من الملاحظ أن معظم الناس الذين يعيشون في السعودية لا يأوون إلى فراشهم قبل منتصف الليل، وبالتالي يصحون متأخرين"وهذا يؤدي إلى حرمانهم من أجمل ساعات اليوم، ألا وهي ساعة إشراق الشمس، إضافة إلى ضياع النهار الذي هو معاش الإنسان"لقوله سبحانه وتعالى: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً، لذا، كانت البنية الجسدية للمسلمين الأوائل أقوى من بنية المسلمين في الوقت الحاضر"بسبب تقيدهم بتعاليم السنة النبوية في كراهة السهر والسمر بعد صلاة العشاء، حاول أن تصحو باكراً، سواء أكان لديك عمل أم لا، وسترى الفرق الإيجابي في تغيير طبيعة حياتك، مثل: اكتساب الأجر العظيم في صلاة الفجر حاضراً"واختفاء الانتفاخ والسواد تحت عينيك"وتغيير إشراقة وجهك نحو الأفضل"واستعادة نشاطك الجسدي والذهني. عندما تقود سيارتك أثناء ذهابك وإيابك إلى عملك، أو إلى وجهتك، أو إذا قصدت مكاناً لقضاء حاجة لك، فواجهت طابوراً طويلاً، حاول أن تستعين بذكر الله، ليساعدك ذلك في الصبر على ظاهرة الازدحام التي عمت أرجاء المملكة، فعلى سبيل المثال، استحضر أحد أسماء الله الحسنى، وناجه تعالى بهذا الاسم، فقل مثلاً:"يا صبور"، فسوف تلمس عون الله تعالى لك على الاحتمال والصبر، وسترى أن الوقت الطويل مضى من دون أن تشعر به. قلل من الاستماع إلى نشرات الأخبار"لأنها مثيرة للأعصاب، فإن معظم الغربيين لا يستمعون إلى نشرات الأخبار. وجرب أن تطلب من أحد أفراد أسرتك أن يسجل نشرات الأخبار ليوم معيّن من قنوات عدة، ثم شاهدها بعد مضي أسبوع. ماذا تلاحظ؟ الكثير من الناس يمرون بضائقة مادية"لذا استعن بالله تعالى في ذكر بعض أسمائه، مثل: الكريم، الغني، المغني، الرزاق، الباسط، الفتاح، وسترى الفرج بإذن الله تعالى، حاول ألا تفكر كثيراً في الغد وكيفية تدبير العيش. وعش في حدود يومك، فالعيش في حدود اليوم يتّسق مع قول الرسول، صلى الله عليه وسلم:"من أصبح آمناً في سِربه معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزتْ له الدنيا بحذافيرها". فالذي خلق الأكوان هو مدبرها. فتوكل على الرازق، وسترى الفرق بين ما كنت عليه من هموم، وبين اتكالك عليه سبحانه وتعالى. من الملاحظ أن معظم الناس، في هذا الزمن، تتعرض لضغوط الحياة المختلفة"ونتيجة لذلك ازدادت عصبيتهم وغضبهم لأتفه الأسباب، وازداد عداؤهم للغير وشراستهم. حين تتعرض لمضايقات من شريك حياتك، أو جارك، أو زميلك في العمل أو الدراسة، تأنى قبل أن تهاجمه، وفكر في أنك لو كنت مكانه فكيف كنت ستتصرف؟ والتمس له الأعذار، لقول الرسول، صلى الله عليه وسلم:"التمس لأخيك سبعين عذراً"، وحين تقابل إنساناً ذا طبيعة عدائية حاول أن تستحضر ابتسامتك، فسترى أنه سيفاجأ بهذا التصرف"وسيخفف من عدائيته تجاهك. مهما جار عليك الزمان، وعظمت ضغوط الحياة، حاول دائماً ألا تشكو أمرك إلا لله عز وجلّ"فالناس، على الغالب، لن ينفعوك بشيء. بل على العكس أضحى الناس، في هذا الأوان، يتضجرون ويتجنبون الشخص الكثير الشكوى"والسبب في ذلك أن كل إنسان لديه من الهموم ما يكفيه، بل وحتى وإن أصابك مرض فلا تشتكي إلا لله سبحانه وتعالى، لأنك ستؤجر على صبرك على مرضك. معظم الناس هذه الأيام توحدوا، أي أنهم يميلون إلى الوحدة والانعزال"بل إن بعضهم أصيب بمرض حمى القش، التي هي الرغبة الشديدة في التقوقع في بيوتها لساعات طوال"بسبب"الإنترنت"، وكثرة القنوات الفضائية وتنوعها. بل إن من الملاحظ أن بعضهم يتهرب من الرد على الهاتف، خشية أن يكون المتصل يرغب في طلب شيء منه، لذا، جرّب أن تكون اجتماعياً، وتواصل مع رحمك، وأهلك، وأصدقائك باستمرار، وتمتع بإجازتك الأسبوعية في لقائهم. فصلة الرحم واجب إسلامي لا يخفى على أحد، وحاول توفير مبلغ من المال، كل عام، لقضاء الإجازة السنوية خارج بلدك، فالسفر يعيد النشاط والحيوية. جاهد في الحفاظ على صحتك، وإذا كنت من أصحاب الكروش، لا تلجأ إلى تأنيب ذاتك كلما نظرت في المرآة. كُلْ كما تشتهي نفسك، ولكن أحرق ما تأكله بالمشي، أو بالرياضة السويدية في المنزل. ولا تصغ إلى التقارير الطبية التي تنشرها بعض المجلات والصحف، في أن الطعام أو الشراب هذا أو ذاك مضر لصحة الإنسان، أو أنه المسبب الرئيس لمرض السرطان. حاول الامتناع عن تعاطي الدخان، ولكن إن فشلت في ذلك، فلا تجعله أكبر المصائب، وتؤنب ذاتك بسببه"فالدخان مقارنة مع الكثير من الأطعمة والأشربة يعدّ من أقلها تسبباً للسرطان نسبياً"فهناك الكثير من الأطعمة، والمعلبات، واللحوم المشوية بأنواعها، والأطعمة المقلية، والمشروبات الغازية، والسكر، والملح مسببة لأمراض الجلطات وللسرطان أكثر من شرب الدخان بأضعاف مضاعفة. ساعد الناس على قدر استطاعتك، فمساعدة الناس واجب إسلامي قبل أن يكون واجباً إنسانياً، مساعدة الناس تُدخل على قلبك السرور قبل أن يدخل السرور على قلب من تساعدهم. لا تنتظر شكر الناس لك، ولكن بالمقابل أشكرهم على معروفهم لك. وتواضع معهم، فإن التواضع أنجع وسيلة لمحبة الناس إياك، وستجد نفسك بعد تغيير طبيعة حياتك أنك محبوب لدى شريحة كبيرة منهم. لا تجعل جمع المال أكبر همك"فتقعد مهموماً تفكر بمصير عائلتك من بعدك، فالله سبحانه وتعالى وحده هو المعيل، والناس كلهم على مائدة الرحمن. فقد قيل لعمر بن عبد العزيز: هؤلاء بنوك - وكانوا إثني عشر - ألا توصي لهم بشيء فإنهم فقراء؟ فقال:"إن وليي الله الذي نزّل الكتاب، وهو يتولى الصالحين. والله لا أعطيتهم حق أحد وهم بين رجلين: إما صالح فالله يتولى الصالحين، وإما غير صالح فما كنت لأعينه على فسقه"، ولكن بالمقابل عامل أسرتك كأنك ستموت غداً، أو أن أحدهم سيموت غداً، تجاوز عن أخطائهم وهفواتهم، وسترى الفرق الإيجابي بعد تغيير طبيعة حياتك بهذه المعاملة الحسنة. * باحث في الشؤون الإسلامية.