الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    منتخب المغرب يستعرض قوته بخماسية في شباك الجابون    منتخب مصر يعلن إصابة لاعبه محمد شحاتة    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    ابن جفين: فخورون بما يقدمه اتحاد الفروسية    شولتس يؤكد أن موقف ترامب من أوكرانيا «أكثر تعقيداً» من المتوقع    رتال تختتم مشاركتها كراعٍ ماسي في سيتي سكيب بإطلاق حزمة مشاريع نوعية بقيمة 14 مليار ريال وتوقيع 11 اتفاقية    القوات الجوية السعودية تختتم مشاركتها في معرض البحرين الدولي للطيران    بعثة الاخضر تصل الى جاكرتا استعداداً لمواجهة اندونيسيا    جدة تشهد أفراح آل قسقس وآل جلمود    إحباط تهريب 380 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    القمر البدر العملاق الأخير    تركي آل الشيخ يعلن القائمة الطويلة للأعمال المنافسة في جائزة القلم الذهبي    قادة الصحة العالمية يجتمعون في المملكة لضمان بقاء "الكنز الثمين" للمضادات الحيوية للأجيال القادمة    جامعة أم القرى تحصد جائزة أفضل تجربة تعليمية على مستوى المملكة    المملكة تواصل توزيع الكفالات الشهرية على فئة الأيتام في الأردن    فريق قوة عطاء التطوعي ينظم مبادرة "خليك صحي" للتوعية بمرض السكري بالشراكة مع فريق الوعي الصحي    الذهب يواجه أسوأ أسبوع في 3 سنوات وسط رهانات على تباطؤ تخفيف "الفائدة"    النفط يتجه لتكبد خسارة أسبوعية مع استمرار ضعف الطلب الصيني    جامعة أمّ القرى تحصل على جائزة تجربة العميل التعليمية السعودية    بحضور وزير الخارجية.. اللجنة الوزارية السعودية الفرنسية تجتمع في باريس لتطوير العلا    خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    ميقاتي: أولوية حكومة لبنان هي تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701    الاعلان عن شكل كأس العالم للأندية الجديد    موقف ريال مدريد من ضم ثنائي منتخب ألمانيا    "الخبر" تستضيف خبراء لحماية الأطفال من العنف.. الأحد    ليس الدماغ فقط.. حتى البنكرياس يتذكر !    البثور.. قد تكون قاتلة    قتل أسرة وحرق منزلها    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    أمين الأمم المتحدة يؤكد في (كوب 29) أهمية الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    جرائم بلا دماء !    الخرائط الذهنية    «قمة الرياض».. إرادة عربية إسلامية لتغيير المشهد الدولي    «خدعة» العملاء!    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    «السوق المالية»: تمكين مؤسسات السوق من فتح «الحسابات المجمعة» لعملائها    لماذا فاز ترمب؟    علاقات حسن الجوار    الشؤون الإسلامية في منطقة جازان تقيم مبادرة توعوية تثقيفية لبيان خطر الفساد وأهمية حماية النزاهة    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    في أي مرتبة أنتم؟    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    استعادة التنوع الأحيائي    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    مقياس سميث للحسد    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" في اريتريا . رئيس الحكومة أفورقي : علاقاتنا باسرائيل لن تؤثر على امن المنطقة الجامعة العربية ليست فعالة ولن ننضم اليها ، وزير الخارجية : لا قاعدة عسكرية اسرائيلية في اريتريا ، وأثيوبيا ستقبل قيام دولتنا المستقلة نتيجة الاستفتاء
نشر في الحياة يوم 05 - 10 - 1992

تعيش اريتريا، حالياً، اجواء الاستعدادات لاجراء استفتاء عام في هذا الاقليم المطل على البحر الاحمر سيطلب فيه من المواطنين، البالغ عددهم 3 ملايين و500 الف نسمة، الاجابة عن سؤال واحد بنعم أو لا: "هل تؤيد قيام الدولة الاريترية المستقلة ذات السيادة الكاملة"؟ وعلى رغم ان هذا الاستفتاء سيجري في نيسان ابريل 1993 الا ان الاستعدادات الرسمية والشعبية بدأت، اذ شكلت الحكومة الموقتة لجنة مستقلة للاشراف عليه وتنظيمه وتولي عملية تسجيل المقترعين. وتضم هذه اللجنة 5 شخصيات اريترية وهي برئاسة الدكتور اماري تخلي المستشار السابق في وزارة الخارجية الاثيوبية.
