تراوحت أولويات إنفاق سعوديين للراتبين الإضافيين اللذين حجزا مكانهما في أول قائمة الأوامر الملكية ال20، بين سداد ديون وتسديد أقساط ودفع الإيجارات، فيما فضل بعضهم استثمارهما في دفع مقدم قيمة سيارة أو منزل، أو تغيير أثاث منزل. كل يغني على ليلاه، كما يقولون، بعض السعوديين فضلوا إنفاق الراتبين على رحلة سفر، لا يهم إن كانت خارجية أو داخلية، فموعد صرف الراتبين يتوافق مع إجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني. "الحياة"استطلعت آراء مجموعة من المواطنين حول قنوات الإنفاق التي يفضلون صرف الراتبين من خلالها، فعبدالعزيز الحمد مثلاً يفضل استغلال المبلغ في ترميم جزء من منزله. لكنه لم ينس أيضاً أنه وعد ابنه بتقديم الدفعة الأولى لشراء سيارة جديدة له. ولا تخفي المواطنة مي محمد سعادتها بالراتبين،"سيكون لتسديد الديون نصيب منها، كما سيساعدني على السفر لإحدى المدن السياحية في المملكة لقضاء الإجازة القصيرة مع أسرتي"، مشيرة إلى أن فكرة شراء منزل بالتقسيط ودفع جزء من قيمته تفرض نفسها بقوة داخل أسرتها،"نريد الابتعاد عن عناء السكن بالإيجار ومشقاته". وسيساهم الراتبان في مساعدة الموظف فهد السويلم في بناء"عش الزوجية"، وشراء ما ينقصه من أثاث، ودفع تكاليف زواجه المتبقي عليه شهران. ويعترف السويلم أن القرار جاء لينقذه من حيرة كانت تقض مضجعه،"كنت عاجزاً عن دفع المبالغ المتراكمة علي، لكن الراتبين جاءا ليحلا المشكلة"، مؤكداً أن أياماً معدودة ستكون كفيلة بالقضاء على المبلغ الذي لم يكن في الحسبان. ولن تخلف المعلمة شريفة صالح وعدها لأبنائها،"كنت وعدت أبنائي بالسفر إلى دبي وقضاء الإجازة هناك فيها في حال صدور قرار بصرف رواتب إضافية،"ويجب علي الآن أن أوفي بوعدي لهم وتحقيق رغبتهم، مشيرة إلى أنها تفكر بشراء بعض الأثاث والأجهزة الالكترونية"كنت بحاجة لتحسين وضعي المادي منذ فترة، وبات باستطاعتي حل مشكلات عدة كانت تواجهني". في حين سارع الجندي حمد الموسى إلى تسديد بعض الديون المترتبة عليه، وإنهاء ما تبقى عليه من أقساط لسيارته،"منذ صدر القرار وأنا أفكر، لكنني أعتقد أن تسديد الديون والأقساط هو الخيار الأفضل". وسيستغل سلطان البندر الفرصة لتسديد ما تراكم عليه من مخالفات، حتى يتمكن من السفر خارج المملكة للاسترخاء وقضاء وقت أكبر مع الأصدقاء، منوهاً إلى أنه حرم من السفر منذ مدة طويلة بسبب هذه المخالفات. فيما تضع سارة في أولوياتها تغيير أثاث غرفتها وشراء كومبيوتر محمول، لافتة إلى أن المستلزمات الجامعية تشغل تفكيرها. وتبدو"الأقساط"عاملاً مشتركاً بين غالبية السعوديين، فمديرة مدرسة ال78 بالدرعية لولوة الصالح استطاعت تسديد ديون سيارتها بالكامل، وتغير جزء من أثاث المنزل، موضحة أن الراتبين ساهما بتعديل أوضاعها المالية والتخطيط مع أسرتها للسفر المعتاد سنوياً مرة أخرى بعد الاتفاق على تأجيل السفر هذه السنة لتحسين الأمور المادية. لم يكن يدور في خلد صالح السعدون أن تنتهي