سيتي سكيب غلوبال، شراكات جديدة وتوسع في السوق السعودي    ارتفاع أسعار الذهب    "السعودية للكهرباء" و"كاوست" تطلقان أول مشروع بحثي من نوعه على مستوى العالم لاحتجاز الكربون في محطة توليد رابغ    استشهاد وفقد 20 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على منزل بمخيم جباليا    دراسة التوجهات الدولية في العلوم والرياضيات والمعروف ب TIMSS    هوكشتاين من بيروت: ألغام أمام التسوية    برعاية خادم الحرمين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح منتدى الرياض الاقتصادي    أمير تبوك: «البلديات» حققت إنجازاً استثنائياً.. ومشكلة السكن اختفت    فيصل بن فرحان يبحث المستجدات مع بلينكن وبالاكريشنان    السواحة: ولي العهد صنع أعظم قصة نجاح في القرن ال21    «الوظائف التعليمية»: استمرار صرف مكافآت مديري المدارس والوكلاء والمشرفين    «الشورى» يُمطر «بنك التنمية» بالمطالبات ويُعدّل نظام مهنة المحاسبة    تحت رعاية خادم الحرمين.. «سلمان للإغاثة» ينظم المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة.. الأحد    نائب أمير جازان يطلع على جهود تعليم جازان مع انطلاقة الفصل الدراسي الثاني    المملكة تتسلّم علم الاتحاد الدولي لرياضة الإطفاء    القافلة الطبية لجراحة العيون تختتم أعمالها في نيجيريا    فيتو روسي ضد وقف إطلاق النار في السودان    دعوة سعودية لتبني نهج متوازن وشامل لمواجهة تحديات «أمن الطاقة»    التزام سعودي - إيراني بتنفيذ «اتفاق بكين»    المملكة تؤكد خطورة التصريحات الإسرائيلية بشأن الضفة الغربية    يوم الطفل.. تعزيز الوعي وتقديم المبادرات    ياسمين عبدالعزيز تثير الجدل بعد وصف «الندالة» !    تحالف ثلاثي جامعي يطلق ملتقى خريجي روسيا وآسيا الوسطى    مصير «الأخضر» تحدده 4 مباريات    22 ألف مستفيد من حملة تطعيم الإنفلونزا بمستشفى الفيصل    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود الجمعيات الأهلية    العامودي وبخش يستقبلان المعزين في فقيدتهما    فرص تطوعية لتنظيف المساجد والجوامع أطلقتها الشؤون الإسلامية في جازان    أمير القصيم يستقبل السفير الأوكراني    سهرة مع سحابة بعيدة    الرومانسية الجديدة    واعيباه...!!    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم عدد من الفعاليات التوعوية والتثقيفية وتفتح فرصاً تطوعية    «قمة الكويت» وإدارة المصالح الخليجية المشتركة!    العصفور ل«عكاظ»: التحولات نقطة ضعف الأخضر    كلب ينقذ سائحاً من الموت    25% من حوادث الأمن السيبراني لسرقة البيانات    سفارة كازاخستان تكرم الإعلامي نزار العلي بجائزة التميز الإعلامي    إدارة الخليج.. إنجازات تتحقق    في مؤجلات الجولة الثامنة بدوري يلو.. النجمة في ضيافة العدالة.. والبكيرية يلتقي الجندل    المعداوي وفدوى طوقان.. سيرة ذاتية ترويها الرسائل    القراءة واتباع الأحسن    جمع الطوابع    تعزيز البنية التحتية الحضرية بأحدث التقنيات.. نائب أمير مكة يستقبل رئيس الشؤون الدينية    صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين.. استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    