تجربة الديموقراطية في البحرين ستستمر، والانتخابات النيابية ستجرى في موعدها، والمخربون سيحاكمون بتهمة التخريب، والمحرضون المتهمون بالوقوف وراء مخطط ارهابي كشفت أجهزة الأمن تفاصيله سيحاكمون بتهمة التحريض على التخريب والإرهاب. كانت «نيويورك تايمز» نشرت تحقيقاً مهماً في 20 من الشهر الماضي أشار عنوانه الى أن الإجراءات الأمنية تلميح الى نهاية الإصلاحات. وقرأت مثل ذلك الخبر في صحف غربية أخرى، ما أثار اهتمامي، واتصلت بالمسؤولين البحرينيين، قبل كشف المخطط الإرهابي وبعده، وهم جميعاً أكدوا لي ان الإصلاحات ستستمر، والتقيت وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد في لندن، وراجعت التفاصيل معه. الشيخ خالد كرّر لي ما سمعت من المسؤولين الآخرين على الهاتف، فالإصلاحات ستستمر، والانتخابات في موعدها، وقد أعلنت حركة الوفاق المشارَكَة وأسماء مرشحيها من الشيعة معروفة، ولا نية اطلاقاً لإغلاق البرلمان، أو منع أي مواطن من ترشيح نفسه. الوزير قال أيضاً إن المعارضة حق للمواطنين في أي بلد ديموقراطي، غير أن هذا شيء والتخريب شيء آخر، فالبحرين بلد من دون ثروة بترولية تذكر، واقتصاده يقوم على الخدمات والضيوف، وعندما تتجه قلة معارضة الى التخريب فإن الناس تخاف واقتصاد البلد يتأثر والكل يخسر. التخريب الأخير تجاوز حرق الإطارات والهتاف في سوق تجارية الى أعمال تكاد تكون ارهابية مثل حريق محطة كهرباء سترة الذي هدد البيئة المحلية بكارثة، مع اعتداءات ملثمين على المواطنين، والآن هناك تهمة التخطيط للإرهاب. وزير الخارجية قال لي إن الملك حمد بن عيسى تحدث دائماً عن سيادة القانون وإن لا أحد فوق القانون، وأضاف ان رأي القيادات الشيعية ايجابي وليس ضد السلطة ويحسب لها. مع ذلك لا يوجد في السجون معتقلون باستثناء المخربين الذين اعتقلوا، والمتهمين بالتحريض من نوع الدكتور عبدالجليل السنكيس، واسمه غريب كولائه، ومثله المتهمون معه المنشورة صورهم فلم أسمع بأكثر من أسمائهم، مع انني سألت مصادر غير حكومية. ثمة حاجة الى الإصلاح في البحرين على كل صعيد والمطالبة بالإصلاح محقة، ولكن ماذا تعني المطالبة بتغيير النظام؟ آية الله إيراني وولاية الفقيه؟ جماعة الوفاق يتبعون ولاية الفقيه، ولا أدينهم بشيء فرأيهم حق لهم، وكل رجائي أن يكون الولاء دائماً للوطن، وإن كان لا بد من مرجعية دينية فهي حتماً النجف لا قم. أذكر من مطلع السبعينات ان الأممالمتحدة استطلعت رأي أهل البحرين عشية الاستقلال ووجدت ان غالبية ساحقة منهم مع الاستقلال. وإن لم تخنّي الذاكرة، فالإمام محسن الحكيم دعا شعب البحرين من النجف في تلك الأيام الى تأكيد عروبة البحرين. والملك حمد بن عيسى أخذ رأي الشعب مرة بعد مرة على امتداد العقد المنتهي، فكان هناك استفتاء على ميثاق العمل الوطني، وانتخابات 2002 التي قاطعتها الوفاق وشاركت فيها غالبية بسيطة من المواطنين، وانتخابات 2006 بمشاركة الوفاق التي انتهت. وفي البحرين برلمان يضم 18 عضواً من الإخوان والسلفيين السنّة و17 عضواً من الوفاق الشيعة وخمسة مستقلين. في 1/5/2007 كتبت في هذه الزاوية ان البرلمان البحريني يضم مع قلّة معتدلة تريد الخير للوطن وأهله غالبية أصولية من الطرفين لا تعرف من الممارسة الديموقراطية سوى تعطيل اقرار القوانين. والآن هناك عهر سياسي وأقلية تطلب الديموقراطية من طريق الإرهاب. كان ما أثار غضبي في حينه انني غادرت البحرين وأنا أحمل جريدة «الأيام» وفي صفحتها الأولى خبر يقول ان «لجنة التحقيق» البرلمانية ستحاكم جميع فعاليات «ربيع الثقافة» لا «مجنون ليلى» فقط، وخبر آخر يقول إن الملك حمد عين القاضية ضحى الزياني عضواً في المحكمة الدستورية، لتصبح أول امرأة في أعلى محكمة في البلاد. وهكذا فالملك يسير الى الأمام، والبرلمان يحاكم قيس وليلى، وحبهما عذري. هل يسمح لي الملك حمد أن أقول له إنه أخطأ؟ منذ الأحداث التخريبية المعروفة سنة 1999 كان هناك 13 عفواً ملكياً، وأعتقد بأن المخربين والمحرضين أساؤوا تفسير حلم الملك، فأرجو ألا أسمع منه عفواً آخر لأن القلة المحرضة المخربة «ناس تخاف ما تختشيش»، ثم أرجو أن أرى منه مزيداً من الإصلاحات الضرورية. لبنان ليس مثلاً يحتذى به، فعندنا الولاء الثاني والثالث والثلاثين، غير ان عندنا أيضاً تجربة قديمة ومع حاكم ناجح، فالأمير بشير الشهابي الكبير بطش بعمه يوسف وابنيه وبالشيخ بشير جنبلاط (عمود السما) وبآل باز جميعاً، وعندما انتقده الناس قال عبارة ذهبت مثلاً: الظلم أسلم من رخاوة الحكم. لا أدعو الملك حمد الى أي ظلم وهو لن يفعل، وإنما أدعوه الى متابعة الإصلاحات وإلى وضع المتهمين جميعاً تحت حكم القانون. [email protected]