وصف القاص عبدالواحد الأنصاري، في جلسة ملتقى الحوار في نادي الرياض الأدبي مساء السبت الماضي، الرواية المضادة للصحوة بأنها رواية أيديولوجية، وحدد الاسم الذي يصح إطلاقه عليها بأنه"ظاهرة نقد الصحوة في الرواية المحلية". في حين اعتنت الناقدة أسماء الزهراني بتقديم أهم معالم الصحوة في الرواية المحلية، واتفقت الورقتان من باب المصادفة على تناول أعمال كل من تركي الحمد ومحمد المزيني"جروح الذاكرة"و"ريح الجنة"و"مفارق العتمة"و"عرق بلدي"، وعدها الناقدان ضمن الروايات الناقدة للصحوة. وذكر الأنصاري"أن انتقاد الصحوة ساير جنباً إلى جنب مهاجمة ظاهرة التدين، فيما انتقد جروح الذاكرة وعرق بلدي، من حيث تكلفت جروح الذاكرة في انتقاد رجال الهيئة، وتعليق انهيار أسرة كاملة بمجرد التزام الابن، وأوغلت عرق بلدي في تصوير الحرمان الجنسي لدى أبطالها، وعدم توضيحها كيف تحوّل بطلها من شاب مزهر بالشهوة إلى بطل إشكالي يتنقل بين فئات التبليغيين والسلفيين والإخوان والجهاديين". من جهتها، صنفت الزهراني"مفارق العتمة"للمزيني بأنها على عكس روايتين اخريين درستهما ضمن الظاهرة بأنها الأميز، وقالت:"تتفوق رواية المزيني بقدرتها على تقديم صورة مكتملة، من خلال تضفير الأحداث والشخصيات، لتدعم واقع الصحوة في تحولاتها وانقساماتها". وهاجم الأنصاري رواية أحمد الواصل"سورة الرياض"بأنها من أشد الروايات تطرفاً، اذ اتخذ الواصل روايته منفذاً لنقد الصحوة، بتعرضه للوقيعة في امور دينية ثابتة وفقهية ودعوية، أو اتهامها الصحوة بتورطها في جرائم أمنية، كحريق احدى مدارس البنات. كما وصفت الزهراني"ريح الجنة"بأنها تختصر التيار الصحوي في حدث مفرد مركب من قصاصات وتقارير صحافية مثقلة، تكررت فيها الصور الشهوانية مع كل شخصياتها، ما قلل من عمق السرد ومنطقيته، وأضافت الزهراني عمل عبدالله ثابت"الارهابي 20"كمثال آخر على مهاجمة الصحوة والإمعان في جلدها، وعدم منح القارئ فرصة واحدة للاقتناع بوجودها كواقع اجتماعي، من خلال تقطير كل ما يعرفه من صفات الدناءة وموت الضمير، عبر تداعيات شاب يفترض نفسه نجا من الموت انتحاراً في 11 ايلول سبتمبر، ويعيش مسلسل انتقام لا ينتهي. وفي الورقة التي وصفها مداخلون بالمنهجية، تحدثت الزهراني عن مصطلح الصحوة باشتقاقاته المختلفة، وقالت:"انه محل إشكال مستمر، من حيث تأثيره المتواصل في المنطقة، ومواكبته أحداثاً قوية تبادلت معها تأثراً وتأثيراً"، وأضافت"أن تناولنا للصحوة في الرواية ينبغي ان يبدأ بتعريفها في وجودها المستقل خارج الرواية". وانتقت ثلاثة نماذج روائية مثّلت ظاهرة النقد المباشر للصحوة، حيث"مفارق العتمة"، نقد لبدايات الصحوة ونشوئها وتحولاتها، وجاءت الاخريان ممثلتين لمرحلة 11 سبتمبر وما بعدها. وتعرضت بالتحليل للأعمال الثلاثة من مرجعيتها الفكرية، وبأدوات الجسد الروائي من حدث وشخصية، كما حللت دوافع انتماء الشخصيات للصحوة بتأثير المجتمع أو العامل النفسي وأحداث الطفولة أو البيئة. وتابعت الزهراني أن هناك نقداً مباشراً يتم من خلال تساؤلات يضعها الراوي على لسان الشخصيات في ريح الجنة، وعلى لسان الراوي في"الارهابي20"، كما أن هناك نقداً غير مباشر تمثّل في استخدام تقنيات رواية"مفارق العتمة"، بتقديم صورة متعددة الجوانب للصحوة، وهذا ما يمكن أن يسهم في تحليل أكثر إقناعاً ومنطقية من خلال الحدث والشخصية. وتساءل الأنصاري في ورقته قبل أن يجيب، هل خدم تناول الصحوة في الرواية المحلية فنية الرواية؟ وهل تم توظيفه أيديولوجياً خارج الفن الروائي؟ وذكر أن روايات تركي الحمد ويوسف المحيميد ومحمد المزيني في المنطقة الوسطى وعبده خال ورجاء عالم في روايتيهما الأخيرتين في الغربية، نقدت الصحوة وأدت إلى توالي سيل روايات استجلبت الشهرة بنقد الصحوة، وهو ما أسفر عن ظهور روايات صحوية معاكسة بعيدة عن الإبداع الفني ومقتصرة على التنظير، بحسب الأنصاري. ثم عدد ظواهر سلبية وإيجابية في نقد الصحوة، من بينها شتم المناهج التعليمية الدينية، وتفخيم بعض الأحداث وتصويرها كملاحم والطغيان الأيديولوجي، ونقل المعلومات الوقائع التاريخية الخاطئة، وإهمال العناية بتطوير تقنيات السرد والاكتفاء بالمباشرة الخطابية المدينة للطرف الآخر، والتماهي الواضح بين الكاتب والشخصية، وانكشاف النقاد والمحتفين الأيديولوجيين بهذا النوع من الرواية. وخلص الأنصاري إلى أن الرواية المحلية لم تدرس الصحوة كما ينبغي وإلى أنها انشغلت بالصراع الأيديولوجي بعيداً عن البحث في الناحية الجمالية، ما أدى"بنظره"إلى ضعف فني في الجانبين اسهم في إضعاف ذائقة المتلقي وتحجيم اختياراته. وتحدث في الندوة مداخلون عديدون، مشيرين للتأطير الفني والمنهجية النقدية عند الزهراني، واقتراب الأنصاري وتجليه في إيضاح الأبعاد الأيديولوجية للرواية المنتقدة للصحوة.