اشتهر المحامي مارك لين 64 عاماً عندما أصدر عام 1967 كتاب "تسرع في المحاكمة" عن قضية اغتيال الرئيس جون كينيدي نشره في لندن بعدما رفض كل الناشرين الاميركيين قبوله. وتكمن اهمية هذا الكتاب انه ارغم الكونغرس على فتح تحقيق جديد في حادثة الاغتيال ولكن لم تكن هناك نتيجة. وعاد لين الى اصدار كتاب جديد عن القضية نفسها أخيراً بعنوان "نفي جدير بالتصديق" سعى فيه الى إثبات تورط رجال وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية في مؤامرة اغتيال الرئيس، الامر الذي أثار ضجة كبرى في الادارة الاميركية كما في المحافل الرسمية المتعددة. "الوسط" قابلت مارك لين وأجرت معه حواراً حول كتابه وفيلم اوليفر ستون "جي.اف.كي". حيث بدأته بالسؤال التالي: لوحظ ان اسمك لم يظهر في قائمة المصادر التي اعتمدها فيلم "جي.اف.كي"، فهل هناك خلاف مع مخرجه؟ - أراد اوليفر ستون أن يعد نسخة تمثيلية للاحداث من خلال شخصيات مركبة، فرفضت السماح له بذكر اسمي أو عنوان كتابي. انا انظر في الحادثة من موقعي كمحام، بينما يركز انتباهه على جوانب مختلفة تهمه كمخرج فذّ. وعلى أية حال، قتلت وكالة الاستخبارات المركزية رئيسنا في يوم مشمس في قلب الولاياتالمتحدة. واذا سعيت الى اثبات ذلك لا يمكنك ان تخلط بين نتائج تحقيقين مختلفين عندما تقدم أولئك في قاعة المحكمة، بغض النظر عما تقوم به في فيلم سينمائي. رافقت جيمس غاريسون النائب العام خلال التحقيقات مع كلاي شو ودايفيد فيري التي استغرقت حوالى سنتين. ولدى قراءتي المسرحية الاولى وجدت انها تذكر ذلك وتشير الى ما قاله غاريسون في المحكمة عن قتل وكالة الاستخبارات المركزية للرئيس كينيدي. وعندما انتشر ذلك في ما بعد، صدرت اتهامات غاضبة عن جورج لارندر صحافي في "الواشنطن بوست" وآخرين ردت عليها مجلة "تايم" التي تملكها مؤسسة "تايم - وارنر" الممولة لفيلم ستون. إذن، يوجه جيم غاريسون اتهاماته الى الاستخبارات العسكرية وجهات عسكرية صناعية بالاضافة الى حلقة تآمرية أوسع في معرض مرافعته ضد كلاي شو في الفيلم. ومع أني لا أنفي حصول ذلك، أعتقد أن غاريسون سعى الى اثبات شيء آخر في المحكمة يختلف عما حاوله كيفن كوستنر الذي يؤدي دوره في الفيلم. لذا، تفتقر بعض تفاصيل الفيلم الى الدقة، وهذا ما يؤسف له على اعتبار أن بقية عمل ستون لا تشوبه شائبة. كل ما ورد عن الاحداث التي شهدتها ساحة "ديلي" صحيح بخلاف تصوير غاريسون وكأنه أشرف على جوانب التحقيق كلها وقام باستجوابات معينة أجراها آخرون في الحقيقة. مثلاً، يقوم غاريسون باستجواب كنت قمت به شخصياً. وبالغ اوليفر في التركيز على اتهام شو، الذي برأته هيئة محلفين، وأضاف اليه بعض الزخرفات. وعلى سبيل المثال، لم يثبت أبداً اشتراك شو وفيري معاً في مؤامرة ما. واستناداً الى كتاب غاريسون لم يعترف شو بأي شي مطلقاً، على عكس ما يفعله في الفيلم. بعض التفاصيل الدقيقة واتسمت مشاهد تشريح الجثة بالدقة. افادات الاطباء التي تظهر في الحوار وما فعلوه بالجثة كلها مطابقة لما جاء في سجلات التحقيق. كما ان الكلمة التي وجهها غاريسون الى هيئة المحلفين والمخططات التي عرضها عليهم بغية دحض نظرية "الطلقة السحرية" كلها صحيحة أيضاً. ولم يجاف الفيلم الحقيقة عندما ذكر أن شو أو شخصاً آخر، انتحل ما يرجح أنه اسم شو المستعار، كان حاول العثور على محام يدافع عن اوزوالد. لا نزاع بيني وبين غاريسون فهو واحد من أعز أصدقائي. وعندما قررت وتريش زوجة لين الحالية بريطانية الاصل أن نتزوج، عقد غاريسون قراننا في قاعة محكمة الاستئناف التي كان يرئسها في نيو اورليانز. السي.آي.إي مسؤولة انت تتفق اذن مع الفيلم في تحميله وكالة الاستخبارات المركزية مسؤولية تزوير الأدلة بقصد الايحاء بأن السفارتين السوفياتية والكوبية في مدينة مكسيكو كانتا كلفتا اوزوالد بالعملية، في حين انه لم يذهب الى هناك في الحقيقة خلال تلك السنة. كما انك لا تنفي ايضاً اتهام الفيلم للوكالة باستخدام صورة شخص آخر وهو يغادر السفارة الكوبية وادعت لجنة وارن بأنها صورة اوزوالد؟ - نعم. وكنت عثرت على سبعة شهود في القضية التي دافع فيها لين بنجاح عن مجلة سبوت لايت ضد هوارد هنت لاثبات ان التسجيلات الصوتية قدمتها وكالة الاستخبارات الى لجنة وارن لم تكن بصوت اوزوالد. وهل زورت أيضاً نتائج تشريح الجثة لاخفاء عدد الرصاصات والجهات التي أتت منها؟ - نعم. كانت الاوراق التي دُونت عليها ملاحظات التشريح الأصلية حُرقت، ويا ليتها بقيت فمن المفيد معرفة ما قالوه تماماً. وهل أخبر اوزوالد مكتب الشرطة الفيديرالية بالمؤامرة لقتل الرئيس؟ يقول الفيلم أن شخصاً قصير القامة، يمكن أن يكون اوزوالد ذاته، كان فعل ذلك قبل الاغتيال باسبوعين؟ - لا اظن ذلك. لكن كانت هناك رسالة شاملة أرسلها رجال الشرطة الفيديرالية تقول إنهم تلقوا معلومات سرية عن مؤامرة لقتل الرئيس في 21 او 22 تشرين الثاني نوفمبر. لكني لا اعتقد أن اوزوالد هو من أدلى بهذه المعلومات، بينما ظنه غاريسون صاحبها ولهذا تعتبر طريقة عرض الفيلم لذلك مشروعة. هل كانت نية كينيدي بالانسحاب من فيتنام خلال ولايته الثانية وبوقف النزاع مع كوبا مهمة بالنسبة الى المتآمرين؟ - كانت مهمة للغاية، كما ذكرت في كتابي "نفي جدير بالتصديق". وكما تعلم، كان "الكولونيل X"، الذي ظهر في الفيلم، المقدم فليتشر برويتم الذي كتب مقدمة "نفي جدير بالتصديق". وكان فليتشر هو من أعد مسودة "مذكرة الأمن القومي" عن الانسحاب بتكليف من البيت الابيض وقام كينيدي على إثر ذلك بسحب ألف جندي من أصل 16 الفاً كانوا في فيتنام آنذاك. كما أطلع بروتي على خطة وضعها البيت الابيض لحل وكالة الاستخبارات المركزية خلال ولاية كينيدي الثانية واستبدالها بهيئة استخبارات جديدة أكثر نزاهة يكون على رأسها روبرت كينيدي. الصورة المزيفة أنت أيضاً ترى ان صورة اوزوالد السريعة وهو يحمل بندقية من طراز "مانليتشر كاركانو" كانت زائفة رُكّب عليها وجهه اذ تختلف الظلال التي يحملها الوجه والجسد عن بعضها البعض. - نعم. هذا فحوى الشهادة التي أدليت بها أمام لجنة وارن. وعندما واجهت شرطة دالاس اوزوالد بالصورة، قال إنه عمل في الماضي مصوراً، الامر الذي يجعله قادراً على رؤية زيفها. كم كان عدد العيارات النارية التي أطلقت في ساحة ديلي؟ اقتنعت لجنة وارن بأنها كانت أكثر من ثلاثة، فما رأيك؟ - كانت خمسة على الاقل، بما فيها الرصاصة التي قال أطباء مستشفى باركلاندز في دالاس بأنها أصابته من الأمام، بالاضافة الى الرصاصتين اللتين أصابتاه أيضاً، والرصاصة التي كانت من نصيب الحاكم كونالي بمفرده، والأخرى التي أخطأت سيارة الليموزين لتصطدم بالحاجز مؤدية الى تطاير شظية حجرية أصابت أحد الواقفين جيمس تيغ بجروح طفيفة في وجهه. قضية سرحان هل تظن أن سرحان بشارة سرحان الذي أدين باغتيال روبرت كينيدي كان أداة في يد المافيا وجهات اخرى مثله في ذلك مثل اوزوالد؟ -هناك أسئلة خطيرة متعلقة بجريمة روبرت كينيدي لم تجر الاجابة عنها بعد. وأعتقد أن مرد المسألة يعود الى مكالمة المدعي العام روبرت كينيدي الهاتفية مع رئيس وكالة الاستخبارات المركزية جون ماكون بعد اغتيال الرئيس كينيدي، وسؤاله: "هل قتلت وكالة الاستخبارات شقيقي؟". كتبت بالاشتراك مع جيسي جاكسون مقدمة ومدخل كتاب جيمس ايرل راي "من قتل مارتن لوثر كينغ؟" هل تعتقد أن جرائم قتل الاخوين كينيدي ومارتن لوثر كينغ كانت متصلة ببعضها؟ - نعم اعتقد ذلك، وأظن أن الكتاب كان رائعاً. كان راي أدين بقتل كينغ الذي ثقف نفسه بنفسه في السجن كتبه بالكامل بمساعدة بسيطة قدمها اليه محرر دار النشر. هل استغرق بحثك عن ناشر لكتاب "نفي جدير بالتصديق" 15 عاماً بالفعل؟ - حسناً، بحثت عن هذا الناشر على فترات متقطعة خلال هذه المدة، الا أنني قضيت ست سنوات منها 1985 - 1991 في البحث فعلاً، بعدها عدت الى القضية من جديد. كنت كتبته استجابة لطلب دار النشر الصغيرة تندرز ماوث في نيويورك.