سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في أول مقابلة للوزير البريطاني المستقيل . ديفيد ميلور ل "الوسط": كنت صديقاً لاسرائيل ثم هاجمتها ... ولست نادماً ، انتقاد علاقاتي الشخصية بالفلسطينيين "تمييز عنصري"، ميجور صديقي ... وأنا الذي أقنعته بقبول استقالتي
الوزير البريطاني ديفيد ميلور، صديق العرب والفلسطينيين، الذي استقال من حكومة جون ميجور في نهاية الشهر الماضي بعد حملة صحف "الاثارة" البريطانية عليه، يخاطب اصدقاءه العرب مباشرة من خلال هذه المقابلة الخاصة مع "الوسط"، وهي الاولى التي يجريها مع اية مطبوعة منذ استقالته. ويكشف ميلور، في هذه المقابلة، اموراً جديدة ومهمة ويروي "قصته" مع العرب والفلسطينيين واسرائيل، ويقول انه ليس نادماً على انتقاد اسرائيل والدفاع عن الشعب الفلسطيني، وانه يعتبر انتقادات الصحف له بسبب صداقته لشخصيات فلسطينية "بمثابة تمييز عنصري". "برز" اسم ديفيد ميلور، عربياً وشرق اوسطياً، في كانون الثاني يناير حين زار الضفة الغربيةوغزة - بصفته وزير دولة للشؤون الخارجية في حكومة مارغريت ثاتشر - واطلق تصريحات علنية انتقد فيها بشدة الاحتلال الاسرائيلي والممارسات الاسرائيلية ضد المواطنين الفلسطينيين، وشاهده الناس على شاشات التلفزيون البريطاني وهو "يوبخ" ضابطاً اسرائيلياً كان يطارد مع عدد من العسكريين الاسرائيليين متظاهرين في غزة ويطلق عليهم النار. وغضب اسحق شامير، رئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك، من ميلور وتصريحاته فرفض استقباله. واصبح ميلور رمز "العداء البريطاني" لاسرائيل. وعيّن ميلور بعد ذلك وزيراً للصحة وتولى مسؤوليات وزارية عدة كان آخرها منصب وزير التراث والبث والفنون البريطاني. وفي نهاية الشهر الماضي استقال ميلور البالغ من العمر 49 عاماً والنائب في مجلس العموم البريطاني منذ 1979 من منصبه بعد حملة صحف "الاثارة" البريطانية عليه بسبب علاقته بالممثلة انطونيا دي سانشا وصداقته للسيدة منى الغصين ولوالدها السيد جويد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ولافراد عائلتها. وقال ميلور بعد استقالته في خطاب القاه في مجلس العموم البريطاني: "شعرت في الايام الاخيرة كأنني اعيش في رومانيا في عهد نيكولاي تشاوشيسكو وليس في بريطانيا بقيادة جون ميجور". وفي ما يأتي المقابلة الخاصة مع ميلور: ما تأثير الاحداث التي عايشتها اخيراً وأجبرتك على الاستقالة من منصبك الوزاري على مستقبلك كسياسي؟ - لم يشكك احد من الذين طالبوا باستقالتي بقدراتي كوزير وكسياسي، وما حدث انه نتيجة تصرفات قمت بها بشكل شخصي وتتعلق بحياتي الشخصية، مما فسح المجال لصحافة "التابلويد" او الصحف الشعبية لاستغلالها في الاساءة اليّ. رئيس الوزراء جون ميجور وزملائي في الحكومة البريطانية اكدوا ان حياتي الشخصية لم ولن تؤثر لا في السابق ولا في المستقبل على نشاطي كسياسي وعلى اداء واجبي. ولقد حرصت منذ اكثر من شهرين قبل