محافظ الطائف يستأنف جولاته ل«السيل والعطيف» ويطّلع على «التنموي والميقات»    وزير الطاقة: الربط الكهربائي مع اليونان أثمر عن تأسيس شركة ذات غرض خاص    الريال يتجاوز مايوركا ويضرب موعداً مع برشلونة في نهائي السوبر    أنشيلوتي معجب ب «جماهير الجوهرة» ويستعد لمواجهة برشلونة    «عباقرة التوحد»..    «سلام» يُخرّج الدفعة السابعة لتأهيل القيادات الشابة للتواصل العالمي    صُنَّاع الفراغ !    الصداع مؤشر لحالات مرضية متعددة    5 طرق سهلة لحرق دهون البطن في الشتاء    الخروج مع الأصدقاء الطريق نحو عمر أطول وصحة أفضل    وزارة الثقافة تُطلق مسابقة «عدسة وحرفة»    الحمار في السياسة والرياضة؟!    سوريا بعد الحرب: سبع خطوات نحو السلام والاستقرار    ماذا بعد دورة الخليج؟    عام مليء بالإنجازات الرياضية والاستضافات التاريخية    أسرار الجهاز الهضمي    إنجازات المملكة 2024م    "منزال" يعود بنسخته الجديدة في موسم الدرعية..    السياحة الإعلاميّة    مريم بن لادن تحقق انجازاً تاريخيا وتعبر سباحة من الخبر الى البحرين    جودة القرارات.. سر نجاح المنظمات!    «سلمان للإغاثة» يوزّع مواد إغاثية متنوعة في سوريا    الضمان الاجتماعي.. 64 عاماً من التكافل    الصدمة لدى الأطفال.. الأسباب والعلاج    كيف تكسبين زوجك؟!    جانب مظلم للعمل الرقمي يربط الموظف بعمله باستمرار    «متطوعون» لحماية أحياء دمشق من السرقة    «الأوروبي» في 2025.. أمام تحديات وتوترات    العقل والتاريخ في الفكر العربي المعاصر    الألعاب الشعبية.. تراث بنكهة الألفة والترفيه    المقدس البشري    حوادث طيران كارثية.. ولا أسباب مؤكدة    سبب قيام مرتد عن الإسلام بعملية إرهابية    سالم ما سِلم    تموت الأفاعي من سموم العقارب!    نجاح المرأة في قطاع خدمة العملاء يدفع الشركات لتوسيع أقسامها النسائية    أفضل الوجبات الصحية في 2025    ثنائية رونالدو وماني تقود النصر للفوز على الأخدود    خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من رئيس السنغال    حقيقة انتقال فينيسيوس جونيور إلى دوري روشن    مركز إكثار وصون النمر العربي في العُلا يحصل على اعتماد دولي    أمانة الشرقية تكشف عن جهودها في زيادة الغطاء النباتي للعام 2024    «الجوازات»: اشتراط 30 يوماً كحد أدنى في صلاحية هوية مقيم لإصدار تأشيرة الخروج النهائي    المرور السعودي: استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في جازان    مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية ال8 لمساعدة الشعب السوري    إطلاق كائنات مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    نائب أمير تبوك يطلع على مؤشرات أداء الخدمات الصحية    من أنا ؟ سؤال مجرد    أمير القصيم يتسلم التقرير الختامي لفعالية "أطايب الرس"    ولي العهد عنوان المجد    طالبات من دول العالم يطلعن على جهود مجمع الملك فهد لطباعة المصحف    أمير المدينة يرعى المسابقة القرآنية    عناية الدولة السعودية واهتمامها بالكِتاب والسُّنَّة    تطوير برنامج شامل للحفاظ على المواقع والمعالم التاريخية    القيادة تعزي رئيس جمهورية الصين الشعبية في ضحايا الزلزال الذي وقع جنوب غرب بلاده    مجموعة (لمسة وفاء) تزور بدر العباسي للإطمئنان عليه    أسرتا الربيعان والعقيلي تزفان محمد لعش الزوجية    «الثقافة» تُطلق مسابقة «عدسة وحرفة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انشطار
نشر في الحياة يوم 10 - 09 - 2013

منذ أن توفيت أختي قبل أيام، وأنا أشعر بأن جزءاً مني غادر معها للآخرة. أفتقدها، أفتقدني حد الضياع، أنا لم أعد أنا، لم أعد أشبهني كثيراً، أصبحت غريبة عني، يتفاقم إحساسي بتفاهة الحياة، عدم جدواها. أشعر أني مجرد روح، لا تنتمي لهذا العالم، لا تشتهي النوم أو الطعام مثل السابق، يتملكني شعورٌ ممض بالغربة، ينتابني الشك أحياناً أنني لا أزال حية.
