كشف مصدر اميركي رفيع المستوى ل "الوسط" ان الولاياتالمتحدة تريد ان تطال "رؤوساً كبيرة" في ليبيا من خلال اصرارها على محاكمة المتهمين بالتورط في تفجير طائرة ركاب اميركية، اما في الاراضي الاميركية او البريطانية. وقال المصدر، وهو وثيق الاطلاع على ملف هذه القضية، ان السلطات الاميركية المختصة تملك "ادلة جديدة ودقيقة" عن تورط عدد من المسؤولين البارزين "المدنيين وغير المدنيين" في ليبيا في عمليتي تفجير طائرتي الركاب الاميركية فوق لوكربي في بريطانيا نهاية 1988 والفرنسية فوق النيجر عام 1989، ما ادى الى مصرع 440 شخصاً في العمليتين. واوضح هذا المصدر ان السلطات الاميركية المختصة "تجري مشاورات بشأن تسليط الاضواء على رؤوس كبيرة في ليبيا" مع السلطات المختصة البريطانية والفرنسية لاتخاذ موقف موحد ازاء هذا الامر. وتطالب الولاياتالمتحدةوبريطانيا ليبيا بتسليمها عبدالباسط علي المقراحي والامين خليفة فحيمة المتهمين بتفجير طائرة لوكربي، بينما تطالب فرنسا ليبيا باتاحة المجال امام محققيها لاستجواب اربعة ليبيين متهمين بالتورط في عملية تفجير الطائرة الفرنسية. هذا الاصرار الاميركي - الذي يلقى دعماً بريطانياً وفرنسياً - على الذهاب بعيداً في "المواجهة" مع ليبيا حول هذه القضية، هو الذي ادى الى فشل جهود جديدة بذلها حاكمان عربيان هما الملك الحسن الثاني والرئيس حسني مبارك لوضع حد "للمواجهة" وايجاد "حل وسط" لهذه القضية. فالملك الحسن الثاني اقترح في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" الاسبوع الماضي انشاء محكمة دولية يمكن ان تكون تحت اشراف الاممالمتحدة لمحاكمة المتهمين في الاعتداء على الطائرة الاميركية. وقد ناقش العاهل المغربي هذه الفكرة مع الرئيس مبارك الذي زار المغرب في نهاية الشهر الماضي ومع وزير الخارجية الفرنسي رولان دوما. كما اكد الحسن الثاني عدم استعداد المغرب للتصويت على قرار جديد يصدر عن مجلس الامن ويتضمن فرض عقوبات مشددة على ليبيا. في الوقت نفسه اقترح مبارك على الرئيس الفرنسي ميتران، خلال زيارة قام بها الى باريس نهاية الشهر الماضي، ان يحاول اقناع الرئيس بوش بقبول فكرة محاكمة المتهمين الليبيين "في بلد محايد". وتردد ان مصر يمكن ان تكون هذ البلد. لكن ميتران ابلغ الرئيس المصري انه "متضامن" كلياً في هذه القضية مع الاميركيين والبريطانيين "وانه لن يتبنى من طرف واحد اي اقتراح لا توافق عليه واشنطن ولندن". وما حدث هو ان الادارة الاميركية رفضت هذه الاقتراحات واصرت على محاكمة المتهمين، اما في اميركا او في بريطانيا او في فرنسا. ولم تلق ليبيا دعماً من روسيا، اذ نصح وزير الخارجية الروسي اندريه كوزيريف نظيره الليبي، خلال لقاء تم بينهما في القاهرة، بضرورة تسليم المتهمين الى الامين العام للامم المتحدة تمهيداً لتنفيذ ما نص عليه قرار مجلس الامن الرقم 731 اي احالتهما الى المحاكمة. وبذل بطرس غالي الامين العام للامم المتحدة "جهوداً كبيرة" لاقناع يوسف الدبري رئيس المخابرات الليبية، خلال لقاء تم بينهما في جنيف، بضرورة تسليم المتهمين "والا فان قراراً جديداً قوياً سيصدر عن مجلس الامن ضد ليبيا". واذا لم تحدث مفاجأة في اللحظة الاخيرة تدفع العقيد معمر القذافي الى التراجع عن موقفه وتسليم المتهمين، فان مجلس الامن الدولي سيتبنى قراراً جديداً يرغب الاميركيون والبريطانيون والفرنسيون في ان ينص على فرض حظر على الطيران من والى ليبيا، وفرض حظر على بيع الاسلحة الى ليبيا، وخفض العلاقات الديبلوماسية معها.