وفي انتظار اجراء هذا الاستفتاء الذي سيكرس الاستقلال تتولى ادارة شؤون اريتريا حكومة موقتة تسلمت السلطة في ايار مايو 1991 اثر سيطرة "الجبهة الشعبية لتحرير اريتريا" على الاقليم. ويرئس هذه الحكومة اسياس افورقي. وفي آب اغسطس الماضي حدث تطور ديبلوماسي مهم اذ ارسلت الولايات المتحدة أول ممثل رسمي لها الى العاصمة الاريترية اسمرا، هو القنصل جوزف اولين. وتعتبر هذه الخطوة أول اعتراف اميركي رسمي بالحكومة الاريترية الموقتة. وقد التقى اولين بأفورقي وأبلغه تأييد الولايات المتحدة "للجهود الايجابية التي تبذلها الحكومة الاريترية الموقتة لاحلال سلام دائم في القرن الافريقي". وقال أفورقي ان اي استقرار في المنطقة يتطلب تعاوناً كاملاً بين كل دول المنطقة. ويعتقد مراقبون للأوضاع في القرن الافريقي بأن الاعتراف الاميركي بالحكومة الاريترية سيفتح الباب امام دول عربية اخرى لارسال ممثلين لها الى اسمرا. كما سيساعد ذلك على ضمان اجراء الاستفتاء على استقلال اريتريا في موعده المقرر في نيسان ابريل السنة المقبلة. يذكر ان دولاً عربية عدة ارسلت ممثلين رسميين لها الى اسمرا من بينها مصر والسودان واليمن. وكان أفورقي بدأ اخيراً اتصالات عدة مع دول عربية وزار مسقط في تموز يوليو الماضي.
أفورقي يتحدث الى "الوسط"
"الوسط" التقت رئيس الحكومة أفورقي ووزير الدولة للشؤون الخارجية محمود شريفو وأجرت مع كل منهما حواراً خاصاً يلقي الاضواء على ما يجري في اريتريا وعلى علاقات اريتريا العربية والدولية. ونبدأ أولاً بالمقابلة الخاصة مع رئيس الحكومة اسياس أفورقي، وهذا نصها:
هل صحيح ان علاقتكم بالدول العربية تشهد فتوراً بسبب اعلانكم العزم على الاعتراف باسرائيل؟
- علاقتنا مع أية دولة لن تكون على حساب دولة اخرى أو تؤثر على أمن المنطقة، لقد أقامت دول عدة علاقات مع اسرائيل أو مع جنوب أفريقيا، وهناك من زايدوا على ذلك، ولكننا لا نريد مزايدات أو أي نوع من سياسة دفن الرؤوس في الرمال، كما ان علاقتنا مع اسرائيل لا علاقة لها بموقفنا المبدئي من حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وحل قضيته. هناك تهويل واختلاق في موضوع اسرائيل هذا، سببه في الأساس الاعلام العربي... وإذا قارنا بين عدد الصحفيين العرب والأجانب الذين زاروا أريتريا خلال حرب التحرير نجد ان عدد العرب منهم لا يتجاوز نسبة واحد في المئة. إننا نبني علاقاتنا مع كل الدول من دون التأثر بخلفيات مرحلة ما قبل التحرير. وإذا كنا سنحاسب كل من وقف ضدنا وحاربنا خلالها فإننا سنحاسب اميركا لدعمها هيلا سيلاسي ضدنا والاتحاد السوفياتي لدعمه نظام منغستو هيلا مريام والدول العربية التي وقفت مع الأنظمة الأثيوبية المتعاقبة وسيكون في ذلك بالطبع الكثير من عدم الواقعية. ان سياسة الحكومة الموقتة تأخذ في الاعتبار المصلحة الوطنية لأريتريا ولا تحدد علاقاتها الخارجية على أساس المواقف.
