بدأ مجلس الأمن أمس مشاورات تمهيدية في شأن مشروع قرار يقضي بوقف العقوبات المفروضة على ليبيا بعد تسليمها مواطنيها المتهمين في قضية لوكربي للمحاكمة أمام محكمة اسكوتلندية في لاهاي. وجاء هذا التحرك في مجلس الأمن في وقت التزمت ليبيا صمتاً مطبقاً في شأن رد فعلها على إعلان لندن وواشنطن الاثنين قبولهما محاكمة المتهمين عبدالباسط المقرحي والأمين خليفة فحيمة في العاصمة الهولندية. ونقلت وكالة "اسوشيتدبرس" امس عن ديبلوماسيين في نيويورك ان مشروع القرار برفع العقوبات ذُكر في رسالة بعثت بها الحكومتان الأميركية والبريطانية الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان. وطلبت الرسالة من أنان ان ينقل اقتراح الحكومتين الى ليبيا، وان يساعدهما في نقل المتهمين للمثول أمام المحكمة في لاهاي. ونقلت الوكالة عن ديبلوماسي بريطاني قوله انه "متى تم تسليم المشتبه فيهما ومثلا أمام المحكمة ... فإن العقوبات يُمكن رفعها". ويقضي الاقتراح البريطاني - الأميركي بان يُحاكم المتهمان أمام قضاة اسكوتلنديين وفي إطار القانون الاسكوتلندي في هولندا. والتغيير الوحيد الذي سيطرأ على المحكمة الاسكوتلندية هو ان هيئة المحلفين سيُستعاض عنها بثلاثة قضاة من المحكمة العليا. وينص الاقتراح أيضاً على انه لا يمكن استرداد المتهمين من هولندا، وانهما اذا دينا يمكن ان يقضيا فترة عقوبتهما في بريطانيا. ويضمن الاقتراح للمتهمين "طريقاً آمناً" من ليبيا الى هولندا، وكذلك طريق العودة الى بلدهما اذا حكمت المحكمة ببراءتهما او توقفت المحاكمة. وأعربت الرسالة التي قدمتها الولاياتالمتحدةوبريطانيا الى مجلس الأمن عن أمل الدولتين بتجاوب ليبيا مع طلب تسليم المتهمين، لكنها أشارت الى انهما يحتفظان "بحق اقتراح عقوبات إضافية" عندما يجتمع مجلس الأمن لمراجعة العقوبات على ليبيا. كذلك تشير الرسالة الى حقهما في التراجع عن المبادرة التي أطلقتاها. وقال الناطق باسم الأمين العام فرد ايكهارد أمس ان أنان "كان مسروراً جداً" للإقتراح البريطاني - الأميركي و"يأمل بأن يتعاون كل الأطراف" للوصول الى حل لأزمة لوكربي. وفي القاهرة، وصف وزير الخارجية المصري عمرو موسى العرض الاميركي - البريطاني بانه "تقدم واضح" و"يلتقي مع احد المقترحات الليبية". كذلك رحب الامين العام لجامعة الدول العربية عصمت عبدالمجيد بالاقتراح معرباً عن اعتقاده ان طرابلس لن ترفضه. وفي لندن، قال المحامي الإسكوتلندي اليستر دوف انه تحدث الى رئيس طاقم المحامين عن المتهمين الليبيين ابراهيم الغويل بعد قليل من اعلان الاقتراح البريطاني - الاميركي. وأضاف: "تكوّن لدي انطباع بأن هذه المسألة يجري التعامل معها بصورة عاجلة في ليبيا وانه يتعين الانتهاء منها على وجه السرعة". واضاف ان هيئة الدفاع ستلتقي مع الرجلين في ليبيا باسرع ما يمكن، موضحاً: "نريد ان نلتقي بهما للاطلاع على ما اذا كان الامر يستلزم ضمانات امنية اضافية". وينفي المقراحي وفحيمة اي تورط لهما في تفجير الطائرة فوق لوكربي. طرابلس: لوكربي ولا شيء آخر وفي الرباط ذكرت مصادر ديبلوماسية عربية ان ليبيا اجرت اتصالات مع عواصم عربية عدة للبحث في افضل الصيغ الممكنة لتأمين محاكمة عادلة للمتهمين. وتوقعت المصادر ان تضطلع جامعة الدول العربية، من خلال اللجنة السباعية بدور بارز في ادارة المفاوضات مع الاطراف المعنية، كي تتم عملية التسليم في ظروف لا تشوبها اي ضغوط، اضافة الى رعايتها من طرف جهات او منظمات محايدة. لكن بعد اكتمال كل الاجراءات التي يفضل الليبيون ان تحسم في اتفاق مسبق. اضافت المصادر ان محامين بارزين عرباً وأجانب يساهمون في اعداد ملف متكامل حول هذه القضية، معززاً بالوثائق والشواهد، على اساس ان تركز المحاكمة المرتقبة على وقائع الاتهامات وليس اي شيء آخر. وعلمت "الحياة" ان ليبيا ابلغت اطرافاً عربية استعدادها للتعاون مع اي محكمة محايدة، لكن في اطار احترام القوانين الدولية وعدم اضفاء اي بعد سياسي على المحاكمة، واستدلت على ذلك بأن الملف الذي كان عالقاً مع السلطات الفرنسية بسبب حادث مماثل تمت تسوية جزء كبير منه في سياق الاحترام الكامل للقوانين. واستبعدت المصادر الربط بين تطور الموقفين البريطاني والاميركي ازاء محاكمة متهمي لوكربي وحادث التفجيرين في نيروبي ودار السلام وردود الفعل حول الغارات الصاروخية على السودان وافغانستان، وقالت ان ملامح هذا التطور كانت بادية في السابق، وان الموقف ازاء استمرار فرض العقوبات على ليبيا الذي بدأ يقابل بالمزيد من الرفض كان في مقدم اسباب التحول في موقفي لندن وواشنطن.