أود أن أوضح أن هذا الرقم لا يعكس الدور المطلوب والمنتظر من معهد الإدارة، ولتقريب الصورة أكثر فالعدد لا يعدو كونه يترجم مهمة روتينية يمارسها المعهد، كما يمارسها غيره من الأجهزة الحكومية كالمدارس والكليات والجامعات، فأعداد من يدرسون أو يلتحقون بها لا تعني إنجازاً، وإنما الإنجاز الحقيقي هو من تفوق منهم وحقق مكاسب ملموسة، ولذلك فالدور الذي تخلى عنه المعهد - للأسف - هو العمل على التأكد من مدى استفادة هؤلاء الموظفين من برامج المعهد التدريبية وانعكاسها الإيجابي على ممارستهم لأعمالهم بعد العودة من الدورة التدريبية. وهنا يجب التوقف لإيضاح ما حدث للتدريب في معهد الإدارة من انتكاسة في الآونة الأخيرة، فبعد تحول برامج المعهد إلى برامج قصيرة المدى زمنياً، وإناطة مهمة دراسة استمارات الترشيح، التي كان المعهد يدرسها في السابق للتأكد من مطابقة مهام الموظف للبرنامج التدريبي الذي يرغب التحاق به، إلى موظفي الأجهزة الحكومية الذين منحهم المعهد صلاحية الدخول إلى موقعه الالكتروني لتسجيل زملائهم في البرامج التدريبية، أصبحت دورات المعهد يغلب عليها خليط غير متجانس من موظفي الأجهزة الحكومية، ممن يمارسون أعمالاً لا تمت بصلة للبرنامج التدريبي، فأصبح المهندس يحضر دورة في المحاسبة، والمحاسب في الهندسة... إلخ، من جانب آخر بنى المعهد برامجه القصيرة على المسميات الوظيفية الموجودة لدى وزارة الخدمة المدنية، ومن المعلوم لدى المعهد أن هذه البيانات غير دقيقة، بمعنى أن الموظف بمسمى وظيفي ويمارس وظيفة أخرى مختلفة، كأن يكون مسماه الوظيفي"باحثاً اجتماعياً"، وهو يعمل مديراً لإدارة الصيانة والخدمات. من هنا يتأكد أن ذلك الرقم عن عدد الملتحقين لا يعني شيئاً إذا كان الموظف يلتحق بدورة لا تفيده في مجاله الوظيفي، وأصبحت الغاية من الالتحاق في برامج المعهد هي الحصول على شهادة حضور الدورة التي تمنح الموظف نقاطاً تساعده في ترقيته الوظيفية، والواقع أن برامج المعهد في السابق، التي كانت تعتمد تقويم المتدربين ممتاز، جيد جداً، جيد، مقبول، راسب واستحقاق من يحصل على تقدير امتياز على مكافأة راتب شهر، وجعلت من التدريب ميداناً للتنافس والاهتمام بدلاً من الحضور الجسدي فقط بهدف الحصول على الشهادة. فإذا كان معهد الإدارة يبحث عن إنجاز حقيقي، عليه أن يعيد حساباته ويعمل على أن يعود لنشاط التدريب حيويته ونجاحه، ويتخلى عن"لعبة الأرقام"التي يحاول تمريرها، وإذا كانت الأرقام تعني لمعهد الإدارة شيئاً، فلماذا لا ينشر عن مجالاته الأخرى؟ ومنها مجال الاستشارات، ولماذا انخفض عددها؟ والأهم من مجرد ذكر عددها الإفصاح عن أعداد الاستشارات التي طبقتها الأجهزة الحكومية ونجحت فعلياً، وبالمناسبة فليس لدراسات اللجنة الوزارية للإصلاح الإداري علاقة بقلة عدد الاستشارات، كما يدّعي المعهد، لاختلاف طبيعة ومجال كل منهما عن الآخر، وهذا ما دفع عدداً من الجهات الحكومية إلى الاستعانة بجهات أخرى غير المعهد لتقديم استشارات لها. أتمنى على المسؤولين الذين يهمهم مصلحة ونجاح معهد الإدارة ليؤدي مسيرته التنموية على الوجه الصحيح، حل المشكلات والقضايا كافة التي تعوق المسيرة ليكون المعهد صرح إشعاع ومنارة علم ينهل منها الجميع ليستفيد فعلياً الوطن والمواطن. خالد بن محمد الصالح - الرياض