سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اعتبروا أن ما قدم لا يستحق الاحتفاء .. وجددوا الحاجة إلى الدمج مع "الثقافة والفنون" . مثقفون يسألون : ما الإنجازات "العظيمة" التي قدمتها الأندية لاحتفال 40 عاماً ؟
يعتزم عدد من الأندية الأدبية الاحتفال بمرور 40 عاماً على تأسيسها، ويأتي هذا الاحتفال وسط تزايد الشكاوى من عدم فاعلية هذه الأندية، وتشديد المطالبات بالانتقال إلى مرحلة أخرى تشيع فيها المراكز الثقافية والمؤسسات الثقافية التي تلبي شروط المرحلة، باعتبار أن الأندية الأدبية كانت تعبر عن فترة زمنية وانقضت. وأكد الكاتب خالد قماش"أن إنجازات الأندية الأدبية قياساً بالعمر الزمني لها تظل ضئيلة". وأوضح ل"الحياة"أن ولادة أول خمسة أندية أدبية كانت في العام 1975"وتهدف أساساً إلى لمّ شتات المثقفين وتبني نتاج وتجارب المبدعين من شعراء وأدباء وسراد وآخرين مفتونين بالهم بالثقافي عموماً، وأعتقد أنها خطت خطوات إيجابية كبيرة، لكن قياساً بالعمر الزمني لها، والذي يمتد ل40 عاماً تظل إنجازاتها ضئيلة، وفعاليتها في المجتمع محدودة جداً، لأنها اهتمت بالنخب، وطغت على بعضها الشللية والمحسوبيات والمنافع الخاصة، واستخدمت بعض منابرها لتصفية الحسابات أو لكسب علاقات براغماتية تخدم المصلحة الخاصة وتهمّش المصلحة العامة". واعتبر قماش أن معضلة الأندية الأدبية"في كونها تخضع لسلطة الوزارة وغير مستقلة، ما أفقدها مرونتها وجعلها رهينة للإجراءات البيروقراطية التي تعرقل الفعل الإبداعي وتخلق أجواء من الإحباط لدى المبدع". وقال:"مع الأسف وبعد بلوغ سن ال40 الذي يفترض أن يكون سن النضج لبعض الأندية الأدبية إلا أنها ما زالت تمارس دور الوصاية على المبدعين وتعمل بفوقية، وبعضها يمرر أنشطته في شكل روتيني، مع أنه يفترض بها أن تكون فضاء شاسعاً واسعاً لكل التجارب والمواهب والإبداعات، وأن تعمل على خلق مناخ ثقافي تفاعلي جاذب لكل أطياف المجتمع، بالنزول إلى الشارع والتشارك مع المؤسسات التعليمية والتربوية والاجتماعية لاستقطاب المواهب وصقلها وتشجيعها وتقديمها على منابرها". و يرى أن جل مشكلة الأندية الأدبية"في أعضاء يعيشون في أبراج عالية وكأنهم غير معنيون بالمجتمع وأفراده". وزاد:"عندما نرى أن ثلاثة أرباع مجتمع أي مدينة أو أكثر لا يعرفون أين يقع النادي الأدبي في مدينتهم، ولا عن أنشطته أو فعالياته، فإننا ندرك مقدار الفجوة المريعة التي تكونت بين المتلقين في شكل عام وبين هذه المؤسسات الثقافية. أنا لا أعمم فما زال في آخر النفق المظلم بصيص نور وبقايا أمل، ولكن إذا لم تتم إعادة هيكلة الأندية مالياً وإدارياً والعمل على تحريرها من السلطة الوزارية، وإعادة النظر في آليات عملها الثقافي فستصل إلى مرحلة الشيخوخة وهي لا تزال تراوح مكانها". وأكد الشاعر والكاتب أحمد عائل فقيهي أن القضية"أكبر من كونها احتفالاً بمرور 40 عاماً على تأسيس هذا النادي أو ذاك"، وأوضح"أنها مرتبطة بحجم الإنجاز الثقافي والفكري والإبداعي، ذلك أن أكثر الأندية الأدبية والثقافية المنتشرة في مناطق المملكة لم تقدم ما هو جديد و لافت إلا في حالات استثنائية". وأقترح أن"تدمج الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون وتحوَّل إلى مراكز ثقافية"، وأضاف فقيهي:"غالبية من يديرون المؤسسات الثقافية في بلادنا لا علاقة لهم لا بالثقافة بالمعنى الحقيقي للثقافة، ولا بالإبداع في أبهى