لم تكن الصومالية ايمان عبد المجيد تعرف شيئاً عن دينا الازياء والموضة الا الاسم فقط فهي كانت تطمح منذ تفتحها على الحياة الدخول الى عالم السياسة والديبلوماسية وعلى هذا الاساس تركت مقديشو وتوجهت الى نيروبي لتتعلم في جامعتها شؤون الساسة لتحصل على اجازة فيها لكن القدر شاء لها منحى آخر عندما التقت باحد المصوريين الغربيين الذي كان يزور كينيا في العم 1977 فصورها... وبالتالي اكتشفها ونصحها بزيارة باريس ولندن لانها تتمتع، كما قال لها، بكل مقومات عارضة الازياء. ولم ترفض الجميلة الصومالية الممشوقة القوام نصيحة صديقها الجديد فغادرت الى فرنسا حيث لم تلق اي صعوبة للعمل مع اكبر دور الازياء الموجودة في عاصمة النور فتعاونت مع ايف سان لوران وكريستيان ديور وغيرهما وصار اسمها الفني "إيمان" بين ليلة وضحاها على كل شفة ولسان. "سوبر موديل" وتعتبر ايمان اليوم قائدة في عالم عرض الازياء، اذ انها كانت اول العارضات المعروفات بلقب "سوبر موديل" تعطي معنى من النجومية لمهنتها وذلك لاستقلال وقوة شخصيتها على المسرح. فبالاضافة الى جمالها الساحر، الذي كتبت عنه محررة مجلة "فوغ" معلقة بانه "جمال أخاذ لا يعقل" فالعمل معها مبهج اذ انها اتتصرف بكبرياء ابداً لكنها جريئة في كلامها، ولا تقبل تصنيفها وكأنها لا تملك غير وجه وجسم جميلين، ففي مقابلة تلفزيونية على الشاشة البريطانية، اوضحت لمقدم البرنامج بكل صراحة، وبصوتها القوي قائلة: "ربما انك كنت قابلت العديد من عارضات الازياء المتهورات... الا انني لست واحدة منهن!". كسبت "إيمان" نجاحاً باهراً في اواخر السبعينات وفي الثمانينات كعارضة ازياء من الدرجة الاولى، فتراكمت عليها العروض والعقود من اكبر دور الازياء في العالم وظهرت في اروع الابتكارات لكبار مصممي الازياء، وكتبت عنها محررة في احدى المجلات النسائية تصفها بأنها "تبدو وكأنها تطوف على المسرح بينما غيرها يمشي". لكن "إيمان" قررت اعتزال هذه المهنة في العام 1990 لتتفرغ للتمثيل السينمائي في ادوار جدية بعدما نجحت في العديد من المسلسلات التلفزيونية مثل "ميامي فايس" و "ذي كوزبي شو" فشاركت في افلام عدة كان آخرها فيلم "ستار تراك السادس"، كما ظهرت في فيديو "مايكل جاكسون" الاخير. وكان العام الماضي، مخصصاً على الصعيد العائلي لتحضير زواجها من المغني البريطاني المعروف دايفيد بوي، حيث عقد قرانهما في 24 نيسان ابريل الماضي في مدينة لوزان السويسرية بحضور بعض الاقارب والاصدقاء المقربين. وكانت "إيمان" تزوجت للمرة الاولى وهي في السادسة عشرة من عمرها حين كانت لا تزال في الصومال. وتذكر ان في تلك الايام، لم تعرف بجمالها، حتى انها لم تكن تملك اي ثقة بنفسها وتقول "اما هذه المرة، فكل شيء يختلف، وانا واثقة من ذلك". كما انها تزوجت ثانية من لاعب كرة السلة الاميركي سبنسر هايوود وانجبت منه بنتاً دعتها زليخة تبلغ حالياً الثالثة عشرة من عمرها. وإيمان عملت بالفعل جاهدة لتستحق لقب "سوبر موديل"، فهي اول من جعل الجمهور يتعرف على عارضات الازياء كشخصيات مختلفة وليس