بعضي يهجرني ليقيم معها، حيث تنام تحت التراب، في القبر أيضاً تهش كعادتها لقدومي، يبهجني فستانها الأصفر المزين بالورود، تستقبلني بكامل صحتها، توسع لي مكاناً بقربها، نستلقي فوق التراب على جانبينا متقابلتين، نتسامر، نضحك. أهزني، أتحسس بعض ماديتي، فيتأكد لي بأني لم أنسل بالكامل بعد من هذه الدنيا.
الموت يبدو لي أقل وحشة مما كنت أشعر حياله، وأكثر تشويقاً وإثارة من الحياة، فضولي يزداد تجاهه، وتزداد رغبتي في تجريبه. تجربة الفقد دائماً مرة، لكنها هذه المرة مختلفة. عندما فقدت أبي كنت صغيرة، شعرت وقتها بأني كفرخ عصفور، وقع من أعلى شجرة كانت تضم عشه، في حين أورثني فقد أختي حالة من الانشطار، والمراوحة بين عالم الدنيا وعالم البرزخ، أختي التي قاومت المرض ببسالة نادرة ثلاثة أعوام، صرعها المرض أخيراً، لكن عندما أزورها هذه الأيام في عالمها الجديد هناك أو تحضر هي لزيارتي هنا، أراها كما كانت طوال عمرها شعلة نشاط.
تطلب من أمي أن تخلد للراحة، في حين تطهو هي لنا الطعام اللذيذ، تقبض على يدي الصغيرة، تقودني كطفلة مدللة للمسبح، تقوم بتحميمي، تطعمني قطع البسكويت المحلى بالسكر، تصحبني بسيارة زوجها في نزهات حلوة مع أسرتها الصغيرة، تبتاع لي ولطفلتها البكر حبات الفلافل والسنبوسة، وتشتري لنا فستانين متشابهة للعيد، ترافقني لإلحاقي بالمدرسة الابتدائية، تنثر الرياحين خلفي وتمشي في زفتي ليلة العرس.
في آخر زيارة لي لها بالمشفى حيث ترقد منذ شهور، وقبل وفاتها بيوم، قابلت الموت الذي لا أعرفه فجأة في غرفتها، كان منكباً على الجسد الذابل يتفنن في رسم خطوط لوحته الجديدة، بكيت بحرقة وقد عرفت ماذا يعني شخص يحتضر. أخبرتها كم أحبها، كم أشتاق لعودتها، مسدت شعرها، مررت أصابعي كثيراً على جبينها، خديها، وأنا أتمتم ببعض الآيات والأدعية. هي الليلة الثانية عشرة منذ رحيلها، الليل مضى وأنا أتقلب يمنة ويسرة على الفراش، بالكاد أغفو، يتناهى لي صوتها يناديني، لا أصحو، تقترب خطاها من سريري، أفتح عينيّ.
كانت صغيرتها النائمة معي بالغرفة تبكي، أنهض، أضمها، ألتفت حيث سريري لا تزال أختي واقفة بجانبه ترمقنا بحب، تبتسم، خطواتها تأخذ في الابتعاد ناحية باب الغرفة، أبعد الصغيرة عن حضني قليلاً، أحاول النهوض للحاق بأختي، يعلو وجهها الامتعاض، تثنيني عن اللحاق بها بإشارة من يدها وتبتعد أكثر.
* قاصة سعودية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.