ذهبت للمكتبة أفتش عن كتاب ما، فوجدت كتاباً آخر بغلافه الأبيض اللامع واقفاً في الواجهة بعنوان لا يمكن مقاومته يقول"تصرفي كامرأة وفكري كرجل"، أخذته وجلست أقرأه بشغف جعلني أنسى عمل يومي، وصحفي وقهوتي. كتاب لغته بسيطة، وشرحه الإنساني يجعله مثل حديث من القلب للقلب. لأنه حديث رجل أمضى عشرين عاماً في إضحاك الناس وعبر برنامج اسمه"أسأل ستيف". يقول الممثل الكوميدي الشهير ستيف هارفي إنه لفت نظره ارتباك النساء في فهم الرجل الذي يرتبطن به عبر قصة حب أو زواج أو خطوبة، وهو من منظوره كرجل لا يفهم لماذا تحيط النساء أمراً بسيطاً مثل فهم الرجل بكل هذا التعقيدات، فالمرأة تفكر بالحصول على الرجل الذي تحبه بالزواج منه وبإنجاب الأطفال وبضمان المستقبل لعائلتها، وهي تظن أنها تستطيع أن تفهم الرجل بالطريقة التي تفهم صديقتها، لكن هذا لن يحدث! وبطريقة خفيفة الظل، وبشرح مبسّط يشرح ستيف ما يظنه بسيطاً، ومن دون مبالغات يشرح كيف يفكر الرجل. ما لفت نظري ليس الكتاب ولا الجودة في صناعة الأفكار فقط، بل هو سؤال: لماذا لا يوجد لدينا مثل هذه الكتب؟! لماذا لم يفكر رجل يحترف الكتابة بشرح نفسه كرجل؟ ولماذا يلجأ عادة كتّابنا العرب كلهم شعراء ومنظّرون بالكتابة عن المرأة، وحتى حين يكتبون عن هذا الموضوع فإنهم لا يقدمون شيئاً مفيداً، لأنهم ينتهون بنا إلى ما وصلوا إليه،"المرأة لغز كبير"وكأنك يا زيد ما غزيت! وقد فكرت مرة أن أردّ عليهم، بأن الرجل هو أيضاً للمرأة لغز كبير، ولأنك حين تكتب عما تجهله فلا شك بأنك تنتهي إلى مثل هذا النهايات، ولا تقدّم بشرحك ما هو مفيد. وفي أحيان أخرى لا يتورع هؤلاء الذين لم يعرفوا سوى أن المرأة لغز كبير، عن تقديم النصائح للمرأة لكي تكسب رجلها، بأن تستقبله بابتسامة عريضة حين يعود إلى المنزل، وأن تتجمل، وتطبخ له الوجبات التي تطبخها أمه، وتلبس ثياب الممثلات وعارضات الأزياء أمامه، وأن تبعد الصغار عنه حتى لا يهرب من المنزل. عليها أن تكون أماً جادة وزوجة رومانسية وجليسة كوميدية، وينسون أن ينهوا قائمة طلباتهم بالقول إنه يمكن لها أن تشنق نفسها في آخر النهار لأن زوجها يريد منها كل ذلك ولا أحد يدل زوجها على ماذا تريد هي! [email protected]