تركي منصبي على تقديم استقالتي لرئيس الوزراء والعودة الى نشاطي السياسي ضمن حزبي في الصفوف الخلفية لمجلس العموم البريطاني من أجل أن أجنب رئيس الوزراء او الحكومة اي ضرر يمكن ان يلحق بهم نتيجة اموري الشخصية، لكن رئيس الوزراء ميجور وهو صديق شخصي، أصرّ على استمراري في منصبي. انا عازم على مواصلة نشاطي في الحقل السياسي، ولا استبعد العودة الى ممارسة هذا النشاط على اي مستوى في المستقبل، سواء كان ذلك في البرلمان او خارجه او في القضايا الداخلية او الدولية. وهل أثرت علاقتك بالممثلة الاسبانية دي سانشا او صداقتك لأسرة جويد الغصين على علاقتك الوطيدة برئيس الوزراء جون ميجور؟ - رئيس الوزراء جون ميجور صديق شخصي لي، وقد أولاني كل الدعم والاهتمام خلال المحنة التي مررت بها، وتردد في قبول استقالتي في البداية، لكن بعدما اقنعته بأن ما يواجه الحكومة البريطانية حالياً من قضايا هو اهم بكثير من قضيتي ويجب ان يتم ايلاءه الاهمية، ومن مصلحة الحكومة ان استقيل ولو الى حين. ان شعوره تجاهي لم يتغير والعكس كذلك. هل تعتبر نفسك ضحية لآرائك السياسية المتعلقة بالنزاع العربي - الاسرائيلي؟ - بلا شك، عارض بعض الناس آرائي السياسية تجاه الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط، ولكنني في الوقت نفسه مقتنع بأنني افسحت المجال لهذه الفئة من الناس لمهاجمتي. انني لن اضيع الوقت في البحث عن اسباب ما حدث لي، والشيء الجيد في السياسة البريطانية ان السياسي قد يكون يوماً في القمة وفي اليوم التالي في الحضيض، ومع ذلك فقد يكون وجودي في الحضيض مقدمة لصعودي الى القمة من جديد، وانا متفائل بذلك. بشكل أدق، قالت صحيفة "الديلي اكسبرس" في اليوم التالي لاستقالتك ان جهاز الاستخبارات الاسرائيلي "الموساد" بمساعدة الناشر اليهودي الراحل روبرت ماكسويل تعاونا على نصب فخ للايقاع بك بعد انتقادك سياسة اسرائيل في الاراضي العربية المحتلة؟ - لا يمكنني التعليق على ذلك، وأريد ترك هذا الموضوع للآخرين. عندما قدمت استقالتك الى رئيس الوزراء جون ميجور، هل تحدث عن عودة قريبة لك لتسلم منصب وزاري؟ - لقد اتخذت قراري بالاستقالة من دون البحث عن وعود. ورغبتي هي ان استمر في رفع صوتي لصالح القضايا والامور التي اؤمن بها. انني اعمل في السياسة ليس لأنني اريد ان اكون شيئاً ما، بل لأعمل او اقدم خدمة ما، وهذا ما يهمني. ان وجودي في القواعد الخلفية لنواب حزب المحافظين قد يكون مناسبة لاعلاء صرختي لصالح ما اؤمن به. خلال المحنة التي مررت بها، لا شك انك تلقيت الكثير من رسائل الدعم والانتقاد، ما ابرز الرسائل التي تلقيتها، وهل في بعضها ما يعني لك الشيء الكثير؟ - لقد تلقيت الدعم الكبير من اسرتي ومن منطقتي الانتخابية ومن زملائي النواب والوزراء. بعض الاصدقاء رأى من الحكمة ان اتنازل عن منصبي والبعض دعاني للبقاء، كما انني لا ابالغ اذ قلت ان الكثير من الاصدقاء في منطقة الشرق الاوسط من العرب عبروا عن عواطفهم تجاهي واكدوا تقديرهم لمواقفي تجاه قضاياهم. كل هذه المواقف تزيدني اصراراً على متابعة خطواتي السابقة. علاقتي بالشرق الاوسط ومتى بدأ اهتمامك بمنطقة الشرق الاوسط؟ - منذ ان اتيحت لي الفرصة للسفر الى هناك في مطلع 1988 وكنت آنذاك وزير دولة للشؤون الخارجية. ولا بد من القول ان في بريطانيا الكثيرين من المعجبين بالشرق الاوسط، سواء كان هؤلاء ساسة ام رسميين ام سياحاً، ومرد هذا الاعجاب للثقافة والتاريخ والعادات والتقاليد التي يمتاز بها سكان تلك المنطقة من العالم. ان الشرق الاوسط من المناطق المهمة بالنسبة الى بريطانيا، والعلاقات بين بلدانه والمملكة المتحدة تاريخية. ولا اعتقد ان هناك دولة تربطها بدول منطقة الخليج علاقات بالشكل الذي ترتبط فيه بريطانيا مع هذه الدول. علاقتنا مع الخليج ودوله ليست قائمة على المنفعة بدليل انه عندما تعرض امن المنطقة للخطر بعد غزو الكويت هرعنا لنجدة اصدقائنا. اضافة الى ذلك استمتعت بالصداقة التي تربطني ولا تزال بالعديد من قادة دول المنطقة. هؤلاء لا يزالون من الاصدقاء، واعتقد ان لدي الآن بعد الاستقالة المزيد من الوقت للتعرف على امور عدة. هل كنت في وقت من الاوقات على صلة بأصدقاء اسرائيل في حزب المحافظين؟ - نعم كنت عضواً في جمعية اصدقاء اسرائيل في حزب المحافظين لدى فوزي في الانتخابات كنائب، لم يكن لي دور بارز، ولكن موقفي كان ولا يزال هو الاعتراف بوجود اسرائيل كدولة وحقيقة قائمة في المنطقة، والاعتراف بحقوق الفلسطينيين المشروعة. انني على قناعة بأن الطريق الى السلام والذي سارت عليه مصر قد فتح، ولدي الامل بأن الحكومة الجديدة في اسرائيل برئاسة رابين ستعمل على التوصل الى سلام حقيقي مع الدول العربية المجاورة. ما هي المراحل التي قطعتها في تحولك من صديق لاسرائيل في حزب المحافظين يؤيد مواقفها الى سياسي ينتقد تعاملها مع المواطنين العرب واحتلالها لأراضي الغير بالقوة؟ - الحياة كلها عملية تطور، لقد تفتحت عيناي على تصديق ما تكتبه الصحف ووسائل الاعلام من دون التدقيق بصحته ومن دون محاولة معرفة الوجه الآخر للاحداث. ومنذ ان سنحت لي الفرصة للسفر الى منطقة الشرق الاوسط ومعرفة ما يجري على الطبيعة، تغيرت مواقفي وتولدت لديّ القناعة بأن السلام والعدل في منطقة الشرق الاوسط لا يتم تحقيقهما بمعاملة مليون ونصف مليون فلسطيني من السكان العرب في الاراضي المحتلة بالطريقة التي تعاملهم بها السلطات الاسرائيلية. فالاحتلال لأراضي الغير بالقوة أمر مخالف للقوانين الدولية. وانتهاك حقوق الانسان أمر مرفوض ولا تقوم به دول متحضرة أو المنظمات الدولية العاملة في هذا المضمار. الحل العادل هو بمبادلة الارض بالسلام، وأعتقد ان مثل هذا أمر ملح وضروري للبدء بمرحلة جديدة من التعايش بين دول المنطقة. منح حق تقرير المصير للفلسطينيين هو من الامور المهمة لأنها تلبي رغبات شعب يعاني منذ سنوات طويلة. هل تعتبر ان زيارتك الى الضفة الغربية وقطاع غزة مطلع العام 1988 هي بداية التحول في مواقفك السياسية تجاه دولة اسرائيل؟ - قبل هذه الزيارة وبحكم موقعي في وزارات سابقة وبعد اللقاءات التي عقدتها مع شخصيات مختلفة والكتابات التي اطلعت عليها تكونت لدي صورة عما يجري، لكن زيارتي الى الاراضي المحتلة أكسبتني، من دون شك، خبرة واحدثت هزة في نفسي لن انساها طوال حياتي. ولا اظن يوماً أنني سأندم على ما قلته ضد سياسة اسرائيل في التعامل مع العرب. وما ثبت بعد خمس سنوات منذ العام 1988 لدى الكثير من الناس ان ما قلته عن سياسة اسرائيل هو صحيح، وقد اقتنع بذلك الكثيرون من الاسرائيليين. ان استعمال الذخيرة الحية ضد الاطفال وارهاب الناس بقوة السلاح لا تؤمن استقراراً في المنطقة، بل يجب تشجيع الاطراف المؤيدة للتعايش في المعسكرين العربي والاسرائيلي، ولا اعتقد ان هناك غبطة كبرى عندي ستكون أكبر من غبطة رؤية التغيير في التوجه نحو السلام وهو يتقدم بخطى ثابتة الى الامام. كنتيجة لما قلت في العام 1988 عن اسرائيل وتشبيه تعاملها مع العرب في قطاع غزة بتعامل نظام جنوب افريقيا مع الاغلبية السوداء، قال المسؤولون الاسرائيليون ان تصريحاتك لا تعبر عن موقف الحكومة البريطانية، ماذا كان موقف مارغريت ثاتشر رئيسة الوزراء يومذاك من تصريحاتك؟ - كان ذلك موقف الحكومة البريطانية الرسمي، وقد انتقدنا من قبل انتهاك حقوق الانسان ووافقنا على بيان قمة البندقية الذي يتحدث عن حقوق الفلسطينيين المشروعة، كما أيدنا مبدأ مبادلة الارض بالسلام من خلال دعمنا للقرارين الدوليين الصادرين عن مجلس الامن الرقم 242 والرقم 338. لقد تحدثت في قطاع غزة من كل قلبي وبشكل طبيعي عندما رأيت ما رأيت، وكان من حظي ان انتقاداتي ضد اسرائيل نقلت عبر الاثير الى كل انحاء العالم. لقد تحدثت عن طريقتي الخاصة ما اعتقدت انه سياسة الحكومة البريطانية وكان ذلك صحيحاً. وكنت يومها وزير دولة للشؤون الخارجية. بعد تلك الزيارة بوقت قصير، حدث تعديل حكومي فاصبحت وزيراً للصحة، حيث كانت الاحوال في المستشفيات والقطاع الصحي عرضة للانتقادات. ومثل هذا الموضوع يحظى داخل بريطانيا بأهمية تفوق أهمية الشؤون الخارجية، فكلفتني رئيسة الوزراء السابقة ثاتشر بأن أكون أحد أبرز وزيرين في هذا المجال يتولون معالجة هذه القضية. ولم أكن أعتبر ذلك على الاطلاق عقاباً لي على ما قلته ضد اسرائيل، بل خطوة متقدمة الى الامام في حياتي السياسية. ان ما قلته ضد اسرائيل كان الحقيقة ولن أندم على ذلك على الاطلاق. هل أثارت ثاتشر معك الضجة التي سببتها تصريحاتك حول اسرائيل؟ - لا، على الاطلاق، ان السيدة ثاتشر معروفة تقليدياً بصداقتها لاسرائيل، لكنها ترتبط بصداقات عربية وطيدة وقديمة. وهناك من القادة العرب من يكن لها الاعجاب نظراً الى قدراتها. ولا أعتقد أن ثاتشر أبدت أي انزعاج، بدليل انها كانت تقضي وقتاً طويلاً مع زوارها من القادة العرب، وهو دليل احترامها لهم. الاطفال الفلسطينيون وما الذي اثارك وحرك مشاعرك في غزة حتى قلت ما قلت ضد اسرائيل؟ - لقد كرهت مارأيته من معاناة الفلسطينيين في مخيمات غزة. رأيت الاطفال المحرومين هناك، فحرك ذلك مشاعر قوية داخلي وتساءلت امام رؤية الاطفال الابرياء الذين كانوا يعانون من حياتهم اليومية البائسة: لماذا لا يحق لهؤلاء العيش كابنائنا في بريطانيا؟ لماذا لا يحق لهؤلاء الدخول الى مدارس كمدارس ابنائنا؟ انني أتطلع الى اليوم الذي يتمكن فيه هؤلاء الاطفال من تأمين مستقبلهم، ولا أعتقد أن مثل هذا المستقبل سيتوفر لهم اذا استمر حرمانهم اقتصادياً واجتماعياً بسبب الاحتلال الاسرائيلي. انني أتذكر زيارتي لمخيم جباليا في غزة، وكيف ان شابين قتلا هناك على ايدي جنود الاحتلال بعد ان وجد الجنود أنفسهم امام الشابين في شارع مغلق فقتلاهما لتجنب المواجهة معهما. ان ما شاهدته هناك شاهده رجال الاممالمتحدة الذين يعملون في الاونروا لرعاية اللاجئين. انني معجب بقدرات الشعب الفلسطيني والكفاءات العالية التي يتمتع بها ابناؤه، وليس سراً القول انه أينما تتوجه في هذا العالم تجد قدرات فلسطينية عالية وكفاءات جيدة. ورجال الاعمال الذين اجتمعت بهم في مدينة نابلس في العام 1988 اخبروني عن الصعوبات والعراقيل التي تضعها سلطات الاحتلال لمنعهم من تصدير منتوجاتهم الى الخارج. ان هذه عملية غير عادلة، وأوجدت لديّ القناعة بضرورة القيام بشيء ما لدى عودتي الى بريطانيا. وفعلاً ساهمنا في تحسين ظروف الفلسطينيين في الضفة الغربيةوغزة وتسهيل تصدير منتوجاتهم الى الخارج، وعلى وجه الخصوص الى اوروبا. صداقاتي في الخليج وهل زيارتك الى الاراضي المحتلة كانت أول زيارة الى المنطقة العربية؟ - لقد زرت عدداً من دول الخليج ومصر وشمال افريقيا قبل ذلك. لكن قبل تسلمي منصب وزير دولة للشؤون الخارجية في منتصف العالم 1987 لم أقم بزيارة على الاطلاق، باستثناء زيارة واحدة الى مصر حيث كنت في وزارة الطاقة. لم اخف اثناء زيارتي لمصر يومها اعجابي لما حققه الرئيس انور السادات من نتائج وخطوات، لقد حييت شجاعته في العمل لصالح السلام، كما اثنيت على استمرار الرئيس حسني مبارك في السياسة نفسها. ومتى تسلمت أول منصب وزاري؟ - في ايلول سبتمبر 1981 وكنت في وزارة الطاقة مسؤولاً عن شؤون الطاقة الدولية. ماذا عن زياراتك الى منطقة الخليج العربي؟ - لقد زرت منطقة الخليج في الايام الحلوة وفي الايام الصعبة، وتربطني بالعديد من قادة دول هذه المنطقة صداقة حميمة وطيبة. ان لي في المملكة العربية السعودية وقطر والبحرين وعمان والامارات العربية المتحدة ذكريات طيبة وعلاقات اعتز بها. وآخر زيارة لي كانت بعد فترة قصيرة من انتهاء حرب الخليج، حيث أبلغت المسؤولين هناك عن وقوفنا الى جانبهم. أحد الكتاب قال لو أن ميلور لبّى دعوة شخصية لزيارة اسرائيل بدلاً من زيارة اسبانيا تلبية لدعوة من عائلة جويد الغصين لتم تعيينه رئيسا للوزراء. هل تعتقد ان مثل هذا القول ينطبق على الواقع؟ - يضحك. هل صحيح ان صداقتك لعائلة الغصين لعبت دوراً في دفعك الى تقديم استقالتك من الحكم؟ - لم تلعب هذه الصداقة دوراً على الاطللاق، لدي اصدقائي الذين يحلو لي قضاء أوقاتي معهم، وما حصل كان مصادفة. فمنذ سنتين حين كتبت صحيفة "ذي بيبول" عن صداقتي لأسرة السيد جويد الغصين عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لم يكترث أحد بذلك. والسيدة منى الغصين اقامت دعوى لمقاضاة صحيفة بريطانية لأن هذه الصحيفة أساءت الى سمعتها. بريطانيا بلد تشعر فيه الصحف الشعبية بحرية التدخل في الحياة الخاصة للآخرين، سواء كان ذلك حقاً ام لا. ولذلك كان عليّ أن أقبل بأنني كنت خلال النظر في دعوى السيدة منى الغصين محور حديث الصحف الشعبية. ما صحة ما ذكر عن ان رجل أعمال يهوديا بريطانيا يدعى جاك ليونز بعث برسالة الى رئيس الوزراء جون ميجور يخبره فيها عن علاقتك بأسرة الغصين الفلسطينية؟ - جويد الغصين، والد منى، شخصية محترمة، ويعيش مع اسرته في بريطانيا منذ أكثر من 30 عاماً، وتربطه علاقة وطيدة بعدد من الوجوه البريطانية البارزة، سواء في مجال السياسة أو الاعمال. وأنا أحترم جويد كصديق، ولا ارى سبباً يحول دون استمرار صداقتي به. لقد كتب السير ليونز الى مكتب رئيس الوزراء جون ميجور ليحتج على هذه العلاقة، لكن مكتب رئيس الوزراء رد على رسالته بالقول انهم لا يرون سبباً يمنع استمرار هذه الصداقة. كما أنني لا أسمح لاشخاص آخرين باختيار اصدقائي. انني قلت لرجال الاعلام البريطانيين في اكثر من مناسبة أن انتقاد علاقاتي بشخصيات فلسطينية هو بمثابة تمييز عنصري. إذ كيف يسمح لي بمصادقة اسكتلندي او فرنسي أو ألماني ولا يسمح لي بمصادقة فلسطيني! ان هذا عمل عنصري ولا وقت لدي للالتفات الى هذا النوع من الانتقادات. الى متى يعود تاريخ علاقتك برئيس الوزراء جون ميجور؟ - منذ أن دخلنا البرلمان سوياً، انه رجل خلوق، ويقدر العلاقات الانسانية، مخلص لاصدقائه، انه رجل لا ينسى ماضيه ويقدر الانسان مهما كانت خلفيته، انه يستعمل وضعه السياسي ومركزه في الحكم لتعزيز هذا الفهم بين كافة ابناء الشعب البريطاني، كما أنه مستعد للتضحية من أجل الاشياء التي يعرف أنها تستحق التضحية، ولهذا فهو رجل ذو مبادئ. ان تميّز ميجور بالبساطة والتواضع والتهذيب لا يقللّ من القول أنه رجل قوي ويحرص على تنفيذ كل التزام قطعه على نفسه. وهل أنت على اتصال به منذ ان غادرت الحكومة كوزير؟ - بالطبع وسنبقى كما كنا. وماذا عن مشاريعك المستقبلية؟ - سأقوم بنشاط كبير كعضو في البرلمان البريطاني، ولي العديد من النشاطات في حقول السياسة الداخلية وتنظيم وسائل الاعلام، اضافة الى المشاركة في نشاطات دولية. لقد اتصلت بي مؤسسات اعلامية عدة طالبة مني المشاركة في نشاطاتها واعتقد أنني سأواصل العمل بالشكل الذي يؤمن تحقيق ما اعتقده من مبادئ وقيم. انني أبشر اصدقائي في العالم العربي بأن ما أؤمن به من مواقف تجاه قضاياهم لن يتغير مهما كانت الاسباب التي دفعتني الى تقديم استقالتي.