معاناة جمع مهر زواجه من خلال نشرة أخبار، أهدته راتبين وجنبته استدانة المبلغ من جهات أخرى، ليقفز فرحاً بعد سماعه الخبر، وتتحقق نبوءته التي أخبر عنها صاحبه حين رأى حلماً كان فيه يجمع مالاً ملقى على الطريق، يقول:"انتشلني القرار من الحزن إلى السعادة وبات موعد زفافي قريباً، كنت أبحث عن من يقرضني هذا المال إلا أن ما جمعته وما جاءني الآن يكفي لتقديم مهر زواجي بكرامة". ويؤكد أن"أجمل ما في المسألة أنها جاءت مفاجأة، وكأن المال سقط من السماء في حجرك، ما أزال أعيش هذه السعادة التي امتدت لكثيرين غيري، أنقذتني هذه المكرمة وحفظت ماء وجهي من ذل طلب المال من شخص آخر، وأول ما عملت بعد سماعي الخبر أنني سجدت لله شكراً، وفي انتظار تسلم الراتبين لأقدم مهر زواجي". بينما حجز أحمد المسبح تذاكر سفر له ولعائلته بعد سماعه نبأ الراتبين، بعد أن كانت فكرة السفر ملغية لهذا العام، إلا أنها أصبحت من الأولويات، يقول:"كنت أؤجل فكرة السفر إلى أجل غير مسمى، وموعد غامض، لكنني الآن أستعد وعائلتي لحزم حقائب السفر، كنا ننتظر مكرمة ملكية وحدود توقعاتنا لم تكن تتجاوز الراتب الإضافي فقط، لكنها جاءت فوق ما توقعنا براتبين ينضمان للراتب الأساسي". في حين مثّل المبلغ"زورق نجاة"بالنسبة إلى محمد العوض، بعد أن عصفت به مبالغ بطاقة المصرف الائتمانية، والتي أوشكت على أن تضعه على القائمة السوداء والتي ستجعل تعاملاته المصرفية مستقبلاً مستحيلة. يقول:"كنت أبحث عن وسيلة تنقذني من البطاقة البنكية والتي أصبح مبلغه والفوائد في تراكم مستمر، حتى أن الكشف الأخير للحساب أصابني بإحباط، لأن المصرف يقتطع من مرتبي 500 ريال شهرياً والمبلغ الذي استخدمته قبل عام لم يزل كما كان". ويضيف:"حين سمعت بنبأ الراتبين لم أصدق إلا بعد أن قرأته في الصحف وعبر مواقع إلكترونية وعلى شاشة التلفزيون وأنا أقنع نفسي أنه حقيقة، بات بإمكاني تسديد مستحقاتي المصرفية لأنعم بمرتب صاف، إنه شعور رائع". فيما انتظرت منار سعد عاماً كاملاً لتجمع مبلغ 36 ألف لتستطيع إجراء جراحة تحوير مجرى الطعام بعد معاناتها مع مرض السمنة المفرط، إلا أن المبلغ لم يكن متوفراً، تقول:"كنت أمام شاشة التلفزيون أستمع للقرارات الملكية، ولم تسمع والدتي سوى الزغاريد التي انطلقت مني فرحاً بتوافر مبلغ الجراحة، وعلى الفور حجزت موعد إجراء الفحوصات الطبية استعداداً للتخلص من السمنة". شمل القرار موظفي القطاعات الحكومية، ليبقى موظفو القطاع الخاص على الحال ذاته من دون تغيير، بيد أن شركات ومؤسسات خاصة منحت موظفيها راتبين أسوة بموظفي القطاعات الحكومية، وعيسى الصغير وهو أحد موظفي القطاع الخاص لم يصدق عيناه حين قرأ قرار الراتبين التي قررت شركته أن تمنحهما إياه يقول:"إن تفاجأ موظفو القطاعات الحكومية مرة فنحن تفاجأنا مرتين لأننا لم نكن نتوقع أن يشملنا هذا القرار، لكنني وعلى الفور حجزت لوالدي ليسافرا لقضاء أيام في رحاب الحرمين الشريفين، وجزء من المبلغ سأكمل به تسديد ديوني".