ما هو موقفكم من المعارضين لحكومتكم في الخارج، والذين يقولون ان الجبهة الشعبية انفردت بالحكم؟
- ليست هناك معارضة اريترية في الخارج، ومعظم قادة الجبهات عادوا الى البلاد، ولكن هناك أفراداً لا وزن لهم يريدون ان يظلوا في الخارج، وما يطرحونه لا قيمة ولا أساس له، وأعتقد أن لهم مصلحة مالية وأنهم يتلقون دعماً مالياً في الخارج. الخلافات موجودة في أي بلد ولكن حلها يكون بالحوار وليس بأسلوب الشتائم والمهاترات في الخارج.
البلاد مفتوحة لمن يريد العمل وله رأي او فكر او اتجاه سياسي وهناك استقرار وحرية وبرامج الحكومة الموقتة واضحة وشاملة ولا مبرر للخلاف معها.
حركة الجهاد الاسلامي المعارضة لكم في الخارج تتهمكم باعطاء امتيازات كثيرة للمسيحيين على حساب المسلمين في كل المجالات وشن حملة صليبية على الاسلام؟
- هذه مزاعم جماعات تجهل وضع المجتمع الاريتري في الأساس. ان الذين يوجهون هذه الاتهامات أناس حاقدون ومرضى نفسيون يحتاجون للعلاج قبل أن يمارسوا العمل السياسي. حتى بالنسبة الى تطبيق الشريعة الاسلامية فكيف لحزب يقول انه سياسي ان يطالب بتطبيق الشريعة الاسلامية في مجتمع نصفه مسلم ونصفه الآخر مسيحي؟ إن ذلك سيؤدي الى نزيف لا نهاية له والى تفتيت وحدة الشعب. إن موقف هذه الجماعة غير مبني على اساس، وكنا نجد لهم المبرر لو كانوا مثلاً شاركوا في حرب التحرير أو كانوا موجودين كتنظيم سياسي او عسكري ودخلوا معنا في خلاف أدى الى ترسب احقاد بنوا عليها مواقفهم، ولكنهم لم يكونوا موجودين في الميدان اصلاً. لقد ظهرت ما تسمي نفسها حركة الجهاد الاسلامي في نهاية الثمانينات وهي امتداد لتيارات خارجية اسلامية فشلت في تنفيذ برامجها في بلدانها فأخذت تحاول ايجاد مبرر لبيع افكارها لهم من خلال اغراءات مالية او ايجاد عناصر تخدم مصالحها وليس المصلحة الوطنية.
في هذا الاطار كيف تفسرون علاقتكم الوثيقة بالسودان، فأنتم نظامكم علماني والسودان توجهه اسلامي، وهل هناك استراتيجيات مشتركة؟
- العلاقات بين البلدين علاقات تاريخية وثيقة، والسودان ظل يدعم الكفاح الاريتري للتحرر منذ بدايته خلال الحرب العالمية الثانية، وهناك علاقات تجارية وطبيعية مشتركة على الحدود بين البلدين ظلت مستمرة بصرف النظر عن نوع الحكومات، ويمكنني ان أقول، بكل تأكيد، ان حكومة الرئيس عمر البشير منذ مجيئها اتخذت مواقف واضحة في التعامل مع القضية الاريترية هي امتداد لمواقف سودانية سابقة مع الجهات والتنظيمات الاريترية، وقد تطورت هذه العلاقات بعد التحرير، وتجمع البلدين النظرة المشتركة لضرورة العمل الجماعي لحل قضايا المنطقة. ان طبيعة الانظمة تختلف وتتغير ولهذا يجب ان تكون هناك ثوابت اساسية مثل مبدأ التعاون والامن والاستقرار الجماعي. هناك تفسيرات في الخارج تحاول اعطاء العلاقات السودانية الاريترية طابعاً طائفياً وهذا ليس صحيحاً، وإذا كان نظام الحكم في السودان اسلامياً فهذا امر يهم السودانيين وحدهم، وإذا كان نظام الحكم في اريتريا علمانياً فهو ايضاً امر يعني الاريتريين وحدهم. ولكن يجب ان يكون هناك تعايش نموذجي وبنّاء بين النظامين لتجاوز مشاكل المنطقة، ان علاقات البلدين طبيعية ويجب على الآخرين ان يتحملوا ذلك.