تجلياته، وقبل الاحتفال لمناسبة مرور 40 عاماً على تأسيس الأندية الأدبية، لا بد من إعادة النظر في دورها وماهية هذا الدور، وإعادة هيكلتها ومأسستها وترتيبها من جديد". بينما وصف الكاتب فيصل الجهني الاحتفال ب"العبث الثقافي". وقال:"أمر عجيب حقاً تلك الاحتفالات غير المبررة التي تقيمها أحياناً مؤسسات عامة أو خاصة لمناسبة مرور زمن ما على تأسيسها، أقول لنفسي حين أقف أمام أمر كهذا: أليس من الأجدر لإنسان عبثي فارغ ألا يوقد شموع احتفاله بعيد ميلاده الأربعيني مثلاً؟ لك أن تتخيل الأمر عندما تقرأ عن عزم بعض الأندية الأدبية لدينا لإقامة احتفالية مرور أربعة عقود من زمن الغياب على إنشائها، وأتساءل: لماذا؟ وقد أجد مبرراً لاحتفالات مستحقة بسبب جدارة المحتفلين وعراقة الفعل الذي يحتفلون بذكرى بداياته. ترفع القبعة إجلالاً وأنت تقرأ عن احتفال نوبل بعقود من الزمن على بداية أولى جوائزها الثمينة. وتتفاعل ذاتك للدرجة نفسها مع احتفالات مماثلة تنبعث أنوارها الباذخة من متحف اللوفر الباريسي بفنونه الكونية الهائلة، أو من نادي برشلونة الكتالوني بثقافته العريقة في إثبات الذات المنتصرة خلال 113 عاماً. أو من معهد غوتة الثقافي على المستوى الأدبي مثلاً وهو يحتفل ب60 عاماً على رسوخ منجزه الثقافي الأدبي على المستوى العالمي كله بجوائزه وميداليته التي تمنح بحسب انبعاثات الفن الخالص من وحي الشاعر الألماني المتجه صوب الأرجاء الأدبية العربية الشرقية الهائلة. واحتفالية تقيمها جائزة الشارقة للإبداع العربي لمناسبة مرور51عاماً فقط على إخلاصها الحقيقي لكل تجلِّ إبداعي في شتى الفنون والآداب لها الكثير من المبررات المستحقة، أو حتى جائزة البابطين للإبداع الشعري، لكن احتفالية نادينا الأدبي الثقافي بمرور أربعة عقود من الزمن على تأسيسه.. لماذا"؟ وأضاف الجهني قائلاً:"هذا النادي العتيد لم يكن لمنجزه الثقافي قيمة حقيقة إلا خلال أعوام محددة في الثمانينات الميلادية عندما كان يشرع رئيسه الفاخر عبدالفتاح أبومدين آنذاك نوافذه للذين أقبلوا يشتعلون غناء وفناً حقيقاً خالصاً، أما الآن ومنذ العقد الأخير مثلاً فقد كان رهيناً لإدارات لا يمكن أن تعطي منجزاً ثقافياً يسجل في الذاكرة الجمعية لأنها فاقدة منذ البدء الذهنية الثقافية القادرة على إنتاج مشروع أدبي ثقافي خاص، وخالص محاضرات عتيقة لأسماء ذاتها في كل مرة، هم وحدهم في المدينة الذين يبدعون، وهم ذاتهم يدرسون ويمارسون النقد لأنفسهم بأنفسهم، والأمثلة جلية لمن أراد أن أطلعه عليها لاحقاً، ثم أمسيات شعرية وقصصية كان مقدموها ومنظموها يقيمونها باعتبارها تجارب أدبية متنوعة، ولكنها في الحقيقة تجربة تقليدية واحدة تطرح نفسها بمرجعيات بائدة! مؤلم جداً ألا يكلف أصحاب هذا النادي أنفسهم بدعوة الذين يستحقون حقاً من أمثال الذين كانوا يشتعلون غناء وشعراً ونقداً وفكراً، وهم ربما يستقرون بجوارهم على الشواطئ الساكنة إياها". وأكد أنه مؤلم جداً"أن تعجز مثل تلك المؤسسات الثقافية في بلادي عن نقل ثقافة ما أو أدب ما أو ممارسة فنية ما لطيف بسيط من أطياف المجتمع المجاور لجدران النادي الذي يشتعل جهلاً وصخباً وغناء فارغاً من كل قيمة وفضيلته. ليس في فمي ماء لأتوقف عن الملام المباح، ولكن الفضاء لن يتسع بالتأكيد لكل الكلام المستباح، ألم يكن من الأفضل لهم ألا يحتفلوا بفشلهم وعجزهم في لحظة تاريخية لن ترحم زبدهم المتكوم على الشاطئ البعيد".