رضا المستفيدين بالشرقية استمرار قياس أثر تجويد خدمات "المنافذ الحدودية"    سلمان بن سلطان يدشن "بوابة المدينة" ويستقبل قنصل الهند    دفعة قوية للمشاريع التنموية: نائب أمير الشرقية يفتتح مبنى بلدية القطيف    تحت رعاية خادم الحرمين.. «سلمان للإغاثة» ينظّم منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع فبراير القادم    افتتاح إسعاف «مربة» في تهامة عسير    بلسمي تُطلق حقبة جديدة من الرعاية الصحية الذكية في الرياض    وزارة الداخلية تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    "مستشفى دلّه النخيل" يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    وزارة الصحة توقّع مذكرات تفاهم مع "جلاكسو سميث كلاين" لتعزيز التعاون في الإمدادات الطبية والصحة العامة    أمانة جدة تضبط معمل مخبوزات وتصادر 1.9 طن من المواد الغذائية الفاسدة    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    لمن القرن ال21.. أمريكا أم الصين؟    الطفلة اعتزاز حفظها الله    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من هم زعماء المتطرفين العرب وما حقيقة "التنظيم الاصولي الدولي"؟
نشر في الحياة يوم 14 - 12 - 1992

في عددها الرقم 42 الصادر يوم 16 تشرين الثاني نوفمبر الماضي كشفت "الوسط"، نقلاً عن مسؤول عربي كبير، وجود "لجنة ارتباط عليا" تشرف على "الجماعات الاسلامية المتطرفة" في العالم العربي، ومهمتها دعم نشاطات اعضاء هذه الجماعات المنتشرين في عدد من الدول العربية، وعلى رأسها مصر والجزائر وتونس. وأكد المسؤول العربي الكبير لپ"الوسط" ان "لجنة الارتباط العليا" هذه تضم ممثلين عن الدكتور حسن الترابي السودان وراشد الغنوشي زعيم حركة "النهضة" المنحلة في تونس و"الجبهة الاسلامية للانقاذ" الجزائر وحركة "حماس" فلسطين وحركة "الجهاد" مصر. وتنسق هذه اللجنة اعمالها مع "بعض المسؤولين في ايران".
وقد كشفت مصادر مصرية سياسية وأمنية مسؤولة لپ"الوسط" معلومات وتفاصيل جديدة عن "لجنة الارتباط العليا" هذه ننشرها في هذا التحقيق الخاص الذي اعده مراسلو "الوسط" في القاهرة: "معلومات الجهات السياسية والامنية المصرية المسؤولة والمختصة تؤكد وجود "تنظيم أصولي دولي" تأسس على غرار "الامميات الماركسية" في الشكل والتكوين، ويوازي نشاطه نشاط التنظيم العالمي للاخوان المسلمين ويضم أكثر من حركة ومجموعة اصولية وإسلامية متشددة ويتبع العنف سبيلاً لتحقيق دعوته ويتميز بالتنسيق الدقيق بين عناصره في أكثر من بلد عربي.
وطبقاً لهذه المعلومات فان رموز التنظيم الاصولي العالمي أربعة أشخاص هم:
1 - الدكتور حسن عبدالله الترابي الامين العام للجبهة القومية الاسلامية في السودان. ويصف بعض المراقبين الغربيين الترابي بأنه "الحاكم الفعلي" للسودان، وان كان يحرص على نفي ذلك. ويبلغ الترابي من العمر 62 عاماً.
2 - الدكتور عمر عبدالرحمن المعروف بأنه "مفتي جماعة الجهاد" في مصر وهو مقيم الآن في الولايات المتحدة. والدكتور عبدالرحمن متهم في قضايا سياسية عدة، منها أنه اصدر فتوى اغتيال الرئيس أنور السادات، كما أصدر فتاوى لاغتيال شخصيات مصرية اخرى. ويبلغ من العمر 54 عاماً.
3 - راشد الغنوشي زعيم حركة "النهضة" المنحلة في تونس، وقد اتهم بالتآمر على النظام التونسي والرئيس زين العابدين بن علي، وهو محكوم بالسجن المؤبد غيابياً، ويقيم حالياً في بريطانيا.
4 - عباسي مدني زعيم "الجبهة الاسلامية للانقاذ" المنحلة في الجزائر، وهو معتقل مع نائبه علي بلحاج وعدد من قادة الجبهة منذ العام الماضي.