ماذا تم بخصوص القضايا المعلقة بينكم وبين اثيوبيا، مثل اقتسام الموارد والعلاقات التجارية وأسرى الحرب، وما مصير السلاح الهائل الذي غنمتموه من الجيش الاثيوبي في الحرب؟
- علاقتنا مع أثيوبيا طبيعية وقد حسمنا الخلافات حول مسائل القروض والمبادئ، والاتجاه الآن هو الى المزيد من التعاون في مجالات التجارة والتنمية والسياسة في نطاق اهتمامنا بأمن القرن الفريقي. ولكن الاوضاع الحالية في اثيوبيا بعد الاعداد للانتخابات شابتها بعض العراقيل والصعوبات ادت الى انسحاب بعض المنظمات الاثيوبية من الحكومة ومن الانتخابات وأثرت سلباً على الانتخابات وعلى البلاد وشغلت الحكومة، ونتمنى ان يتجاوز الاثيوبيون ذلك. اما بخصوص الاسرى فلا يوجد الآن أي اسرى في البلدين. السلاح الذي غنمناه من الجيش الاثيوبي ملكنا شرعياً، ولكن القضية في نظري الآن ليست هي من يملك السلاح بل ما هو العمل بالفائض من الاسلحة والذخائر التي كانت لأقوى جيش في افريقيا السوداء وأصبح ملكاً للشعبين الاريتري والاثيوبي، في مرحلة فيها امن واستقرار ولا حاجة لأحد الى ترسانة بهذا الحجم. ان تجاوز هذه المشكلة في رأيي يكون من خلال العبرة بأن تكديس هذه الترسانة لم يخدم نظام منغستو نفسه، وعلى أية حال فإن هذا الموضوع غير مثار حالياً.
نعارض الانضمام الى الجامعة العربية
أبديتم عدم حماس للإنضمام الى الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الافريقية عند الاستقلال، ما هي الأسباب؟
- الانضمام الى هذه المنظمات يجب ان يسبقه سؤال عن الهدف منه: هل هو لإيجاد هوية أم لفائدة سياسية او اقتصادية أو أمنية؟ فإذا كان الانضمام يهدف الى ايجاد هوية للمنضم فإنه يعني في الواقع نكران الهوية ذاتها، اما اذا كان لتحقيق فائدة فإننا نعتقد ان الجامعة العربية ليست منظمة ذات فعالية ترغب الدول في الانضمام لها للبحث عن مصالح معينة بصورة جماعية من خلالها. وأعتقد ان منظمة الوحدة الافريقية اسوأ وضعاً منها. وفي الحقيقة فإن موضوع الانضمام او عدمه ليس من مسؤولية الحكومة الموقتة، ولكن اتجاهنا هو عدم الانضمام الى أي من هاتين المنظمتين.
من خلال مبادرتكم للمصالحة بين الفصائل الصومالية ما هي رؤيتكم لتحقيق الأمن في القرن الافريقي؟
- إن دورنا في هذا المجال مرتبط بالدور الجماعي لدول المنطقة على رغم ان له خصوصية نابعة من مساندة الشعب الصومالي للقضية الاريترية في السابق. ونحن نسعى لايجاد حل لقضية الصومال، ولكن المشكلة انها قضية معقدة جداً وحلها يحتاج لوقت وصبر، والى جانب جهودنا هذه فإننا نرى ان الجهد الجماعي لدول المنطقة، بما فيه جهود اللجنة الخماسية التي كونتها القمة الاخيرة لرؤساء دول المنطقة، هو المدخل السليم لحل مشكلة الصومال قبل جهود الاطراف الخارجية.
