تخيل عزيزي القارئ هذا الخبر الآتي:"تحضيرات تجري لتنظيم"تيديكس"الإبداعي بسكاكا وتستعد شرورة للمعرض العالمي للكتاب". هل نسخر من المحافظات؟ هل نتندر على القرى؟ هل يمكن أن تتحول السخرية بإخراجها عن طريق مشروع يتم تجاهل المحافظة الصغيرة فيه؟ لماذا لا تشهد القرى قبل المحافظات حضوراً عالمياً لرؤى فكرية أو إبداعية تنهض بها أو معارض للكتاب؟ هذه ليست سخرية ولن نعنيها حلماً، ولكن الحكاية أنك تسمع عن أُمة من الفضاء كانت أول آيتها"إقرأ"، وبمجمل كتابها السيرُ في الأرض والتأمل ودحض الجمود. تجد هذه الأمة متجمدة ولا تستفحل بها المنافسة القرائية، ومعارضها للكتاب لا تكون سوى ب"العاصمة"وقليلٌ في غيرِها. أتساءل دوماً وحين كل بدءٍ وإعلان: لماذا لا ينتشر المعرض العالمي للكتاب في كل محافظات المملكة والمدن التابعة؟ لماذا حينما يحتاج إنسان تلك المناطق، لأن يُشارك فكرته، عقله، رؤيته عالمياً، يتأتى عليهِ أن يستنفر السفَر أميالاً تشقُ عليه طولاً في بلاده التي تدين بتيسير"إقرأ"...! معرض"تيديكس"الإبداعي على سبيل المثال لا الحصر، يتم من خلاله عرض التجارب والمعضلات الحياتية، وإعلان الأفكار في وقت قصير زمنياً أمام رجال الأعمال الحاضرين، فإذا بالفكرة يكتب لها الحياة والتنفيذ. إن إنسان المناطق النائية أحوج الناس على الإطلاق لإقامة تلك المعارض العالمية الحضور في محافظته الصغيرة هو أكثر احتياجاً لعرض فكرته، ومحافظته أكثر احتياجاً لتسلم فكرته لتنهض، كما أن رجال الأعمال أيضاً أكثر احتياجاً لتنويع الأفكار ومصادر مفكريها، ليستفيدوا في منافستهم المحتمية"عالمياً". أي أن معادلة"الاحتياج"مكتملة الأطراف والفائدة، وفيرة الحصاد، وإن"حصر المنافسة"يقتل إبداعاً غفيراً، ويحرق وقود الإنتاج. حصر الأماكن وصعوبة الإشراك والتفعيل لا يتضرر منها سوى مستقبل تلك الأوطان، التي صعّبت حلمها بأن جعلته من دقيق الرياح. فلا يتسنى لها أن تجمعه ولا تزرعه، ومن ثم لا تحصد من شتاته شيئاً. الجميل في القضية إقبال الشباب والشيبة على القراءة، وإجماعهم على متعتها، وتطور تلك الكتب التي تحاكيهم وتحاكي ما يفكرون به، وما يشعرون، لاسيما أن لكل شيء ملحقاته. إن من توابع إقبالهم على القراءة النهمة أنتجت لديهم تنويعهم لمصادر دخولهم ببيع إبداعهم وإشراك الناس للاستمتاع بهذا الإبداع،"رسوم مالك نجر مثالاً"، والإخراج مثالاً، وشبان وشابات أبدعوا في إشراك تجاربهم الشخصية أروع مثال. أفلا يستحق كُل ما سبق الإشراك العالمي لتلك التجارب"النجاحات"، وعرضها للعالم، ورجال الأعمال، ولدى أعين من غرق ببراثن اليأس علّه يمسه شيء من ذلك فينهض ويستفيق...! الغريب أن أكثر نائلي جائزة"نوبل"والناهضين بأوطانهم مثل"زويل"وغيره كانوا من سكان المحافظات الصغيرة المتواضعة التابعة للمدن الواقعية، لا تعني أن نيأس لأن الفرص وسط قشة من المحبطات، منها ضعف الدافع والتشجيع، بل إن نشر العالمية في محافظاتنا لتدرك فِكر المبدعين منا بمختلف مساكنهم ومدنها، هذا الحلم حُلم وطن، وحلم محافظة صغيرة، وحلم فكرة وحلم رجل أعمال يبحث عن الفكرة. نجلاء صلاح الدين آل الشيخ [email protected]