هذا اليوم الجمعة هو اليوم الاخير في «أسبوع زلزلة اقتصاد النظام» في البحرين، ولعل الذين فاتتهم فرصة المشاركة في اليوم الاول لن يفوِّتوا على انفسهم فرصة تخريب اقتصاد بلدهم في اليوم الاخير. الإعلان عن الاسبوع هذا موجود على الفايسبوك مع التفاصيل، إلا أنني لم أعثر عليه هناك، وإنما تلقيته من مصادر عدة، ومن دون أن أعرف إذا كان المرسِلون يريدون مني المشاركة، او ينبّهونني الى محاولات ضرب اقتصاد البحرين. اتمنى ان يكون الاسبوع مزوَّراً، إلاّ أنني لا أراه كذلك، ومضى يوم كنت آمل فيه ان تُقنع جماعةُ الوفاق المتطرفين مِن وفا والحق باتباع مَثَلها في الاعتدال، إلاّ أنني وجدت في النهاية ان الوفاق تبعت مَثَل المتطرفين في التطرف الفالت من عقال الوطنية والأخلاق والمنطق. مع ذلك، أرجو ان تكون الوفاق بريئة من مشروع لضرب اقتصاد البحرين، اي ضرب الشعب كله في رزقه وقوت يومه، فالاقتصاد إذا نُكب يصيب الفقراء قبل الاغنياء، الذين تظل عندهم ذخيرة تحميهم. ويشجعني على أداء افضل من الوفاق، الوثيقة التي اصدرتها خمس جمعيات بحرينية معارضة، أهمها الوفاق، فهي تفتح الطريق امام انفراج سياسي اذا صدقت النوايا، والعبرة بالتنفيذ لا بالكلمات المنمّقة. اليوم الأول في الأسبوع، السبت 8/10/2011، نص على «افتتاح بنك الافكار لضرب وزلزلة اقتصاد النظام على الفايسبوك»، والنص لغة عربية بقلم ايراني، فالمقصود طبعاً ليس «ضرب اقتصاد البحرين على الفايسبوك»، وإنما «افتتاح صفحة بنك الافكار على الفايسبوك لضرب وزلزلة اقتصاد النظام». وأزيد لفائدة القراء العرب، أن «ضرب وزلزلة اقتصاد النظام» خطأ، والصحيح «ضرب اقتصاد النظام وزلزلته»، الا ان الشرح يطول، وهو خارج سياق الموضوع. الموضوع هو ان هناك بحرينيين يريدون تخريب اقتصاد بلدهم، اي ايذاء اهلهم قبل النظام، واليوم الجمعة سيحاولون «حصار وإجهاض معرض الجواهر العربية في البحرين»، ومرة اخرى الصحيح لغةً هو حصار المعرض وإجهاضه. وأرجِّح أن لهؤلاء علاقة بإيران المتهمة بدعم الإرهاب، كما رأينا في التهم الاخيرة التي وجّهها الأميركيون ضدها مع إعلان الأسماء. كنت قررت ألاّ أعود الى الكتابة عن البحرين بعد أن تلقيت رسائل تهاجم الشيعة، وهو موقف أُدينه وأرفض ان اكون طرفاً فيه، ورسائل اخرى تقلب ما كتبت رأساً على عقب، وبشكل لا يمكن ان يكون بريئاً. ما قلت في البداية، وفي كل مرة لاحقة، هو أن للمعارضة في البحرين مطالب محقة، ورجوتها ان تفاوض لتحصل على ما تستطيع، ثم تعود للتفاوض على مطالب اخرى في اقرب وقت ممكن، إلاّ أن جماعة الوفاق تحديداً، فأنا لا اعترف في البحرين بأي معارضة سياسية اخرى، اختارت ان تسعى لتحقيق المطالب بالمقاطعة، فلم تحقق شيئاً، وورث مقاعدها في البرلمان آخرون. وبقيت أصرّ على ان المطالب محقة، ولكن زدت أن اسلوب الوفاق في العمل لها كان خاطئاً وثبت فشله، وتجاوز الغيارى النقطة الاساسية عن تأييدي المطالب المحقة واصراري على ضرورة تنفيذ الممكن منها، للدفاع عن الاسلوب رغم فشله. الفشل ينوء به جمل عندما نتحدث عن مواقف المعارضة في البحرين، فقد قرأت لمعارضين يطالبون بحماية اجنبية، بل انهم يتوقعون موقفاً اميركياً يساندهم. اريد ان اعرف مِن هؤلاء ما هو الموقف الاميركي الذي خدم اي قضية لعرب ومسلمين؟ هل هو احتلال العراق وافغانستان وقتل مليون مسلم؟ او الموقف الدائم مع اسرائيل ضد الفلسطينيين؟ او الموقف من ايران والاصرار على منعها من الحصول على سلاح نووي رغم وجود ترسانة نووية اسرائيلية؟ هل كان الاميركيون وراء الثورات في تونس ومصر وليبيا، او انهم ركبوا الموجة؟ هل سمع دعاة التدخل الاميركي خطاب باراك اوباما في مجلس الامن وشجعهم ان يشير الى الوفاق وتجاوزوا إدانته ايران بالمطلق؟ خطابه هذه السنة كان نقيض خطابه السنة الماضية من المنصة نفسها في الشهر نفسه، ولعل خطابه السنة القادمة يناقض الخطابين. بعض الذين قرأت لهم مطالبةً بالدور الاميركي والحماية، كان من الاطباء الذين حكم على كل منهم بالسجن 15 سنة. يفترض في الطبيب ان يكون على درجة عالية من الذكاء، ولا بد انهم كذلك في عملهم، الا انهم في السياسة حمقى وسذج. واذا كانت الاحكام أفقدتهم صوابهم او الصواب، فإنني مستعد ان اراهنهم جميعاً (رهان جنتلمان لا فلوس) على أنه لن ينفِّذ أحد منهم اطلاقاً عقوبة السجن 15 سنة، فالملك حمد بن عيسى سيعفو عنهم، وهو أصدر في سنوات حكمه الاثنتي عشرة بضعة عشر عفواً، وبمعدل عفو ونصف عفو كل سنة. يا ناس أفيقوا، افتحوا عيونكم، أزيلوا الغشاوة، انتم لن تقلبوا النظام، وهي نقطة أقبل أن أَدخل رهاناً ثانياً عليها، وانتم تستطيعون التعايش معه، وان تحققوا بالتفاوض ما لن تحققوه بالمقاطعة مهما زعم عملاء ايران وعلماؤها. وليس كل من عارضكم واعترض على اساليبكم خصماً لكم او نصيراً للنظام، وإنما قد يكون مجردَ ناصح مشفق. [email protected]