وهؤلاء الأربعة يعتبرون "زعماء المتطرفين العرب". لكن أبرز الأربعة هما، وفقاً لمصادر عدة، حسن الترابي وعمر عبدالرحمن. واستناداً الى معلومات الجهات المصرية المسؤولة فان هذا التنظيم الاصولي العالمي أعد خطة سرية للتحرك في العالم العربي تتضمن العناصر الآتية:
1 - اعداد "مشروع اسلامي" قام بصياغته حسن الترابي ويشكل برنامجاً لانشاء "جبهة أصولية" تضم الجماعات الاسلامية المعارضة للحكومات في العالم العربي.
2 - انشاء روابط قوية بين الجماعات الاسلامية المتشددة في العالم العربي.
3 - اعداد عناصر قيادية تتولى توجيه وتحريك نشاطات اعضاء هذه الحركات في دول عدة.
4 - تفضل قيادات التنظيم التحرك والعمل بعيداً عن حركة الاخوان المسلمين، وعلى رغم ان رموز هذا التنظيم العالمي واعلامه الرئيسيين خرجوا من العباءة الاخوانية لكنهم يصرون على ابراز الاستقلالية في الهدف والتكتيك والتنسيق. ويعتبر هذا التنظيم ان الثورة الايرانية هي "النموذج" الذي يجب العمل من اجل تطبيقه وان التجربة الايرانية قابلة للتصدير ايضاً والتنفيذ الجبري عن طريق التشدد والقيام بأعمال العنف وتكفير المسؤولين والجهاد ضد عدد من الانظمة.
ويعمل التنظيم الاصولي العالمي من خلال جناحين: الأول علني للدعوة، والثاني سري يتميز بالعنف ويسعى الى تشكيل الميليشيات العسكرية من اجل خلق القلاقل ونشر العنف وهو يركز على القوات المسلحة للاستفادة من خبراتها في استخدام السلاح وقدرتها على القيام بأعمال العنف والاغتيال. كما يجيد اعضاؤه استخدام الشيفرات السرية والأسماء الحركية وكل شيء مخالف للقانون، مثل استحلال اموال النصارى والسرقة والنهب والسطو المسلح والاغتيال وتزوير الاوراق الرسمية واستخدام - ايضاً - الأساليب اللااخلاقية في تنفيذ تكتيكهم مثل الخديعة والكذب والتضليل. ويؤمن اعضاء التنظيم "بتكفير الحاكم" واصدار فتاوى قابلة للتنفيذ من دون ادنى نقاش. وتقوم خطة التنظيم على استثمار الفراغ الموجود حالياً في الساحة السياسية العربية بعد انهيار الايديولوجيات الماركسية والناصرية والقومية والتحرك لنشر مبادئه ومعتقداته. ويطرح التنظيم الاصولي العالمي ايديولوجية جديدة مختلفة عن ايديولوجية الاخوان المسلمين من اجل توظيف الدين بالسياسة والعمل ضد الانظمة القائمة والمطالبة باسقاطها بالعنف والقوة عن طريق الاغتيالات السياسية.
ويسعى هذا التنظيم الى فرض ظواهر التشدد والتطرف والتعصب والارهاب من خلال تأسيس تنظيمات تحت اسماء "المجاهدون، الثوار، الجهاد، حزب الله".
ويركز التنظيم نشاطاته على الجبهات الاساسية الآتية:
ساحات المساجد، باعتبارها الاطار الاول الذي يتم فيه تكوين الخطاب الاسلامي وأول وعاء يستقبله.
ساحات الجامعات باعتبارها خط الاحتجاج الأول "للثوار الاسلاميين" وباعتبار الجامعات تضم أكبر تجمع للاصوليين القادرين على التفاعل مع أي حدث بسرعة.
المجتمع المضاد وجماعات الضغط من خلال السيطرة على مراكز الخدمة الاجتماعية والنقابات المهنية والاتحادات العمالية والمجالس المحلية، من اجل اعداد الكوادر والكشافة ونسج خيوط المجتمع الديني من داخل المجتمع المدني.
