سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اغتيال جون ف. كينيدي قبل اربعين عاماً ... انتزع الولايات المتحدة من "زمن البراءة" ورماها في "زمن فيتنام" واضطرابه . الفرق بين واقعة الاغتيال المادية المبهمة وبين الأهواء الأميركية أطلق العنان للتأويلات 2 من 2
لم "يشفع" بالأمر سبق ثلاثة رؤساء اميركيين 1 من 12 رئيساً تقريباً، يومها كينيدي، قضوا اغتيالاً: ابراهام لنكولن في 1865، وجايمس غارفيلد في 1881، وويليام ماكينلي في 1901، بيد موتور جنوبي ومختل عاطل عن العمل وفوضوي. فالرئيس الأخير انفرد بمقتل قاتله قبل محاكمته. وأراد مجلسا الكونغرس والرئيس الجديد تطويق الشائعات المجنونة التي أفلتت من اي عقال، فتولى جونسون، في 29 تشرين الثاني، وضع التحقيق بين يدي لجنة اوكل الى رئيس المحكمة العليا، ايرل وارِن - المتردد بإزاء جمع التحقيق والنيابة العامة الاتهامية في مصدر واحد - رئاستها. وانتُخب اعضاؤها من كبار البرلمانيين ومدير وكالة الاستخبارات السابق ومحام دولي تنقل في مناصب سياسية وإدارية عليا. فجمعت اللجنة السلطات الثلاث جميعاً. وأشركت إدارات كثيرة في عملها. ولم تغفل تعيين محام يتولى مصالح اوزوالد. واستتبع هذا ابعاد وزارة العدل، وعلى رأسها شقيق الرئيس وأقرب مساعديه في حياته، روبرت كينيدي. وحمل هذا على نشدان الحياد. وأنجزت اللجنة التقرير في عشرة اشهر في 27 ايلول/ سبتمبر 1964. وخلصت الى ان لي هارفي اوزوالد هو القاتل" وقتل وحده من غير شريك مؤامر" وقاتل القاتل، جاك روبي، قتل وحده كذلك ولم يأمره احد بالقتل" والقاتلان مختلان، وقتلا من غير باعث واضح ومفهوم. وجزم التقرير في ان القاتلين لم يكن يعرف واحدهما الآخر، وفي ان انتساب اوزوالد الى منظمات او جماعات سياسية متفرقة لم يؤد دوراً في فعلته. وفصّل التقرير سيرة القاتل المفترض. فقال انه ولد في نيو اورليينز في 1939، وكانت طفولته بائسة. فتوفي والده والولد في سن مبكرة. وتزوجت والدته ثم انفصلت عن زوجها الثاني. وكانت كثيرة التنقل، فلم تثبت هي وابنها في مدينة، ولم يحظ الإثنان بعلاقات اجتماعية مستقرة. سيرة مختلطة وفي 1956 تجند لي في مشاة البحرية المارينز، وتدرب في اثنائها على الرماية، ولم يبلغ غير مستوى متوسط من المهارة، شأنه في الرادارات. وقضى خمسة عشر شهراً في اليابان، احيل في غضونها مرتين الى المحاكمة، مرة لحيازته سلاحاً شخصياً غير مرخص، ومرة لتطاوله بالشتم على صف ضابط. ودرس مبادئ اللغة الروسية، فكان يقرأ عناوين الصحف السوفياتية ويجهر اعجابه بالدولة الشيوعية الروسية. فجزاه زملاؤه على ذلك وسمّوه اوزوالد سكوفيتش. وحين طلب تسريحه، في 1959، سافر الى أوروبا، ودخل الاتحاد السوفياتي بسمة مدتها 60 يوماً. وعجل في طلب الجنسية. فلم يستجب طلبه. ورد بمحاولة الانتحار. والتمس من السفارة الأميركية بموسكو إلغاء جنسيته الأميركية من غير ان يحصل على الهوية السوفياتية. ولكن السلطات مددت إقامته، ووجهته الى مصنع اجهزة تخابر بمدينة مينسك في بيلاروسيا. ولم يلبث ان أعلم السفارة الأميركية برغبته في استعادة جنسيته. ولما التقى فتاة روسية، مارينا بروساكوفا، في التاسعة عشرة من العمر، تزوجها. وأنجبت