كعلاقات او حاملات ثياب. وتعلمت السيطرة على المسرح وشد النظار اليها كشخصية بحد ذاتها. وتقول: "ان على كل امرأة، اينما كانت، إبراز شخصيتها اولاً ومن ثم الزي الذي تلبسه". النقاط السيئة وعلى الرغم من نجاحها الباهر كعارضة ازياء عالمية الا انها تشير الى العديد من النقاط السيئة في هذه المهنة، فتحكي عن العجرفة والكبرياء اللذين يصيبان عارضات الازياء وقلقهن على شبابهن الذي يتسلط على افكارهن، وتقول انها قابلت شابات في التاسعة عشرة من العمر لا يفكرن بغير التحاعيد التي قد تظهر على وجوههن الصبية. بل تضيف الى ذلك قائلة انها كانت تشعر احياناً باليأس كلما مدحت لجمالها فقط، وذلك لانها كانت دائماً مدركة بأن الجمال يزول وكل الناس سيكبرون، لكن جمال النفس هو الباقي. والواقع ان ايمان رسخت ثقتها بنفسها بعد حادثة سياة تركتها مشوهة في نصف وجهها. وبالطبع، شعرت عندئذ بأن مهنتها كعارضة ازياء قد انتهت وهي لا تزال في الخامسة والعشرين من عمرها. ولكنها عملت جاهدة على اعادة صحتها وسلامة نفسيتها الى ما كانت عليه سابقاً، وامضت اشهراً طويلة في زيارة جراح تجميل في نيويورك لاعادة تجميل وجهها الذي كان مصدر رزقها. وتقول ايمان: "ان هذه الحادثة غيرت من شخصيتي واسلوبي في الحياة، وجعلتني ادرك بوضوح من هي "ايمان" وغايتها في الحياة". وعلى الرغم من كل هذا النجاح الذي لم تر مثله عارضة ازياء اخرى من قبلها، اذ قيل انها رفعت اجرها في احد عروض الازياء الباريسية الى ما يضاهي الخمسين ألف جنيه استرليني لظهورها على المسرح لمدة 20 دقيقة، إلا ان "إيمان" تتخلى عن الفاستين المرصعة والثياب العصرية عند زيارة والديها في تانزانيا، فتلبس الرداء الصومالي التقليدي الطويل خلال زيارتها لهما. والجدير بالذكر ان والدتها لم تتقبل تماماً كون "إيمان" عارضة ازياء بل انها، تؤكد دائماً على انها لا تحب رؤية ابنتها في الفاستين العصرية، بل تشعر انها قد ابتعدت عن الطريق الذي كانت تحبذه لها. أول عارضة سمراء وفي الوقت نفسه، يقال عن "ايمان" انها "كسرت القالب" منذ دخولها الى عالم الازياء اذ انها تعتبر اول عارضات الازياء السمر اللواتي اعتلين مسارح عروض الازياء العالمية بمثل هذا النجاح، ففتحت لهن مجالاً كان مقصوراً على الاوروبيات، ظهرت بعدها اجمل النساء من شتى انحاء العالم مثل "ناومي كامبل" الجامايكية الاصل، و "ياسمين يو بون" الايرانية الاصل وغيرهما العديد. كما ان "إيمان" كانت اول عارضة ازياء سمراء تحصل على عقد مع شركة مستحضرات تجميل عالمية لتظهر في اعلاناتها على صفحات المجلات. وتقول "ايمان" ان مثل هذه الخطوات تسعدها للغاية، فهي تتمنى ان ترى مثل هذه المساواة في جميع المجالات. واليوم بعد زواجها من دايفيد بوي تأمل "ايمان" النجاح في مجال التمثيل. فعلى الرغم من ادراكها ان النقاد يراقبون كل خطوة من خطواتها، تأمل الا تتعرض للقسوة التي يوجهونها عادة الى عارضات الازياء اللواتي ينتقلن الى مهنة التمثيل، كما ترجو الا تظهر ابداً في دور يجعلها تندم على دخولها ميدان الفن السابع.