نجوم العالم يشاركون في بطولة السعودية الدولية للجولف بالرياض    أرامكو توسع مشاريع التكرير    مراحل الحزن السبع وتأثيرتها 1-2    الاستخدام المدروس لوسائل التواصل يعزز الصحة العقلية    تقنية تكشف أورام المخ في 10 ثوانٍ    نائب وزير الدفاع يلتقي وزير الدولة لشؤون الدفاع بجمهورية نيجيريا الاتحادية    نائب أمير مكة يستقبل رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي    محافظ الطائف يستقبل الرئيس التنفيذي ل "الحياة الفطرية"    مجمع الملك فهد يطلق «خط الجليل» للمصاحف    أمير تبوك يستقبل المواطن ممدوح العطوي الذي تنازل عن قاتل أخيه    سلطنة عمان.. 54 عاماً في عز وأمان.. ونهضة شامخة بقيادة السلطان    163 حافظا للقرآن في 14 شهرا    لبنان نحو السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيلم جديد يفجر القضية ... و"الوسط" تجري تحقيقاً خاصاً حولها . ما هو دور المافيا والمخابرات الاميركية في اغتيال جون كينيدي ؟
نشر في الحياة يوم 03 - 02 - 1992


من قتل الرئيس جون كينيدي؟
سؤال عاد يطرح نفسه بقوة في المحافل السياسية والقضائية الاميركية بعدما استطاع المخرج "اوليفر ستون" تفجير قنبلة سينمائية عن طريق اخراج فيلم "جي. اف. كي" الذي اعتمد فيه على كتب عدة ظهرت اخيراً تتهم الاستخبارات المركزية الاميركية "سي. آي. إي" بانها خططت لاغتيال الرئيس الراحل.
وزاد الامر ضجيجاً صدور كتاب للمحامي المشهور في واشنطن مارك لين الذي يصل الى النتيجة نفسها التي توصل اليها ستون.
الى أي حد يصح هذاپالاتهام؟ ومن كان اذن لي هارفي اوزوالد؟ ولماذا يقدم جهاز، مهمته الحفاظ على امن الرئيس، على اغتيال الرئيس؟ وما هو دور المافيا؟
"الوسط" تحاول الاجابة عن هذه الاسئلة من خلال تحقيق مفصل ومقابلة خاصة مع المحامي مارك لين الذي اصدر كتابه بعنوان "نفي جدير بالتصديق".
بعد مرور حوالي ثلاثين عاماً على اغتيال الرئيس الاميركي جون كينيدي، في 22 حزيران يونيو 1963، فُتح ملف القضية من جديد، عن طريق انتاج فيلم سينمائي ضخم أخرجه اوليفر ستون وكتاب ألفه محام معروف في واشنطن يدعى مارك لين.
والفيلم الذي لفت انظار النقاد والجمهور على حد سواء، عمل سينمائي مدهش ببراعته التصويرية، ويلعب أبرز أدواره الممثل الشاب كيفن كوستنر الذي كان اشترك في فيلمي "روبن هود" و"رقص مع الذئاب". كما ادت طائفة من الممثلين المتمرسين، مثل جاك ليمون وولتر ماثاو وإد أسنر، ادواراً قصيرة على سبيل المساهمة في فيلم يعتبر منعطفاً في السينما والتاريخ الاميركي.
وبينما شكلت الاحرف الثلاثة الاولى من اسم الضحية عنوان الفيلم "جي. إف. ك" حمل الكتاب عنواناً آخر هو "نفي جدير بالتصديق"، يؤكد الفكرة الرئيسية لدى المحامي والمخرج، وتتلخص بأن مؤامرة اغتيال الرئيس تضمنت مكيدة اخرى هدفت الى تحويل الانظار عن المتآمرين الاصليين وتحميل المسؤولية كاملة لشخص يمكن التخلص منه، اسمه لي هارفي اوزوالد. وكان هذا الاخير اغتيل على يد المأجور جاكوب روبن الشهير ب جاك روبي قبل ان يتمكن من استشارة اي محام.