بنتاً في الشهر الثاني من 1962. وفي حزيران يونيو من العام نفسه تركا الاتحاد السوفياتي الى فورث وورث، بتكساس. وأقام بعض الوقت في نيو أورليينز، بعد انفصاله عن زوجته. وهناك وزع بيانات مؤيدة لكاسترو. ورجع الى تكساس، وكان يتردد بين الوقت والآخر على زوجته وابنته. وفي تشرين الأول اكتوبر 1963، ابتدأ العمل في مخزن الكتب المدرسية. والبندقية مع المنظار في المخزن، اشتراها المتهم من شيكاغو من طريق المراسلة، وتلقب باسم غير اسمه. وكانت بصماته على البندقية. وعلقت بالبندقية خيوط من قميصه، وفي حوزة زوجته صور شمسية يرى فيها اوزوالد حاملاً البندقية. وعشية الاغتيال استردها من منزل الصديقة التي كانت تستضيف مارينا، زوجته، بفورث وورث، ورجع بها الى دالاس مع زميل عمل. ولما سأله الزميل عما ينقل، قال: علاّقات ستائر. ويتوج الأدلة والقرائن هذه إقدامه على قتل الشرطي تيبّيت، حين حاول هذا محادثته وتعرفه. فحرصه على التخفي حمله على القتل. وإذا كانت الأدلة والقرائن على هذا القدر من الوضوح، فما مصدر التشكك الذي ما فتئ يتعاظم غداة نشر التقرير؟ فلغرابة الأمر، قد يكون المصدر الأول للتشكك هو الشريط المصور الذي التقطه الهاوي المبتدئ ابراهام زابرودير، بآلة تصويره الجديدة. فالثواني الاثنتان والعشرون - والأدق ان الشريط كاملاً يدوم ستاً وعشرين ثانية قبل حذف الثواني الأربع الأخيرة - الصامتة ومن غير عمق الحقل المضاد، تثبت على قدر ما تمتنع من الإجابة الجلية والمحكمة. فتفحّص الصور يظهر ان ثلاث رصاصات اطلقت على السيارة وأصابت اثنتان منها راكبها المستهدف، او هذا ما حسبت اللجنة ان في وسعها الجزم فيه. وعليه، فالرصاصة الأولى اخترقت رقبة الرئيس الراحل، الى اليمين قليلاً من العمود الفقري، وخرجت ناحية عقدة ربطة العنق الكرافات من امام. وينبغي ان تكون الرصاصة نفسها دخلت متطرفة يميناً ظهر كونالي، الجالس على المقعد بين كينيدي وبين السائق والمرافق، وخرجت من الصدر ناحية الحلمة، او تحتها بقليل، وكسرت معصم الحاكم قبل ان تجرح فخذه جرحاً خفيفاً. وأما الرصاصة الثانية فأطاحت الجهة اليمنى من دماغ الرئيس. ونَبَت الثالثة فلم تصب. وحين فحص اعضاء اللجنة المعطيات الطبية التشريحية، ظهرت ثغرة اولى في تماسك المعطيات هذه. ففي مستشفى دالاس، لم يُعنَ الأطباء الجراحون بالتشريح، ولم ينتبهوا إليه. فهم فتحوا مجرى القصبة الرئوية من غير ان يفحصوا الظهر، فحسبوا ان الرصاصة نفذت من امام. وعندما شرّح اطباء مستشفى واشنطن الجثمان، كانت جراحات دالاس طمست المعالم الدالة. واجتمعت الشكوك من مصادر متفرقة. فذهب اليمين، وبعض المستقلين، الى ان الاغتيال من صنع الزعيم الكوبي، من غير تبرئة الاستخبارات السوفياتية. والقرائن التي تربط القاتل المفترض بكوبا الكاستروية، وبالاتحاد السوفياتي، تثبت، على زعم انصار الرأي هذا، هذه النسبة. وذهب بعض اهل "اليسار" الى ان اثرياء تكساس، من اهل النفط، دبروا المؤامرة بواسطة المافيا القوية الصلة بالمنفيين الكوبيين. وأجمع نقاد التقرير على ان قَصْر الفعلة على رجل واحد مختل هو لي أوزوالد، صدر عن نفسه المختلة، ثم قتله مختل آخر هو جاك روبي، لا يحتسب القصر عدداً من الشهادات والوقائع والوثائق، أولها جميعاً شريط الهاوي المحلي، زابرودير ويذهب، اليوم، اربعة من كبار المخرجين السينمائيين، آرثر بن، وآلان كابولا، وبريان دو بالما، وفرنسيسي ف.