وجهتم اتهامات من قبل لعناصر من مؤيدي الرئيس الأسبق منغستو هيلا مريام بمحاولة زعزعة الأمن في اريتريا وأثيوبيا، هل يمارس منغستو اي نشاط الآن ضدكم؟ وهل طالبتم باسترداده؟
- هو لا يستطيع عمل شيء، ولكننا نرى ان لا مفر من محاكمته، وهذه مسؤولية انسانية في المقام الأول قبل ان تكون مسؤولية حكومات، وقد لا تكون هناك في اثيوبيا احصاءات عن الخسائر في المعارك خلال 17 عاماً، ولكننا نقدر ان ضحايا حرب منغستو وإرهابه وقمعه لا يقل عن المليون شخص الى جانب الاغتيالات والابادة الجماعية في اريتريا، مما يفرض على المجتمع الدولي السعي لتقديمه للمحاكمة ليلقى جزاءه العادل، وحالياً نعد الوثائق اللازمة لطلب محاكمته كمجرم حرب وفق القانون الدولي.
اللاجئون والاستفتاء
تخططون لإعادة أكثر من نصف مليون لاجئ اريتري من السودان على ثلاث مراحل بالتنسيق مع الأمم المتحدة، ماذا تم في هذا الشأن؟
- مساعينا في هذا الجانب لم تصل الى شيء ملموس حتى الآن، لأن هناك الكثير من التعقيدات التي تواجه تنفيذ مشاريع وبرامج اللاجئين، لكن هناك عودة تلقائية عفوية لبعضهم شملت حتى الآن حوالي 70 الف لاجئ، المشكلة هي ان الأمم المتحدة لا تقدم مساعدات كافية لعودة لاجئين بحجة عدم وجود الامكانات، وهو تبرير غير مقنع في رأينا، خصوصاً عندما نقارن المساعدات التي قدمتها الأمم المتحدة ليوغوسلافيا وكمبوديا لمشاكل مماثلة على رغم ان احتياجات اللاجئين الاريتريين اقل، ولكننا لم نوفق في اقناع الأمم المتحدة بتمويل خطتنا لإعادة اللاجئين من السودان وتأهيلهم وتوفير الخدمات لهم، ولكن هناك تعاوناً بيننا وبين الحكومة السودانية وعدد من المنظمات غير الحكومية بهذا الخصوص، كما ان لدينا مشاريعنا الخاصة لاعادة اللاجئين.
وجهت الأمم المتحدة أخيراً نداء دولياً لتوفير الغذاء لتجنب المجاعة في اريتريا، كيف كانت النتيجة، وما هو حجم الفجوة في الغذاء؟
- تجاوب المجتمع الدولي لإغاثة المتضررين من نقص الغذاء في اريتريا لم يكن في المستوى المطلوب لأن اكثر من 80 في المئة من شعبنا الآن يعتمد على الاغاثة وذلك بسبب الدمار الشامل للبنية التحتية بسبب الحرب خصوصاً في الأراضي الزراعية، الى جانب تأثير موجات الجفاف الاخيرة والتصحر، وإصلاحه يحتاج لوقت طويل. لقد قدمت لنا تبريرات لعدم الالتزام بالمساعدات، منها تزامن ذلك مع موجات الجفاف في جنوب افريقيا والمشاكل في اوروبا الشرقية، وهي تبريرات غير مقنعة في رأينا، ونحن نقوم حالياً بمساع لإقناع بعض الدول والمنظمات لتقديم المساعدات الأساسية، ولكننا سنعتمد في الأساس على ذاتنا حتى لا نخضع للضغوط السياسية المصاحبة للإغاثة.
