أعادت الأجواء الصفراء التي عمت سماء العاصمة الرياض ومنطقتي الشمال والقصيم أمس، ذكريات الأيام السوداء التي يعيشها السكان مع بداية تغيّر كل موسم، إذ حرمت أجواء الأمس الناس من فرصة الاستمتاع بإجازة الجمعة، فيما سجلت معظم المستشفيات والمستوصفات توافد العشرات من الأشخاص، الذين يعانون من أمراض الحساسية والأمراض الصدرية، بحسب مصدر في وزارة الصحة، إضافة إلى أن الأجواء تسببت في عدد من الحوادث المرورية، نتيجة لانعدام الرؤية. واستيقظ سكان الرياض على موجة غبار لفّت المنطقة منذ ساعات الصباح الأولى، أدت إلى تدني الرؤية الأفقية إلى أقل من كيلو واحد، واستمرت حتى المساء، ما تسبب في إرباك حركة سير المركبات، وعاش معها السكان إجازة غير مريحة، لأسباب تعود إلى المرحلة الانتقالية من فصل الشتاء إلى فصل الربيع اعتاد عليها الكثيرون، في ظل أجواء لا تخلو من الغبار والعواصف الرملية. وأوضح المتحدث الرسمي في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة حسين القحطاني ل"الحياة"، أن سبب الأجواء المغبرة هو"منخفض حركي قادم من البحر الأبيض المتوسط مصحوب برياح نشطة وصلت سرعتها إلى 55 كلم في الساعة، إضافة إلى وجود جبهة هوائية باردة أسهمت في انخفاض درجات الحرارة"، لافتاً إلى أن الرياح النشطة أسهمت في"إثارة الأتربة على المناطق الشمالية والوسطى والشرقية، وأدت الى انخفاض الرؤية في بعض المناطق إلى أقل من كيلومتر واحد". ونبه إلى أن حال الأجواء ربما تستمر إلى يوم الأحد المقبل،"إلا أنها تنحصر في حدتها، وتتحول إلى عوالق ترابية، والرؤية ترتفع إلى ثلاثة كيلومترات". غير أن محللين جويين أكدوا أن صور الأقمار الاصطناعية تظهر أن موجة الغبار تركزت أمس فوق منطقتي الرياضوالقصيم، وهي تتجه إلى نحو الجنوب الشرقي، متوقعين أن تمتد إلى المنطقة الشرقية، مشيرين إلى أن حدتها ستخف، نظراً لهدوء حركة الرياح السطحية. وفي السياق ذاته، حذّرت المديرية العامة للدفاع المدني أمس من رياح نشطة مثيرة للأتربة والغبار تحد من الرؤية الأفقية، وفقاً لتقرير الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة. وطالبت المديرية ساكني الرياض والخرج والدوادمي ومنطقة القصيموعرعر بأخذ الحيطة والحذر، والابتعاد عن الأماكن الخطرة، والتقيد بالتعليمات والإرشادات في مثل هذه الحالات. من جهته، أعلن المدير العام للشؤون الصحية في منطقة الرياض الدكتور هشام بن محمد ناضرة أمس، حال الاستنفار في جميع المستشفيات، وزيادة عدد الأطباء والممرضين في أقسام الطوارئ، عقب ارتفاع عدد المرضى والمراجعين لأقسام الطوارئ في مستشفيات المنطقة منذ صباح أمس، بسبب موجة الغبار التي سببت الكثير من المشكلات لمرضى الربو وحساسية الشعب الهوائية، خصوصاً الأطفال منهم. ودعا ناضرة المصابين بمرض الربو إلى اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة باستخدام الأدوية الوقائية، والابتعاد عن المثيرات للحساسية، مشيراً إلى أن المريض يحتاج لمتابعة مدتها لا تتجاوز ربع الساعة خلال مراجعته لقسم الطوارئ في المستشفى. وكشف عن حاجة 20 إلى 30 في المئة من المراجعين خلال الأجواء المغبرة للمتابعة الشديدة، وذلك خوفاً من تضاعف الالتهابات عليهم، مؤكداً أن أعراض التهابات المجاري التنفسية تظهر عند المرضى خلال فترة النوم. وفي عرعر، أعلنت المستشفيات حال التأهب القصوى لاستقبال حالات الربو والأزمات التنفسية التي تصل للمستشفيات، فيما شوهد في المستشفيات عدد من مسؤولي صحة الشمال، من بينهم المدير العام للشؤون الصحية الذي كان على رأس العمل الإشرافي على الحالات القادمة للمستشفيات. وأوضح المتحدث الرسمي لصحة الشمال خالد حجي، أن مستشفى عرعر المركزي ومستشفى الأمير عبدالعزيز بن مساعد استقبلا، حالات إسعافية عدة ربو وحساسية صدر، نتيجة للموجة الهوائية المحملة بالغبار التي اجتاحت المدينة أمس، مشيراً إلى أن حالات الإصابة كانت بسيطة، وتم التعامل معها طبياً بشكل سريع.