التفجير الإرهابي في القديح، وكل عملية قتل مماثلة سبقتها أو ستليها -لا قدر الله-، هي في نهاية الأمر ثمرة صغيرة مرّة، لشجرة كبيرة شيطانية، تطابق وصفاً شجرة الزقوم التي ذكرها الله في كتابه: (إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم * طلعها كأنه رؤوس الشياطين). «زقوم الإرهاب» شجرة تخرج في أصل عقول مريضة غير سوية، تسقى ماء آسناً، وتسمّد أرضها سماداً ملوثاً، لتكبر وتتمدد، طارحة علينا وبيننا طلعاً من شياطين الإنس. موقفنا من هذه الشجرة الخبيثة لا يعدو لعن طلعها المرّ، وإن أجهدنا في أمرها ضربنا عليها سوراً، نظن أننا نحاصرها به، بينما أغصانها تنمو وتتمدد في الفضاء، وتطرح طلعها خارج السور، ولا نشعر به إلا حين يتزقمه أحد منّا أو من أهلنا في بقعة ما من الوطن، وسنبقى كلنا دون استثناء عرضة لأن نغص بثمرة من ثمار هذه الشجرة اللعينة، طالما بقي لها أصل. لا شيء سيجدي طالما لم نجتث هذه الشجرة من جذورها، ونستصلح الأرض التي نبتت فيها، ثم نزرع في مكان كل شجرة خبيثة اجتثت، شجرة طيبة. الإرهاب فكرة، والفكرة لا تموت بموت انتحاري فخخ عقله بها، وفخخ جسده بالديناميت لينثره بيننا أشلاء، ظناً منه أنه يدفع مهر حورية تنتظره عند باب الجنة، ليس بينه وبينها إلا أن يموت! هذا الانتحاري مجرد نهاية طرفية عملية لمنظومة طويلة ومتشابكة من الأفكار والشخوص والمنظمات، بعض عناصرها مع شديد الأسى والأسف منّا وفينا، بين ظهرانينا! قبل أن نحمّل هذا الانتحاري الجرم علينا قبل ذلك أن نعرف أنه ضحية كما هو مجرم تماماً، ضحية ظروف اجتماعية وتعليمية وتربوية صنعت من عقله إناءً فارغاً قابلاً لأن يمتلئ بأي شيء! لكن المجرم الأكبر والأخطر هو الذي صنعه! الذي استغل ظروفه، ومازال يتربص بأمثاله الفارغين، ليحقنهم بأفكاره القاتلة، ويحوّلهم إلى نهايات طرفية عملية لها! يقول الفيلسوف الفرنسي «باسكال»: (لا يرتكب المرء الشر كاملاً وببساطة مثلما يرتكبه بناء على عقيدة دينية). في ظل استشراء «القطيعية» لا أسهل من تعبئة العقل الفارغ بعقيدة دينية مقلوبة يصنعها قائد قطيعي، والنتيجة شرٌّ مستطير يُقترف بمنتهى البساطة!