قبل أكثر من مئة عام، وبالتحديد في 1906، بدأت ملامح ترتيبات برلمان الحركة الصهيونية لوضع الوطن القومي لليهود في فلسطين، وتوالت بعدها الأحداث من الحرب العالمية الأولى في عام 1914 إلى اتفاقية"سايكس بيكو"في عام 1916، التي قسمت المنطقة العربية إلى مناطق سيطرة فرنسية وبريطانية، أما فلسطين المستهدفة بالعمق التخطيطي الاستراتيجي فأبقوها تحت سيطرة دولية. وشهد يوم 2 تشرين الثاني نوفمبر 1917 أول ظهور لرؤوس الشياطين، عندما وجه"آرثر جيمس بلفور"وزير خارجية الحكومة البريطانية رسالة إلى زعيم الحركة الصهيونية، تعهد فيها بتحقيق هدف تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، وكان هذا الوعد عنواناً لبرنامج عدواني طويل، العرب هم ضحاياه المستهدفون، وبدأت المنطقة العربية"مسرح الأحداث"تشهد حالات من الاضطراب والارتباك، والحركة الصهيونية العالمية مستمرة في تنفيذ برنامجها المدعوم من الغرب، حتى وصلنا إلى عام 1948 الذي شهد أول حرب عربية ضد اليهود بعد رفض مشروع تقسيم فلسطين إلى دولتين فلسطينية ويهودية، وبعد هزيمة عربية متوقعة، هُجّر أصحاب الأرض من أرضهم وأصبح اليهود أغلبية في كيان صهيوني جديد. بدأت مراسم نقل اللقيطة"شجرة الزقوم"، التي نجت من المحرقة وظلت تائهة ومرفوضة ومنبوذة من دول العالم، وتركها"هتلر"لتكون شاهداً على عدالة حملته على اليهود في أوروبا"كما ذكر أو كما نسب إليه"، وقام"حاييم وايزمان"بعد انتخابه من أول كنيست إسرائيلي رئيساً لما سُمي بإسرائيل عام 1949 بتنفيذ أمانة غرس"شجرة الزقوم"في قلب الوطن العربي، وبدأت فتنة الضالين تنمو وتترعرع وتحظى بالعناية والرعاية والدلال من بعض الدول الغربية، حتى تدخلت الولاياتالمتحدة الأميركية وأعلنت تبنيها لهذه الشجرة اللقيطة الملعونة، بل افترشت ظلها وعددت فوائدها ورددت على وزن مقولة أبي جهل هاتو زيتوناً وزبداً، وجعلت سفراءها ووزراءها يأكلون ويرددون"تزقموا فلا نعلم زقوماً غير هذا"، وأخذوا يتظاهرون بحلاوة طعمه وسهولة مضغه، على رغم كراهيته وصعوبة بلعه؟! ولأن شجرة الزقوم تحيا بلهب النار، كما تحيا الشجرة ببرد الماء، فكان لا بد من إحاطتها بأسلحة الحديد والدم والنار، فجاء الدعم سخياً وصل إلى أسلحة نووية، ولأنها شجرة خبيثة كان لا بد من تطهيرها، ولأنها شجرة نتنة كان لابد من تنظيفها، ولأنها شجرة منكرة كان لابد من حملة علاقات عامة للتغزل بأوصافها، ولأنها شجرة قاتلة قرروا نفيها، ولأنها شجرة قبيحة أبعدوها خوفاً من تشويه نسلهم، ولأنها شجرة لو أن قطرةً منها قطّرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم أبعدوها عن أرضهم، بل عن قارتهم وجعلوا بينهم وبينها سداً، ولأن طلعها كأنه رؤوس الشياطين فكان طبيعياً أن نشهدها تثمر خلال الستين عاماً الماضية هرتزل، وغوردون توماس، وهاركابي، وبن غوريون، ووايزمان، وغولدا مائير، وبيغن، وشامير، وموشى دايان، وبيريز، وشارون، وباراك، وصولاً إلى أولمرت، وليفني، والنتن ياهو، وليبرمان. ولأن الفتنة أشد من القتل لحق بهذه الشجرة الملعونة مفتونون ظالمون منتشرون في أرجاء المعمورة، آخرهم وليس أخيرهم بوش، وتشيني، وحمالة الحطب كونداليزا، وبلير، ومُدّعي"المهزلة الجنائية"أوكامبو، الذي نُصبّ راعياً لعروق هذه الشجرة الخبيثة التي وصلت إلى دارفور، وأبرزت على السطح تلفيق تهمة لرئيس دولة ذات سيادة لقضية مختلقة مصنوعة المهمة والأدوار والتوقيت الزمني المناسب للفت الأنظار، وتغييب العقل العربي عن آخر جرائم الشجرة الملعونة في غزة المكتملة الأدلة والبراهين والمستندات. شجرة الزقوم الخبيثة تتمدد وتتعمق داخل وطننا العربي والإسلامي الكبير بأشكال وألوان متعددة، والإحساس بنمو آثار الفتنة بها داخل عقول وقلوب بعض أبناء جلدتنا أصبح واقعاً ويستشري لتعميق مبادئ الولاء والانتماء، محفوفاً بدعم مادي ووعودٍ وهمية لتحقيق المكاسب، وكم كان مخيفاً ومفزعاً أن نسمع عن إلقاء القبض على عملاء من أصحاب الأرض والقضية جُنّدوا طواعية لمساعدة رؤوس الشياطين لقتل أبناء العم والجيران وتدمير معاقل المقاومة. وأقول لأصحاب الجلالة والفخامة والسمو في قمتهم العربية، التي انطلقت يوم أمس في الدوحة تحف بهم بشائر مصالحة عربية التي نتمنى أن تكون عمقاً لا قشرةً، واقعاً لا مطلباً للتعامل مع مرحلة، أوجه لهم نداء مواطن عربي، أضناه الخصام وأرهقته الفرقة والانفصام، وأرعبه مستقبلٌ يسير باتجاه الظلام. نريد منكم وقفة تأمل، ومراجعة مرحلة خداع الكيان الصهيوني التي عاشها العرب أكثر من خمسين عاماً، خداع الحرب، وخداع وقف إطلاق النار، وخداع الهدنة، وخداع اتفاقات السلام، وخداع مشروع السلام، واحذروا من شجرة الزقوم، انتبهوا لتمدد شجرة الزقوم، تضامنوا لكبح جماح فتنة شجرة الزقوم، ولا تأمنوا لطلعها، فقبعاتهم، على رغم صغرها، تخفي رؤوس الشياطين، وضل بها قبلنا كثير من الأولين، ولدينا في الكتب السماوية حق جاء به رُسلٌ منذرين من رب العالمين. [email protected]