وكما هي الحال مع ميخائيل غورباتشوف، لقيت جهود ستون اعجاباً اكبر خارج بلاده بينما ركزت الادارة الاميركية، وصحافتها، بدرجة لم يسبق لها مثيل على الفيلم متذمرة من تحيز ستون وعدم نزاهته. وكان ستون اتُهم بالارتجال والتشويش في الماضي وخصوصاً في فيلم "قطار منتصف الليل" وهو عبارة عن نقد لاذع غريب وجّهه المخرج الى تركيا دفاعاً عن مهرب مخدرات اميركي. غير ان الفيلم الجديد يستند اساساً الى ثلاثة كتب اولها "في محاكمة الذين قاموا بالاغتيال"، لمؤلفه جيمس غاريسون قاضي محكمة الاستئناف الذي حقق في الاغتيال عندما كان مدعياً عاماً لمقاطعة في نيو اورليانز، وثانيها كتاب جيم مار "نيران متقاطعة"، واما الثالث "جي. اف. ك وفيتنام" فهو قيد الطبع وكتبه ميجور جون نيومان.
تقرير "وارن"
وكان الرئيس السابق ليندون جونسون شكل "لجنة وارن" للتحقيق في الاغتيال عيّن على رأسها رئيس المحكمة العليا آنذاك ايرل وارن وضمت بين اعضائها ألن دلس رئيس وكالة الاستخبارات المركزية السابق الذي كان الرئيس كينيدي اعفاه من منصبه كضوئها الخافت. وتوصلت اللجنة الى نتيجة وافية تقول ان اوزوالد كان يسارياً مهووساً، قام بفعلته منفرداً طمعاً في الشهرة، واطلق رصاصاته كلها ذلك اليوم من نافذة عالية في بناية ضمت عدداً من المكاتب عمل اوزوالد في احدها بدالاس.
وكان المحامي لين اشار في كتابه "تعجل في المحاكمة" الى ثغرات في استنتاجات اللجنة، ما اجبر الكونغرس على القيام بتحقيق دام عشر سنين، شككت في نهايتها 1979 لجنة الكونغرس بأحكام لجنة وارن ووجدت ان كينيدي راح ضحية مؤامرة ما. إلا أنها لم تسمّ المتآمرين جميعاً بدقة ولم ترفض في شكل قاطع ان اوزوالد وحده اطلق النار على سيارة الليموزين التي استقلها كينيدي ذلك النهار. واوصت لجنة الكونغرس بأن تعيد وزارة العدل فتح تحقيقها القضائي في الاغتيال. لكن خاتمة الفيلم تذكرنا بأن الوزارة تجاهلت هذه التوصية.
وأعدّ المحامي البريطاني مايكل ايدويس كتاباً قانونياً هدف الى اثبات ان اوزوالد بريء من التهمة التي لفقت ضده، خصوصاً عن طريق تقمص احدهم شخصيته وقيامه بزيارات عدة للسفارتين الكوبية والسوفياتية في مدينة مكسيكو قبيل الاغتيال. ومعروف ان ايدويس كان اشتهر عندما استطاع الحصول على عفو من الملكة اليزابيث عن رجل يدعى تيموثي ايفانز شُنق عقاباً له على جريمة لم يرتكبها. ويبين الفيلم ان الرجل الذي صوره رجال الاستخبارات لدى مغادرته السفارة السوفياتية لم يكن اوزوالد بالتأكيد، كما برهن كتاب لين على عدم وجود اوزوالد في مكسيكو ذلك العام استناداً الى شهود عيان.
وأثبت الكاتب الاميركي الاقل شهرة دايفيد شيم ان المافيا لعبت دوراً ما في الجريمة، مثل تكليفها روبي وهو صاحب ناد ليلي بقتل اوزوالد قبل ان يَمثُل في المحكمة. واضطر شيم، كما فعل لين من قبل، ان يلجأ الى ناشر يكاد ان يكون مجهولاً كي يضع كتابه "عقد على اميركا" بين يدي القراء.
