السلوكيات السلبية المنتشرة في مجتمعاتنا العربية بالطبع لا تعبر عن الوجه الحقيقي لعاداتنا وتقاليدنا الإسلامية التي تربينا عليها، فحينما نرى شخصاً يتشاجر مع آخر، أو مجموعة من الناس يتصارعون ويتضاربون مع بعضهم البعض أمام العامة، فهذا يعني ان خللاً ما قد حدث جعل هؤلاء عاجزين عن التعامل مع بعضهم البعض بالأسلوب الحضاري الأمثل الذي نبحث عنه ونتمناه، فهذه النوعية من الناس التي تلجأ إلى العنف لإنهاء خلافاتها ومشكلاتها في سلوكياتها مع الآخرين قد يكون العاملان الوراثي والبيئي لهما الأثر الأكبر في ردود فعلهم بهذه الشدة في التعامل، وعدم إتاحة المجال للطرف الآخر للمناقشة بأسلوب حضاري يمكنه من إنهاء المشكلة بسلام، فالمشاجرات والمشاحنات التي نراها من البعض في مواقف السيارات والشوارع الضيقة ربما يكون العامل الأساسي من ورائها استفزازياً، أو كما يقولون"إظهار العضلات"، مثل هؤلاء الذين يستخدمون القوة للتعبير عن وضعهم المادي أو الصحي لا يفعلون هذه الأشياء مع الأقوياء مثلهم، فغالباً تكون ردود أفعالهم هذه مع الضعفاء أو المثقفين الذين لا يحبذون العنف ولا يريدون الانسياق وراء المهاترات والأسلوب الرخيص في الرد عليهم بالمثل. في المجتمعات الغربية لا تصادفنا مثل هذه الأشياء، مع أن ديننا الإسلامي الحنيف يحرم مثل هذه الأفعال السيئة التي قد تتطور في أي لحظة وتصل إلى ما لا يحمد عقباه، فكم من مشاجرة كانت بدايتها كلمة"هايفة"، وانتهت نهاية مؤسفة، فالكثير من الجرائم ترتكب بهذه السذاجة! كان من الممكن التغاضي عنها والتسامح فيها إذا عمل بحديث رسول الله"صلى الله عليه وسلم":"المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا". وهناك سلوكيات أخرى منبوذة وغير مستحبة في مجتمعاتنا العربية مثل تلك الألفاظ النابية التي نسمعها من بعض المتعصبين في مباريات كرة القدم وغيرها، فهذه السلوكيات لا تعبر أبداً عن أخلاقيات الإنسان المسلم، لذلك نرى أن هذه السلبيات والسلوكيات السيئة المنتشرة في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية، منبوذة أخلاقياً بل تسيء إلينا وتعطي للآخرين صورة معاكسة عن بلادنا الإسلامية، فهي لا تعبر قطعاً عن الوجه الحقيقي لحضارتنا ومبادئنا الإسلامية، التي تدعو إلى الرقي والتقدم الحضاري، أما ما يجب علينا فعله كشعوب مسلمة أن نكون قدوة حسنة لغيرنا في سلوكياتنا من أقوال وأفعال وفي تحركاتنا ومجالسنا، ليرى العالم أجمع التقدم الحقيقي والأخلاق الحميدة التي ذرعها الإسلام في آبائنا وأجدادنا وتعلمنا منها الكثير من القرآن الكريم وسنة نبينا محمد"صلى الله عليه وسلم"الذي قال"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". أحمد محمد مليجي - الرياض [email protected]