ما هي توجهاتكم الخارجية في هذه المرحلة، وما مدى القبول الدولي لاستقلالكم؟
- في هذه المرحلة لا يمكن القول ان لنا علاقات متميزة مع اية دولة او مجموعة دول، ولكن هناك بعض الدول أبدت استعداداً للتعاون معنا مثل المجموعة الاوروبية التي قدمت لنا مساعدات انسانية لمكافحة الجفاف والمجاعة وكان ذلك موقفاً ايجابياً. نحن حالياً في مرحلة اعادة البناء ونحتاج للدعم الخارجي لتنفيذ برامجنا الاقتصادية والتنموية وسيكون ذلك المحك لتحديد مدى تعاون أية دولة معنا، وأستطيع أن أقول أنه قدمت لنا مساعدات دولية قيّمة في مجال البرامج الانسانية تحت مظلة الأمم المتحدة.
عملية التحول من مرحلة الثورة الى دولة المؤسسات كيف تسيرون فيها؟
- لم يكن في مرحلة التحرير عندنا نظام يشبه نظام الدولة في الميدان سوى المؤسسة العسكرية التي كانت تطغى عليها طبيعة المرحلة، ولكن كانت هناك مؤسسات في الأراضي المحررة تدير الشؤون المدنية وتعمل في اتجاه التنمية ومؤسسات ديموقراطية جاءت بانتخابات حرة وحكومات لتنفيذ برامج سياسية واقتصادية وإجتماعية، مؤسسات وصلت الى مستوى النضج ووضعت اساساً للتحول من مرحلة الثورة الى مرحلة الدولة، هذه تجربة سنستفيد منها الى جانب الاستفادة من تجارب المؤسسات الدولية وما ورثناه من المؤسسات من الاستعمار لايجاد الحكومة الشرعية المستقبلية، المؤسسات ستكون دستورية في الأساس، والدستور يسمح بقيام برلمان من خلال انتخابات حرة ليكون أعلى سلطة تشريعية. وهناك مبدأ اقامة قضاء مستقل وهو ظل موجوداً اصلاً في مرحلة التحرير، هذه هي المفاهيم التي سيقوم على أساسها النظام السياسي المستقبلي.
تحررتم بقوة السلاح، فلماذا الاستفتاء وما هي الصيغة السياسية المتوقعة لشكل الحكم، هل هي التعددية الحزبية؟
- الاستفتاء وسيلة لتقرير المصير وتثبيت شرعية القضية الأريترية وتكون مفوضية للاشراف عليه وفق قوانين معلنة مهمتها الاتصال بالمراقبين والمنظمات الدولية والاقليمية لتأكيد حياد ونزاهة الاستفتاء الذي سيتم في نيسان ابريل 1993. ستوضع قوانين بعد الاستفتاء لتنظيم نشاط الاحزاب حتى لا تتحول التعددية الى طائفية او عشائرية ولتكون المبادئ نابعة من تجربة الثورة في الكفاح المسلح والتي عانت ومعها الشعب من التدخلات الخارجية التي حاولت الاستفادة من الخلافات الطائفية والعشائرية وكانت تجارب مريرة.
إن التجارب الناجحة في العالم اليوم في مجال التعددية نفذتها احزاب ذات برامج محددة لا تميز بين ابناء البلد الواحد، وتتوجه نحو تعددية الفكر السياسي البنّاء والتقاليد السياسية التي توفر الاستقرار والفعالية. الجبهة الشعبية لتحرير اريتريا أعلن من قبل انه لن تكون لها سلطات هي وباقي الجبهات بعد الاستفتاء أعلنت في 1987 مبدأ التعددية ومن خلال القوانين. والدستور سيؤمن نشأة كل الاحزاب التي تريد العمل ضمن المفاهيم الأساسية المقبولة للشعب الاريتري ووفق برامج تخدم مصالحه.
وزير الخارجية: لا قاعدة اسرائيلية
نفى وزير الدولة للشؤون الخارجية في الحكومة الاريترية الموقتة محمود شريفو في مقابلة خاصة مع "الوسط" وجود اضطرابات في اريتريا، ولكنه قال "ان هناك جهات ودولاً تحاول اثارة الاضطرابات من خلال الحديث عن دولة "العفر الكبرى" التي تضم قومية العفر في اريتريا وجيبوتي وأثيوبيا. وهذه احلام، وأريتريا هي أكثر دول القرن الافريقي استقراراً في الوقت الراهن". كما نفى شريفو الأنباء التي تحدثت عن ان اسرائيل تنوي اقامة قاعدة عسكرية في اريتريا بعد الاستقلال وأكد ان بلاده ستقيم علاقات مع اسرائيل مثل أية دولة اخرى. وحول أمن البحر الأحمر أعرب عن رأيه أن البحر الأحمر ممر دولي يجب على الدول المطلة عليه المحافظة على أمنه.