العلاقة مع الاخوان المسلمين
حول نشأة هذا التنظيم الاصولي العالمي والفكر الذي يقوم عليه ومدى أوجه اتفاقها واختلافها مع جماعة الاخوان المسلمين تقول هالة مصطفى الباحثة في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في "الاهرام": "لا نستطيع الحديث عن الجبهة التي تضم الترابي والغنوشي وعمر عبدالرحمن وعباسي مدني والذين تربطهم في الوقت ذاته علاقة خاصة بحزب العمل في مصر من دون ربط علاقتهم بجماعة الاخوان المسلمين التي انشأت فروعاً لها خارج مصر منذ مطلع عام 1937، حيث اقامت فروعاً لها في دول المشرق العربي مثل سورية ولبنان وفلسطين والاردن، ثم امتد نشاطها الى بلدان افريقية مثل اثيوبيا والصومال ونيجيريا والسنغال، ثم وصل منتصف السبعينات الى تركيا وإيران وباكستان وأفغانستان وبعض الدول الاخرى. ومرت جماعة الاخوان المسلمين بالعديد من النزاعات السياسية التي أثرت على توجهها واستراتيجيتها فيما بعد، حيث اصبحت أكثر راديكالية اثناء المحنة التي مرت بها الجماعة عام 1965 اذ برز تيار داخل المعتقلات يبلور خطاً اكثر عنفاً من الاخوان ليأخذ طابع فكر الجهاد. وهذا التيار سعى الى تعميم نشاطه في المنطقة العربية. وكانت البيئة في المغرب العربي التي لم يصلها فكر الاخوان المسلمين الا متأخراً اكثر قبولاً للفكر المتشدد لتيار الجهاد الموجود بالفعل في مصر، ومن هنا حدث تبادل فكري لنشر الآراء بين قياداته في كلا البلدين.
اما بالنسبة الى السودان فان المنتمين الى الجبهة القومية الاسلامية بقيادة حسن الترابي الذين كانوا جزءاً من التنظيم الدولي للاخوان المسلمين اعلنوا تمردهم على وصاية حركة الاخوان المسلمين عليهم، حيث رفض الترابي تقديم البيعة للمرشد العام للاخوان المسلمين في مصر، استناداً الى انه لا يوجد لهذه البيعة سند شرعي. ومن هنا بدأ الخلاف بين الترابي والاخوان حتى ان الاخوان في مصر دعموا حركات انشقاقية ضده كان يقودها الصادق عبدالله حيث قامت جماعة الاخوان بامدادهم بالمال وبالدعم المعنوي في انتخابات 1986، ووصل الامر الى حد قيام التنظيم العالمي للاخوان المسلمين باعلان فصل الترابي عن التنظيم، كما ان الاخوان المسلمين ابدوا تحفظاتهم على مشاركة الجبهة القومية الاسلامية السودانية في انقلاب السودان عام 1986 لأن الاخوان كانوا وضعوا استراتيجية تهدف الى استخدام سياسة النفس الطويل في التحرك وسط الجماهير لاقناعهم بفكرهم بحيث يكون التغيير تدريجياً من الداخل وليس بالانقلاب.
وقد تجلى التنسيق بين هذه العناصر الراديكالية او التي تعتنق فكر الجهاد ابان حرب الخليج وتمثل ذلك في المواقف المتقاربة لهم في كل من حزب العمل في مصر وحزب النهضة في تونس وجبهة الانقاذ في الجزائر والجبهة الاسلامية في السودان.
وبالفعل من الثابت وجود لقاءات واجتماعات بين كل من راشد الغنوشي وعمر عبدالرحمن والترابي وعباسي مدني وبعض قيادات حزب العمل المصري، الى جانب ان تيار الاخوان المسلمين في الاردن كان له اتصال بهم ايضاً حيث انهم أميل الى الاتفاق معهم في آرائهم. ويشكل هذا التنظيم الاصولي خطورة كبيرة تختلف نظرته ومواقفه في كثير من الامور عن فكر الاخوان المسلمين، حيث يرى ان الوصول الى الحكم يكون من خلال الانقلابات والاغتيالات والعنف والارهاب، بينما ترى جماعة الاخوان ان الوصول الى السلطة يتم بالتدريج من خلال القنوات الشرعية وباستعمال النفس الطويل، الى جانب العديد من الخلافات الفقهية والاجتهادات الدينية بين الجانبين. ويتعامل هذا التيار الاصولي مع ايران التي تقوم بتغذيته بالمال وببعض الافكار المتشددة وتساعده على تدريب عناصره في الخارج".
