طيران ألوانهما ألوان... زرقة، حمرة، بياض، وخضرة، مع منقاري ذهب، صوتان غريدان لا يفهمان الكلام، لكن اللحن بين الاستفهام والعجب، ينقر الذكر بمنقاره على التراب، يفك لغزاً من لغته. أرى بداية حرف يغوص لأم، وتنقر الأنثى باء، وحرفاً آخر من الهجاء نون، ثم ببطء وسكون ألف، يرف جناحاً ويؤشر على ما قبل الألف موجود والى الغناء بعده يعود. وقعت الأنثى على كتفي وطارت، تكاثرت ظنوني وحارت، أرادتني معهما أن أطير، فعرفت وبدأت بقدمي وراءهما أسير، مررت بصوت أنين وبكاء حزين، ثم بضحكات قويات لافتات... طفلان مع لعبتين بلا يدين، ثم قافلة ثمار حلوة ناضجة، بقايا دمار بعده مبانٍ تعج بالروعة، صوت قتال، موت وأسرار، إنهم يرقصون، بأيديهم يصفقون، لم أعرف ماذا يدور، وماذا أقول، وما بداخل العصفورين يجول؟ ذهبا لمكان قديم، لكنه بقي بعد هذا الزمان سليم. صوره على جداره، أرى شيخاً تحت كومة من حريق، فأدعو له الى جنات الخلد، يا من كنت الأب والأخ والصديق، ثم أرى امرأة تفقد يداً، تحارب الموت، تدمع الأحداق في صورة، وفي صورة أخرى تستقبل الحياة بالعناق، صورُ بيض، شهداء بألحفة بيض، صور دخان، تحت كل صورة ورد بلون التوت، تسقيهم العصافير كل يوم كي لا تموت، شباكه مفتوح، ريح عطرة منه تفوح، سبقني الطيران الى هناك، طريق سلسة ملسة، رأيتهما يتكلمان، يقبلان بعضهما البعض فوق شجرة، شجرة الأرز، شجرة مخلوقة من عز، سمعت حروفاً كحروف البشر، لكنه لم يوجد غير الطيرين على الشجر. نحن هنا نقضي شهر عسلنا، هنا حلمنا وأملنا، في لبنان من يموت لا يموت، أحياء عند خالقهم، وأمام أعيننا حتى في بعدهم موجودين أصحاء... لبنان وجه ملاك، شفاهه أنهار عنب، يمطر سكره من الأرض حتى الأفلاك. يا بشرى الأيام السعيدة، ها هي الأيام وها هي الأرض تدور على الدوام، لكن هل سيكون هناك معنى ان لم يكن لبنان يحيى؟ سوف نطفئ شموعاً، انه اليوم العيد، لبنان يبقى، لبنان يولد من جديد، وبآخر قصيدتي أهدي طفلتها الصغيرة لكل عاشق أحب محبوبته في بلد العشق لبنان، حسيت نفسي معك انسان، وحلم ذوبه الحنان، حسيت أن الدنى دنيا ومش دني، شفتا جديدة وتجددت أوطان، الليل معك عقد صافٍ على صدري، ومهما طال بحسو أنا بدري، والصبح بدل ريحة الفنجان، بصحى أنا عريحتك انتي، عمري معك محكوم بالهوى يحكي، وما في حدا راح يسأل لشو زعلان، معقول ينقلب ضحكي، وانتِ جنتي وبك أنا غفيان. المخملية - الرياض