عرّف الدكتور راشد المبارك الفكر عند العرب بأنه عمل خاطف هو التأمل، بعكس ما تم تعريفه عند الغرب"بالنشاط العقلي وبالقدرة على التفكير". وتساءل، في محاضرته التي قدمها في منبر الحوار في نادي الرياض الأدبي مساء السبت الماضي، حول ما إذا كان العقل مادة أم طاقة، كتلة أم إشعاعاً أم موجة. واستشهد بشروحات تدلل على أن الفكر نشاط العقل في أعلى تجلياته، عندما يشرع الفعل في مزاولة وظيفته. وعلى هذا الأساس تداخل المبارك مع مفهوم الفكر وعلاقته بالمسلمين. وعدد المحاضر عدداً من خصائص الفكر، مبتدئاً بالحرية والتفاعل بالفكر وحده مع الفكر. ثم تعرض للتاريخ الفكري الذي مثل بنظره منحنى منعرجاً، يتمثل في الصعود والهبوط. واستعرض صعود الفكر في العالم الإسلامي، واصفاً إياه بأنه لم يتوقف على الجانب التنظيري فقط، بل امتد للتصرف والسلوك، وأثر في الجوانب العملية من حياة الفرد والجماعة، كما وصفه بأنه سابق للحدث وسابق له وأحياناً يكون لاحقاً له. ودلل على ذلك النشاط الفكري في المجتمع الإسلامي، ببعض الاجتهادات الفقهية للخلفاء الراشدين، مركزاً على الجانب التطبيقي في ممارسات الرجال المفكرين في المجتمع الإسلامي. وأشار المحاضر إلى أسباب خمود الفكر الإسلامي، متوقفاً عند محاور عدة مهمة. وذكر من أسباب هذا الخمود"عدم اهتمام اللغة العربية بمفردة الفكر منذ العصر الجاهلي، وحتى في عصور التطور الثقافي والعلمي". وقال إن الناس كانوا يؤرخون لطبقات المغنين والشعراء والعميان، ولم يؤرخوا لأي مفكر، ولم يحدث أن وصف إنسان بالمفكر. وذكر أسباباً أخرى لخمود الفكر منها: اشتغال الناس بعلم الكلام، وانتشار التقليد والتوصية به، واستشهد بذم عباقرة الأدب والفلسفة الإسلامية للكيمياء، ووصفها لها بالسحر كالجاحظ وابن خلدون وابن الطفيل، كما استشهد بذم بعض عباقرة الحديث والأثر كالذهبي لبعض العلوم التجريبية كالكيمياء. وعاب المحاضر على الثقافة العربية عنايتها بالشعر الجاهلي، وتكلفها في استخراج مواضع الجمال في القصيدة الجاهلية.