"الاممية المتأسلمة"
ويتحدث اللواء حسن أبو باشا وزير الداخلية المصري الاسبق عن التحالف بين الترابي والغنوشي ومدني وعبدالرحمن فيقول: "اتجاه حسن الترابي الفكري في الأساس ينتمي الى الاخوان المسلمين، اما عمر عبدالرحمن فله دور قيادي في تنظيم الجهاد في مصر الذي يتبنى العنف، وهو ما يطرح علامة استفهام حول مدى الصلة العضوية والتخطيط الذي يتبناه التيار السياسي الديني بصفة عامة في المنطقة العربية ومدى العلاقة التي تربط تنظيم الجهاد وفكره بالتنظيم الدولي للاخوان المسلمين، خصوصاً ان الاخوان المسلمين، على المستوى المحلي في مصر، ينفون تماماً ان يكون لهم أية صلة عضوية مع تنظيم الجهاد". ويلاحظ أبو باشا ان "التنظيم الدولي للاخوان المسلمين ينسق على مستوى المنطقة العربية، الا ان التنسيق الراهن بين قيادات الاخوان في السودان وتونس والجزائر يطرح تساؤلاً مهماً عن دور هذا التنظيم الدولي في حركة العنف السائدة في مصر وبعض الدول العربية الاخرى، كما ان هناك تساؤلاً آخر عن الصلة التي تربط بين هذا المحور وإيران على رغم الاختلاف المذهبي الديني بين ايران كشيعة وبين غالبية المنطقة العربية كسنة. كل هذه التساؤلات تحتاج الى وقفة لمراجعتها من جميع التنظيمات الدينية والسياسية في المنطقة العربية بأكملها".
ويؤكد الدكتور رفعت السعيد امين عام حزب التجمع المصري المعارض ان هناك الآن "محاولات لانشاء ما يمكن تسميته "الأممية المتأسلمة" تكون تابعة للنفوذ الايراني اقليمياً وعالمياً تحت ستار من الدين، وهي تستخدم القوة المسلحة وتعمل على نشر عقيدتها بالقوة ليصبح "التأسلم" ستاراً لعملية هيمنة النفوذ السياسي لدولة ايران". ويقول الدكتور السعيد: "بالنسبة الى الغنوشي فقد تم تقديمه بداية على انه معتدل، ثم تكشف بعد هذا ان شأنه شأن التيارات المتشددة، تتستر وراء الاعتدال ثم يتبين بعد ذلك اعتناقها لفكر الارهاب والعنف كسبيل لتحقيق اهدافها، مدعية بعد ذلك ان هذا الارهاب هو الجهاد الاسلامي. وبلغت خطورة الغنوشي ذروتها عندما تبين انه كان يسعى للحصول على صاروخ أرض - جو من مجاهدي افغانستان عن طريق جبهة الانقاذ في الجزائر بقيادة عباسي مدني لكي يطلقه على طائرة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وهذا نوع من الارهاب ليس له مثيل. وقد حاول الترابي ان يظهر في البداية كقوة تريد الوصول الى الحكم عبر البرلمان وادعى انه ديموقراطي، وما ان وصل الى الحكم عبر انقلاب عسكري انقلاب 1989 حتى تنكر للديموقراطية علناً معلناً انه غيّر افكاره تجاه الديموقراطية. اما في مصر فالشيخ عمر عبدالرحمن امير امراء الجماعات الاسلامية، كما يسمونه، يكفيه انه ظل يتحدث عن اميركا باعتبارها دولة الكفر والنصرانية ثم اتخذ منها بعد ذلك مكاناً يدير منه مؤامراته ويجمع فيه امواله".
ويرى الدكتور رفعت السعيد "ان هذا التحالف معاد للديموقراطية وحقوق الانسان وللاسلام، واعضاؤه يتفقون على ان الديموقراطية بدعة نصرانية ويعتقدون ان التعددية الحزبية "حرام"، اولئك يعتبرون انفسهم حزب الله وان الآخرين حزب الشيطان، وهم يتسترون خلف الدين ويحاولون ان يظهروا بمظهر المتأسلمين "لكي يحكموننا، فهدفهم الأساسي هو الحكم لأنفسهم. وهم ليسوا ضد كل ما تعاني منه الشعوب من ظلم وقهر ويحاولون اسلمة المحتويين الاقتصادي والاجتماعي لمختلف المشكلات".