ولم يجر تحقيق واف حتى الآن على رغم تعدد الوسائل التي يمكن ان تجندها الحكومة لهذه الغاية. حيث ان الكونغرس اغلق نهائياًَ كل الملفات السابقة على الملف ذي الرقم 2029، رغم ان قصة الاغتيال تحفل بالفجوات، واهمها تلك المتعلقة بهوية الاطراف المختلفة التي زورت عملية تشريح الجثة التي تمت في مستشفى عسكري فطمست عدداً من الادلة في محاولة لاخفاء الجهة التي اطلقت منها الرصاصات المختلفة. الا ان الشك لا يرقى الآن الى عدد من العناصر، هذا اذا استثنينا من 17 الى 19 في المئة من الاميركيين الذين اظهرت استطلاعات للرأي انهم مازالوا مؤمنين ان اوزوالد ارتكب الجريمة وحيداً.
وما عدا هؤلاء، هناك عملياً اجماع على ان اوزوالد تورط في المؤامرة، او على الاقل، كان عارفاً بها على الارجح، اذ يبدو انه اخبر مكتب الشرطة الفيديرالية اف. بي. آي بالمؤامرة قبل وقوع الحادث باسبوعين. وفي المناسبتين اللتين تمكن فيهما من الصراخ امام الصحافيين وهو رهن الاعتقال، اعلن اوزوالد انه كان اداة أُوقع بها بقصد اخفاء الحقيقة. واكد ستون وشيم بشدة على دور اوزوالد هذا. ويتفق الاثنان على ان جيمس ايرل راي، قاتل الزعيم الاسود مارتن لوثر كينغ وسرحان بشارة سرحان قاتل شقيق الرئيس جون كينيدي روبرت، كانا مجرد أداتين ايضاً في هاتين الجريمتين اللتين وقعتا في الفترة نفسها.
وكان كل من جون كينيدي ومارتن لوثر كينغ متلهفين لرؤية اميركا تكف عن التدخل في الحرب الفيتنامية. وابلغ كينيدي الى عدد من قادة الحزب الديموقراطي، ومنهم مايك مانسفيلد الذي اكد هذه الحقيقة عندما كان سفيراً في طوكيو لكاتب هذه السطور، انه سيأمر بسحب القوات الاميركية كلها من جنوب شرقي آسيا إثر إعادة انتخابه المتوقعة في العام 1964.
مقتل روبرت كينيدي
وهناك سبب صريح لحمل اللاجئ الفلسطيني سرحان على قتل روبرت كينيدي الذي أغدق اللوبي الاسرائيلي مبالغ طائلة على حملته الانتخابية ذلك العام 1964. الا ان سرحان كان في شكل شبه مؤكد اداة في يد المافيا، مثله في ذلك مثل روبي. اذ ان روبرت كينيدي، الذي عمل مدعياً عاماً خلال رئاسة اخيه، قد اعلن ان هدفه السياسي الاول هو القضاء على "المافيا".
ليس هناك شك في ان سرحان قد اطلق خمس رصاصات على كينيدي من الامام فأصابته اثنتان منها، غير ان الرصاصة التي قتلته على الفور اطلقها من الخلف تين يوجين سيزار، المحكوم السابق الذي كان يعمل في شكل موقت آنذاك حارساً شخصياً محلياً. وقال سيزار في ما بعد انه سحب مسدسه كي يطلق الرصاص على سرحان. وخرج شيم بنظرية تقول ان سيزار كان رجل المافيا المكلف بقتل روبرت كينيدي اذا ما فشلت محاولة سرحان. وعلى رغم انقضاء عامين على موعد اخلاء سبيله الموقت بعد ان قضى ثلثي الحكم بالسجن المؤبد الذي يعني عملياً ثلاثين عاماً لا يزال سرحان في زنزانته مما يثير الشكوك بأن هناك من يخشى ما قد يكشف عنه اذا اطلق سراحه.
وظهر في كانون الاول ديسمبر الماضي كتاب يدعو الى محاكمة جيمس ايرل راي من جديد، وتحمل مقدمته اسم القس جيسي جاكسون احد اتباع كينغ الذي كان معه لحظة اطلاق النار عليه.
