اجتمع نحو 1500 شخص في مخطط 91 في الدمام وسط اجواء شديدة البرودة مساء أول من أمس، للشفاعة في عتق رقبة مواطن من القصاص في حكم صدر بحقه، إثر قتله مواطناً آخر قبل عدة أعوام، وكان تنفيذ الحكم تأجّل أخيراً في ساحة القصاص بعد قيام ولي الدم بطلب مهلة مدة شهر، للتشاور والتفكير في أمر العفو. واحتشد الحضور أمام منزل ذوي المجني عليه حسين مسفر القحطاني، من أجل الشفاعة لعتق رقبة الجاني مفرّح حسين القحطاني، وكان على رأسهم فهد دليم شيخ شمل قبائل قحطان، وسعد ابو ساق، وحسين حيدر وعضو لجنة إصلاح ذات البين في الدمام عبدالرحمن بن فهد المقبل في إحدى الساحات في مخطط 91، ثم سار الجميع على الأقدام حتى وصلوا لمنزل أصحاب الدم، مرددين الأهازيج ومكبلين أنفسهم أمام المنزل، على عادة هذه القبائل في مثل هذه الظروف. وبعد انتظار دام لأكثر من ساعتين أمام المنزل أدوا خلالهما صلاة المغرب، وخرج أحد أشقاء المجني عليه وطالب مشائخ القبائل بإمهالهم لمدة يومين للتشاور هو وأخوته، ومن ثم الرد عليهم وعلى الجموع التي حضرت لمنزلهم، لتتفرق الحشود الكبيرة التي وفدت على المنزل، على أمل العودة في الموعد الجديد الذي سيحدده ذوو الدم بعد أيام. وكان مفرّح القحطاني أُنزل الشهر الماضي لساحة القصاص في الدمام ولم يفصل بينه وبين الموت إلا لحظات، حيث أوقف أحد أشقاء المجني عليه السيّاف قبل تنفيذ الحكم بدقيقة واحدة، وصرخ جميع من كانوا في الساحة على تنازل أصحاب الدم، وتناقل الإعلام خبر التنازل والدعاء لذوي الدم بالخير لعتقهم رقبة ابن عمهم مفرّح، إلا انه اتضح في ما بعد بأنهم قاموا بتأجيل تنفيذ حكم القصاص لشهر واحد فقط. وناشد والد السجين مفرّح ذوي الدم ب"عتق رقبة ابني لوجه الله تعالى، ثم تقديراً لوجهاء القبائل الذين حضروا ولصلة القرابة التي تربطنا"، وأضاف"يعلم الله أني حزنت على فراق المجني عليه، يرحمه الله، فهو أحد أبنائي، كما أني لم أقم بزيارة ابني مفرّح منذ وقوع الحادثة وحتى تم إنزاله لساحة القصاص، حفاظاً على صلة القرابة التي تربطنا بذوي المجني عليه، وتحمّلت الألم النفسي ونداءات ابني المتكررة بزيارته قبل تنفيذ الحكم". وعلمت"الحياة"أن السجين مفرّح كتب في وصيته قبل إنزاله لساحة القصاص رسالة لعائلته بأن تعود علاقتهم بذوي المجني عليه أبناء عمومتهم بعد تنفيذ الحكم فيه، ولا يؤثر ذلك على صلتهم ببعضهم، وطالب الجميع بأن يشملوه بالدعاء بالمغفرة والرحمة. وقال عضو لجنة إصلاح ذات البين في الدمام عبد الرحمن بن فهد المقبل:"اللجنة تتابع القضية منذ بدايتها"، واعتبر حضور هذا الجمع الكبير من مشائخ القبائل"دليلاً واضحاً على حب أهل هذا البلد للخير، وسعياً لإعتاق رقبة مسلم"، وشكر مشائخ القبائل الذين حضروا كافة، من أجل عتق رقبة مفرّح، والشفاعة له لدى أهل المجني عليه، سائلاً الله"أن يجزيهم خير الجزاء، ويلين قلوب ذوي الدم لعتق رقبة الجاني لوجه الله تعالى". وكانت حادثة القتل وقعت قبل عدة أعوام، ويرتبط الجاني والمجني عليه بصداقة قوية، وتسبب شجار بينهما في حدوث الاعتداء، وبعده قام الجاني بمحاولة إسعاف المجني عليه والذهاب به إلى المستشفى وتسليم نفسه للشرطة، معترفاً ونادماً على ما ارتكبه. وأوقف ولي الدم سعد القحطاني شقيق المجني عليه القصاص لأخيه، طالباً"مهلة لمدة شهر للتفكير في العفو عن الجاني"، حيث تدخلت أطراف كثيرة لطلب العفو منه ومن ذويه، والاقتداء بقول الله تعالى"فمن عفا وأصلح فأجره على الله".