لم يمض على علاقته بها إلا أشهر معدودة، أوحى إليها ثم صرح بأنها زوجته المستقبلية التي طالما حلم بلقائها، فاندفعت إليه بكل مشاعرها، غايتها العظمى هي الحفاظ على رابطة الحب الوليدة، ويغشاها شعور بالفزع كلما تكدر خاطره، تسبح في بحور من الأوهام ومتاهات من الخيالات، تترقب قدومه لخطبتها، وتعده بأن تجعله أسعد إنسان. هو ينظر لها برؤية أخرى، مستحيل أن يقبل الزواج بمن تبادله المشاعر والكلام العذب قبل أن يربطهما ذلك الرباط المقدّس، عذره بأنها ليست جديرة بثقته، يريد فتاة لم يسبق لها الحديث مع غريب، هو معذور، فقصص أقرانه ومغامراتهم الجنسية، تجعله يجزم بأن من تخطو برجلها في ساحة الذئاب فقلما تنجو منهم. ذلك أنهم سيأتون عليها بألوان من الترغيب لم تخطر لها ببال، وقد يلجؤون إلى وسائل من الضغط والابتزاز تعجز طبيعتها الرقيقة عن تحمله، أشد تلك الأساليب فتكاً هو تهديدها بقطع العلاقة إذا لم تسلمه نفسها، واعتبار عدم موافقتها على هذا الطلب المصيري دليلاً واضحاً على عدم محبتها له، وعدم ثقتها به. تقسم له بكل الأيمان المغلظة بأنها لا تحب سواه، ولا يوجد في حياتها غيره، وهو يعرف ذلك حق المعرفة، لكنه يدعي السذاجة وينفذ تهديده قاطعاً اتصالاته بها لأيام عدة، يلعب بمشاعرها ويطبخها على نار هادئة، لأنه يعلم طبيعتها ورغبتها الجامحة في الحفاظ على علاقتها به، يستمر في صدوده، مطمئناً إلى حصوله على ما يريد. تقاوم... وتقاوم، ولكنها قلما تصمد فتنهار، فإذا فعلت ما أراد نفى ذكراها من قلبه، كما تُنفى القمامة من البيت، وتركها تجتر أحزانها على ما مضى ومخاوفها مما هو آتٍ زمناً طويلاً. تتكرر هذه القصص المفجعة كثيراً، حتى أنني بدأت أتيقن بأن الرجل يعطي الحب حتى يحصل على الإشباع الجنسي، لذلك لا تجد شيخاً كبيراً يهيم عشقاً، كما لا تجد الحب يعصف بمن دون سن البلوغ، فالحب محصور في عمر القدرة على ممارسة الجنس. على الطرف الآخر، فإن المرأة تقدم الجنس من أجل الحفاظ على الحب، وعلى رغم تضحيتها بأغلى ما تملك، فلم أسمع ولم أقرأ عن امرأة شرقية نجحت في الحفاظ على الحب بهذه الطريقة، فحتى أكثر الرجال فجوراً، لا يرضى أبداً بالمساومة على العفة. نافل العتيبي - الرياض alotaibi-nafel.maktoobblog.com