أسئلة بلا أجوبة
ولا نعرف بالضبط ما اذا كان اوزوالد صوّب رصاصاته الى جون كينيدي. اذ انه تبين ان احدهم اوصى على بندقية صيد تعمل بالمزلاج من طراز "مانليتشر كاركانو"، وطلب ارسالها الى شخص آخر على عنوان اوزوالد. وعثر على هذه البندقية في المبنى الذي يفترض ان يكون هذا الاخير اطلق منه النار. لكنها لم تحمل اي بصمات، مع ان آثار راحة اليد وجدت على ماسورتها في ما بعد. ويفترض ستون في شكل غير قاطع ان هذه الآثار قد تكون وضعت على السلاح من قبل شخص كان يستطيع الوصول الى جثة اوزوالد في المستشفى. ومن الاسهل بالتأكيد صنع الماسورة بحيث تنطبق عليها آثار راحة اليد من ان تُفتح قبضة اوزوالد المطبقة باحكام شديد، كما هي الحال مع الميت الذي يتخشب جسده، وتوضع الاصابع بدقة على الامكنة الصحيحة: الزناد وخشبة البندقية وحولهما. وفي صورة سريعة يظهر اوزوالد ممسكاً ببندقيته في حديقة خلفية لمنزل وقد انطبقت على وجهه ظلال تختلف عن تلك التي سقطت على جسده، ماپيعني ان صورة قديمة لوجه اوزوالد كانت رُكبت على الصورة الحالية. ولم يعثر بعدها ابداً على الصورة السلبية.
وذكرت لجنة وارن ان اوزوالد اطلق النار اولاً ولقّم بندقيته وسددها قبل ان يطلقها ثانية ثم اعاد الكرة مرة اخرى وتم كل هذا في غضون 6.5 ثوان واستغرق خبير السلاح في فيلم ستون سبع دقائق في اطلاق ثلاثة عيارات نارية من بندقية من الطراز ذاته، الا انه قال: "لم يكن لدي متسع من الوقت كي أسدّد على الهدف". ووجدت اللجنة ان اثنتين من الرصاصات اصابتا الرئيس اصابة مباشرة اودت بحياته فيما مسته الاخرى مسّاً عابراً. لكن هذا انجاز فذّ في الرماية على هدف بعيد ومتحرك يفخر به حتى ابطال الرماية الاولمبيين الذين لم يكن اوزوالد واحداً منهم بالطبع.
ويقول نقاد لين وستون ان اصوات ستة عيارات نارية كانت سمعت لان الساحة رددت صدى رصاصات اوزوالد الثلاث. غير ان هذا يعني ان صدى كل عيار ناري كان سيتردد بعد ثانية من اطلاقه سرعة الصوت 200 متر في الثانية. وفي الحقيقة، يبين التسجيل الصوتي في الفيلم الذي صوره احد المتفرجين على حادث الاغتيال، ان الفترة الفاصلة بين كل رصاصة واخرى لم تكن متساوية. وتتفق معظم التحليلات المحايدة للاغتيال مع ستون ولين في القول بأن ثلاث رصاصات كانت اطلقت من الخلف - اي من المبنى - وثلاث اخرى من الامام: من سياج يقوم على رابية قريبة من سيارة الرئيس قبيل دخولها الممر السفلي او النفق القصير تحت الطريق الاخرى. ويبدو ان اول رصاصتين جاءتا من المبنى، ومست احداها الرئيس مساً خفيفاً بينما اصابته الثانية في رأسه. ويظهر ان الرصاصتين التاليتين اطلقتا عليه عن قرب من الامام واصابتاه حتى ان الرابعة كانت قاتلة اذ انها ادت عملياً الى تناثر دماغه خارج رأسه. ويبدو ان الرصاصة الخامسة اتت من الخلف فاخترقت جسد كينيدي واصابت حاكم ولاية تكساس جون كونالي الذي جلس امام الرئيس، وكانت الرصاصة السادسة المقبلة من الامام ايضاً من نصيب هذا الاخير بمفرده.
واستناداً الى فيلم شاهد العيان لم تؤذ الرصاصات الثلاث الاولى كونالي الذي شوهد وهو يدور على نفسه محاولاً مساعدة الرئيس، غير انه سرعان ما اصيب برصاصتين تركتا اربعة جروح مختلفة تحدد امكنة دخولهما وخروجهما من جسده. وحسب افتراض لجنة وارن فان احدى الرصاصات "الثلاث" اخترقت جسم كينيدي ثم انحرفت في الاتجاهات كلها حول جسد كونالي.
