أنجز "بنك الجزيرة" السعودي أخيراً عملية زيادة رأسماله من 100 الى 400 مليون ريال، في خطوة سجلت رقماً قياسياً في الاكتتاب الذي حقق 7 مليارات ريال ساهم فيه 200 ألف مكتتب. ومن المتوقع ايضاً ان يحقق "بنك القاهرة" السعودي زيادة رأسماله من 600 الى 1200 مليون ريال، في ظل توقعات بأن يتم تنفيذ الخطوة بنجاح. كما سبق لمصارف سعودية أخرى ان حققته. وكانت "سبحة" زيادة رساميل المصارف السعودية قد بدأت بقوة مطلع العام الجاري، عندما أقدم "بنك الرياض"، وهو أكبر المصارف السعودية من حيث الودائع، على زيادة رأسماله دفعة واحدة من 200 الى 2000 مليون ريال. ويقوم "البنك السعودي - الفرنسي" في الوقت الحاضر بالتحضير لزيادة مماثلة لرأسماله من 400 الى 900 مليون ريال، بزيادة نسبتها 125 في المئة. وطبقاً لمصادر مصرفية عاملة في الرياض فان مصارف سعودية اخرى على الطريق لزيادة رساميلها، وقد يكون "البنك السعودي للاستثمار" اصغر المصارف السعودية لجهة الرأسمال، المصرف الخامس الذي ينوي زيادة رأسماله البالغ حالياً 90 مليون ريال، إضافة الى احتمال خطوة مماثلة يقوم بها، "البنك السعودي - الأميركي" الثاني لجهة الودائع لمضاعفة رأسماله البالغ حالياً 600 مليون ريال. واللافت ان زيادة المصارف السعودية لرساميلها تأتي في الوقت الذي ينظر اليها على انها من اكثر المصارف ملاءة مالية في الشرق الاوسط والوحيدة في المنطقة التي استثنتها لجنة بازل من تصنيفها في خانة المصارف المرتفعة المخاطر، كما هي حال التصنيف للمؤسسات المصرفية الاخرى في المنطقة. وقد تتنوع الأسباب لزيادة الرأسمال بين مصرف وآخر. فقد أعلن "بنك الرياض" ان زيادة رأسماله من 200 الى 2000 مليون ريال ترتبط بتنفيذ برامج طموحة في مجال التسليف وتنويع الخدمات، في حين ربط "بنك الجزيرة" بين الخطوة وسعيه الى تقديم خدمات جديدة، الى جانب الاقفال النهائي لملف الخسائر التي حققها البنك طوال سنوات. اما بالنسبة الى "بنك القاهرة"، فان الزيادة قد تكون مرتبطة بالحاجة الى تدعيم المركز المالي للبنك في مواجهة محفظة الديون الهالكة، او المشكوك بتحصيلها. وأياً كانت الأسباب المباشرة لزيادة المصارف السعودية لرساميلها، وهي أسباب مهمة في حد ذاتها، الا ان هناك اجماعاً على ان السياسة المصرفية التي ترعاها مؤسسة النقد السعودية البنك المركزي تتجاوز بكثير الاعتبارات الخاصة بكل مؤسسة الى دور أوسع للجهاز المصرفي السعودي في التنمية الاقتصادية المتعاظمة في المملكة. لقد تزامنت زيادة رساميل المصارف السعودية مع ظاهرة اخرى لا تقل اهمية، هي ارتفاع حجم الودائع بنسبة 58 في المئة في أقل من عام، اذ زادت الودائع التي استقبلها الجهاز المصرفي السعودي من 4،131 مليار ريال في نهاية العام 1991، الى 7،207 مليار ريال في نهاية تموز يوليو الماضي. وقد ارتبط ارتفاع الودائع بهذا المعدل القياسي بانتهاء حرب الخليج، والكفاية التي اثبتتها المصارف السعودية في مواجهة الازمة التي نتجت عن لجوء الرساميل الى الخارج، ثم عودتها الى الاسواق الداخلية. كما ارتبط هذا الارتفاع بعودة الانتعاش الى الاسواق السعودية. الا ان الزيادة في حجم الودائع كان لا بد ان تواكبها زيادة اخرى في الرساميل. فلقد الزمت القوانين المعمول بها في السعودية المؤسسات المصرفية بألا تزيد التزامات البنك من الودائع على 15 مثلاً من مجموع احتياطاته ورأسماله المدفوع او المستثمر. والزمت القوانين المصارف التي تحقق مثل هذا الفائض، بأن تعمد اما الى زيادة رأسمالها الى الحد المقرر في خلال شهر أو ان تودع 50 في المئة من الودائع الزائدة لدى مؤسسة النقد السعودية البنك المركزي. وعلى رغم هذا الوضع القانوني، الا ان طموحات المصارف السعودية ربما كانت تركز على تحقيق دور اوسع في عملية التنمية وزيادة مستوى التسليفات او تحقيق برامج طموحة للاقراض. فالزيادة في الودائع مرتبطة بالزيادة في الرساميل، وهي تقود حكماً الى الزيادة في التسليفات من دون تجاوز الحد الأقصى الذي تحدده القوانين السعودية بنسبة 25 في المئة من الرساميل والاحتياطات. ولقد بدأت بوادر مثل هذه السياسة بالظهور من خلال مساهمة بعض المصارف السعودية في توفير قروض متوسطة الاجل لمشاريع استثمارية في المملكة. ومن المتوقع ان تتوسع هذه المساهمة في خلال السنوات الثلاث المقبلة، بحيث يحصل القطاع الخاص السعودي على حاجته من القروض من المصارف الوطنية بدلاً من اللجوء الى المصادر الخارجية، كما كانت الحال سابقاً.