وقال المسؤول الاريتري لپ"الوسط" ان سياسة حكومته الخارجية تقوم على الانفتاح، وأن العلاقات مع الدول العربية جيدة "ونسعى لتطويرها ولن نتحدث عن مواقف سابقة سلبية لبعض الدول العربية من استقلال اريتريا حتى لا ننكأ الجراح، ونحن نسعى حالياً لتطبيع علاقاتنا مع بعض الدول مثل فرنسا. اما علاقاتنا مع المجموعة الاوروبية ككل فهي جيدة".
وحول تقبل اثيوبيا لاستقلال اريتريا ونتائج الاستفتاء الذي سيتم، قال شريفو "ان القوى الديموقراطية في أثيوبيا ستتقبل نتيجة الاستفتاء الحتمية وهي الاستقلال، ولكن هناك قوى هامشية ما زالت تحلم بإعادة استعمار أريتريا". وأضاف "ان علاقات البلدين الاقتصادية جيدة، وهناك اتفاقيات وقعت في مجال التجارة الحرة واستخدام الموانئ وان الاتجاه بين البلدين على المدى البعيد هو تحقيق التكامل الاقتصادي". وأشار الى "ان اريتريا اطلقت بعد الحرب سراح مئة الف اسير اثيوبي".
وحول صيغة الحكم بعد الاستفتاء قال "ان الحكومة الموقتة شكلت لجنة لصياغة الدستور والاعداد لتطبيق التعددية الحزبية" معرباً عن رأيه بضرورة ان تكون الاحزاب التي ستنشأ "ذات صبغة وطنية وليست أداة لقوى خارجية لأن الاريتريين ناضلوا نصف قرن للتخلص من النفوذ الاجنبي" على حد قوله. وأوضح ان الحكومة طبقت نظام الحكم اللامركزي في الأقاليم التسعة وفي العاصمة اسمرا حيث تم اجراء الانتخابات لاقامة البرلمانات الاقليمية في الاقاليم التسعة، وأضاف ان انشاء المؤسسات يسير بصورة جيدة، اذ تم انشاء المجلس الاستشاري العالي الذي يضم حكام الاقاليم والقادة العسكريين. وأعرب المسؤول الاريتري عن أسفه لما وصفه بعدم تجاوب المجتمع الدولي مع النداء الدولي لتوفير الغذاء للمتضررين من الجفاف وآثار الحرب في بلاده، مشيراً الى ان المساعدات التي قدمت لا تغطي اكثر من 30 في المئة من الاحتياجات المطلوبة، موضحاً ان خطة الحكومة لاعادة وتوطين نصف مليون لاجئ اريتري من السودان، والتي يفترض ان تنفذ على 3 مراحل بتكلفة 250 مليون دولار، لم تجد استجابة من الأمم المتحدة تماثل الاهتمام الذي اولته المنظمة الدولية لقضية اللاجئين في ناميبيا وكمبوديا وجنوب افريقيا، او حتى بما خصصته لنقل وإعادة خمسين الف عسكري اثيوبي لجأوا للسودان خلال الحرب في أيار مايو من العام الماضي.
وقال شريفو ان بلاده تساهم في جهود اللجنة الخماسية المكونة من اريتريا والسودان وأثيوبيا وجيبوتي وكينيا التي شكلتها قمة رؤساء دول القرن الافريقي الاخيرة لايجاد حل لمشكلة الصومال، وقال ان اللجنة ستجتمع قريباً بأطراف النزاع الصومالي، مشيراً الى اهمية الجهود الداخلية لحل المشكلة وتجنب التدخلات الخارجية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.