ويعتقد السعيد ان هذا التحالف "لن يحقق انتصاراً على المستوى الحضاري او الجماهيري في المنطقة على رغم ان اعضاءه يستخدمون العنف والارهاب ضد الخصوم متسترين وراء التأسلم لمنعنا من مناقشتهم بحجة انهم يتحدثون باسم الاسلام ولا يجوز لأحد مناقشتهم. ونحن في مصر قادرون على مواجهة مؤامرات النظام السوداني الذي يستعين بايران في تصدير الارهاب لمصر. وهذا الموقف يحتاج لحركة شعبية واسعة تجمع المصريين على اختلاف قياداتهم السياسية والاجتماعية والفكرية لمواجهة هذا الحلف الذي يحاول ان يرتد بنا الى الخلف".
ويقول الدكتور ميلاد حنا، المفكر اليساري المصري المعروف، "ان الاصوليين في الشرق الاوسط لهم تنظيم يناسق الحياة السياسية في مصر وان هناك تنظيماً أصولياً للجماعات الاسلامية على كل اشكالها يرهب الدولة ويثير الذعر بين المواطنين. المستهدف الآن من جانب التحالف الاصولي الخارجي هو مصر، وأتوقع ان تشتد في الفترة المقبلة وطأة هذا التحالف على مصر بالذات من خلال حكومة السودان التي تعمل بتنسيق وتوجيه من ايران في اطار هذا التحالف. وأعتقد ان الشرطة والجيش في مصر عملا بالكفاءة المطلوبة لمواجهة هذا الامر، بينما لم تكن الاجهزة الاخرى في الدولة على المستوى نفسه من الكفاءة وينبغي من وجهة نظري ان تقوم الحكومة فوراً بانشاء جبهة وطنية من شخصيات عامة كبيرة، ومصر غنية بهذه الشخصيات، بحيث ترتكز على الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم وحزب الوفد الجديد الذي له جذور تاريخية عميقة في الريف والحضر ثم حزب التجمع، فضلاً عن شخصيات عامة لها صدقية للشعب المصري تعطي الامل في ان البديل العقلاني الشرعي قادر على حل مشاكل المجتمع. هذه المعركة فاصلة ضد قوى داخلية وخارجية ترى ان فرصتها مواتية لخلخلة النظام في مصر ولن تستطيع الحكومة المواجهة الا من خلال جبهة مماثلة داخلياً وخارجياً".
دور جبهة الترابي
التيجاني الطيب عضو لجنة التنسيق في التجمع الوطني الديموقراطي السوداني المعارض يؤكد ان هناك تنسيقاً واضحاً بين الجبهة القومية الاسلامية في السودان بزعامة حسن الترابي وبين عمر عبدالرحمن قائد جماعات الجهاد في مصر وراشد الغنوشي في تونس وعباسي مدني في الجزائر، بهدف تبني حركة سياسية على نطاق العالم العربي بصفة خاصة لنشر منهجها باستخدام العنف والارهاب وبقوة السلاح. الجبهة القومية الاسلامية في السودان قامت في ظل مناخ ديموقراطي سمح لها بحرية العمل والدعوة لمعتقداتها على رغم ان هذه الجبهة كانت شاركت الرئيس السوداني السابق جعفر نميري في استخدام شعارات الدين الاسلامي في قهر خصوم نميري السياسيين باستخدام العنف. وبعد حكم نميري اتيحت الفرصة كاملة لجبهة الترابي للقيام بنشاطها الا انها انقضت على الديموقراطية وقامت بانقلاب استولت فيه على السلطة وأقامت نظام حكم تقوم ديموقراطيته على العنف والارهاب وإهدار سيادة القانون وترويع الخصوم السياسيين للنظام. وقامت الجبهة القومية الاسلامية في السودان بانشاء ما اسمته "المؤتمر الشعبي الاسلامي العربي" وهو حركة اصولية بزعامة الترابي والغنوشي وعمر عبدالرحمن وعباسي مدني والذي يسعى لأن يكون "أممية اسلامية" تحل محل تنظيم الاخوان تحت دعاوى انه اكثر عمقاً ووسيلة في الانتشار من خلال استخدام العنف وقلب نظام الحكم بالقوة وإقامة معسكرات لتدريب ما يسمونهم المجاهدين من عدد من البلدان العربية وذلك بهدف اسقاط انظمة الحكم في البلدان الاخرى، وهم على استعداد للتعاون مع أية جهة لتحقيق هذه الغاية، وهذا الامر يمثل خطراً على امن واستقرار كل المنطقة العربية يجب ان يتصدى له الجميع".
