بعد انتظار طويل اتفقت مجموعة من المصارف تضم 240 مؤسسة مالية يديرها الكريدي ليونيه الفرنسي، في ما بينها ومع الجزائر، على تأجيل تسديد استحقاقات نحو 5.1 مليار دولار من المديونية الجزائرية، الامر الذي يساعد حكومة سيد احمد غزالي على تخفيف اعباء الدين الخارجي عام 1992 البالغة نحو 9 مليارات دولار. والاتفاق الاخير بشرى سارة للجزائر الرازحة تحت ثقل مديونية قصيرة ومتوسطة الاجل. والتي ازدادت احتياجاتها الى الموارد المالية الجديدة لتمويل العملية الاقتصادية، التي باتت من الشروط الضرورية لاستقرارها السياسي. المباحثات حول هذا الاتفاق الاخير طالت كثيراً بسبب رفض المصرف الاميركي "بنكرز ترست" تأجيل مواعيد الاستحقاقات، ما دفع مصارف ايطالية ويابانية الى ربط موافقتها على التأجيل بالموقف الاميركي. وقد رضخ المصرف الاميركي قرضه 60 مليون دولار في نهاية المطاف ما جعل الاتفاق الاخير ممكناً، خصوصاً ان الاجماع ضروري في هذا النوع من الاتفاقيات المالية. ومنحت الجزائر فترة خمس سنوات لتسديد استحقاقات القروض القصيرة الاجل - اقل من سنتين - وثماني سنوات لاستحقاقات القروض المتوسطة - اكثر من سنتين. ولكن الحكومة الجزائرية تدرك ان الاتفاق الاخير غير قادر على حل مشكلتها المالية الشائكة. ويبقى عليها تسديد ثمانية مليارات دولار في العام الجاري، ولكنه سوف يساعدها في الحصول على قروض جديدة هي في امس الحاجة اليها، خصوصاً ان تأجيل البت بهذا الاتفاق جمد قروض مؤسسة النقد الدولي والبنك الدولي وقروض المجموعة الاوروبية للجزائر، كما كانت تأثيرات فشله شديدة الخطورة على المباحثات التي تجريها الحكومة الجزائرية مع مؤسسات مالية دولية اخرى. وتقدر بعض الاوساط المالية ان فشل الاتفاق كان من شأنه حرمان الجزائر من نحو 4 مليارات دولار من القروض الجديدة في ظرف تخصص فيه الجزائر 75 في المئة من صادراتها لتسديد الدين، وتعتمد اعتماداً كلياً على الاستيراد لاطعام سكانها وتشغيل مصانعها. ومع هذا الاتفاق السار بوسع حكومة سيد احمد غزالي الادعاء بأنها استرجعت ثقة الاوساط المالية الدولية، مع كل الانعكاسات السياسية لهذا الادعاء على الصعيدين الداخلي والخارجي. كما بوسعها التعجيل في مباحثاتها مع الشركات النفطية الدولية المدعوة الى الاستثمار المكثف في تطوير انتاج النفط، المورد الوحيد المتبقي للجزائر.