كوبولا الى ان ثواني الشريط ال26 بعثتهم على البحث عما يجعل الوثيقة الجلية أحجية، ويحرفها عن الجلاء الى التعمية. فإلى بلوغ الشريط الصورة السادسة والستين بعد المئة - والآلة تلتقط 18 صورة في الثانية الواحدة، فتدوم الصورة الواحدة واحداً من 18 من الثانية - توالت صور اجتياز الموكب شارع هوستون الى شارع إِلم، على ما مر. ولكن الصور التالية الى الصورة 210، لا تفيد عن الموكب شيئاً، وتاه المصور وعدسته في اغصان شجر وشارة مرور اعترضت مشهد الطريق والموكب. وعندما يعود الرئيس الى الظهور، يُرى وهو يرفع يديه الى عنقة وكأنه يتلمس اثراً أو مسّاً. وأما الحاكم كونالي فيُرى وهو يتلفت يميناً ليرى ما يحدث، ثم يتلفت يساراً وكأنه سمع صوتاً مصدره اليسار. وحينذاك ينتفخ خداه ويحمرّان، ويتشعث شعره. وبعد ثانيتين وبعض الثانية أحاطت رأس كينيدي هالة حمراء، فاندفع الرأس الى امام، ثم الى خلف، في حركتين متقطعتين وثقيلتين. وبحسب لجنة قاضي المحكمة العليا، لم يصب كينيدي قبل الصورة 210، ولا بعد الصورة 225. وأما كونالي فأصيب بين الصورة 234 و238. فإذا ثبت ان الإصابتين مصدرهما رصاصة واحدة، لم يحتج التعليل الى رام ثان. وقام لي أوزوالد بالمهمة على وجه الكفاية. وإذا لم يثبت المصدر الواحد ترتب الإقرار برام ثان، وبمنسق بين الاثنين. وكرت السبحة الى ايجاب فريق من المتآمرين والممولين والمدبرين ومتولي إخفاء الرامي الثاني، وربما قتله، الخ. ويطعن في كفاية دليل الرامي الفرد ان بندقية لي أوزوالد المفترضة في مخزن الكتب، وهي من طراز مانليشر - كاركانو، سلاح ايطالي الصنع يعود الى الحرب الثانية، بطيء التلقيم، وغير دقيق الإصابة. وثبت في الاختبار ان الرامي الماهر والمتمرس يحتاج الى 3،2 ثانيتين لتلقيمها رصاصة ثانية، من غير احتساب وقت التصويب. وقياساً على سرعة شريط المصور، يدوم التلقيم نظير مرور 42 صورة. فإذا اصيب كيندي في الصورة 210، اقتضت اصابة كونالي انصرام ال42 صورة هذه، ووجب وقوعها بعد الصورة 252 على اقرب تقدير. وليس بين الصورة 234 و238، على ما هي الحال. وافتراض اطلاق النار من بندقية واحدة، وإصابة الرجلين بالرصاصة نفسها، يترك من غير تعليل سماع كونالي انفجار الطلقة، واستدارته يميناً، ثم يساراً سعياً في إثبات مصدرها، وأخيراً اصابته بعد ثانية من اصابة كينيدي الأولى. وعلى هذا، ينبغي حمل رد الحاكم المتأخر عن تلمس كيندي زلعومة على... تباطؤ رده، على ما يحصل لبعض جرحى الحرب. وتري الصورة 313 أثر الرصاصة التي اطاحت يمين رأس كينيدي، فتقدم الرأس ثم تأخر. ويفترض هذا قذف رام يصوب من امام السيارة، وليس من ورائها وحسب. ونفاذ إحدى الرصاصتين من امام هو ما حالت جراحة القصبة الرئوية دون إثباته على وجه اليقين. فلم يُعرف، من بعد، اذا كان جرح الرقبة متأتياً من دخول الطلقة او من خروجها. والأمر ليس سيّان. فإذا نجم الجرح عن دخول المقذوف، ثبت ان رامياً ثانياً غير رامي الطبقة السادسة من مبنى المخزن، على