في أحد مساجد الرياض وحينما كان الإمام يقرأ في التراويح قول الله تعالى في سورة الشعراء:"واغفر لأبي انه كان من الضالين"، تفاجأ من في المسجد بذلك الذي صرخ قائلاً: آميييييييييييين. نعم إنهم"الشيبان"كما يطلق عليهم في أواسط نجد، ويقصد بهم من بلغوا في السن عتياً، إنهم أحباب الله العابدون الساجدون الذين لا يفارقون روضة المسجد ويتخذون القرارات المصيرية في المساجد! إنهم الكونغرس! إن صحّت تسميتهم أول دعاء يدعوه الإمام حينما يتولى إمامة أحد المساجد هو: التوفيق من الله في أداء هذه المهمة وألا يكون في المسجد أحد هؤلاء الشيبان الذين يتسببون في مشكلات لا حصر لها، وإن كان البعض يظن أنهم بالكاد يستطيعون القيام والمشي، فإن أسهل شيء لدى هؤلاء هو الكلام! أطفئ جهاز التكيف... بعد دقائق يقوم"شايب"آخر ويديره! ثم يقوم الأول بإطفائه، وتتكرر المسألة حتى انتهاء الصلاة، ومن ثم تبدأ شرارة النقاش ليقوم كل شايب بالصلاة في مكان بعيد عن الآخر! وإن انتهت مشكلة التكييف لن تنتهي مشكلة الصلاة، فإن تأخر الإمام ولو لدقيقة شنوا عليه حرباً جوية وبحرية وبرية، ويهددون دائماً بأنهم سيشكونه إلى الوزارة أثبتت الدراسات المشاكسية بأن جلّ الشيبان لا يفرقون بين وزارة العدل ووزارة الشؤون الإسلامية. هذه غير قضية التهديد التي رفعها إمام مسجد ضد أحد المصلين حينما وبّخ الإمام على إطالته الصلاة وقال له:"لئن أطلت القراءة لدفعتك في المحراب بطرف هذه العصا! اقرأ حفظك على زوجتك"! ولا ألوم وقتها الإمام إن صعد على إحدى المنارات وشنق نفسه بسلك المايكرفون! وبحكم أني المشاكس ذلك الزاهد العابد الذي يوقعه حظه العاثر بجانب الشياب، فلا أذكر أنني كنت أصلي براحة وخشوع، فأحباب الله لا توجد في خصائصهم القراءة بينهم وبين أنفسهم، بل يشركون الجميع معهم، وأكثر مشهد يمكن أن يتكرر هو الجلوس للتحيات فبعض هؤلاء الشياب لا يمكن أن يجلس طبيعياً بل يجلس"متربعاً"نظراً إلى مشكلات تتعلق بالركبة على رغم طحنه صباح مساء في التمر، مدعين بأنه مسامير للركب، فإذا أخذ وضعه"الافتراضي"وأنت وقتها وصلت إلى الصلاة على النبي... فيبدأ بسيمفونية مميزة: التحياااات لله هااااااااوم تثاؤب!، ووقتها"احلق حواجبي"إن ركزت في القراءة. وحدث مرة أن جارنا"أبو سعد"وهو أحد الشيبان الذين يتوقع منهم كل شيء! - والذي ليست لديه مشكلة في انتحار الإمام ولكن ليستخدم سلكاً غير سلك المايكروفون لأنهم يحتاجونه! - قد صلى يوماً مع الإمام وهو يقرأ قوله تعالى:"أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ" فقال بمحض عفويته و"بثارته": قلعه! وقلعه دعاء في نجد يعنى به أن يرمى به في مكان بعيد. [email protected]