زعامة كرة المضرب لدى النساء معقودة اللواء حالياً للاعبة مونيكا سيليش التي تتربع سعيدة على العرش وهي مطمئنة الى ان مناوشات ستيفي غراف وغابرييلا ساباتيني ومارتينا نافراتيلوفا وسواهن من الوصيفات لا تقلقها ولا تشكل خطراً جدياً على زعامتها، فهي تبسط هيمنتها على ملاعب كرة المضرب كما فرضت غراف ونافراتيلوفا وايغرت سيطرتهن من قبل. اما لدى الرجال فالوضع يختلف تماماً اذ كثر النجوم وخبا بريق النجومية الفردية فالملاعب تشهد حرب مواقع بين الكبار وموازين القوى تتبدل بين دورة ودورة ولذا افلت زمام السيطرة من يد الملوك فاهتز عرش كرة المضرب وتوالت الانقلابات. غياب البطل الأوحد مما لا شك فيه ان كرة المضرب لدى الرجال تفتقد حالياً بطلاً من طراز جيمي كونورز الذي فاز سنة 1974 ببطولة الولاياتالمتحدة الاميركية المفتوحة ودورة ويمبلدون وبطولة اوستراليا المفتوحة، او من طراز بيورن بورغ الذي فاز خمس مرات متتالية بدورة ويمبلدون من سنة 1976 الى 1980 وفاز ببطولة فرنسا المفتوحة 6 مرات بين سنة 1974 و1980 وفاز ببطولة الماسترز مرتين وكسف بريقه سائر الابطال، كما تفتقد بطلاً من طراز جون ماكنرو الذي سيطر في بداية الثمانينات او من طراز ايفان ليندل الذي احتفظ بلقب اللاعب الاول في العالم من سنة 1985 الى سنة 1988. على كف عفريت ترى ما هي الاسباب التي ادت الى قيام هذا الوضع؟ وهل هو دليل ازمة ام دليل عافية؟ قبل الاجابة عن هذين السؤالين لا بد من استعراض بعض الوقائع التي تدعم وجهة نظرنا حول غياب "البطل الاوحد" او البطل المهيمن. ففي السنة الفائتة احتل الالماني بوريس بيكر المرتبة الاولى في التصنيف العالمي للاعبي كرة المضرب لمدة اسبوعين فقط ثم اعاد العرش الى السويدي ستيفان ادبرغ الذي سبق ان خلعه عنه وما لبث ادبرغ ان سقط عن العرش ثانية بعد مجموعة من الهزائم ليتربع فوقه الاميركي جيم كوريير اثر فوزه في المباراة نصف النهائية لدورة سان فرنسيسكو ولم يستطع كوريير منذ تصنيفه اولاً ان يفوز بأي دورة من الدورات التي اشترك فيها حتى الآن... ومع انه ما زال يحتل المرتبة الاولى في ترتيب المصنفين عالمياً فان عرشه على كف عفريت اذا استمرت عروضه ذات المستوى المتذبذب... زوال الاحتكار ولو القينا نظرة على نتائج اهم الدورات في كرة المضرب منذ بداية هذا الموسم لتبين لنا ان ما من بطل استطاع ان يرسخ اقدامه وان يفوز بدورتين متتاليتين فتوزعت المغانم والالقاب على مجموعة من الابطال وولى عهد الهيمنة والاحتكار، وهكذا فاز في دورة اوستراليا المفتوحة جيم كوريير على ستيفان ادبرغ، وفاز مايكل تشانغ على كوريير في دورة سان فرنسيسكو وفاز بوريس بيكر على جيم كوريير في بروكسيل بعد مباراة ماراثونية بلغت قمة الاداء والاثارة، وفي دورة شتوتغارت فاز غوران ايفانيسيفيتش على ستيفان ادبرغ، وفي دورة روتردام فاز بوريس بيكر على الكسندر فولكوف واخيراً في دورة انديانا ويلز فاز مايكل تشانغ على اندره تشسنوكوف. وانطلاقاً مما ذكرنا يكون بوريس بيكر قد احرز دورتين وهو يحتل المركز الثالث في التصنيف العالمي كما احرز مايكل تشانغ دورتين ايضاً علماً انه يحتل المركز التاسع عالمياً واذا استمر بيكر في عروضه الرائعة فمن الممكن جداً ان يكون في طريقه الى استعادة عرشه الضائع... دليل عافية ولعل وراء زوال حقبات الهيمنة والاحتكار جملة من الاسباب يأتي في طليعتها انتشار لعبة كرة المضرب انتشاراً واسعاً ووفرة الجوائز والابطال بحيث غدا هؤلاء جميعاً نجوماً، وتحسن الاداء بحيث صارت مستويات اللعب متقاربة الى حد بعيد، اضافة الى انتقال التقنيات والخبرات بين المدربين والابطال بالعدوى. وما يبدو للوهلة الاولى ازمة في عالم كرة المضرب لدى الرجال هو في الواقع دليل عافية لأنه فتح باب الاثارة على مصراعيه امام عشاق اللعبة فلم تعد نتائج المباريات محسومة سلفاً كما في عهد بورغ وليندل، بل صارت مفتوحة على كل الاحتمالات وهكذا يحبس المتفرجون انفاسهم حتى اللحظة الاخيرة من المباراة ويتحاشون الرهان على "البطل الاوحد" لأنه حكماً في ظل المعطيات الراهنة رهان خاسر.