رداً على الخبر المنشور الأربعاء في 4 أيلول سبتمبر 3102، بعنوان: أوباما للكونغرس: ضربة للنظام ودعم للمعارضة. أيام قليلة، وسنرى حقيقة قرار الكونغرس الأميركي، إن كان سيتقلد زمام المسؤولية الأُممية، ويقرر الضربة العسكرية السورية أم أنه سيلتزم سياسة الرئيس أوباما. أيام تبدو للشعب السوري كسنين، جراء آلة القتل التي يديرها نظام بشار الأسد الذي بنى حساباته على مسيرة الرئيس أوباما العملية منذ توليه المنصب الرئاسي، إذ استهلها بمصطلحات مسالمة مثل"هدنة"و"مراجعة"، تعبيرات رشحت أوباما بكل جدارة للحصول على جائزة نوبل للسلام لعام 2009، نظير جهوده في تقوية الديبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب. استمرت سياسة السلام للرئيس الذي ارتبطت قصة صعوده إلى الرئاسة بنبوغه الدراسي وذكائه الشخصي وفصاحة خطابه، فضلاً عما يتمتع به من كاريزما، كما استمر نظام بشار الأسد بانتهاز فترة دعوات السلام العالمية في تصعيد ممارسات النظام الوحشية، فتمادى بالقتل، واستخدم أسلحة كيماوية محرمة دولياً ضد شعبه، فوقع في فخ نصبه هو لنفسه. هناك من يعتقد أن أوباما لا يريد إصدار أمر توجيه ضربة عسكرية إلى نظام بشار الأسد، لا سيما بعد أن تجاوز النظام جميع الخطوط الحمراء، ولم يعر اعتباراً لتهديد رئيس الولاياتالمتحدة الأميركية نفسه بأنه"سيغير قواعد اللعبة في حال تجاوز النظام السوري الخطوط الحمراء، واستخدم السلاح الكيماوي". لا يمكن الحديث عن طلب الرئيس الأميركي من الكونغرس التفويض بضربة عسكرية على النظام السوري من دون النظر إلى قرار البرلمان البريطاني الرافض للضربة العسكرية، بعدما طلب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون موافقته. لقد كان شبه متأكد منها، حتى أنه صرح مرات عدة بقوة ضد نظام بشار، والتقى ميركل وأوباما من أجل معاقبة بشار. مع ذلك، تم الرفض واعتُبر القرار إهانة مباشرة لكاميرون الذي بدا عليه عدم توقعه، على رغم أنه ليس مُلزَماً بأخذ موافقة البرلمان، لكي يقرر مشاركة قواته في عمل عسكري خارج البلاد! أما بالنسبة إلى الرئيس أوباما، فهو معرض أيضاً لأن يرفض طلبه، ويقع بين مطرقة الكونغرس وسندان الحلفاء في الشرق الأوسط، فما هو فاعل؟ الرئيس أوباما وجد نفسه أمام حقيقة حاكم دكتاتوري لم يتورع عن قتل شعبه بأبشع الصور، ابتداءً من الترهيب والتكميم حتى إطلاق الأسلحة الكيماوية من دون أي اعتبار للإنسانية. أظهر الرئيس أوباما ضعفاً تجلى في تردده عن اتخاذ قرار جازم في حق نظام بشار الأسد أو على الأقل هكذا بدا عند دول كروسيا وإيران والصين وكوريا الشمالية. حاول الرئيس استخدام أدواته السلمية البالغة الذكاء عبر فصاحة الخطاب في أن تنتهي الأزمة السورية من دون تدخل عسكري، لكن الموقف يتعقد أكثر مع مرور الوقت. إن تمت موافقة الكونغرس،"وهذا هو المأمول"، فإن ما يجب اتخاذه هو معاقبة المتمرد في ارتكاب المجازر وقتل شعبه، إن كل إنسان حر ونبيل، أياً كان بلده وأياً كان دينه، سيبتهج، إذ إن القيم الإنسانية يجب أن تعلو فوق أي نزوع نحو التمرد، وإن القوة في سبيل الحق ليس لها معنى آخر! أما إذا لم يوافق الكونغرس، فليس أمام الرئيس الأميركي إلا أن يقول كما قال المؤرخ الإغريقي ثوسيديدس:"إن الأقوياء يفعلون ما يتمنون، والضعفاء يعانون كما يجب عليهم". فهد العرفج [email protected]