وكانت الرصاصة التي "وجدت" في المستشفى على نقالة كونالي ذات العجلات، بدون علامة مميزة تقريباً. وكأنها لم تلامس سوى اللحم. وشكك ستون في هذه الرصاصة معتبراً انها وضعت هناك "بقصد" اثبات ان اداة الاغتيال الوحيدة كانت بندقية فانليتشر كاركانو".
وطلب روبي، الذي استجوبته لجنة وارن في سجنه، ان ينقل الى سجن انفرادي في منشأة بواشنطن موضحاً انه لن يجرؤ على الافصاح عن اسماء من كانوا وراءه ما لم يلب طلبه هذا خشية ان يغتالوه في المعتقل. ورُفض طلبه في ما بعد ومات في سجنه ل "اسباب طبيعية". اما كلاي شو زعيم احدى جماعات "نيو اورليانز" الغني الشاذ جنسياً الذي اتهمه القاضي غاريسون بالتخطيط للمؤامرة ضد كينيدي، فكانت اخلت سبيله هيئة المحلفين التي ادانته بالاشتراك بمؤامرة ما، لم يكن عقلاً مدبراً لها. ولقي الشاهدان الاساسيان ضد شو حتفهما فجأة قبل ان يتمكنا من الادلاء بشهادتيهما، اذ راح احدهما ضحية جريمة قتل، فيما "انتحر" الآخر، كما يبدو.
ويركز ستون اهتمامه كله تقريباً على شو المتوفى، ما يعني ان الاساس الذي يرتكز عليه الفيلم ضعيف الى حد ما من منظور محام او صحافي متخصص بتقصي الاحداث. اما لين فيصب اهتمامه على هوارد هنت الذي اشتهر في عهد نيكسون كأحد "لصوص ووترغيت". كان هنت في 1963 رجل استخبارات يميني النزعة. وربح في ما بعد قضية رفعها ضد مجلة يمينية منوعة "سبوت لايت"، لانها اشارت الى وجوده في دالاس وقت اغتيال كينيدي. الا ان لين نجح في الدفاع عن المجلة والكشف عن غيابه عن مكتبه في مبنى تشغله وكالة الاستخبارات المركزية على مقربة من واشنطن، في ذلك اليوم بخلاف ما ذكره شو، كما وفق ايضاً في اثبات عدم تذكر أبناء شو لمشاهدة خبر الاغتيال على شاشة التلفزيون مع والدهم. وعبّر كبير المحلفين للصحافة عن اقتناعه وزملائه بقيام وكالة الاستخبارات المركزية بمؤامرة ضد كينيدي.
مؤامرة كبيرة
ويأخذ النقاد الرسميون على ستون اساساً تبنيه فرضية المقدم الجوي المتقاعد فليتشر بروتي التي تقول بوقوع مؤامرة واسعة ضد الرئيس كينيدي، تورط فيها اعداؤه في البنتاغون وزارة الدفاع الاميركية، لمعارضتهم الانسحاب من فيتنام، والقائمون على الصناعات الحربية ووكالة الاستخبارات المركزية بالاضافة الى مكتب المخابرات الفيديرالية، وكان على رأسه آنذاك احد اعداء كينيدي جي ادغار هوفر. كما شاركت المافيا في المؤامرة، طبقاً الى هذه النظرية، وعدد من اليمينيين المتطرفين الذين عارضوا انهاء الحرب الباردة، الى جانب عناصر كوبية مناوئة لكاسترو اذ ان كينيدي كان ابدى رغبته في التوصل الى سلام مع جاره الكوبي. ومن المؤكد ان تخريب الادلة وتغييرها بالاضافة الى هشاشة نظرية "أوزوالد بمفرده" تدعم هذه الفرضية، الا ان اثباتها يتطلب من ستون العثور على شهود آخرين وليس على بروتي وحده.
