لجمت روسيا أمس وتيرة النقاشات في مجلس الأمن حول مشروع قرار يدعو الرئيس اليمني علي عبدالله صالح إلى تطبيق المبادرة الخليجية التي تنص على انتقال سلمي للسلطة يبدأ بنقل صلاحيات الرئيس إلى نائبه. وبدلت موسكو اندفاعها لتبني القرار طارحة على المجلس «إصدار بيان رئاسي أولاً ثم النظر في مسألة مناقشة مشروع القرار»، بعدما كانت بين الدول المتحمسة لإصداره الأسبوع الماضي. ورأت الدول الأوروبية في «البرود الروسي المفاجئ» خلال اجتماع المجلس «تكتيكاً للعب على مسارات مشاريع القرارات» بعد محاولة روسيا إشغال المجلس بمسألة اليمن في الفترة التي سبقت استخدام الفيتو ضد مشروع القرار المتعلق بسورية. وشدد ديبلوماسي أوروبي على «الاستمرار في التحرك حتى إصدار قرار في مجلس الأمن» على أن يطرح مشروع القرار «على الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس أولاً ثم على باقي أعضاء المجلس من الآن وحتى نهاية الأسبوع». وأضاف أن مشروع القرار سيتضمن «دعم تطبيق المبادرة الخليجية ودعوة الأمين العام للأمم المتحدة لتقديم إحاطة إلى مجلس الأمن خلال 15 يوماً من تبني القرار، ودعوة كل الأطراف إلى احترام حقوق الإنسان في اليمن ووقف العنف». وقالت مصادر مجلس الأمن إن مشروع القرار «لن يتضمن فرض عقوبات ولن يكون تحت الفصل السابع، بل سيقتصر على توجيه رسالة سياسية إلى الرئيس صالح وباقي الأطراف في اليمن لتطبيق المبادرة الخليجية». وقال ديبلوماسي أوروبي إن «روسيا حاولت إلهاء المجلس بموضوع اليمن لتأخير تبني قرار في شأن سورية، وها هي اليوم تحاول إبطاء العمل على مشروع القرار المتعلق باليمن». لكن المصدر نفسه أشار إلى أن «العقبات أمام مشروع القرار المتعلق باليمن أقل تعقيداً بكثير من تلك التي واجهت مشروع القرار في شأن سورية». وتوقعت مصادر المجلس أن «يوزع مشروع القرار خلال الأسبوع الحالي على أعضاء مجلس الأمن على أن تبت مسألة طرحه على التصويت الأسبوع المقبل». ولاقت الصين السياسة الروسية بتأخير إصدار قرار حول اليمن من خلال «دعم الحوار وجهود الوساطة لكن من دون وضع إطار زمني»، على ما قال ديبلوماسي صيني طلب عدم ذكر اسمه. وأضاف أن «المهم تطبيق المبادرات والجهود والاتفاقات وليس وضع الإطار لهذا التطبيق». وقال المصدر نفسه إن «الرئيس صالح لم يقل أبداً أنه ضد المبادرة الخليجية ومن الأفضل النظر إلى السبب الرئيسي لتأخير تطبيق المبادرة الخليجية إذ أن صالح ليس العقبة الوحيدة». وشدد بن عمر في إحاطته على «إجماع اليمنيين على ضرورة التحرك في أسرع وقت لتطبيق الانتقال السريع والسلمي للسلطة». وفيما أشار إلى «نشاط تنظيم القاعدة وسيطرته على ثلاث مدن حيوية في الجنوب» قال إن «مجلس الأمن من خلال اجتماعه عبر عن تخوفه الكبير من تدهور الوضع في اليمن وسيتخذ المجلس الإجراء الذي يراه مناسباً». وأوضح بن عمر أن المشاورات الجارية في اليمن الآن تدور حول «عدد من القضايا العالقة المتعلقة بنقل السلطة وصلاحيات الرئيس ونائب الرئيس في المرحلة الانتقالية». وأضاف أن الجهود قائمة حالياً «لتطبيق الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين الحزب الحاكم والمعارضة ووضع آليات لذلك». وكانت العاصمة اليمنية شهدت مع انعقاد مجلس الأمن أمس تظاهرة شارك فيها آلاف من «شباب الثورة» المناوئين للنظام تطالب مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار يلزم الرئيس صالح بالتنحي ومحاكمته أمام محكمة دولية بسبب «الجرائم التي ارتكبها النظام ضد المحتجين والمتظاهرين» منذ بدء الأزمة منتصف شباط (فبراير) الماضي. وبحث نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مع السفير الأميركي جيرالد فايرستاين التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية، والجهود الهادفة لإخراج اليمن من ازمته، بالإضافة إلى برنامج التعاون في محاربة الإرهاب. وقالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن هادي أكد للسفير أن المواجهة الحاسمة مع تنظيم «القاعدة» من قبل القوات المسلحة وفي مقدمتها اللواء 25 ميكانيكي في محافظة أبين (جنوب) حققت نتائج باهرة، مشيراً إلى أن تجمع «الإرهابيين» القادمين من بلدان عربية وإسلامية عدة إلى اليمن يتيح فرصة تاريخية ونادرة للتعاون من أجل تدميره. وأكد هادي أن الجيش قتل ما يزيد عن سبعين إرهابياً في المواجهات التي وقعت في الأيام الأخيرة في أبين «ونحن عازمون على عدم تفويت هذه الفرصة للقضاء عليهم»، مشدداً على «ضرورة تعاون المجتمع الدولي، باعتبار الإرهاب آفة عالمية لا تقف عند حدود أو دين أو أخلاق، ومواجهته ضرورة حتمية على الجميع».