله اذا لم يصادق على اسم مرشحه. ووافق الرئيس على عقد طاولة مستديرة سوف يفتتحها بخطاب قصير اليوم ويشارك فيها قادة الكتل البرلمانية ومحافظون يمثلون مجلس الفيديرالية وزعماء النقابات الكبرى. وذكر ياسترجيمبسكي ان الرئيس "يأمل بالحصول على دعم" لقراره ترشيح كيريينكو، ولكن الزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف أكد امس ان حزبه يعتبر المرشح "غير قادر" على الاضطلاع بالمهمة، واقترح تشكيل حكومة من الغالبية البرلمانية لانهاء الازمة. واستنكرت الحكومة الالمانية امس سعي البرلمان الروسي لمصادرة حوالى 300 ألف تحفة فنية وكتاب نقلتها القوات السوفياتية معها من المانيا بعد الحرب العالمية الثانية كتعويض عما دمرته القوات الهتلرية في اراضي الاتحاد السوفياتي السابق او سرقته معها الى المانيا. وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة الالمانية ان هذا القانون "يناقض القانون الدولي والالتزامات القانونية الدولية". وأعرب هيربرت شمولينغ عن أمل بون بأن تأخذ السلطات المختصة في روسيا هذه الامور في الاعتبار خلال معالجتها اللاحقة لهذه القضية. وذكرت مصادر مطلعة هنا ان بون تعلق املاً كبيراً على الرئيس يلتسن. وأضاف ان حكومته سوف تواصل جهودها لاستعادة المسروقات الفنية والثقافية، وضمنها ايضاً "كنز برييامو" الاسطوري الذي اكتشفه باحث الآثار الالماني هاينريش شليمان في القرن التاسع عشر.