المنعطف، اشترك في الاغتيال. ويجيب الأطباء الخبراء عن حركتي الرأس المتضادتين بجواز ايجاب انفجار النسيج الدماغي حركةً انعكاسية. والتعليل بالجواز ضعيف. التشكيك فلما انقضى عامان على نشر تقرير لجنة وارِن، في 1966، كان اميركيان من ثلاثة على يقي من ان أوزوالد ليس القاتل الوحيد. وقبل ان تنقضي ثلاثة اعوام على الاغتيال، كان 18 شاهداً من شهود التحقيق قضوا، 13 منهم في حوادث سير غامضة، او انتحروا، او قتلوا. وبعضهم كان شهد على خلاف الرأي "الرسمي" الذي نسب الاغتيال الى لي أوزوالد، وَوَقفَ الفعلة عليه. وبعض آخر كان يعرف جاك روبي، قاتل أوزوالد، او شهد على مقتل الشرطي تيبّيت. ولم تفتأ فتوى "الرصاصة السحرية"، على ما سميت الرصاصة التي قتلت الرئيس وجرحت الحاكم في وقت قياسي، مدعاة هزء أميركيين شغلهم جلاء اللغز المحير الذي خلفه اغتيال الرئيس. وأدى افتضاح امر الرئيس نيكسون، وضلوعه في سرقة وثائق من مقر الحزب الديموقراطي، وهو ما عرف بفضيحة "ووترغيت"، الى تشكك عامة الأميركيين في التزام اجهزة مؤتمنة على القانون مثل وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيديرالي، فضلاً عن الرئاسة نفسها، الحدود التي رسمها القانون، وأوكل الى الأجهزة رعايتها. وغداة استقالة نيسكون واستباقه عزله، اوكلت الى نيلسون روكفلر، في 1975، رئاسة لجنة تحقيق في انشطة وكالة الاستخبارات المركزية في الولاياتالمتحدة نفسها.وخص التقرير الشائعات عن ضلوع الوكالة في اغتيال كينيدي، بعشرين صفحة. وخلص الى نفي التهمة عن الوكالة. ولكن التقرير سأل عما اذا كان عميلا الوكالة اللذان دينا في "ووترغيت"، فرانك ستورجيس وإ.هوارد هونت، في دالاس يوم جريمة اغتيال كينيدي. وسأل عما اذا كان أوزوالد وروبي على صلة ما بالوكالة. وفي العام التالي تولت لجنة من مجلس الشيوخ إتمام التقصي عن اجهزة الاستخبار. فلم يتستر تقرير اللجنة عن ان الوكالة المركزية ضلعت في ثمان محاولات، بين 1960 و1965، لاغتيال الديكتاتور الكوبي. ويلقي التقرير الضوء على مسوغ قول كاسترو في 7 ايلول سبتمبر 1963، بعد افتضاح امر واحدة من المحاولات هذه، ان الذين يتآمرون على اغتياله "لن يكونوا في مأمن". وكشف التقرير عن حجب مكتب التحقيقات ملفاً يتناول لي أوزوالد، ويعود الى ما قبل الاغتيال، على لجنة وارِن. وأحجم المكتب غير مرة عن التحقيق في انشطة بعض زعماء المافيا الذين حامت الشبهات على علاقتهم بمنظمات الجريمة الكوبية، على رغم إلحاح وزارة العدل. وبعد تردد دام عقداً ونصف العقد أوكل مجلس النواب، في 1976 و1977، الى لجنة على رأسها لويس ستوكس، النائب الديموقراطي عن ولاية اوهيو، التحقيق في اغتيالي كينيدي ومارتن لوثر كينغ. وخلصت لجنة ستوكس، في اوائل 1979، الى إثبات مسؤولية لي هارفي أوزوالد عن الاغتيال. ولكنها زادت على ما كانت لجنة وارِن انتهت إليه، قبل 15 عاماً، احتمالاً "راجحاً" ان يكون تولى الاغتيال راميان اثنان، وليس واحداً. وهذا يقود الى ترجيح المؤامرة. وأقرت اللجنة بعجزها عن إثبات الرامي الثاني، وعن سبر المؤامرة وفروعها. وذهب التقرير الى ان الطلقة الأولى ضائعة ولم تصب. وهذا تعليل التماس كونالي مصدر النار قبل