النائبة اللبنانية نائلة معوض ارملة الرئيس رينيه معوض الذي اغتالته سيارة مفخخة بعد ايام من توليه رئاسة الجمهورية اللبنانية, تقول ان برنامجها هو برنامجه وخطه هو قضيتها, وهي تهتم بقضايا المرأة والطفل وتحذر من انفجار اجتماعي بسبب الوضع الاقتصادي المتردي في لبنان. وتعتبر ان للمرأة اللبنانية الفضل الكبير في المحافظة على تلاحم الأسرة. وهي المرأة الوحيدة في مجلس النواب اللبناني الحالي. تعتبر نائلة معوض السيدة الثانية التي تدخل مجلس النواب اللبناني, يجمعها مع الاولى ثيابها السوداء, إلا ان وجودها أضفى على الحياة السياسية اللبنانية نوعاً من التغيير. وقد تميزت بجديتها من خلال طرحها العلمي للأمور. ارادت تحريك قضايا تهم الاسرة, فكانت رئيسة اللجنة البرلمانية للعناية بالطفل والأم: حاولت من خلال تعاطيها الشأن العام ان تسهر على الجيل الجديد ومنه ان تتوجه الى المجتمع فتجلى عملها على مستوى عالمي ومحلي: ولأهمية احترام حقوق الانسان والوطن في لبنان. التقتها "الوسط" في منزلها في بيروت وكان هذا الحوار: * ما هو تعريف السيدة معوض لهوية المرأة؟ - تمتعت المرأة في اواخر القرن العشرين بتقدم أبرزها وأعطاها نوعاً من المساواة. وما من شك في ان المرأة تأخذ في أيامنا هذه اكثر فأكثر مراكز مهمة على الصعيد الدولي. اما بالنسبة للبنان, فمن المفروض ان تتمتع المرأة بدور مميز,لأن وجودها مميز. فهي منذ عصر النهضة عرفت في الحقل الثقافي وبرعت في ميادين الشعر والأدب والفن... لكن حرب لبنان أخرت وصولها الى المعترك الساسي, الا انها ازالت العقلية التي كانت سائدة بالنسبة لعدم دخولها ميدان العمل, مثلاً حين بدأت حياتي المهنية في مجال الصحافة لم يكن مألوفاً وجود فتاة صحافية تمارس نشاطها العملي من خلال مواجهتها للمجتمع. طبعاً اليوم استغرب, كما يستغرب كل العاملين في الحقل العام, غياب المرأة عن السلطة التنفيذية. ولا شك ان جزءاً من التفسير عائد الى الحياة السياسية في لبنان وكيفية ممارستها, إذ يفتقد لبنان الى احزاب سياسية بكل ما للكلمة من معنى, لأن اساس العمل السياسي في لبنان يرتكز على سياسة العائلة او احزاب الطائفة الواحدة. لماذا احزاب سياسية في لبنان؟ لأن الأحزاب تؤمن تربية سياسية, فينشأ الاعضاء ويتقدمون ببطء, لكن بمعرفة ودارية للأمور ضمن اطار عمل جماعي يخفف بعض الأعباء المترتبة على السياسة من منظار فردي. الا اني اؤكد ان المرأة اللبنانية او العربية او العالمية, اينما وجدت اذا استلمت مسؤوليات قامت بها على اكمل وجه بجرأة وبراعة استثنائية. * كيف ترى النائبة معوض الازمة الاقتصادية في لبنان وكيفية مجابهتها؟ - الحقيقة ان تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان يشغلني كثيراً, وأنا خائفة من انفجار اجتماعي داخلي, لأن الوضع المتردي اوصل بعض المواطنين الى المجاعة, كما أوصل كل البنانيين الى الضيق الخانق, اضافة الى ان الوضع الاقتصادي العالمي لا يساعد, مما زاد في حاجة لبنان الى المساعدة في ظل عودة العافية اليه بعد المصالحة الوطنية. إلا ان العالم شهد هذه السنة متغيرات كبيرة كحرب الخليج وانهيار الاتحاد السوفياتي, إضافة الى معاناة الاغتراب اللبناني وتأثره المباشر بالركود الاقتصادي العالمي, اذ كانت الجاليات اللبنانية المنتشرة في كل انحاء العالم تسد العجز الاقتصادي في لبنان من خلال مساعدة ابنائه. وهنا أقول بكل فخر ان للمرأة اللبنانية فضلاً كبيراً لمحافظتها على الاسرة خلال الحرب. فهي ساهمت بشجاعتها, اضافة الى عاطفتها ومحبتها, في صمود الشعب اللبناني بشكل جذري ووجود الاسرة المتلاحمة اليوم في لبنان يعود الى وقفتها البطولية. وكما كانت واعية أثناء الحرب عليها ان تتمتع بوعي كامل ايام السلم, لتدير منزلها بحكمة وتساهم في اعادة بناء لبنان وهذا من مسؤوليتها التي يجب ان تعيها. وأيام السلام في لبنان مليئة بالتحديات, ومنها اعادة بناء مجتمع سليم وانسان سليم على اسس القيم الاخلاقية والوطنية. * هل تفاجأت لغياب وزارة البيئة عن التشكيلة الوزارية الجديدة والتي ترجمت استخفاف الدولة بالمشكلة البيئية في لبنان؟ - البيئة في لبنان موضوع مهم. وحين اتكلم عن البيئة ليس لكي امتع نظري برؤية شجرة خضراء, بل لأن هناك فعلاً مشكلة بيئة. ففي شمال لبنان قضى عدد من الاطفال لاصابتهم بمرض التيفوئيد بسبب تلوث المياه. كل المياه الجوفية التي تعتبر الثروة اللبنانية ملوثة بسبب عدم ادراكنا لخطورة الوضع, وعدم وجود سلطة صارمة تعمل لوقاية هذه الثروات الطبيعية. من هنا اطلب من المجتمع اللبناني ككل, ومن المرأة كعنصر فاعل, ومن وسائل الاعلام ان يضطلعوا بدورهم الذي يجب ان يكون بطولياً في لبنان. لأن مقومات الصمود يجب ان تستمر لانقاذ مجتمعنا من الهلاك. ومن هنا فان اول ما سأطلبه هو اعادة وزارة البيئة لأنها اساسية. والبرهان انه خلال تمثيلي لمجلس النواب في مؤتمر نيابي عالمي في الكاميرون اثيرت مواضيع البيئة مع مواضيع الديموقراطية بطريقة ملحة ومهمة. وموضوع البيئة هو لغة حوار وتكامل بين شعوب الارض وهو موضوع "قمة الارض" المؤتمر الذي عقدته منظمة الاممالمتحدة في ريودي جانيرو. المخدرات والاطفال * تشهد الساحة اللبنانية اليوم استشراء موضوع المخدرات التي انتشرت بين الاطفال في المدارس. ما هي اهتماماتك في اطار حقوق الطفل؟ - إني اترأس اللجنة الفرعية النيابية لحقوق الطفل, وبما اني المرأة الوحيدة في مجلس النواب اللبناني, فقد حملني قضية المرأة لقد اطلقت منظمة الاممالمتحدة في العام 1979 ميثاق القضاء على كل اجناس التمييز ضد المرأة. ومن سوء الحظ فان لبنان احدى الدول القليلة التي لم تنضم الى هذا الميثاق. اما موضوع حقوق الطفل فمختلف. المهم اننا لجنة نعمل يداً بيد وننسق مع المنظمات العالمية التي تتعاطى بشؤون الأم والطفل. وأملي ان تسهم كل الطاقات في معالجة هذه المسألة الملحة, كي نستطيع اعادة بناء دولة نفتخر بها ووطن نعتز به. * دخلت المجلس النيابي في ظروف خاصة عصبية, ما هي القضية التي تحملينها الآن؟ - من المعروف ان سيدتين دخلتا مجلس النواب اللبناني والجامع بينهما الثوب الاسود. لكن هذه الظاهرة ليست فقط في لبنان بل هي تصح في انحاء العالم. اما وجودي في مجلس النواب فقد حملني قضية كرست لأجلها كل طاقاتي ودافعت عنها في كل المناسبات, ومن على كل المنابر, الا هي رسالة الرئيس معوض. * من خلال تجربتك النيابية هل وجدت ان الرجل اللبناني تعود فكرة وجود المرأة في المعترك السياسي؟ - طبعاً وجودي عوّد الجميع على ان المرأة اللبنانية يجب ان تمارس حقها السياسي في المشاركة في القرارات. لكني اعتقد ان على المرأة ان تكون في ميادين عملها خارقة كي تكسر الطوق, ولا يجوز لها ان تخطئ. * بالنسبة للانتخابات النيابية, هل ستترشحين لخوضها؟ - طبعاً سأترشح, وبرنامجي هو برنامج الرئيس معوض, ليس فقط لأني زوجته, بل لأني آمنت بهذا الخط الذي كان تأييدي له واعجابي به واستمراريتي فيه جزءاً مهماً في علاقتي المستمرة به. واليوم سأكمل رسالة وخط الرئيس معوض عن اقتناع كامل لأن هذا الخط هو قضيتي. والسياسة من الشأن العام, من هنا كنت اهتم ايام الرئيس معوض بالشأن الاجتماعي اذ لم اكن اسمح لنفسي بالتدخل في مواضيع السياسة. فالنائب عليه ان يهتم بالقوانين والانظمة اضافة الى معرفة مطالب مؤيديه التي تكون مطالب الشعب ينقلها الى مراكز السلطة. دعم المغرب * ما كانت حصيلة جولتك الى المغرب؟ - قصدت المغرب بدعوة خاصة من الملك الحسن الثاني مع وفد من آل معوض حيث قابلناه لمدة 45 دقيقة, وكانت مناسبة لاثارة موضوع لبنان. وقد اعجبت جداً باطلاعه الدقيق على القضية اللبنانية. واكد استمرارية جهوده لاعادة الوضع الطبيعي للبنان واكتمال الوفاق الوطني الذي كان احد اركان اتفاق الطائف. * ما هي المآخذ على التشكيلية الحكومية الجديدة؟ وهل هي قادرة على انقاذ الوضع الاقتصادي الذي يودي بالمواطن الى الهاوية؟ - لا يمكن ان يكون عندي مآخذ على حكومة لم تعمل بعد, ربما انتظر الرأي العام اللبناني حكومة صدمة ربما في بعض الاوقات يستفيد الوضع من حكومة تعمل بمثابرة. مسؤوليتي ان اراقب, ان انتقد في حال عدم قيامها بما ننتظر منها. وطبعاً لمجلس النواب الحق باعطاء الثقة الى هذه الحكومة, او حجبها عنها اذا لم تؤد واجبها.