سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في مقابلة خاصة مع "أبرز سياسي يميني متطرف في أوروبا" . جان ماري لوبن ل "الوسط":. لست معادياً للعرب بل لجميع المهاجرين الى فرنسا صدام حسين كان مقتنعاً بأن اميركا لن تهاجمه للفلسطينيين الحق في دولة وشامير ارهابي والقذافي يجب أن يحاكم المتهمين في بلده
هل يجب اجراء حديث صحافي مع جان ماري لوبن السياسي الفرنسي زعيم "الجبهة الوطنية" اليمينية المتطرفة والمتهم، من قبل الفرنسيين والمهاجرين العرب في فرنسا بأنه "عنصري، معاد للعرب، معاد لليهود، نازي، فاشي، هدفه طرد جميع المهاجرين، العرب وغير العرب، من فرنسا"؟ الجواب عن هذا السؤال انه لا يمكن تجاهل ظاهرة جان ماري لوبن في الحياة السياسية الفرنسية، وان من الافضل الاطلاع على آرائه ومواقفه مباشرة، ومن خلال مواجهة صريحة معه، بدلاً من قراءة ما تكتبه عنه وسائل الاعلام الفرنسية، المعادية عموماً له. لوبن ظاهرة ملفتة للانتباه ليس فقط في الساحة الفرنسية بل ايضاً في الساحة الاوروبية حيث يعتبر "ابرز رمز لليمين المتطرف" المتصاعد النفوذ. الاحزاب والتنظيمات اليمينية واليسارية في فرنسا تقاطع لوبن رسمياً وتعتبر ان اقامة علاقات سياسية معه نوع من المجازفة يمكن ان يؤدي الى فضيحة سياسية. لكن لا يمكن تجاهل لوبن وآراءه ومواقفه، خصوصاً ان بعض طروحاته السياسية - خصوصاً تلك المتعلقة بقضايا الهجرة والامن - تجد اصداء لدى عدد من السياسيين الفرنسيين من اليمين واليسار. وفي هذا المجال قال لوران فابيوس الامين العام للحزب الاشتراكي ورئيس الوزراء الاسبق ذات يوم معلقاً على ظاهرة لوبن: "انه يطرح اسئلة صحيحة ويقدم اجوبة خاطئة". وصرح جاك شيراك رئيس الوزراء الاسبق منذ شهور ان "الروائح المنبعثة من منزل أحد المهاجرين المتعدد الزوجات لا تطاق بالنسبة للمواطنين الفرنسيين الذين يقيمون في البناء نفسه". وقال احد الزعماء الديغوليين شارل باسكوا، ان قيماً مشتركة تجمع بين "الجبهة الوطنية" وبين "التجمع من أجل الجمهورية". وأكد الرئيس السابق فاليري جيسكار ديستان "ان المهاجرين الاجانب يمثلون نوعاً من الاجتياح لفرنسا" وكلها عبارات يستخدمها عادة جان ماري لوبن. لوبن المتهم بالهتلرية والعنصرية حاز في الانتخابات الاقليمية والمحلية الاخيرة التي جرت الشهر الماضي على 14 في المئة من اصوات الناخبين الفرنسيين على رغم تمحور الحملة الانتخابية حول مقاطعته، وهي نسبة عالية جداً اذا قورنت بنسبة 18 في المئة من الاصوات التي حصل عليها الحزب الاشتراكي الحاكم، فهل يمكن اتهام ناخبي لوبن بالعنصرية والنازية والفاشية؟ وبالتالي هل يمكن القول ان فرنسا تضم اكثر من ثلاثة ملايين وخمسمائة الف ناخب نازي وعنصري؟ زعماء التيارات السياسية في فرنسا يتجنبون الرد مباشرة على هذا السؤال ويؤكدون انه يجب التمييز بين لوبن وناخبيه وانه قادر على خداع الناخبين حول حقيقة نواياه. ولوبن ليس غائباً عن الاعلام الفرنسي. فهو حاضر وبكثافة توازي كثافة الاتهامات التي يتعرض لها. استضافه كبار الصحافيين في الاذاعات وقنوات التلفزة ويستضيفونه حتى اللحظة. الصحف اليومية والمجلات الاسبوعية والشهرية تخصص له، وعنه الملفات تلو الملفات وكلها تقريباً تجمع على الاتهامات المشار اليها آنفاً. فهو حاضر في الاعلام حضور العدو الذي لا مفر من حضوره. وهو يبادل الاعلام الفرنسي البغضاء والاحتقار. ولا ينفك لوبن يقيم الدعاوى تلو الدعاوى ضد متهميه ويقول انه ربحها كلها، في حين يؤكد خصومه انه حكم عليه اكثر من مرة بما يثبت الاتهامات الموجهة ضده. ولوبن ولد عام 1928 ينتمي الى عائلة متواضعة وفقيرة من منطقة بريتاني الفرنسية. والده كان صياداً ووالدته شديدة التعلق بدينها. حارب لوبن مع القوات الفرنسية في الهند الصينية في مطلع الخمسينات، وشارك كضابط فرنسي في الحملة الفرنسية - البريطانية - الاسرائيلية على مصر عام 1956 كما حارب في الجزائر، وتردد انه تعامل بقسوة مع المناضلين الجزائريين. ومنذ البداية، انتمى لوبن الى التيار السياسي اليميني المتطرف واصبح عام 1955 اصغر نائب في البرلمان الفرنسي. ثم غاب لوبن عن الحياة السياسية الفرنسية اكثر من 20 عاماً بعد استقلال الجزائر ولم يبرز مجدداً الا في مطلع الثمانينات بعد انتخاب فرنسوا ميتران الاشتراكي رئيساً للجمهورية. ففي العام 1984 حصل تنظيمه "الجبهة الوطنية" على 10 مقاعد في البرلمان الاوروبي، وفي العام 1981 حصل على 29 مقعداً نيابياً في البرلمان الفرنسي وخاض معركة انتخابات الرئاسة ضد ميتران عام 1988 فحصل على 14 في المئة من الاصوات. يرفع لوبن شعارات معادية للهجرة وللمهاجرين المقيمين في فرنسا ويدعو الى الدفاع عن الهوية الفرنسية بشكل متزمت ويحلم بفرنسا "عظيمة" تشبه الى حد كبير "عظمة" فرنسا الاستعمارية. ويثير سخطاً شديداً لدى المهاجرين العرب الذين يشكلون الاغلبية الساحقة من المهاجرين الاجانب في فرنسا عندما يرفع شعار "3 ملايين مهاجر تساوي 3 ملايين عاطل عن العمل" او شعار "طرد المهاجرين يحل مشكلة البطالة في فرنسا". ويتعزز حقد المهاجرين العرب على لوبن بسبب دوره في حرب الجزائر وحملاته السابقة المعارضة لاستقلال الجزائر. ويثير ايضاً سخط اليهود بسبب تصريحاته المعادية لخصومه من الاعلاميين اليهود، وبعض رجال السياسة اليهود في فرنسا. وفي هذا المجال قال ذات يوم "انا لست معادياً للسامية لكنني لست مجبراً على الاعجاب بالرسام اليهودي شاغال وبسياسة بيار منديس فرانس والقوانين التي اعدتها الوزيرة اليهودية الاصل السابقة سيمون فيل". ومن هذا المنطلق وعلى هذا الاساس اجرت "الوسط" حواراً صريحاً مع لوبن سعت من خلاله الى محاولة فهم حقيقة ما يفكر فيه "ابرز سياسي يميني متطرف في اوروبا". اللقاء تم في منزل لوبن الواقع في ضاحية "سان كلو" الراقية المطلة على باريس. وحين جلسنا في الصالون كان السؤال الاول الذي طرحته عليه هو: * قيل لي انني سأجد في منزلك مجموعة من الشباب حليقي الرؤوس الذين يثيرون الرعب في الشوارع. اين هم؟ ودهش لوبن عندما سألته عن هذا الامر، واندفع شاتماً وسائل الاعلام التي تسعى الى تصويره وكأنه الشيطان الاكبر. وقدم لي شاباً عربياً يدعى سيد أحمد يحياوي في بادرة اراد من خلالها التأكيد انه ليس ضد العرب. ويحياوي هو ابن "حركي" اغتيل في الجزائر عام 1962 وفاز على لائحة لوبن في المجلس الاقليمي لمنطقة باريس. * كان الاعتقاد السائد ان نظرة "الجبهة الوطنية" الى العرب محصورة بالهجرة المغاربية في فرنسا. فقد صرحتم مراراً بأنكم لستم ضد العرب شرط ان يبقوا في بلادهم وألا يستقروا في فرنسا. لكن صحيفة "الموند" الفرنسية نقلت عنكم القول في احدى المناسبات "ان مساهمة العرب في الحضارة العالمية تقتصر فقط على صناعة النوافذ الملونة وهم لم يقدموا شيئاً آخر للانسانية". ألا يعكس مثل هذا التصريح احتقاراً للعرب ولحضارتهم؟ - أريد ان اعرف اولاً من نشر هذا التصريح ومتى؟ * صحيفة "الموند" في العام 1989 على ما اعتقد. - ان صحيفة "الموند" كما صحيفتي "واشنطن بوست" و "نيويورك تايمز"، هي اداة من ادوات بث الانباء الخاطئة وترويج الكذب الاعلامي. لم اشر ابداً في اي حديث لي الى النوافذ الملونة، واعترف لك بأنني كنت اجهل حتى هذه اللحظة ان العرب يتحملون مسؤولية ما في هذا الميدان. لم اعبر ابداً عن هذا الرأي لأنني اعرف انه عبثي من جهة، ولأنني اعرف من جهة اخرى دور العرب في الرياضيات وعلوم الفلك وغيرهما. أنفي نفياً قاطعاً ان اكون ذكرت هذه العبارة وسأكون سعيداً ان وجدت نصها الكامل. ولكن على رغم ذلك فلن تكون هذه هي المرة الاولى ولا الاخيرة، مع الاسف، التي تلعب فيها وسائل الاعلام الفرنسية دوراً تضليلياً. وللاجابة عن الشق الاول من سؤالك اقول ان "الجبهة الوطنية" لم تكن ابداً ضد الهجرة المغاربية. انها خصم للهجرة على مستوى الكرة الارضية. وقد اوضحت دائماً ان ظواهر الهجرة التي نواجهها في القرن العشرين لها ابعاد دولية، وهي ناتجة من الانخفاض الديمغرافي في بلدان الشمال والانفجار الديمغرافي في بلدان العالم الثالث. ان تلاقي هاتين الظاهرتين يخلق قدراً كبيراً من اللااستقرار في العالم، وهو في اصل الهجرة غير المضبوطة التي يمكن ان تؤدي الى انهيار بلداننا واختفائها. نحن وطنيون نعتبر ان بلدنا يعبر عن قيم حضارية عظيمة، ونعتقد ان الشعوب يجب ان تتوصل الى تفتحها الذاتي وتحقق تنميتها في اطارها الجغرافي والتاريخي الذي منحها اياه الله حسب معتقدات كل منها. نحن اذن ضد هذا "الترانسفير" للشعوب - ضد نقل الشعوب - في حالات فردية. كأن يقرر رجل او تقرر عائلة لأسباب عميقة ولحساسية معينة، المجيء الى بلد للاستقرار فيه، فاذا كان هذا القادم يُغني البلد ويرغب في الاندماج في مجتمعه او التشبه به لا بأس بذلك. لكن هذه ليست الحال بالنسبة لحركات الهجرة الكبيرة التي نعيشها. ان موقف "الجبهة