إصابته. وهو الإجابة عن علة فرق الوقت بين الطلقتين، الظاهر في صور شريط زابرودير. وإلى الوثائق والمستندات التي نظرت فيها لجنة وارن وسع لجنة ستوكس الاستماع الى تسجيل صوتي حفظه جهاز لاسلكي شرطيٍّ كان في ساحة "ديلي بلازا"، بينما موكب كينيدي يهم بالسير بشارع إِلم. ويتردد في التسجيل صدى طلقة رابعة مصدرها، على الأرجح، "هضبة" الحديقة المعشوشبة. وكان شهود قالوا انهم رأوا، بالموضع نفسه، دخان قذيفة نارية. ولا يزال جايمس تاغ، احد مواطني دالاس، يذكر الى اليوم اصابته بجرح طفيف جراء شظية اسمنت اصابت يده من غير ان يدري كيف اقتُلعت الشظية من المبنى القريب، وهو واقف على رصيف الساحة، غير بعيد من الهضبة، يستقبل بوجهه الموكب الرئاسي الآتي بحسب تحقيق الصحافي الفرنسي ويليام ريمون مع احد ممولي حملات ليندون جونسون الانتخابية، بيلي سول ايتيس، "الشاهد الأخير" 2003. وكان تاغ احد الشهود الذين تقدموا الى الشهادة بعد الحادثة، ولم يأخذ تقرير اللجنة الأولى بشهادته. وأظهر التقرير الجديد ان لي أوزوالد وجاك روبي لم يكونا رجلين "مفردين"، وعلى حدةٍ من جماعات سياسية وجرمية تنشط على نحو او آخر في الولاية. ولاحظ ان من الأمور التي اغفلها التقرير السابق استجواب ضابط استخبارات سوفياتي، يوري نوسينكو، لجأ الى الولاياتالمتحدة في اوائل 1964، وزعم انه دقق في ملف اوزوالد لدى الكي جي بي "الوكالة" السوفياتية يومها، وبرأ المتهم من اي شبهة علاقة ببلده. فطوال أربعة اعوام، من 1964 الى 1968، احجمت الوكالة الأميركية عن سؤال نوسينكو عن أوزوالد، على رغم شيوع تكهنات في هذا الصدد، من طريق العلامات الكوبية او من طريق اقامة اوزوالد بالاتحاد السوفياتي وطلبه التجنس وزواجه. ورجح التقرير ان بين ما قاله الضابط اللاجئ في 1964 وبين ما ادلى به في 1978، فرقاً. ولكنه وقف في تمييز الصدق من الكذب فيما قاله نوسينكو. ويخص التقرير فرض فرضية المؤامرة السوفياتية بأربع صفحات، والمؤامرة الكوبية ب26، ومؤامرة مناوئي كاسترو وشبكة المافيا المتصلة بهم ب96 صفحة. وخلفت محاكمة جاك روبي، في آذار مارس 1964، شكوكاً لا تقل قوة عن تلك التي اثارها التعاطي القضائي والأمني الاستخباراتي مع لي أوزوالد. فالرجل كان صاحب ناد ليلي وصالة مقامرة معروف في دالاس. ويقع ملهاه على مقربة من صالة مقامرة كان يتردد إليها إدغار هوفر، مدير مكتب التحقيقات المزمن، مع عشيقه كلايد تولسون، سراً. وتولى احد كبار اثرياء تكساس، كلينت موكينسون، استقبال الرجل النافذ ورفيقه في منزله، وتسديد تكلفة اقامته وخسائره في الصالة. وتولى كذلك تصوير اشرطة تصلح أدلة إدانة. وربطت روبي بهذا الوسط الدائر بفلك نائب كينيدي، من قريب او بعيد، علاقات كثيرة استبعدت من دائرة التقصي والفحص أو أهملت. وموت بعض الشهود على علاقات جاك روبي، في ظروف غامضة، يدعو الى النظر. وعندما انعقدت هيئة المحلفين للبت والحكم، في ضوء تحقيق مبتسر، اجمع المحلفون في غضون ساعتين ونصف الساعة على إدانة متهم لم يستمعوا إليه، على قول صحافي أوروبي حضر المحاكمة. وهذه سابقة في تاريخ القضاء الجنائي الأميركي. سرح الخيال فلا عجب اذا كثرت "التحقيقات" المدنية والفردية، بمنأى