تُعرف دار "ماكس مارا" الايطالية بالاناقة في تصاميمها والبهجة في ألوانها، بالاضافة الى كونها احدى اشهر وأقدم دور الازياء في العالم. ويرجع تاريخ بدايتها الى العام 1951 حين قام مؤسسها أكيلي ماراموتي بتغيير مجرى عالم الازياء من الخياطة الباريسية الرفيعة الى التصاميم الجاهزة الانيقة كما نعرفها اليوم. وعلى الرغم من تخرجه في ذلك العام من كلية القانون، الا انه استسلم للحرفة القائمة في عائلته، منذ ان أسست جدة والدته مدرسة للخياطة في قريتهم الصغيرة ريجيو ايميليا، وأخذ بتصميم أول معطف وبذلتين من "باترونات" المدرسة. وبدايته المتواضعة هذه، غيّرت من تاريخ الازياء الايطالية والعالمية، فحرصه على دقة التفاصيل في الخياطة، وانتقاء اجود انواع الاقمشة لها مهدا الطريق لغيره في تطوير وترويج الازياء الجاهزة في الاسواق العالمية. الحافز للعمل ويعترف أكيلي ماراموتي، الذي يبلغ من العمر 64 عاماً، ان تصاميم الفرنسي الشهير جيفانتشي التي ظهرت فيها الممثلة اودري هيبورن في افلام الشاشة الكبيرة، كانت الحافز الاول في ايحائه لانتاج اول تصاميم له تحت علامة "ماكس مارا". الا انه يقول "اعتقد انني كنت اول من قاوم "رمادية" الازياء في الاعوام التي تلت الحرب". اليوم، ماكس مارا هي عبارة عن مجموعة شركات تضم 16 علامة مختلفة. فبالاضافة الى تصاميم "ماكس مارا" نفسها، الكلاسيكية ذات الخطوط الدائمة الاناقة في المعاطف الكشميرية وبذلات الصيف الهفهافة والتنانير والسترات القطنية والعملية التي تصلح لأي مناسبة، هناك "ويك إند" و"سبور ماكس" للأذواق الشابة العصرية في اقمشة خفيفة وبالتالي بأسعار مخفضة 20 في المئة عن اسعار الشركة الأم ماكس مارا. ثم هناك "مارينا رينالدي" العلامة التي تُعنى بالتصاميم الانيقة العصرية في قياسات كبيرة، قلما وجدت في اسواق الازياء الرفيعة. مصمموها كثيرون ومجموعة ماكس مارا لا تعتمد على ابتكارات مصمم واحد، كغيرها من دور الازياء العالمية، بل يساهم فيها العديد من المصممين المستقلين باعثين فيها روح الاثارة والتغيير. ومنذ تأسيسها عمل فيها مختلف المصممين الذين نالوا شهرتهم الخاصة، في الاعوام التالية بعد انفصالهم عن الشركة، مثل كارل لاغرفيلد مصمم دار شانيل للأزياء الشهير، وايمانيويل كان وجان شارل دي كاستيل باجاك وغيرهم. وتحافظ المؤسسة على سرية اسماء المصممين الذين يعملون لديها، فيروجون التصاميم تحت علاماتهم المختلفة. بادارة العائلة وعلى الرغم من وجود حوالى 400 محل لمجموعة ماكس مارا في جميع انحاء العالم، الا ان هذه المؤسسة الضخمة، وعلى الطريقة الايطالية، لا تزال تحت ادارة العائلة ماراموتي. فبعد تقاعد أكيلي ماراموتي قبل 4 اعوام، تولى ابناه لويجي 33 عاماً وايغنازيو 29 عاماً ادارة الشركة وأمورها المالية، بينما تشغل اختهما لودوفيكا 37 عاماً منصب مديرة عامة تشرف على شركات عدة في المجموعة، وبالتالي فلا يشغل المناصب العليا في هذه المؤسسة التي توظف ما لا يقل عن 200 شخص غير افراد عائلة ماراموتي. والجدير بالذكر، ان لويجي ماراموتي هو ايضاً حاول الابتعاد عن حرفة الخياطة والازياء حين دخل مجال بيع العقارات في نيويورك، الا انه عاد الى حضن العائلة في ايطاليا لتولي