طالب الاختصاصي القانوني الأستاذ في المعهد العالي للقضاء الدكتور أحمد الصقيه، بإيجاد برامج مشتركة بين متخصصي الشريعة والقانون، بما يسهم في القضاء على"الانفصال المعرفي"بين الطرفين، معتبراً أن هناك فجوة بين المتخصصين في الشريعة والقانون، أثّر سلباً على من يتعامل مع الطرفين في الشأن القضائي. وقال الصقيه خلال محاضرة ألقاها في"خميسية حمد الجاسر"بالرياض أمس:"لا مجال للمقارنة بين الشريعة والقانون، فالشريعة أكمل وأسمى من أن تتمّ مقارنتها مع أي شيء من وضع البشر، لكننا نتحدث عن أن هناك أهمية قصوى لإحاطة دارسي الشريعة بعلوم القانون ودارسي القانون بعلوم الشريعة، في الشكل الذي يتوافق مع حاجة المجتمع لذلك وحاجة المهن التي يعملون فيها، فهناك تجارب أكدت ضرورة هذا الإلمام المشترك وأبرزت نتائجه الإيجابية، فالشرعيون الذين اكتسبوا بعض العلوم القانونية والعكس، نجحوا في العمل القضائي وأسهموا في صياغة بعض الأنظمة والتشريعات، في حين أن عدم التجانس بين الطرفين نجد تأثيره حينما تظهر الحاجة إلى أمور شرعية وأدوات تنظيمية، إذ إن هناك لجاناً كل منسوبيها من القانونيين، ما يسهم في صعوبة التعامل معهم من الشرعيين، وفي المقابل يكون تعامل القضاء مع القانونين من المحامين صعباً أيضاً". وأوضح أن هناك تجانساً بين المجال الشرعي والقانوني في جامعات وكليات عدة في دول عربية، مثل جامعة الأزهر، التي تقدم مع تخصص الشريعة بعض المبادئ القانونية، بهدف إيجاد تقارب أكثر في تخصص القانون والعكس، انطلاقاً من إمكان إسناد بعض الأعمال لخريج الشريعة أو خريج القانون، التي تستوجب الإحاطة بالجانبين، مشيراً إلى أن التأهيل متاح في السعودية من خلال المعهد العالي للقضاء، ومعهد الإدارة للراغبين في الاستزادة قانونياً، إضافة إلى إمكان إكمال الدراسات العليا في الشريعة بالنسبة للقانونيين. وأكد الحاجة إلى إيجاد برامج مشتركة في هذا الشأن، للإسهام في بناء بيئة قضائية منسجمة مع التطورات التنظيمية التي تشهدها السعودية، وتابع الصقيه:"نحن لا ندعو إلى أن يترك كل طرف العلوم التي درسها، وإنما ندعو إلى ضرورة القضاء على الانفصال المعرفي، والتشكيك بين الطرفين، مع التأكيد على أن جميع الأنظمة في النظام الأساسي للحكم تقوم على الشريعة الإسلامية وحتى المواثيق الدولية التي تدخلها السعودية تشترط فيها عدم مخالفة الشريعة، ما يعني أن الشريعة هي الحاكمة لدينا، ولكن تبقى بعض القوالب التي يحتاجها متخصص الشريعة ومتخصص القانون، للتعامل مع بعض الحالات، وتفعيل الجوانب التطويرية والتأهيلية لخدمة القضاء لدينا".