من التحقيقات الإدارية ومن تحقيقات الهيئات الرسمية والمنتخبة، وإذا كثرت محاولات "تمثيل" الجريمة في السينما والتلفزة والصحافة والرواية وآخر "الروايات" تحقيق نورمان مايلر سيرة أوزوالد في طورها السوفياتي، وخلص الروائي على خلاف سابقه، بوبكين، الى ان أوزوالد كان "عميلاً" فعلاً ولكن على طريقته المتعرجة والمختلطة. وكان ريتشارد بوبكين 1966 ذهب الى أن أوزوالد اثنان وليس واحداً: واحد سافر الى الاتحاد السوفياتي، وهو صنيعة استخباراته، والآخر مواطن عادي لم يترك الولاياتالمتحدة، ولا شأن له في الاغتيال. والثاني هو الذي قُتل، بينما تبدد الأول واختفى. واحتج محام نيويوركي، مارك لاين 1966، لنفيه تهمة القتل عن أوزوالد بارتباك شرطة دالاس، وافتقار فحص البصمات على السلاح الى ادنى شروط الحذر والدقة. وسخر من حمل أوزوالد على الرامي الماهر. فأمهر الرماة قصّروا عن الأداء الذي افترضته له لجنة وارِن. والسلاح نفسه وصفه مساعد الشريف الذي عثر عليه بقطعة "ماوزر" من عيار 65،7، وهو سلاح يفوق عياره عيار السلاح الإيطالي. والمحامي النيويوركي هو الذي نبه الى ملاحقة الموت المشتبِه عدداً من شهود القضية. ويجنح التخييل، ويوغل في الغرابة مع ذواء الأدلة البيّنة. ولا يبدو ان تقادم الزمن على الحادثة يلجم التخييل. وما افترضه ريتشارد بوبكين من ازدواج أوزوالد خلّف مريدين وناسجين على منواله. فيذهب الصحافي الفرنسي ويليام ريمون - وهو حادث بيلي سول، الممول، في 2001، وأعد، الى كتابه الأخير، شريطاً وثائقياً بثته "قناة بلوس زائد" الفرنسية في 25 تشرين الأول اكتوبر الفائت - الى ان الرامي الثاني هو مالكولم افيريت والاس. ووالاس هذا، على زعم الصحافي، هو احد اعضاء نادي النخبة من خريجي جامعة اوستين، "ذي فريارز". وتولى كليف كارتر، اقريب معاوني ليندون جونسون الانتخابيين، تعقب الخريجين، في الأربعينات، واستمالتهم وتوظيفهم، ثم إرساء شبكة الأنصار الانتخابية المحلية والفيديرالية عليهم. واتهم مالكولم والاس، في 1951، بجريمة قتل احتار المحلفون في عقوبتها، فأفتى القاضي، مستشار لجنة المحلفين، بخمسة اعوام مع وقف التنفيذ. وكان القاضي من مرتشي الشيخ المحلي، نائب الرئيس الآتي. وتولى الدفاع عن والاس المحامي جون كوفير، احد ألمع المحامين الجنائيين وأغلاهم "اتعاباً" بدلاً، وأحد مستشاري جونسون. وكان على رأس نادي اوستن، في 1949،هوراس باغسبي، وهو مستشار آخر لخليفة كينيدي. ويرى باغسبي هذا وراء جونسون وهو يقسم اليمين الدستورية في الطائرة الرئاسية قبل إقلاعها من مطار "حقل الحب" بدالاس. وخلف مالكولم والاس هوراس باغسبي على رئاسة نادي الخريجين، في 1960 - 1962. ويزعم الصحافي الفرنسي، المحدِّث عن بيلي سول، ان بصمات على صندوق كرتون في الطبقة السادسة من مبنى مخزن الكتب المدرسية، تطابق بصمات بعض اصابع يد مالكولم والاس اليسرى المحفوظة في ملف جريمة 1951. ويروي الصحافي ان حادثة سير موّهت مقتل والاس، في 1971 بلاس فيغاس. ويقارن الراوي بين "اختفاء" والاس وبين اختفاء رجل آخر من رجال جونسون وكليف كارتر، يسمى ليجيت، رآه بعض من يعرفونه في لاس فيغاس بعد 23 عاماً على وفاته المفترضة! * كاتب لبناني.