منصب رئيس المجلس والمدير العام لمجموعة ماكس مارا. وعند الاستفسار عن اسباب نجاح هذه المجموعة، يعدد لويجي النقاط الهامة التي تركز الشركة عليها، منها استعمال اجود انواع الاقمشة وبيعها بأسعار معقولة تتوافق مع اسعار الاسواق العالمية. ويضيف الى ذلك القدرة الدائمة على تطوير وتقديم الابتكارات المختلفة الجديدة، و"المهارة في الانتاج" ويعني بذلك التجربة الدائمة بكل ما جد، ودمج التقنية العصرية مع الحرفة التقليدية، وبالطبع الاهتمام بالزبائن وسماع اقتراحاتهم. وبالفعل، ففي الثمانينات قامت مجموعة ماكس مارا باتخاذ خطوة فريدة في عالم الازياء للتقرب من زبائنها، حين زودت جميع محلاتها حول العالم بأجهزة الكمبيوتر لغرض ربطها بالادارة المركزية في ايطاليا. وتقول ييني هووير لپ"الوسط"، احدى مديرات محلات ماكس مارا في لندن، "اجهزة الكمبيوتر هذه تزود المؤسسة بالمعلومات المفصلة عن مدى نجاح السلع وما تلاقيه التصاميم الجديدة من ردود فعل لدى زبوناتنا، وبالتالي تتم دراسة الاذواق المختلفة وتقدم افضل خدمة ممكنة لهن في مختلف المدن". انقلاب 1960 ويُجمع العديد في مجال عالم الازياء على ان ماكس مارا كانت الدافع وراء "الانقلاب" في تصاميم الثياب الجاهزة في العام 1960، فحتى لويجي ماراموتي المعروف بتواضعه يقول بثقة تامة "ان تاريخ الثياب الجاهزة في ايطاليا هو تاريخ ماكس مارا". وقد افتتح اخيراً محل ثانٍ انيق لمجموعة ماكس مارا في "بوند ستريت" في لندن احتفالاً بمناسبة مرور 40 عاماً على تأسيس هذه الشركة التي بنيت على أسس وطيدة. فبالاضافة الى نجاح تصاميمها الرائعة، تنتج منسوجات اقمشة جديدة للأسواق العالمية. من احدثها نسيج صوفي كالحرير في نعومته يعرف باسم "فلو وول". ويقول لويجي ماراموتي ان ادراك زبوناته بأهمية نوعية الاقمشة المستعملة في تصاميمهم قد زاد في الاعوام الاخيرة، ولذلك تحرص الشركة على الاستمرار في ابتكار وانتاج اجود الانواع في معاملها. وتعتبر ماكس مارا اكبر منتج للمعاطف والسترات في اوروبا، اذ ان مدخول المؤسسة في العام 1991 قارب الپ400 مليون جنيه استرليني، وهي ايضاً اكبر مستهلك لقماش الكتان في العالم، لذلك فقد قامت بانشاء معامل النسيج الخاصة بها في مدينة براتو، المركز الرئيسي لانتاج الانسجة في ايطاليا، حيث تتم التجارب والابتكارات العديدة. شركة منتجة وقماش فلو وول هذا، هو عبارة عن نسيج من 80 في المئة صوفاً و20 في المئة كشميراً، مما يجعله نقياً وطبيعياً، وبالتالي سهلاً وجميلاً في ملبسه، ناعماً ورطباً في ملمسه بالاضافة الى مقاومته للتجعد في أي جو. وليست هذه هي المرة الاولى التي تنتج فيها ماكس مارا نسيجاً جديداً، فقد ابتكرت معاملها قبل 5 اعوام نسيجاً نال نجاحاً باهراً في الاسواق العالمية، يعرف باسم "مايكرو فايبر". وقد قامت اليابان بتطوير هذا القماش "البولييستر" الرقيق الذي يشبه الحرير المغسول في ملمسه ووبره القصير كفاكهة الخوخ - الدراق. وغزا هذا القماش الاسواق ونال شهرة عالمية في وقت قصير للغاية. وتتوقع المجموعة النجاح نفسه للجلد الاصطناعي الذي طورته اخيراً ضمن برنامجها للمساهمة في حماية البيئة، والذي سيستخدم في معاطف وسترات وبنطلونات تصاميم الشتاء المقبل.