فيما يزداد الحديث عن خطر الحرب الأهلية في روسيا، اندلعت هذه الحرب فعلا في جورجيا. ويعود النزاع الذي تحول الآن الى حرب اهلية، الى مطلع العام 1992 عندما اسقطت المعارضة الراديكالية في تبيليسي بقوة السلاح زفياد غامساخورديا اول رئيس لجورجيا المستقلة وصل الى الحكم عن طريق انتخابات ديموقراطية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. وفي ربيع العام الماضي ترأس الجمهورية الجورجية ادوارد شيفاردنادزه العضو السابق في المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي ووزير الخارجية في عهد ميخائيل غورباتشوف، فيما لجأ الرئيس المخلوع غامساخورديا الى الجمهورية الشيشانية المجاورة، وراح منها يدعو الى النضال ضد "صنيعة موسكو". في ذلك الحين رحبت الاوساط المحافظة في روسيا بتسلم ادوارد شيفاردنادزه مقاليد الحكم في جورجيا، آملة بأن تحتفظ بواسطته بمواقع موسكو الاستراتيجية في جنوب القوقاز. لكن اقدام الجيش الجورجي على اقتحام ابخازيا في آب اغسطس 1992 من اجل القضاء على الحركة الانفصالية في هذه الجمهورية ذات الحكم الذاتي خلط كل الاوراق. فعلى رغم تفوق تبيليسي العسكري انتهت الحملة على ابخازيا في ايلول سبتمبر الماضي بهزيمة ساحقة للجيش الجورجي. وأدى اخفاق شيفاردنادزه في ابخازيا الى اضعافه سياسياً في تبيليسي، وتقوية انصار الرئيس المخلوع. ويحاول شيفاردنادزه الاستعانة بروسيا "للتصدي للغزو". لكن الوقوف في وجه انصار غامساخورديا، الذي سارع الى العودة من شيشانيا، سيكون صعباً جداً على القوات الموالية لشيفاردنادزه التي تتلقى دعماً عسكرياً روسياً. الا ان موسكو تنفي امكان مشاركة القوات الروسية في النزاع الداخلي لجورجيا. وعلى رغم استيلاء المتمردين على اهم تجمعات السكك الحديد، ومشارفة مخزون الحبوب على النفاد واستيلاء انصار غامساخورديا على حوالي 80 في المئة من المعدات العسكرية للقوات الجورجية، فان شيفاردنادزه يبدو متفائلاً. وهو يبني آماله على مساعدة حاسمة من اسرة الدول المستقلة التي انضمت جورجيا اليها، ما يتيح له تحويل مجرى الاحداث لمصلحته.