عندما ننتحدث عن الوهم إنما نتحدث عن عارض نفسي وروحي يتعرض له شريحة من الوسط الاجتماعي باختلاف طبقاته، وقل ما تجد أي مجتمع يخلو من هذا المرض، ويبدو أننا نعيش في عالم تكالبت عليه أصناف من الأمراض المتنوعة والمتغيرات في سلوكيات بني البشر، وفي هذا السياق نتعرض لأحد هذه الأمراض وهو الوهم، والوهم كنوع من الأمراض النفسية التي تصيب الإنسان مثله كمثل الوسواس القهري والاكتئاب وغيرهما، وهذا النوع أقصد الوهم يجعل صاحبه يعتقد أنه مهوس أو معيون أو مسحور ويستسلم ويسلم نفسه لهذه المسميات التي في الواقع هو من جلبها لنفسه وجعلها رمزاً من رموز شخصيته، ويبدأ بالتضخيم والتسويف فترسخ في ذهنه أنها حقيقة واقعة فيبدأ بالبحث عن من يستطيع أن ينجيه منها، فيبدأ بالذهاب إلى الرقاة وإقناعهم بأنه رجل مريض، وقد يلجأ البعض إلى المشعوذين والسحرة فتزداد الحالة سوءاً ويصبح يعاني من التخيلات والكذب في نهاره والقلق وقلة النوم والتفكير في ليله. لو رجعنا إلى مسبباتها لوجدنا أن هناك خللاً في النفس التي تصاب بمثل هذا العارض التي توحي لصاحبها بأن هناك خللاً في مجموعة من أحاسيسه وتركيبته النفسية، وهناك أقسام للوهم ومنها التضخيم، وهم الإحساس والتخيل والتنبؤ والتسويف، وكل منها له مدلولاته وتفسيراته يصعب الإشارة إليها الآن. الوهم تكوين يعتمد على الشخص نفسه، يقول الله سبحانه وتعالى وما لهم من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني عن الحق شيئاً، وصاحب هذا الوهم يصاب بألم نفسي وبُعد عن الواقع، لذا فهو انتقاد لمن حوله ولا يحس في نهاره بالاستقرار أو الراحة، وقد وردت آيات كثيرة في الوهم والهم، منها قول الله عز وجل وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يريد بك خيراً فلا راد لفضله، يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم. وللوهم النفسي مسبباته وعلاجه، من هذه المسببات على سبيل المثال وليس الحصر: ضعف الوازع الديني وعدم الثقة في النفس والاستسلام للوساوس الشيطانية. البعد عن الله في القول والعمل والذكر. البعد عن أداء فرائض الله مثل الصلاة والزكاة وسائر العبادات. والخوض في ملاذ الدنيا المحرمة دون وازع من دين أو تأنيب ضمير، وهناك في الاتجاه الآخر ما يساعدنا على التغلب على مثل هذا العارض تحت منظومة العلاج. من أنفع وأجدى طرق العلاج الدعاء، والإكثار من الاستغفار والتسبيح والتحميد والتهليل، والابتعاد عن المعاصي لأنها داء القلوب والأبدان، والالتجاء إلى الله في كل كرب أو نائبه تحل به، والإكثار من تلاوة القرآن ومن قول لا إله إلا الله وكذلك دعاء الكرب"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"، والمحافظة على الصلوات والسنن الرواتب والتهجد آخر الليل، وزيارة الحرمين الشريفين والإكثار من الصدقة والعطف على المساكين وزيارة الأقارب والأرحام. وأخيراً إن علاج الوهم بالوهم من أنجع الطرق للتخلص من مثل هذا المرض، أسأل الله لنا ولكم الاطمئنان النفسي وراحة البال. علي سعيد محمد آل صبر - أبها