تعيش كابول حالياً في ظل حكم المجاهدين اياماً صعبة وخطرة، فللمرة الاولى يغلق مطار كابول امام حركة الطيران ويقطع طريق سالانج المؤدي الى شمال افغانستان ويهدد قادة جنوب شرق افغانستان لغمان، جلال اباد، كونار بقطع الطريق الرئيسي الواصل بين باكستانوكابول مما سيضع العاصمة في مأزق خطير خصوصاً انها تعيش شحاً في المواد الغذائية. مصدر مسؤول في الجمعية الاسلامية قال لپ"الوسط": "البعض يريد تصوير القتال في كابول بأنه بين الحزب الاسلامي والميليشيات الاوزبكية، بينما هو في الواقع بين الحزب الاسلامي والجمعية الاسلامية، لان الميليشيات غدت جزءاً من الحكومة". وقد اسفر هذا القتال عن سقوط اكثر من الف قتيل وجريح خلال الفترة الاخيرة. فالحصار المضروب على العاصمة جواً وبراً دفع رئيس الدولة برهان الدين رباني وهو رئيس الجمعية الاسلامية ووزير الخارجية سليمان جيلاني ووزير التغذية والتموين سليمان ياري وسيد بير احمد جيلاني زعيم احد فصائل المجاهدين وغيرهم الى مناشدة الدول ان تدعم افغانستان خصوصاً ان مخزون كابول من المواد الغذائية والوقود لا يكفيها سوى شهر او شهرين. واضافة الى الحصار المضروب على كابول فهناك القتال الداخلي شبه اليومي، فقد شهدت العاصمة الافغانية في الايام الاخيرة معارك يمكن ان تكون الاولى من نوعها منذ وصول المجاهدين الى السلطة والتي يراها المراقبون مقدمة لمعارك أعنف وأشد. فالاشتباكات مستمرة بين قوات الاتحاد الاسلامي بزعامة عبدرب الرسول سياف وقوات حزب الوحدة الموالي لطهران واتهمت مصادر سياف الميليشيات الاوزبكية بزعامة دوستم والكيانية الاسماعيلية بزعامة سيد منصور نادري، بالوقوف الى جانب حزب الوحدة. ورأى المراقبون ان هذا التطور جاء بعد الزيارة التي قام بها نادري، لطهران حيث تكفلت الاخيرة بدعمه في بناء ثلاث فرق عسكرية شريطة وقوفه الى جانب حزب الوحدة في اية اشتباكات داخلية يتعرض لها. ولاحظ المراقبون ان الاشتباكات تندلع دائماً عندما تستأنف وزارة الدفاع او الداخلية عمليات تطهير كابول من المجموعات المسلحة، حيث ان الخاسر من هذه العملية هو قوات حزب الوحدة، لسببين: الاول عدم اشتراك حزب الوحدة حتى الآن في الحكومة الحالية وعدم موافقة الاخيرة على عدد المقاعد التي ستسند اليه، اضافة الى ان اي نجاح في عملية التطهير ستقود الى اخراج حزب الوحدة من كابول وتعزيز مواقع حزب الاتحاد الاسلامي لانه يملك وزارة الداخلية المسؤولة عن عمليات التطهير. ويتخوف البعض من ان يؤدي الوضع الراهن الى مزيد من الانفجار خصوصاً بعد تهديدات زعيم الحزب الاسلامي حكمتيار الصريحة والواضحة بقصف اي طائرة تقلع او تهبط من مطار كابول، وارجاء رئيس الدولة رباني سفره الى طهران بسبب اقفال مطار كابول ثم توقف التلفزيون عن البث واتهام وزارة الدفاع حكمتيار بقصف العاصمة والتلفزيون ونفي الاخير هذه الاتهامات. هذا الوضع مرشح، اذا استمر، لمزيد من التدهور. وعبر عن ذلك مولوي يونس خالص امير احد جناحي الحزب الاسلامي في بيان صدر اخيراً وقال فيه ان "سبب الحرب والقتال الاخير في كابول حزب الوحدة وان استمر حزب الوحدة في اطالة امد الحرب فحينها سيعتبر اهل السنة والجماعة ذلك موجهاً ضدهم". ويذكر ان سياف اتهم دولة اجنبية بأنها تأمر حزب الوحدة فيطيعها من دون ان يذكرها بالاسم لكن قصد بذلك ايران. وفي مقابل التخوف من الصراع الطائفي هناك تخوف ايضاً من الصراع العرقي ففي الوقت الذي قام القادة الميدانيون في الولاياتالجنوبيةالشرقية بتهديد الحكومة المركزية بأنهم سيهاجمون العاصمة ويقطعون الطرق المؤدية لها، اذا لم تخرج الميليشيات، قام القادة الميدانيون في ولاية حيرات الفارسية بتأييد الحكم في كابول بعد ارسالهم وفداً رسمياً الى كابول. ويرى المراقبون العرب في كابول ان الصراع بين رباني وحكمتيار هو الذي فتح الباب امام مختلف الصراعات الحزبية والمذهبية والعرقية، ويتوقع ان يزداد الوضع سوءاً ما لم يتوصل الزعيمان الى اتفاق حقيقي بينهما. وكانت وساطات عربية عديدة نجحت في الجمع بين الزعيمين حيث توصلا الى اتفاقات الا انها لم تنفذ بسبب التأويلات المختلفة. وبينما يثير قلب الدين حكمتيار مسألة وجود الميليشيات وبقاء قادة الجيش الافغاني السابق على رأس هذه الميليشيات وتحت قيادة وزير الدفاع احمد شاه مسعود التابع للجمعية الاسلامية، ترى الاوساط المقربة من الجمعية الاسلامية ان حكمتيار ليس ضد الميليشيات والجيش لانهم "شيوعيون او حاربوا مع النظام السابق" بل لانهم يقفون حالياً مع الجميعة الاسلامية مما يؤثر على ميزان القوى في افغانستان لغير صالحه. ويعارض هؤلاء عملية اخراج الميليشيات من كابول وتفكيك الجيش السابق ما لم يسحب حكمتيار قواته المحتشدة حول العاصمة الافغانية ويتوصل الى اتفاق مع رباني ينظم نقل السلطة واعداد دستور للبلاد لا يتفق بالضرورة مع شروط حكمتيار الذي يريد اجراء انتخابات عامة في نهاية شهر تشرين الاول اكتوبر المقبل، وهو ما يبدو مستحيلاً الآن. ويقدم رباني طرحاً بديلاً هو عقد مجلس لاهل الحل والعقد يتم اختيار اعضائه من القادة السياسيين والميدانيين والعلماء والاعيان في مختلف الولايات الافغانية. وحتى هذا الحل غير منظور في القريب العاجل، اذ ان الاضطراب الامني والمعارك المستمرة في العاصمة منعت من الاعداد لمجلس كهذا.