ويضيف الطيب: "نحن في السودان نعتبر ان الغنوشي وعمر عبدالرحمن وعباسي مدني يتدخلون في الشؤون الداخلية للسودان بدعمهم نظام حكم الجبهة القومية الاسلامية الذي يعمل شعب السودان على اسقاطه".
ويقول المستشار مأمون الهضيبي المتحدث الرسمي لجماعة الاخوان المسلمين في مصر "لم يسبق لنا ان عرفنا عن الترابي انه يلجأ الى العنف أو يدعو اليه ولم ينشر مقالاً أو سبق له ان القى اي محاضرة حول هذا المعنى. اما عمر عبدالرحمن فلم التقه ولا توجد له مؤلفات ثابتة تدعو الى الارهاب. اما ما نسب اليه بهذا الشأن فهو مسألة يمكن ان تتثبت منها الجهات المختصة وبالنسبة الى افكار الغنوشي ومدني فهي بعيدة عن العنف واستعمال القوة". ويضيف الهضيبي: "نحن كاخوان مسلمين بصفة عامة لا نقبل الافكار الشاذة أو المتطرفة ولا نكفّر احداً ولا نستبيح دم احد، وكتاب "دعاة لا قضاة" للمرحوم حسن الهضيبي خير شاهد على ذلك حيث انكر تكفير الناس ورفض استباحة اموال الآخرين، ولكن بعض العلمانيين يحاول ان ينسب الينا بعض هذه الاتهامات من دون يقين أو دليل".
ويرى المفكر الاسلامي محمد سليم العوا انه ليس هناك تنسيق بين الترابي والغنوشي ومدني وعمر عبدالرحمن، خصوصاً ان الغنوشي لاجئ سياسي في لندن، وعمر عبدالرحمن مقيم في اميركا، والترابي مريض بعد الاعتداء عليه في كندا، وعباسي مدني في السجن، فما هو التنسيق اذن بين لاجئين سياسيين ومريض وسجين؟
ماذا يقول الترابي؟
وفي لقاء تم منذ فترة بين مندوب لپ"الوسط" والدكتور حسن الترابي في السودان، سألت "الوسط" زعيم الجبهة القومية الاسلامية عما اذا كان يسعى الى اقامة "امبراطورية أصولية" فأجاب: "سمعت هذه النظريات حول الامبراطورية الاصولية التي يخطط الترابي لاقامتها... هذه النظريات يثيرها الذين يرغبون في محاصرة السودان". وعن العلاقات بين السودان وإيران قال الترابي: "العلاقات بين السودان وإيران لم تبلغ درجة يمكن ان تهدد مصر أو دولاً اخرى. ويمكن ان نفسر العلاقات بين السودان وإيران كونهما يخوضان معاً تجربة أسلمة الدولة وهذا يقربنا من بعضنا البعض... لقد سمعنا ان السودان يستعمل علاقاته بايران ليضغط على اخوانه العرب. لكن السودان لا يسمح او يقبل ان يكون اداة تستغلها بعض القوى الاقليمية الكبرى لتنفيذ طموحات معينة تحقق لها مكاسب".
وراشد الغنوشي ينفي، ايضاً، وجود "حركة عالمية اسلامية" او "اممية اسلامية منظمة" بشكل رسمي، لكنه يضيف: "هناك تعاطف وتعارف بين الاسلاميين، وهذا من حقهم ومن واجبهم ان يعملوا لتوحيد صفوفهم ويتعاونوا في ما بينهم". ويعترف الغنوشي، في الوقت نفسه، بأنه حصل على جواز سفر سوداني. ووفقاً لمعلومات "الوسط" فان الغنوشي يستخدم جواز السفر هذا، الذي حصل عليه نتيجة علاقاته مع جبهة الترابي، في تنقلاته خارج بريطانيا. وهو زار خلال الاشهر الماضية بلدين عربيين على الأقل بصورة سرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.