أوضح المستشار القانوني الدكتور أحمد الصقية أن الوضع القضائي في المملكة العربية السعودية يشهد احتقانا في العلاقة بين الشرعيين والقانونيين، مشددا على ضرورة التقارب والتوافق بين الشرعيين والقانونيين، وسد النزاعات الجدلية التي توسع الفجوة بين الجانبين. وأشار الصقية، خلال محاضرة بعنوان «العلاقة بين الشرعيين والقانونيين» أقيمت صباح أمس في خميسية الجاسر الثقافية في الرياض، إلى أن حاله التأزم والانفصام وصلت إلى الدراسة والمنهجية والتطبيق العملي والميداني، بالإضافة إلى البدلات والمخصصات والفرص الوظيفية، موضحا أن «خريج القانون يطالب بتعيينه قاضيا، وخريج الشريعة يطالب ببدل ندرة كالقانوني». وبين أن النزاع قائم وأعمق وأكبر، حتى على صعيد التطبيق القضائي، بل وصل إلى ضبط الحقوق وحفظها. وقال «اليوم، هناك انفصال نكد بينهم. فدارسو القانون هم الذين يتولون اللجان شبه القضائية، التي يسميها الشرعيون اللجان ذات الاختصاص شبه القضائية، كي لا تعطى الصفة، ولإنزال مرتبتهم». وأكد أن هذا النزاع أورث حالة من تباعد الطرفين، وأورث حالة من عدم فهم كل منهم الآخر، فإذا ترافع محام، وكان تأهيله قانونيا، يكون ترافعه أمام القاضي صاحب التأهيل الشرعي أضعف، لأن المدرستين مختلفتان، وكذلك المحامي صاحب التأهيل الشرعي إذا ترافع أمام عضو لجنة متخصصة قانوني أو حقوقي تكون النتيجة نفسها. وأشار الصقية، وهو أول عميد لكلية للحقوق في المملكة، إلى أن الجامعات كانت السبب الأول في هذا التأزم، لافتا إلى أن دارسي الشريعة لم يتعلموا أبجديات عمل القاضي، بينما تغيب أسس الفقه عن دارسي القانون، مؤكدا أهمية دمج مناهج الشريعة والقانون، أسوة بالجامعات المصرية، التي كان لها قصب السبق في ذلك بتأسيسها كلية الشريعة والقانون قبل خمسين عاما، على حد قوله، وبين أن ذلك يتيح المجال للتقارب بين الجانبين وشمولية الفهم لديهم لتخفيف الاحتقان الراهن، فالشريعة جاءت لحماية الحقوق والقانون في ذلك الإطار. وعن بطء عمل القضاء، أكد الصقية أن السبب لا يتوقف فقط على عدد القضاة، بل إن بيئة التقاضي، ومنظومة العمل، والبيئة الخارجة عنها تشكل عائقا أمام الإنجاز. واستشهد الصقية بإحدى الدراسات التي أشارت إلى أن 80% من أعمال القاضي ليست من اختصاصه، ويفترض أن يؤديها غيره، وهذا حرص منه، وبسبب عدم وجود معاونين أكفاء له، مشيرا إلى أنه «في فرنسا يوجد قلم المحكمة، وهي شركة خاصة تدير المحكمة إداريا ، ويستطيع القاضي التحكم بالموظفين، وهذا النظام موجود لدينا لكن لا يطبق».