كانت لحظة انطلاق أذان مغرب يوم أمس، هي موعد ولادة مفرح حسين القحطاني الثانية، عندما أعتق ذوو حسين مسفر القحطاني، رقبته من القصاص. وتزامن انطلاق صوت المؤذن مع إعلان شقيق القتيل سعد القحطاني، العفو عن قاتل ابنهم، مُخاطباً الحضور المحتشد حول منزله غرب مدينة الدمام"أشهد الله، ثم أشهدكم أنني تنازلت عن حقنا في القصاص من مفرح، لوجه الله تعالى"، لتعلو إثرها صيحات التكبير والتهليل في المكان، الذي شهد حضور نحو 1500 شخص، يتقدمهم أعضاء لجنة"إصلاح ذات البين"وعدد من شيوخ القبائل ووجهائها من مناطق المملكة كافة. وجاء العفو عن مفرح بعد مساعٍ قادها أمير المنطقة الشرقية الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز، للعفو عن القاتل، بعد صدور صك شرعي يقضي بالقصاص منه، لقتله حسين مسفر القحطاني. وبدأت مراسم الصلح أمس، في حضور مشايخ قحطان، وحشد كبير من وجهاء وأعيان المنطقة، يتقدمهم شيخ شمل قبائل قحطان ووادعة الجنوب الشيخ فهد بن دليم، وعدد من مشايخ ووجهاء القبائل، في حين كبل ذوو القاتل أنفسهم، مستخدمين"العقال"و"الشماغ"، جرياً على عاداتهم القبلية في مثل هذه المواقف. واستمرت محاولات إقناع ذوي القتيل، بالتنازل عن القصاص من قاتله مفرح، لساعات عدة، بدأت منذ بعد صلاة الظهر، قبل أن يعلن شقيق القتيل تنازل العائلة عن حقها في القصاص لوجه الله، مع انطلاق أذان المغرب. بيد أنه سبق الإعلان انتظار طويل، خرج بعده أولياء الدم، معلنين رفضهم التنازل، ورغبتهم في القصاص من الجاني، إلا أن مشايخ القبائل ذكروهم ب"الأجر العظيم الذي ستحصلون عليه لو قبلتم بعتق رقبة القاتل لوجه الله". وبعد مشاورات بين أولياء الدم، خرجوا مرة أخرى، ليعلنوا عتق رقبة الشاب مفرح"لوجه الله تعالى". إلا أن ذوي القتيل أصروا على"تغريب القاتل من المملكة، ومغادرته إلى خارجها، للعيش في أي دولة خليجية". وواصل الحضور مطالبتهم بإعفائه من هذا الشرط، والسماح له بالعيش مع أسرته، إذ أن"لا فائدة من تغريبه". ولم يتردد أولياء الدم في الموافقة على مطلب مشايخ القبائل، والتنازل عن الشرط، الذي اشترطوه. ثم عادوا وطلبوا من ذوي القتيل، 40 حالفاً، يقسمون بعدم علمهم بنية القاتل، وأنهم لا يقرون بما اقترفه، ولا يرضونه، وهو ما قبلت به عائلة القاتل، والحضور، ليعلن بعدها قبول العفو من القصاص. وكان القاتل، الذي يبلغ من العمر 24 عاماً، أنزل إلى ساحة القصاص قبل نحو عام، ولم يكن يفصل بينه وبين تنفيذ الحكم فيه سوى ثوانٍ معدودة، قبل أن يطلب ذوو القتيل مُهلة للتفكير، ما مهد الأمر نحو مساعٍ مكثفة من أجل إقناعهم بالتنازل. وتعود أحداث القضية إلى ما قبل نحو خمس سنوات، عندما نشب خلاف بين الجاني والمجني عليه، أثناء وجودهما مع بعضهما في سيارة، ليطلق مفرح طلقات عدة من مسدس كان في حوزته، على المجني عليه، ليرديه قتيلاً.