الوطنية" هو موقف دفاعي من الهجرة ولا يتضمن اي حكم قيمي ضد الحضارات والامم الاخرى. بالعكس من ذلك انا اقول لسنا معادين للأجانب ولسنا ضد الاعراق والألوان التي تميز الشعوب الاخرى. ليس لدى "الجبهة الوطنية" الا ارادة الدفاع عن مصالح فرنسا القومية. الهجرة ضد مصلحة فرنسا * بيار بيريغوفوا رئيس وزراء فرنسا الحالي هو من أصل اوكراني، وبالتالي ينتمي الى عائلة مهاجرة. وتعيينه في هذا المنصب الرفيع يعزز رأي القائلين بأن الهجرة هي مصدر غنى فرنسا؟ - لا اعتقد بذلك ابداً، اعتقد ان الهجرة ليست لمصلحة فرنسا بل من سوء حظها. وهذا الاعتقاد مبني على الاسباب التي ذكرتها من قبل والتي تستند الى التوازن الديمغرافي العالمي. ما لم نتوصل الى جعل الشعوب تستقر في مناطقها وأوطانها الاصلية اعتقد بأننا سنصل الى فوضى عالمية عامة تحمل معها البؤس والفقر والحروب الاهلية. * كيف يمكن تحقيق استقرار الشعوب في مناطقها الاصلية، طالما ان البلدان الغنية تجذبها. ان من يأتي الى فرنسا، يعتبر انها بلد غني يمكن ان يحصل فيه على عمل يؤمن معيشته التي لا يستطيع تأمينها في بلده؟ - لكن نحن لدينا 4 ملايين عاطل عن العمل، ان اي بلد مستقل مطالب بتحمل مسؤولية شعبه ورعاية مصيره، وهذا واجب يفرضه الاستقلال. * لكن الا تعتقد ان فرنسا مطالبة ببذل جهد في مساعدة دول الهجرة على تنمية نفسها لتحقيق الاستقرار داخل اراضيها؟ - يجب ان تحل فرنسا اولاً مشكلتها الديمغرافية والحل يأتي عن طريق الاجيال الفرنسية نفسها وبالاعتماد على سياسة عائلية تركز على الانجاب بحيث يكون سكان فرنسا فرنسيين، وهذا أمر طبيعي. واعتقد ان ايديولوجيا المساواة الاجتماعية التي تنطلق من حجة العدالة الاجتماعية، هي التي تجذب شعوب العالم الثالث والدول النامية. ونحن ندعو الى وقف هذه السياسة. يجب ان تعرف شعوب العالم الثالث ان فرنسا ليست بلداً يستوعب المهاجرين وبان المهاجر لن يجد عملاً عندنا لأنه لا يوجد عمل كافٍ للفرنسيين انفسهم خصوصاً ان لدينا 4 ملايين مهاجر اجنبي. لكن ذلك لا يعني اننا ضد وضع سياسة مساعدة للدول المجاورة وبطبيعة الحال لن تساعد فرنسا دولاً عدوة بل صديقة وفي هذا الاتجاه قمت بمبادرات للتعبير عن حسن نيتي فذهبت الى المغرب ولي علاقات طيبة مع بعض الاوساط التونسية وكنت التقيت بعد الحرب بزعماء سابقين للمتمردين الجزائريين وكان لدي منذ ذلك الحين نظرة منفتحة على المستقبل "يطلق لوبن تعبير متمردين على زعماء جبهة التحرير الوطني الجزائرية خلال حرب الاستقلال وهي تسمية كانت سائدة في حينه وتنطلق من اعتبار ان الحرب تتم من طرف متمردين على الارادة الفرنسية والجزائر الفرنسية". * هل تسمي هؤلاء الزعماء؟ - يطرق قليلاً ويتذكر فقط احدهم الذي اغتيل في المانيا بعد الاستقلال. في ذلك الحين كنا نعتبر الفرنسيين المسلمين فرنسيين كغيرهم من الفرنسيين. وكنت رشحت في باريس عربياً يدعى احمد جبور، وهو انتخب كنائب عن الجزائر في العام 1958. ومن ثم رشحت ابنته فيما بعد على لوائحي وفازت في الانتخابات الاقليمية عام 1986 وتدعى ثريا جبور. * لكنها تخلّت عنك فيما بعد؟ - لقد خانتي. وكان يوجد على لائحتي الاوروبية مراد قوى وهو نائب سابق عن الجزائر عهد الاستعمار وفي باريس في الانتخابات الأخيرة رشحت سيد احمد يحياوي وفاز عن احدى دوائر باريس، وهو ابن احمد يحياوي عضو مجلس الشيوخ السابق في الجزائر عن دائرة سيدي بلعباس وقد اغتيل في العام 1962. انه فرنسي كأي فرنسي آخر. مثلما لوبن فرنسي. واخلص الى القول انه لا يوجد في تفكيري اي عداء للعرب على اساس عنصري. كنت اقول دائماً ان التاريخ والطبيعة وضعا العرب في جنوب المتوسط وان الحكمة تقضي بأن تجمع بيننا علاقات اقل سوءاً ان لم تكن افضل علاقات اذا كان ذلك ممكناً. اما قضية وقوفي كضابط ضد "التمرد" الجزائري فانها عائدة الى الظروف التي كانت سائدة في ذلك الحين حيث كنت اعتقد كغيري ان الجزائر فرنسية. تماماً كما الرئيس فرانسوا ميتران. * لقد ادت الانتخابات الاقليمية الاخيرة الى تدعيم وضعكم في المسرح السياسي الفرنسي. فلم تعد "الجبهة الوطنية" تعبيراً عن ظاهرة موقتة كما كانت توصف من قبل المحللين السياسيين الفرنسيين. لكن ذلك لم يفك طوق العزلة من حولكم، فاليمين واليسار يرفضان التحالف واقامة علاقة سياسية معكم. هل تعتقد ان هذه الوضعية يمكن ان تؤدي الى حل "الجبهة الوطنية" لقد اشرت الى ذلك في حملتك الانتخابية على ما أظن؟ - اعرف ان البعض يفكر في ذلك. لكن فرنسا ليست الجزائر و "الجبهة الوطنية" ليست "كجبهة الانقاذ" ولا يوجد في فرنسا عدد كاف من الكولونيلات الاشتراكيين للقيام بهذه العملية. بعض الاشخاص يفكرون بحل مشاكلهم بواسطة القتل، وهناك من يعتقد ان افضل طريقة لحل قضية التنافس السياسي تتم بالغاء خصومهم بطريقة قانونية. لكن ذلك لا صلة له لا بالجمهورية ولا بالدولة الديموقراطية. "الجبهة الوطنية" تحتفل قريباً بمرور عشرين سنة على تأسيسها. وخلال تلك المدة لم تكن موضوعاً لحكم قضائي يطال ممارستها الشرعية والدستورية. * لكن كانت هدفاً للكثير من الدعاوى؟ - الدعاوى كانت تربحها. لقد طالبت الحكومة الفرنسية برفع الحصانة عني في البرلمان الاوروبي خلال ثلاث مناسبات على اثر دعاوى واتهامات بالعنصرية وقد ربحت الدعاوى في المرات الثلاث وآخرها دعوى ربحتها بعد ظهر امس. هناك تكتل قوي سياسي واعلامي ومالي يمارس ضد "الجبهة الوطنية" حظراً سياسياً. وهذا امر مخالف لقواعد الديموقراطية ولا يمكن ان يستمر. هناك قوى عالمية تشن علينا معارك وتريد فرض نظرة الماسونيين على العالم من خلال صيغة الحكومة العالمية، وانا عدو تام لهذه الصيغة. لا اريد عالماً يحكمه "الاخ الكبير" وفريق من التكنوقراط ورجال المصارف الذين يريدون تنظيم سعادتنا من دوننا ورغماً عنا. ضد حلّ "جبهة الانقاذ" * تحتفل الجزائر هذا العام بمرور 30 عاماً على استقلالها، بماذا يوحي لك هذا الحدث؟ - لا أحد يستطيع ان ينفي حقيقة اننا كنا فرنساوالجزائر ضمن بلد واحد لأكثر من قرن. لقد اختارت الجزائر مصيرها وعليها ان تتحمل مسؤوليته بنفسها. الوطن الجزائري لم يكن موجوداً من قبل بل انه نشأ خلال حرب الجزائر. بعد ذلك وقعت الجزائر في قبضة الاشتراكيين الذين يتبنون نظرية اقتصادية مدمرة كانت لدى الجزائر، وخصوصاً في الزراعة، قطاعات ناجحة جداً وعالمية التسويق مثل زراعة العنب والحمضيات والخضار. ويلاحظ ان هذه المنتوجات دمرت. ولو لم يكن هناك نفط في الصحراء لا ارى كيف كان يمكن ان يكون عليه وضع البلاد، هذا اذا استثنينا المساعدات المختلفة التي تتلقاها. في فرنسا غالباً ما اقول للشبان الجزائريين: لقد قاتل آباؤكم من اجل ان يوفروا لكم وطناً، فيجب ان تكونوا جديرين به وبهم وان تعملوا على بنائه هناك وليس هنا في فرنسا في دوائر البطالة. في المحصلة اقول ان المغرب الكبير هو جزيرة معزولة عن بقية العالم بواسطة الارض الصحراء اكثر منها بواسطة البحر وهي منطقة مجاورة لنا. ان التجاور والتأثير الفرنسي في المغرب وتونس والجزائر يؤديان الى اقامة نوع من العلاقات الخاصة معها التي اتمنى شخصياً الا تنقطع، كما اتمنى ان تكون لدينا علاقات صداقة جيدة ومتبادلة مع هذه البلدان، وهي طبعاً بلدان اجنبية. * لماذا عارضت حل "الجبهة الاسلامية للانقاذ" في الجزائر؟ - عارضت حل "الجبهة" لأنني اعتبر ان الشعب الجزائري اختار التغيير عن طريقها. ويجب العودة الى الوراء لالقاء الضوء على التطورات التي ادت الى ذلك. لقد نشأت العملية الديموقراطية في الجزائر على اثر اضطرابات مدنية ادت الى وقوع عشرات ان لم يكن مئات القتلى في العام 1988. يومها قال الرئيس الشاذلي بن جديد بحكمة انه ليس لدي وسيلة اخرى لتهدئة الوضع افضل من اعطاء حق التعبير للشعب. وبدأت المسيرة الديموقراطية. وكانت تلك رغبة الجميع داخل وخارج الجزائر. وبنتيجة الانتخابات تبين ان الجزائريين يريدون التغيير بواسطة الجبهة. اعتقد ان ناخبي جبهة الانقاذ لم يكونوا كلهم موافقين على النظرية الدينية الشديدة التطرف للجبهة، وكانت هذه الاخيرة رمزاً للتغيير. كان يجب تحمل مخاطر الديموقراطية وعدم ايقاف العملية الديموقراطية واتاحة المجال امام الشعب الجزائري للاحساس بمسؤوليته. انا لا اعرف احداً في جبهة الانقاذ. لكنني اعتقد ان الجزائريين ادرى بمصالحهم من اي كان. صدام حسين لم يصدقني * في العام 1956 شاركت في الهجوم الثلاثي على قناة السويس في مصر. وفي العام 1991 رفضت شن الحرب في العراق. في الحالتين كانت الحكومة الفرنسية مع الحرب ومشاركة فيها. لماذا قاتلت ضد عبدالناصر ورفضت القتال ضد صدام حسين؟ - اسمح لي ان اذكرك ان مصر في العام 1956 كانت تلعب دور القاعدة لدعم جبهة التحرير الوطني الجزائرية. وكنت في ذلك الحين اقاتل ضد جبهة التحرير الوطني. وفي هذا السياق اشتركت في حرب 1956 ضد مصر. لكن يجب ان اوضح لك ان اشتراكي فيها تم في المقام الاول لأنني كنت ضابطاً في وحدة للمظليين وارسلت هذه الوحدة الى الجزائر ومن ثم تلقت امراً بالتوجه الى السويس. في ذلك الحين كانت المجموعة النيابية التي انتمي اليها البوجادية ضد الحرب. لكنني كضابط لا يمكن ان اكون ضد العملية. لقد راجعت الاسباب فيما بعد ولاحظت كيف كان الاميركيون يعارضون عمليتنا العسكرية، وكم كان الانكليز متناقضين ومترددين، وأدركت ان خلفيات معينة كانت وراء هذه العملية لا علاقة لها بالمصالح الفرنسية. موقفي في حرب الخليج انطلق من اعتبارات عدة، اولها ان ازمة الخليج تقع ضمن اطار اقليمي وهي صراع داخلي بين البلدان العربية وان الأممالمتحدة تلحظ في ميثاقها بأن حل الصراعات يجب ان يتم في اطار اقليمي. والاعتبار الثاني يقوم على اعتقادي بأن تسوية سيئة هي افضل من حرب جيدة. والاعتبار الثالث هو ان الاميركيين كانوا يريدون شن الحرب على العراق وقد قلت ذلك للرئيس صدام حسين فقال لي لا اعتقد. والاعتبار الرابع يستند الى اعتقادي بأن عراقاً مستقراً هو عنصر في التوازن في المنطقة وليس عامل عدم استقرار فيها. واعتقد ان الامن في المتوسط متوقف على نوع العلاقة بين اوروبا والعالم الاسلامي وخصوصاً العربي منه. والعرب هم المسلمون الاقرب منا على جميع الاصعدة الجغرافية والتاريخية والثقافية. لسنا معادين للعرب * هذا لا يتفق مع سياسة "الجبهة الوطنية" المعروفة بعدائها للعرب، وهذه هي المرة الاولى التي اسمع فيها منك مثل هذا التعريف للعلاقة مع العرب. لأننا نقرأ دائماً تصريحات للجبهة معادية للعرب؟ - هذا ليس صحيحاً. و "الجبهة الوطنية" لا تطلق تصريحات معادية للعرب. واذا اردت معرفة مواقفنا توجه الينا مباشرة وليس الى مجلة "الاكسبرس" او ال "نوفيل اوبسرفاتور". "الجبهة الوطنية" تدين بعض الحوادث التي تقوم بها عصابات لبعض الشبان العرب في فرنسا. ولكن ذلك لا يستهدف العرب عموماً، وانما وضعاً محدداً بعينه. ونقول دائماً ان المسؤول الحقيقي عنها هم السياسيون الفرنسيون المسؤولون ايضاً عن وضع الهجرة في فرنسا، ونستخدم هؤلاء كهدف وليس المهاجرين كمهاجرين. * لا نعرف الكثير عن موقفك من الدولة الفلسطينية ومن شرعية ياسر عرفات كرئيس لهذه الدولة؟ - ان موقفنا واضح من هذه المسألة. كل شعب له الحق في الحصول على وطن. لقد سمحت هيئة الامم لليهود باقامة وطن اسرائيلي في فلسطين. واقل ما يتبع ذلك هو التمسك بحقوق الشعب الفلسطيني. انا اقول دائماً ان للفلسطينيين الحق في دولة ووطن واعتبر ان القوى الدولية كانت عاجزة عن السماح للفلسطينيين بالوصول الى حقوقهم. * وهل تعتبر ياسر عرفات رئيساً شرعياً؟ - لقد اعترف به القسم الاكبر من الشعب الفلسطيني والقسم الاكبر من دول العالم. اعرف ان من المآخذ عليه انه كان يدعو الى استخدام الوسائل الارهابية. ولكن يجب الاعتراف بأنه في هذه المنطقة من العالم لم يكن الوحيد في هذا المجال. * شامير مثلاً؟ - شامير واحد بين آخرين. * هل تعتقد انه يتوجب على العقيد معمر القذافي تسليم مواطنيه المتهمين بقضية لوكربي الى الولاياتالمتحدة وبريطانيا؟ - من المؤكد ان الارهاب الدولي وما يمكن تسميته بارهاب الدولة هو امر غير مقبول على الاطلاق. والحاق الاذى بالمدنيين هو ايضاً أمر غير مقبول. ولكن اعتقد ان القذافي يجب ان يحاكم رجاله بواسطة محاكم ليبية. انا لا اعرف ماهية القوانين الليبية. ولا اعرف اذا كانت هذه القوانين تسمح بتسليم مواطنين ليبيين لدولة اجنبية. ما اعرفه هو ان القوانين الفرنسية تمنع اطلاقاً تسليم مواطنينا لدولة اخرى. وعليه اذا تسلمت الحكومة الفرنسية الطلب نفسه الذي تسلمته الحكومة الليبية لا يمكنها تلبيته. بالنتيجة يبدو لي من غير الطبيعي ان يطلب من بلد آخر ما لا يمكن ان نفعله نحن. اذا كان الاشخاص المعنيون متورطين جدياً بما يتهمون به، فيجب ان تنظم ليبيا محاكمتهم وان تعطي ضمانات للرأي العام الدولي وللضحايا ذويهم في هذا المجال. وأكرر القول انه اذا كان هذا التسليم مناقضاً للقوانين الليبية فهو غير ممكن ويعود لليبيا ولمسؤولياتها الدولية ان تطبق العدالة بما يتوافق مع المعايير العامة للقانون الدولي. * والعقوبات التي فرضها مجلس الامن على ليبيا؟ - يبدو ان القضية تسير باتجاه المأزق. ذلك ان هناك سياسة تدخل في شؤون الآخرين دولية تحمل خطر تورط الولاياتالمتحدة خصوصاً والغرب عموماً في كل الصراعات التي تدور في العالم. * كنت تدعم غالباً فريقاً من اللبنانيين، لكن لا نعرف حكمك على الفريق الآخر؟ - شكّل لبنان لأسباب تاريخية وسياسية كياناً اصلياً وايجابياً وصلة وصل حية في عمقها بين اوروبا والشرق الادنى. ورأيي في هذه القضية معروف وهو انني اؤمن بالحفاظ على لبنان مستقل عن سورية. وكنت آمل ان يكون بالامكان التوصل الى صيغة فيدرالية في هذا البلد من النوع المعروف في سويسرا. ربما محافظات او فيدراليات مسيحية ومسلمة ودرزية تسمح بالحفاظ على التوازن الداخلي. وآسف لأن القوى العظمى قررت امراً آخر، وان فرنسا لم تكن قادرة على توفير حماية للبنان حر وليس فقط للمسيحيين وحدهم وانما للمسلمين والدروز، لكن هل هناك ارادة بالعيش المشترك بين هؤلاء؟ هنا تكمن المشكلة. في ختام هذه المقابلة اقول ان واجبي كرجل سياسي فرنسي يقضي بأن افكر اولاً بالفرنسيين، ليس بهم وحدهم وانما بهم اولاً، تماماً كما ان واجبي، كرب عائلة، ان افكر اولاً بعائلتي نفسها. وانا اجد تفهماً تاماً في البلدان التي ازورها. لقد التقيت كنائب في البرلمان الاوروبي وكرئيس مجموعة برلمانية عدداً من قادة الدول، والتقيت اخيراً خلال غداء ضم المجموعة البرلمانية مع الملك حسين وبعض اعضاء حكومته. انا وطني فرنسي لا اتمنى ان يكون لفرنسا موقع بارز في العالم ولكن اتمنى ان ينمو بلدي في اطار السلام ومع اولئك القريبين منا بواسطة الجغرافيا والتاريخ والثقافة. وذلك يفتح امكانات واسعة للتعاون مع العالم العربي.