"عزيزي السيد الرئيس، دعنا نمشي سوية... دعنا نتظاهر بأننا مجرد شخصين، وبأنك لست أفضل مني... أحب أن أسألك أسئلة عدة، إن كان من الممكن أن نتحدث بصدق... ما الذي تشعر به وأنت ترى كل المشردين على الطرقات؟ لمن تدعو ليلاً قبل أن تذهب لتنام؟ بماذا تشعر وأنت تنظر في المرآة؟ هل أنت فخور بنفسك؟". الكلمات في بداية المقال مقتبسة من أغنية للأميركية"أليشيا مور"، والمعروفة باسمها الفني"بينك"، وتم إنتاجها في نهاية العام 2006، واصفة إياها - المغنية - بأنها رسالة مفتوحة إلى الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن. ومضيفة كذلك بأنها الأغنية الأهم من بين جميع ما كتبته طوال مسيرتها. من جديد، لا أعلم ما الذي يفعله وزير الداخلية الأميركي هُناك، لكني متأكد بأنه لا يقوم بعمله على أكمل وجه. هل تصدقون أن"بينك"لا تزال حرة وتذرع الأراضي الأميركية جيئة وذهاباً؟ هل تستطيع مخيلتكم حمل فكرة أن"بينك"لا تزال تحتفظ بجوازها الأميركي؟ ولا تزال تسافر بجوازها الأزرق بكامل الحرية؟ الأمر الأكثر إحباطاً حينما تعلم أنها لم تدخل السجن إطلاقاً، ولم يتم استدعاؤها، ولم يستطع أحد ما، ولا حتى أطول ضباط ال"إف بي آي"شنباً مضايقتها! لم يكتب أي من المُثقفين الأميركيين هُناك أن الرئيس الأميركي"خط أحمر"، على رغم أن أميركا في ذلك الوقت تحت تهديد الإرهاب! لم يطالبها أي أحد بضرورة تأجيل طرح الأغنية إلى وقت لاحق تتحسن فيه الظروف السياسية. حتى أن أياً منهم لم يطرح السؤال المثير للضحك:"لماذا أطلقت هذه الأغنية في هذا الوقت تحديداً؟". وبينما تقوم"بينك"منذ ذلك العام 2006، وحتى هذه اللحظة، بإقامة الحفلات وتسجيل الأغاني والاستمتاع بالحضور الإعلامي على قنوات بلدها، وخارجها"يقبع عشرات آلاف المعتقلين السياسيين في السجون العربية بتهم تتعلق ب"الكلام"! إذ يرى رؤساء هذه الدول أن استخدام المواطنين لأفواههم في غير مضغ الخبز اليابس هو مخالفة صريحة تستوجب السجن والتنكيل. وهذا ما لا يراه الدستور الأميركي، لذلك استطاعت"بينك"- كما يستطيع الملايين غيرها - توجيه الرسالة التي تريد إلى الرئيس الأميركي، وما أن يحاول أحدهم مصادرة حقها في كتابة ما تريد، تستطيع مقاضاته - بمحاكمة بسيطة - وتجعل منه أحد مصادر دخلها المادي، إضافة إلى الغناء. لهذا السبب تقول"بينك"في أحد مقاطع الأغنية:"كيف تنام، بينما يبكي البقية؟ كيف تحلم وهناك امرأة لا تجد الفرصة لقول إلى اللقاء؟ كيف تمشي برأس مرفوع؟ هل تستطيع حتى النظر في عيني؟"للرئيس الأميركي بكامل الحرية، من دون أن يتعرض أي أحد للتحقيق، ولا حتى"الغيتار"الذي اُستخدِم في العزف... تخيلوا! * كاتب سعودي. [email protected]