اوزوالد الغامض
والجدير بالذكر ان اوزوالد المتزوج من مهاجرة روسية، كان يحتل مرتبة متواضعة في جهاز استخبارات الاشارة التابع للمارينز، حيث تعلم اللغة الروسية. وبعد "فراره" الى روسيا وتخليه عن جنسيته سمح له بالعودة ولم يُستجوب، مما يجعل من المعقول الافتراض بانه كان مخبراً عادي المرتبة ذهب الى موسكو لينضم الى مجموعة من المعادين لكاسترو يتجسس عليهم من الداخل، وهذا ما اضطره الى الادعاء بتأييد كاسترو. وتتوافر الادلة على ان اوزوالد كان أُوقع به، ومنها شهادة وكالة الاستخبارات المزيفة عن زيارته للسفارتين السوفياتية والكوبية في مدينة مكسيكو، بالاضافة الى الصورة المركبة للبندقية. غير ان بعض الغموض لايزال يحيط بنشاطات اوزوالد، الامر الذي يدفع الى التساؤل: هل كان اوزوالد شخصاً يمكن التخلي عنه بعد تحذيره مكتب المخابرات الفيديرالية من مؤامرة ضد الرئيس؟ هل نصب له الفخ عندها لتحميله مسؤولية الاغتيال، ثم تمت تصفيته على يد عميل المافيا جاك روبي قبل ان يجتمع الى محام او قاض؟ ومع ان هذا ليس تفسيراً واضحاً فهو اقرب الى المنطق اكثر مما توصلت اليه لجنة وارن، واذا كان الفاعلون، الذين كشف الكونغرس عن بعض جوانب مؤامرتهم، لم يواصلوا نشاطهم محاولين اخفاءها، لماذا رفضت دور النشر الكبيرة طباعة كتابي لين وشيم الى جانب الكتاب الذي تناول جيمس ايرل راي؟ ولماذا امضى لين 15 عاماً في البحث عن ناشر لكتابه "نفي جدير بالتصديق"؟ عملاً بالقواعد السياسية الاصيلة، يكاد الاثنان ستون ولين لا يتحدثان مع بعضهما كما لا يرد عنوان كتاب لين في لائحة وثائق الفيلم.
الفيلم رشح لجوائز
ومهما يكن من امر فان ملايين المشاهدين في العالم سوف يشاهدون الفيلم الذي احرز سلفاً نجاحاً مادياً فائقاً في الولايات المتحدة ورشح لأربع جوائز دولية تتقدمها جائزة الاوسكار. وسيجد معظم المشاهدين الاجانب على الارجح، ان صراخ المحامين وغيرهم الصاخب من شأنه ان يحط من قيمة المناقشة التي يطرحها فيلم ستون، تماماً كما ستؤدي الاحتجاجات الحادة التي تطلقها ادارة اميركية مستاءة ومتذمرة وصحف اميركية اقل حياداً الى تركيز الاهتمام على الفيلم وعلى كتاب لين في شكل لم يكونا ليحظيا به لولا هذه الضجة.
هل ستفتح وزارة العدل الآن ملف التحقيق في اغتيال كينيدي من جديد؟ وما الذي سيكشف عنه بعد مرور 28 عاماً على الحدث توفي خلالها عديدون؟ هل سيحاكم راي ثانية؟ هل سينتهي تحقيق الكونغرس الى "مفاجأة تشرين الاول اكتوبر عام 1980 الى ملاحظات تافهة شبيهة بتلك التي توصلت اليها تحقيقات الكونغرس في مصرع كينيدي وكينغ؟ وهل سيتم التحقيق من جديد في مصرع روبرت كينيدي؟
حسب التقاليد الاميركية، يرجح ان يكون مكتشف حقيقة هذه الاحداث الثلاثة المتماثلة محققاً صحافياً يعمل من خارج شبكة الصحافة الرسمية، اذ أن مثل هؤلاء هم الذين سلطوا الضوء على بعض حقائق هذه الاغتيالات حتى الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.